تاريخ النشر2016 30 March ساعة 09:26
رقم : 226184

الاربعاء: الذكرى الـ40 ليوم الأرض

تنا
يصادف اليوم الأربعاء الثلاثون من آذار عام 2016 الذكرى الأربعين ليوم الأرض، الذي جاء بعد هبة الجماهير العربية في أراضي 48 عام 1976، معلنة صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد التي انتهجتها دويلة الاحتلال الصهيوني، وتمخض عن هذه الهبة ذكرى تاريخية سميت بـ'يوم الأرض'، ويستعد الفلسطينيون في أراضي 48 والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، والمتضامنون من أنحاء العالم لإحياء هذه الذكرى.
الاربعاء: الذكرى الـ40 ليوم الأرض
ویشار إلى أن الشرارة التي أشعلت الجماهیر العربیة لیوم الأرض، کانت بإقدام السلطات الصهیونیة على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضی عدد من القرى العربیة فی الجلیل ومنها عرابة وسخنین ودیر حنا وعرب السواعد وغیرها فی العام 1976؛ وذلک لتخصیصها لإقامة المزید من المستوطنات فی نطاق خطة تهوید الجلیل وتفریغه من سکانه العرب، وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطینیین فی أراضی 48 وخصوصا المتضررین المباشرین عن الإضراب العام في یوم الثلاثین من آذار.

وفي هذا الیوم أضربت مدن وقرى الجلیل والمثلث إضرابا عاما، وحاولت السلطات الصهیونیة کسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلک إلى صدام بین المواطنین وقوات الاحتلال، کانت أعنفها في قرى سخنین وعرابة ودیر حنا.

وتفید معطیات لجنة المتابعة العلیا - الهیئة القیادیة العلیا لفلسطینیی 48- بأن دویلة الاحتلال صادرت منهم نحو ملیون ونصف الملیون دونم منذ احتلالها لفلسطین حتى العام 1976، ولم یبق بحوزتهم سوى نحو نصف ملیون دونم، عدا ملایین الدونمات من أملاک اللاجئین وأراضی المشاع العامة.

وبذل الکیان الصهیوني جهودا کبیرة لکسر إرادة القیادات الفلسطینیة ومنع انطلاق فعالیات نضالیة، لکن رؤساء المجالس البلدیة العربیة أعلنوا الإضراب العام في اجتماع یوم 25 آذار 1976 في مدینة شفا عمرو.

وجاء قرار 'لجنة الدفاع عن الأراضی العربیة' التي انبثقت عن لجان محلیة في إطار اجتماع عام أجری في مدینة الناصرة في 18 تشرین الأول 1975، إعلان الإضراب الشامل، ردا مباشرا على مصادرة أراضی (المل) (منطقة رقم 9) ومنع السکان العرب من دخول المنطقة فی تاریخ 13-2-1976.

ویشیر باحثون إلى أن مصادرات الأراضی بهدف التهوید بلغت ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة تجد لها مسوغات في 'القانون' و'خدمة الصالح العام'، أو فی تفعیل ما یعرف بـ'قوانین الطوارئ' الانتدابیة.

وکانت أرض 'المل' التي تبلغ مساحتها 60 ألف دونم، تستخدم فی السنوات 1942-1944 کمنطقة تدریبات عسکریة للجیش البریطاني أثناء الحرب العالمیة الثانیة، مقابل دفع بدل استئجار لأصحاب الأرض، وبعد عام 1948 أبقت دویلة الاحتلال على نفس الوضع الذي کان سائدا في عهد الانتداب البریطاني، إذ کان یسمح للمواطنین بالوصول إلى أراضیهم لفلاحتها بتصاریح خاصة، فی عام 1956 قامت السلطات الصهیونیة بإغلاق المنطقة بهدف إقامة مخططات بناء مستوطنات یهودیة ضمن مشروع تهوید الجلیل.

کما کان صدور وثیقة (کیننغ) في 1976/3/1 من قبل متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلیة الصهیونیة (یسرائیل کیننغ) وثیقة سریة، سمّیت فیما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجلیل من أهله الفلسطینیین والاستیلاء على أراضیهم وتهویدها، واحدة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب.

ودعت وثیقة (کیننغ) في طیاتها إلى تقلیل نسبة الفلسطینیین في منطقتي الجلیل والنقب، وذلک بالاستیلاء على ما تبقى لدیهم من أراض زراعیة وبمحاصرتهم اقتصادیا واجتماعیا، وبتوجیه المهاجرین الیهود الجدد للاستیطان في منطقتي الجلیل والنقب. ورکزت على تکثیف الاستیطان الیهودي في شمال الجلیل، وإقامة حزب عربي یعتبر 'أخا' لحزب العمل ویرکز على المساواة والسلام، ورفع التنسیق بین الجهات الحکومیة في معالجة الأمور العربیة، وإیجاد إجماع قومي یهودي داخل الأحزاب الصهیونیة حول موضوع العرب في «إسرائیل».

وشددت الوثیقة على ضرورة التضییق الاقتصادي على العائلات العربیة عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولویة للیهود في فرص العمل، وکذلک تخفیض نسبة العرب في التحصیل العلمي وتشجیع التوجهات المهنیة لدى التلامیذ، وتسهیل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إلیها.

وکان الرد الصهیوني عسکریا شدیدا على هبة 'یوم الأرض'، باعتبارها أول تحد ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطینیة عام 1948، حیث دخلت قوات معززة من جیش الاحتلال  مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطینیة وأعادت احتلالها، موقعة شهداء وجرحى بین صفوف المدنیین العزل، فکانت حصیلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص 4 منهم قتلوا برصاص الجیش واثنان برصاص الشرطة.

ورغم مطالبة فلسطینیي 48 الکیان الصهیوني إقامة لجنة للتحقیق في قیام الجیش وشرطة الاحتلال بقتل مواطنین عُزَّل یحملون الجنسیة «الإسرائیلیة» إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام بادعاء أن الجیش واجه قوى معادیة.

وسعت «إسرائیل» إلى إفشال الإضراب لما یحمل من دلالات تتعلق بسلوک الأقلیة العربیة کأقلیة قومیة حیال قضیة وطنیة ومدنیة من الدرجة الأولى، ألا وهي قضیة الأرض. حیث عقدت الحکومة اجتماعا استمر لأربع ساعات، تقرر فیه تعزیز قوات الشرطة في القرى والمدن العربیة للرد على الإضراب والمظاهرات. کما قامت قیادة اتحاد العمال "الهستدروت" بتحذیر العمال وتهدیدهم باتخاذ إجراءات انتقامیة ضدهم، وقرر أرباب العمل في اجتماع لهم في حیفا طرد العمال العرب من عملهم إذا ما شارکوا فی الإضراب العام في یوم الأرض. کذلک بعث المدیر العام لوزارة المعارف تهدیدا إلى المدارس العربیة لمنعها من المشارکة فی الإضراب.

ورغم مرور(40) عاما على هذه الذکرى، لم یمل فلسطینیو أراضی 48 الذین أصبح عددهم نحو 1.3 ملیون نسمة بعدما کانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948، من الاحتفال بیوم الأرض، الذی یجمعون على أنه أبرز أیامهم النضالیة، وأنه انعطافة تاریخیة فی مسیرة بقائهم وانتمائهم وهویتهم منذ نکبة 1948، تأکیدا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم.

وتعتبر الأرض الفلسطینیة الرکیزة الأولى لإنجاح "المشروع الصهیوني" وفق الأدبیات الصهیونیة خاصة الصادرة عن المؤتمر الصهیوني الأول في مدینة بازل في سویسرا عام 1897م، ومنذ نشوئه دأب الکیان على ممارسة سیاسة تهوید الأرض العربیة واقتلاع الفلسطینیین من أرضهم عبر ارتکاب المجازر المروّعة بحق الفلسطینیین، ولم تکتف السلطات بمصادرة أراضي الفلسطینیین الذین أبعدوا عن أرضهم، بل عملت تباعا على مصادرة ما تبقى من الأرض التي بقیت بحوزة من ظلوا في أرضهم.

یذکر أن چویلئ الاحتلال صادرت خلال الأعوام ما بین عام 1948 - 1972 أکثر من ملیون دونم من أراضي القرى العربیة فی الجلیل والمثلث، إضافة إلى ملایین الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت علیها بعد سلسلة المجازر المروّعة وعملیات الإبعاد القسّري التي مورست بحق الفلسطینیین عام 1948.

ویعتبر یوم الأرض نقطة تحول بالعلاقة بین (السلطة الصهیونیة) وفلسطینیی 48، إذ إن دویلة الاحتلال  أرادت بردها أن تثبت للجماهیر الساخطة من هم "أسیاد الأرض"، وکان هذا التحدي العلني الجماهیري الأول للکیان المحتل من قبل الجماهیر الساخطة، باعتقاد العدید أن یوم الأرض ساهم بشکل مباشر بتوحید وحدة الصف الفلسطیني بالداخل على المستوى الجماهیري، بعد أن کان في العدید من الأحیان السابقة نضال فردی لأشخاص فرادى أو لمجموعات محدودة. کما کان هذا الرد بمثابة صفعة وجرس إیقاظ لکل فلسطیني قبل بالاحتلال الصهیوني عام 1948.

ویعتقد الفلسطینیون أن إحیاء ذکرى یوم الأرض لیس مجرد سرد أحداث تاریخیة، بل هو معرکة جدیدة فی حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطینیة.

ومنذ العام 1976 أصبح یوم الأرض یوما وطنیا في حیاة الشعب الفلسطیني داخل فلسطین وخارجها، وفي هذه المناسبة تشهد تحرکات شعبیة فلسطینیة عدیدة تؤکد وحدة الشعب الفلسطیني وحقه فی أرضه رغم شراسة الهجمة الاستعماریة الصهیونیة التي نالت من أرض أجداده التی تحول جزء منها إلى جزر استیطانیة کثیفة.
https://taghribnews.com/vdcc4eqi02bqis8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز