تاريخ النشر2012 25 June ساعة 20:01
رقم : 99580
صحيفة الأخبار

اسرائيل والصراع على سوريا

تنا - بيروت
اسرائيل والصراع على سوريا
التقديرات الاسرائيلية الاستخبارية حيال الوضع في سوريا ومآلاته متغيرة ومتذبذبة ومتناقضة، كما هي المواقف المعلنة، لكبار الشخصيات الاسرائيلية، مع ثابتة وحيدة، كضرورة لتثبيت الردع أو إيجاده، بالتأكيد على قدرة الجيش الاسرائيلي على إحباط أي محاولة «عدائية» إنطلاقاً من سوريا، سواء بقي الوضع على ما هو عليه، او في حال انتصار النظام على المعارضة المسلحة، او حتى في السيناريوهين الاكثر ضبابية: حالة الفوضى و«الدولة الفاشلة». 

تذبذب المواقف والتقديرات الاسرائيلية، و«دعوات الحل»، واضح جدا. بدءا من دعوة
نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، المجتمع الدولي الى تدخل كبير وواسع في سوريا، على خيار السيناريو البوسني، مروراً بدعوة نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية، موشيه يعلون، إلى اغتيال الرئيس السوري بشار الاسد، وصولا للدعوة إلى تطبيق النموذج اليمني، والذي تجدد الحديث الاسرائيلي عنه في الاونة الاخيرة. 

سبق ذلك تقديرات مختلفة ومتعارضة ومتغيرة للاستخبارات الاسرائيلية، الى ان تبين خطأ هذه التقديرات. والى الآن، منذ اشهر قليلة، إستقر التقدير الاستخباري في تل ابيب على ان النظام السوري باق لسنوات. 

في الظاهر، تبدو اسرائيل كجهة بحثية وتحليلية، تعاين المعطيات السورية وتبحث عنها، وتطلق تنبؤاتها حيالها، رغم انها من اكثر الجهات الاقليمية المعنية بهذه
الساحة، لتأثيرها المباشر والحاسم، على بيئتها الاستراتيجية وامنها القومي، في نفس الوقت، لا يتساوق الفعل الاسرائيلي، وعدم الفعل، مع دور الذي تلعبه تل ابيب في المنطقة، تاريخيا، وكالة عن المصالح الغربية، علماً أن مآل الوضع في سوريا، يتعلق اًيضا، وبنحو أكيد، بالمصالح الاسرائيلية المباشرة. 

يعني ذلك أن إسرائيل بحثت وتبحث في كل الخيارات، ومن بينها إمكانيات تدخلها العسكري، تماشياً مع دورها التقليدي في حسم المسائل عسكريًا، تحقيقاً لمصالحها ومصالح الغرب، لدى عجز الآخرين عن تحقيقه بوسائل أخرى. لكن ما الذي يمنع تنفيذ هذا الخيار؟. القدر المتيقن أن إسرائيل لا تجد مصلحة بأن تكون هي رافعة المعارضة المسلحة السورية ضد النظام، منعاً للاضرار بها،أاو انها في المقابل لا تقوى
على تحقيق النتائج من عدوانها المباشر،أو تحمل تداعياته. 

مع ذلك، من المستبعد في هذه المرحلة أن تعتني إسرائيل بردة الفعل حيال المؤازرة غير المباشرة للمعارضة المسلحة في سوريا، من خلال عدوانها المباشر، اذ ان المواقف العربية تخطت اسرائيل كونها عدوًا، وباتت تتعامل معها كأنها حليف غير معلن، وبالتالي لو كانت قادرة على تحقيق النتيجة من عدوانها، للجأت اليه.
 ويبقى ان تل ابيب غير قادرة على تحقيق النتائج، او انها تخشى تداعيات المواجهة مع النظام. 

لكن ما يجب الاشارة إليه، ان إسرائيل عاشت في بداية الاحداث السورية حالة من الضياع، لجهة تشخيص مصلحتها، انطلاقا من التذبذب بين مسارين، وهما اسقاط النظام وما قد يترتب عليه من نتائج تؤدي الى تدهور الوضع الامني في سوريا عامة
وعلى جبهة الجولان خاصة، في مقابل تحقيق تغيير جذري في البيئة الاستراتيجية المحيطة بها، والتي باتت أكثر من ضرورية على خلفية سقوط النظام المصري الحليف، لكن كان واضحا جدا ان فوائد اسقاط النظام السوري من شأنها ان تصلح الوضع الاستراتيجي المنكسر من الساحة المصرية، خاصة ان اسقاط الاسد سيعني ضربة للمحور الممتد من طهران، مرورا بلبنان، وصولا الى قطاع غزة. لكن مع تعذر الضربة الاسرائيلية المباشرة، فإن العمل يتركز، حاليا، على حث الغرب على القيام بما لا تقوى عليه، وهو ما يفسر دعوة ايالون، إلى استنساخ الحل البوسني. 

ايضا، عاشت اسرائيل نوعاً من التذبذب في التعبير عن حقيقة موقفها، الا انها في نهاية الامر حسمت خيارها وخيار الاعلان عنه، بأن ابلغت الجهات الاميركية والدولية المعنية، بحسب التقارير الاعلامية الاسرائيلة، بأن مصلحتها الاستراتيجية تتمثل باسقاط الاسد، بل وضرورة بذل كل شيء من اجل تحقيق
هذا الهدف، في موقف يعكس استعدادا ضمنيا لدفع اثمان امنية تكتيكية محتملة، مقابل كسب اثمان استراتيجية مرجحة، في ربط واضح بحزب الله في لبنان، والتأكيد على ضرورة تطويقه وقطع طريق امداده من ايران، بعد سقوط النظام في سوريا.
 الامر الذي يهيئ الارضية، وفق الحسابات الاسرائيلية، لتوجيه ضربة عسكرية لقدراته العسكرية، كونه لن يتمكن في اعقاب ذلك من اعادة بنائها وتطويرها، كما حصل في العام ٢٠٠٦.
 هذا فيما يتعلق بالحسابات، لكن في ما يتعلق بحقيقة ما سيجري، فقد اثبتت التجارب طوال مراحل المواجهة بين حزب الله واسرائيل، انه لم تصح كافة تقديراتها ومخططاتها.. وتحديداً منذ منتصف التسعينيات حتى العام ٢٠٠٦.
صحيفة الاخبار- يحيى دبوق
https://taghribnews.com/vdccxpqo.2bqo48aca2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز