تاريخ النشر2022 17 June ساعة 21:56
رقم : 553802
السيد صالح القزويني *

مالذي يجري بين ايران واسرائيل؟

تنا
كل من يتابع وسائل الاعلام الايرانية والاسرائيلية وكذلك تصريحات كبار المسؤولين في البلدين يتصور ان حربا طاحنة ومدمرة تأتي على الأخضر واليابس، على وشك الوقوع بين ايران واسرائيل، اذ لا يكاد يمر يوم الا ونسمع أو نقرأ عن عملية اغتيال أو تفجير أو احراق أو اختراق الكنروني أو قصف يقوم بها طرف ضد الطرف الاخر.
مالذي يجري بين ايران واسرائيل؟
صالح القزويني

كل من يتابع وسائل الاعلام الايرانية والاسرائيلية وكذلك تصريحات كبار المسؤولين في البلدين يتصور ان حربا طاحنة ومدمرة تأتي على الأخضر واليابس، على وشك الوقوع بين ايران واسرائيل، اذ لا يكاد يمر يوم الا ونسمع أو نقرأ عن عملية اغتيال أو تفجير أو احراق أو اختراق الكنروني أو قصف يقوم بها طرف ضد الطرف الاخر.

وغير خاف على أحد، إنه لطالما أعربت ايران واسرائيل عن استعدادهما لخوض هذه الحرب ومواصلتها حتى النهاية، طبعا بما أنهما بلدين غير جارين فلا يمكن تصور وقوع الحرب بالشكل التقليدي المعروف، وهو البدئ بالقصف الجوي ثم تحرك القوات البرية لمواجهة الأخرى، واقصى ما يمكن تصوره لوقوع هذه الحرب هو القصف الصاروخي أو اطلاق المسيرات ضد الآخر، فحتى القصف الجوي بالطائرات مستبعد لأنه يحتاج الى اذن الدول التي تمر فوق أجوائها الطائرات الايرانية أو الاسرائيلية.

الا أن الصراع والتوتر سيبقى بين البلدين ولن ينتهي الا بسقوط أحد النظامين، أو بتغيير ايران سياستها تجاه اسرائيل، والتي تدعو الى اجتثاثها وتدميرها أو تنفيذ المقترح الذي قدمته وهو اجراء استفتاء شعبي حول طبيعية النظام الذي يحكم فلسطين ونهجه يشارك في الاستفتاء جميع الفلسطينيين سواء أولئك الذين في الداخل أو الخارج، وطبعا مثل هذا المقترح ترفضه اسرائيل لأن الأغلبية السكانية للفلسطينين وبالتالي ترجح كفة ما يريده الفلسطينيون في أية عملية استفتاء كهذه.

هناك احتمال بشن اسرائيل وايران حربا بحرية، وهذا أيضا مستبعد لحاجة كل بلد الى مقدمات وخطوات متعددة لتصل سفنه الى مياه الطرف الآخر، وفي مقدمة هذه الخطوات والمقدمات اقناع البلدان التي تمر عبرها السفن بضرورة التحالف لضرب الطرف الآخر، وهذا صعب للغاية في الظروف الحالية.

وقوع عملية اغتيال في ايران ووقوع أخرى في اسرائيل أو اغتيال اسرائيلي خارج الكيان، أو اشتعال النيران في مصنع أو منشأة ايرانية وفي المقابل احتراق منشأة اسرائيلية، أو وقوع هجوم سيبراني في ايران وآخر في اسرائيل وقصف هنا وآخر هناك، وتفجير هنا وآخر هناك، كل ذلك يؤكد أن الطرفين يلتزمان بقواعد الاشتباك ولا يريدان تجاوزها والوصول الى المواجهة المباشرة، خاصة مع عدم تبني كل طرف بالعملية التي يقوم بها.

واذا عرفنا أن لدى اسرائيل وايران هدف آني وبعيد المدى، فاننا سنستبعد وقوع الحرب المباشرة بينهما، فان ايران على المدى البعيد لا تريد بقاء الكيان الاسرائيلي ولكن ما لم يقم بعدوان مباشر فانها لن تقوم بمواجهة مباشرة، وانما تسعى الى القضاء على اسرائيل عبر دعم القوى والأحزاب الفلسطينية واذا اقتضى الأمر ستتدخل القوى والأحزاب المتحالفة مع ايران بذلك أيضا.
أما اسرائيل فبدورها لا تطيق وجود النظام الايراني وتتمنى رحيله اليوم قبل غد، وطالما سعت ولا تزال تسعى لدفع الادارات الاميركية المتعاقبة والغربية لبلورة تحالف لشن الحرب ضد ايران من أجل اسقاط نظامها، ولكن على المدى الآني والقريب فان اسرائيل تسعى الى تثبيت كيانها واقناع أكبر عدد من الدول العربية بتطبيع العلاقات معها، وترى أن السبيل لذلك هو أن تستبدل مكانها بمكان ايران، بأن توحي لدول المنطقة والعالم ان ايران هي التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وليست اسرائيل، وانها تريد التحالف مع دول المنطقة لايقاف ايران عند حدها واذا استدعى الأمر الحرب ضدها فانها مستعدة للقيام بذلك.
من هنا فان اسرائيل ترفض الغاء العقوبات ضد ايران لكي تبقيها في دائرة الاتهام، بل منذ فترة وهي تعلن بأنها غير معنية بالاتفاق النووي وما يتمخض عنه، بمعنى آخر انها سوف تواصل سياسة (ايرانفوبيا) والايحاء بان ايران تهدد المنطقة، واذا اقتضى الأمر فانها تقوم بممارسات واجراءات ضد ايران لتدفع الاخيرة للقيام بردود أفعال مشابهة، وبذلك تكون قد برهنت على مقولتها.

لذلك فان زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة لو تمخضت عن اتفاقيات تطبيع وعلاقات بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية فمن المتوقع أن تتوقف اسرائيل عن سياسة التصعيد مع ايران على المدى الآني والقريب، على أن يتبع زيارة بايدن للمنطقة التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والغرب، والا فنحن ماضون نحو مزيد من التصعيد والتوتر، ولا سمح الله الحرب.

باحث في الشأن الايراني *
Ssaleh1347@gmail.com

/110
https://taghribnews.com/vdccx1qpi2bqp48.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز