تاريخ النشر2025 4 May ساعة 10:28
رقم : 675774

باحثة اكاديمية من العراق : الوحدة ليست خطة بل هي تكوين وخلق وفطرة

تنـا - خاص
 رات الباحثة الاسلامية والاكاديمية العراقية الدكتورة زينب السالم، ان "الوحدة ليست خطة بل هي تكوين وخلق وفطرة، كما يتكون الكون من عناصر متعددة".
باحثة اكاديمية من العراق : الوحدة ليست خطة بل هي تكوين وخلق وفطرة
جاء ذلك في مقال للدكتورة السالم خلال ندوة عقدت صباح اليوم الاحد برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان "الحج دعوة للوحدة واحياء الامة المسلمة".

وفيما يلي نص هذا المقال : 
منطق الوحدة
المحاور: علاقة الوحدة بالتوحيد - العالم كالذات الإنسانية -علاقة الوحدة بالولاية
[وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ]- آل عمران / ١٠٥
[إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ] – الأنبياء / ۹۲ .

"إن أكرم هدية ينبغي أن تقدمها أمة المصطفى للرسول هي الحرص على التأليف بين  القلوب؛ ينبغي على الأمة أن تقدم هدية لرسول الله، وهي أن تحفظ وحدتها وتصون عزة وكرامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم" - الخامنائي.

 1-علاقة الوحدة بالتوحيد
فريضة الحج السنوية تؤدي دورها في تغذية الأسرة العريقة الأصيلة بدرس التوحيد  والوحدة، إن كل نظام الخلق هدفه التوحيد؛ الطبيعة بما فيها الجبال والأودية والبحار، خلقت لهدف واحد وهو التوحيد، ونحن جزء من هذا الكون الكبير المترابط، جزء من منظومة  واسعة محكمة، والجميع جزء من هذا الكل المتكامل، فلا شعور بالدونية ولا بالتفوق، بل بالمساواة والرحمة والوحدة، وجميع الأعضاء تعمل لذلك الهدف، وهو التوحيد، وجميع اجزاء الخلق مرتبطة معا.

وإن أكبر دافع للعمل والتغيير والتقدم والتطور، عندما نرى أنفسنا جزءاً من منظومة كبيرة واحدة تجبرنا للمساهمة بإيجابية في العالم، فالوحدة ليست خطة بل هي تكوين وخلق وفطرة، كما يتكون الكون من عناصر متعددة (نجوم، كواكب، ذرات  طاقات وقوانين طبيعية مختلفة في طبيعتها جميعًا تعمل ضمن نظام واحد متكامل يخضع  لقوانين ثابتة، مما يحقق وحدة الكون كالجهاز الكهربائي، الذي يحتاج إلى توازن دقيق بين  أجزائه لكي يؤدي وظيفته بنجاح، فإذا تعطل أي جزء في ذلك الجهاز، يتأثر أداء النظام  بالكامل، وهذا العطل يشبه الخلل في نظام الكون الذي يؤدي إلى اضطراب في التوازن  الكوني، كل جزء في وحدة الكون يساهم في تحقيق الهدف الكلي، والانسجام بين الأجزاء هو  ما يجعل النظام يعمل بكفاءة، فالتنوع في المكونات لا يعني تعارضها، بل تتحقق الوحدة من خلال التكامل بين الأجزاء المختلفة، وبيت الله هو مركز إقامة التوحيد ومظهره وما يرمز  إليه. الحج الإبراهيمي وهو الحج المحمدي الذي تحتل فيه الحركة نحو التوحيد والإتحاد  مكان الروح والصدارة في كل المناسك).

السيد الخامنئي: التوحيد لا يقتصر على الفكر والنظر، بل هو أمر حقيقي ونظام وقانون  للحياة وان كل المصائب والويلات التي حلت بالمسلمين ناجمة عن عدم تمسكهم بحبل  التوحيد)، و البشرية بحاجة ماسة اليوم إلى إطلاق صرخة كالتي أطلقها نبي الإسلام صلى  الله عليه وآله وسلم، صرخة تدعو للتوحيد والعدالة بين البشر.

 2-العالم كالذات الإنسانية
الشهيد المطهري يقول: (أن طبيعة الجسم الحي يكون متواصلاً مرتبطا ارتباطا عضويا.  وهو قول الرسول (ص): (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، ربما  يضطر البدن لقطع قطعة وفصلها عن البدن، لتعرضها لضرر أو ورم، حين يكون فصلها  عن البدن وقطعها وابعادها عنه لصالح البدن، صحيح سيحدث خلل، لكنه نقص لابد منه، حبا  للبدن لا بغضا له، ليبقى نظام البدن سالما، فلو حدث انحراف في احدى قطع البدن، وما  زالت مرتبطة به، سينحرف كل البدن، ويتهاوى بل يتعرقل، ولا يمكن أن نقول لا علاقة لنا  بانحراف ذلك الجزء، كذلك لا يمكن أن نقول بأنه لا علاقة لنا بهذه المجموعة أو تلك، وهي  من ضمن الكون، لذلك فأي انحراف في الخلق يضايق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن  ذات النبي هي كل نظام الخلق، فيشعر بانه قد انحرف، وهو أحد وجوه تفسير قوله تعالى  لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّر الفتح: ۲ ، فالمراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه، وما  تأخر مغفرة ما تقدم من ذنوب أمته وما تأخر منها بشفاعته صلى الله عليه وآله، يذكر العلامة  الطباطبائي: ولا ضير في إضافة ذنوب أمته صلى الله عليه وآله، إليه للاتصال والسبب بينه  وبين أمته، فأي انحراف في الخلق يضايق النبي صلى الله عليه وآله ويوجعه، فيشعر بانه قد  انحرف، لأن ذلك الإنحراف يُوجد خلل في نظام الكون.

إن طرد الكفار من المجتمع، كقطع الجزء المريض من البدن، (إِنَّا بُرَاؤُا مِنْكُمْ) الممتحنة: ٤، إثر ما تبرءوا من قومهم طلبوا من ربهم وابتهلوا إليه ليحفظهم من تبعات براءتهم، ويغفر  لهم، فقالوا: [رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ]- لذلك يجب ان يكون سعينا للجمع لا  للتفرقة، فالشيطان يبحث عن النقطة الأكثر ضعفا [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السَّلْمِ كَافَّةً  وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَان ] –البقرة / ۲۰۸.

3-علاقة الوحدة بالولاية
السيد الخامنئي: (ذرات الوجود كلها شاءت أم أبت تدور في إطار ولاية الله، نظام الولاية  بين المؤمنين أنفسهم وبينهم وبين الله، يقف المؤمنون وهم كالبنيان المرصوص في توادهم  وتناصرهم وتحاببهم، وعندما يقال المؤمن ولي المؤمن معناه أنه ينصر أولياء الله وينصر  دينه والله وليه بمعنى أولى بتدبيره وتصريفه وفرض طاعته عليه، [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ]- التوبة / ۷۱ ، الآية الكريمة تبين ولاية الكل على الكل، وهذه الولاية تعم  ولاية النصرة وولاية الاخوة والمودة.

ورد عن الإمام الرضا عليه السلام - لعبد العظيم الحسني - : يا عبد العظيم، أبلغ عني أوليائي  السلام، وقُل لهم أن لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً، ومرهم بالصدق في الحديث وأداء  الأمانة، ومرهم بالسكوت، وترك الجدال فيما لا يعنيهم، وإقبال بعضهم على بعض،  وَالمُزَاوَرَةِ، فَإِنَّ ذلِكَ قُربَةٌ إِلَيَّ. ولا يشغلوا أَنفُسَهُم بتمزيق بعضهم بعضا؛ فَإِنِّي أَلَيتُ عَلَى  نَفسي أَنَّهُ مَن فَعَلَ ذلِكَ وأسخط وليًا من أوليائي دعوتُ اللهَ لِيُعَذِّبَهُ فِي الدُّنيا أَشَدَّ العَذاب وكان  في الآخِرَةِ مِنَ الخاسرين. وعَرَفَهُم أَنَّ اللهَ قَد غفر لمحسنهم وتجاوز عَن مُسِينِهِم إِلَّا مَن  أشرك به أو أذى وليًا من أوليائي أو أضمر له سوءا فَإِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يَرجِعَ عَنهُ، فَإِن  رجع، وإلا نزع روح الإيمان عن قلبه وخَرَجَ عن ولايتي، ولم يكن له نصيب في ولايتنا،  وأعوذ بالله من ذلك. (الاختصاص: ص ٢٤٧).

فالولاية إذن تبقى محور وأساس المسيرة الحياتية وحقيقة الوحدة ان حقيقة ولاية الإمام  تمر من ولاية المؤمنين، فَإِنَّ ذلك قُربَةً إِلَى)، إن مساعدتكم ومساندتكم لبعضكم، هي مساندة  لى وقربة إلى، ونحن لو أدركنا وعرفنا أهميتها وقيمتها الحقيقية، لأصبحت سلمنا ومعراجنا  الى عوالم النور الربانية، وطريقنا الى الجنة بعد أن تنتزع وتزيل من قلوبنا وأنفسنا الداء  الذي يحول بيننا وبين الجنة ونعيمها، ألا وهو الكبر) أعاذنا الله منه.
 
[رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ  قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا  عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ]- البقرة / ٢٨٦ .


انتهى / 1969
https://taghribnews.com/vdcfetdvjw6deea.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز