تاريخ النشر2010 20 October ساعة 13:20
رقم : 28885

لماذا "اسرائيل" خارج دائرة الاتهام في قضية اغتيال الرئيس الحريري؟؟

لماذا اسرائيل فوق الشبهات دائماً؟ ولماذا هي خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه؟ ولماذا يصرّ البعض على وضعها خارج دائرة الاتهام في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ ولماذا هي أعلى من القوانين والقرارات والمحاكم والتحقيقات الدولية؟ لماذا هي محصّنة بوجه أي ملاحقة أو محاسبة؟ ولماذا في جيبها كل الضمانات والحصانات من "فيتو" أميركي وغيره، وما سرّ هذا التواطؤ الدولي معها، ولماذا يحق لها ما لا يحق لأحد في هذا العالم، رغم كل اجرامها المتواصل على مدى عقود؟ ولماذا لا تحاكم على مجازرها واغتيالاتها ولا تقام لمحاسبتها المحاكم الدولية، أتكريماً لـ "تاريخها المشرّف"، أو لأنها من "جنس الملائكة" وبقية العالم من "جنس الشياطين"، أو لأنها "شعب الله المختار على الأرض"؟!
لماذا "اسرائيل" خارج دائرة الاتهام في قضية اغتيال الرئيس الحريري؟؟
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا)
لماذا "اسرائيل لا"، لا يحق لأحد أن يوجه الاتهام لها، أو أن يشير بالبنان اليها، وعلى الجميع التحوّل الى "شياطين خرس" حيال ما ارتكبته وترتكبه من أشنع الجرائم والأفعال. ولماذا استبعاد اتهامها من فرضيات التحقيق باغتيال الرئيس الحريري؟، مع أن الأخيرة تملك وقد أثببت الأيام كل الامكانات التحضيرية اللوجستية والتنفيذية لتنفيذ ما تريد في لبنان دون رادع أو وازع، وهو ما أظهرته المراحل الأخيرة من اختراقات كبيرة للساحة اللبنانية التي ظهر أنها مكشوفة أمنيا أمام "الموساد" الاسرائيلي بشكل كبير، سواء من خلال عدد ونوعية العملاء الذين جرى توقيفهم حتى الآن، أو من خلال اختراق شبكات الاتصال الخليوية والمدنية وشبكة الأنترنت. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فان المسار التاريخي للأحداث، كشف عن سلسلة طويلة من الاغتيالات التي نفذها "الموساد" الاسرائيلي في لبنان، وخصوصاً خلال السنوات الأخيرة، كعمليات اغتيال الأخوين المجذوب، والشهيد غالب عوالي، والشهيد علي صالح، والوزير السابق ايلي حبيقة، وكذلك خارج لبنان كعملية الاغتيال الشهيرة للقيادي في حركة "حماس" محمود المبحوح في دبي.

أمام هذا الواقع، يطرح السؤال لماذا تبرئة "اسرائيل" ولمصلحة من؟، ولماذا لا يتم البحث عن المستفيد الأكبر من وراء هذا الاغتيال؟، خصوصاً وأن أبجدية التحقيق الجنائي وأصوله تقتضي البحث عن المستفيد في أي جريمة، سواء أكانت الجريمة شخصية أو على مستوى دولي كجريمة اغتيال الرئيس الحريري. ولماذا لا يجري البحث أيضاً بكل الاحتمالات والفرضيات التي يحتمل أن توصل الى كشف الحقيقة، نظراً لأنه لا يصح على الاطلاق أخذ بعضها بعين الاعتبار واهمال البعض الآخر عن قصد أو غير قصد، فطرف خيط يؤشر الى اتجاه ما ولو بنسبة ضئيلة ربما تكر استناداً اليه سبحة الحقيقة بكلها وكلكلها.

واذا كانت القرائن لا تقوم بذاتها دليلاً، ويقصد بها بداية اثبات أو بداية أدلة ينطلق منها عمل التحقيق، فان ذلك يفرض نفسه على أي جهة تحقيق ويلزمها باستكمال هذه القرائن ومداومة التحقيق فيها الى أن تصل الى الحقيقة، لا سيما وأن الالتزام الرئيسي لجهة التحقيق هو محاولة الوصول بكل جد وموضوعية لحقيقة الوقائع المصاحبة أو الملازمة أو المترتبة على الحادث الجنائي. وبالتالي فان أصول التحقيقات والاجراءات الجنائية توجب على المحقق أن يتتّبع هذه القرائن، ولو اضطره الأمر الى الاستعانة بأجهزة مختصة وخبراء في سياق البحث والتنقيب الى أن يصل الى الحقيقة.. الحقيقية المستندة الى أدلة دامغة لا لبس فيها ولا تأويل.

مؤشرات استبعاد فرضية اتهام اسرائيل من قاموس بلمار :
ورغم مرور أكثر من شهر ونصف على عرض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قرائن ومعطيات من شأنها توجيه الاتهام نحو "اسرائيل" في قضية اغتيال الحريري، الا أنه ثمة مؤشرات توحي بعدم أخذ مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار بفرضية اتهام "اسرائيل" التي طرحها السيد نصر الله مدعمّة بالقرائن والمعطيات الحسية، وهو ما يظهر جلياً من عدة أمور :
- اعتباره أن الأدلة غير كافية وطلب معلومات اضافية من حزب الله
- استمرار بلمار بدعوة عناصر من حزب الله للاستماع اليهم كشهود ما يعني أنه مستمر بنفس مسار التحقيق السابق دون اللجوء الى التأكد من القرائن المعروضة وجديتها.
- عدم استدعاء أي شاهد للاستماع اليه من الاسرائيليين
- استمرار التسريبات حول موعد القرار الطني خلال فترة قريبة لا تتعدى رأس السنة
- عدم قناعة بلمار بوجود شهود زور ضللوا التحقيق والأكثر استغراباً تلهيه وأخذه صفة الخصم بوجه اللواء السيد دفاعاً عن شهود الزور، رغم أن الأخير ظلم أربع سنوات من جراء التحقيق،
وهو ما يضع علامة استفهام حول ماذا اذا كان بلمار قد بنى قراره الظني استناداً الى شهود زور مماثلين وما اذا كان يخشى من أن محاكمة شهود الزور السابقين قد تفتح باب محاسبة الشهود اللاحقين فيهتز معها قراره الظني ويضحى معرضاً للنسف من أساسه. لعل في ذلك ما يفسّر شراسة بلمار واستماتته في الدفاع عن شهود الزور، حتى قيل انه كان على وشك تقديم استقالته من مهامه لكن تدخل الأمم المتحدة عبر المستشارة القانونية لبان كيمون حال دون ذلك.
- تسريب فرع المعلومات مؤخراً بأن القاعدة التي انطلقت منها تحقيقات بلمار انطلقت من فرضية وضعها هذا الفرع بنفسه.

- وهنا يطرح السؤال هل قام بلمار بعرض الاشرطة والقرائن التي قدمها السيد نصر الله على الخبراء المعنيين والفنيين للتأكد من مضمون وجدية ما ورد فيها. هل محّص فيها ودقق، هل أجرى الاجراءات اللازمة، هل طرح على نفسه سؤال ما الذي كانت تفعله الطائرات الاسرائيلية فوق مناطق تواجد الحريري، وما الذي كانت تفعله الأواكس لحظة الاغتيال في أجواء بيروت، وما سر تواجد العميل الجد في مسرح الجريمة، اسئلة كثيرة كثيرة تحتاج للاجابة عنها، لكن المعنيين يصمون آذانهم ويتسترون تارة بداعي سرية التحقيق، وطوراً بداعي أن القرائن التي قدمت غير كافية، لكن الحقيقة الغائبة الحاضرة والتي لا تحتاج الى دلائل حولها، هي أن "اسرائيل" ضالعة بشكل أو بآخر في عملية الاغتيال، ولو تقاعس البعض بتوجيه اصبع الاتهام اليها عن جهل، أو تجاهل أو تواطئ.

• رافي ماديان : لم نسمع عن استدعاء أي مسؤول اسرائيلي للتحقيق :
وفي هذا السياق، اعتبر أمين سر شبيبة جورج حاوي رافي ماديان، "أن مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار تعاطى مع القرائن والمعطيات التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حتى الآن على أساس أنها افادة أو شهادة من قبل السيد نصر الله، مشيراً الى أن بلمار يعتبر السيد نصر الله شاهد أدلى بافادته من مجموع الشهادات والافادات التي أعطيت والتي يصل عددها الى حدود ٦٠٠ افادة، بما فيها شهادات عائلات الشهداء وكل من جرى الاستماع اليه من قبل المحققين الدوليين، موضحاً أنه من وجهة نظر بلمار وطريقة نظرته الى الأمور فانه يحق له أن يستنسب أو يتجاهل هذه الشهادات اذا اعتبر أنها لا تمت الى التحقيق بأي صلة. 

واستغرب مادايان كيف أن الفرضية الاسرائيلية في اغتيال الحريري غير موجودة في قاموس بلمار حتى الآن، موضحاً "اننا لم نسمع عن استدعاء أي مسؤول اسرائيلي للتحقيق، ولم نسمع من خلال التحقيقات التي أجريت مع مئات اللبنانيين بمن فيهم عائلات الشهداء أنه تم سؤالهم أي سؤال له علاقة باسرائيل بل على العكس من ذلك فان الفرضية الاسرائيلية غير موجودة عند بلمار وغير موجودة أيضاً عند الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية"، مشيراً في هذا السياق، الى أنه "لا يوجد أي جهاز أمني أو قضائي لبناني، لا فرع المعلومات ولا مخابرات الجيش ولا مدعي عام التمييز سعيد ميرزا قاموا بتزويد المحكمة بملفات متكاملة لها علاقة باتهام "اسرائيل"، كما أنه لا يوجد أيضاً أي جهة رسمية لبنانية أعطت ملفات لها علاقة بدور الاسرائيلي في اغتيال الرئيس الحريري".

واذ لفت ماديان الى أنه كان أول من تحدث بفرضية "اتهام" اسرائيل باغتيال الحريري منذ ثلاث سنوات استناداً لمعلومات مخابرات الجيش، أشار الى أن مدعي عام التمييز سعيد ميرزا أرسل للانتربول الدولي مذكرة طلب باسترداد العميل غسان الجد لمحاكته في لبنان منذ شهر تقريباً، مستغرباً كيف أن السلطات القضائية لم تقم حتى الآن بجمع كل ما عندها من معطيات حول الدور الاسرائيلي في عمليات الاغتيال، وخصوصاً لجهة الدور الذي قامت به شبكات التجسس والعملاء، وذلك من أجل تكوين ملف بهذا الشأن يتم ايصاله بشكل رسمي الى بلمار ومطالبته بأن يأخذ الفرضية الاسرائيلية بعين الاعتبار، واصفاً هذا الأمر بأنه "ضروري جداً حتى لا تبقى دعواتنا مجرد رأي أو مطالبة في سدى لأن الهيئات الدولية الرسمية التي وقعت معاهدة مع الحكومة بحاجة لسماع رأي هذه الأطراف الرسمية من القضاء اللبناني والسلطات الرسمية، حينها تصبح مطالبتنا كأفراد وجماعات باتهام "اسرائيل" مدعومة بموقف رسمي والقضاء لضمان أخذ فرضية اتهام "اسرائيل" على محمل الجد.

واذ كشف ماديان بأن هناك عشرات التبليغات للإستماع الى عناصر من حزب الله ( ٣٢ تبليغاً) الى ما قبل حوالي عشرة أيام، خلص الى الاستنتاج من هذا الأمر بأنه عندما تستدعي المحكمة عشرات العناصر من الحزب فان هذا معناه أنها متبنية في تحقيقاتها لمسار واتجاه محدد بهذه الجهة، بينما
لم نسمع في المقابل أنه هناك تبليغات بحق جهات أخرى اسرائيلية مثلاً، لافتاً الى أنه لو كانت لجنة التحقيق مهنية في عملها، لكنا سمعنا على الأقل أنه جرى الاستماع لمائير داغان او لأحد ضباط "الموساد" الاسرائيلي او جهاز "الشاباك"، خصوصاً وأن كل التفجيرات والاغتيالات والشبكات العميلة لاسرائيل كانت تتم باشراف مائير داغان منذ العام ٢٠٠٢ ، وبالتالي كان على بلمار على الأقل أن يستمع الى قيادة "الموساد" في قضية اغتيال الرئيس الحريري.

وشدد ماديان على أنه يفترض أن تستعيد المحكمة الدولية الثقة بها من خلال محاكمة شهود الزور وتبني الفرضية الاسرائيلية أو النظر بهذه الفرضية الى جانب الافادات المقدمة أمامها حتى تستعيد الثقة بها لدى الرأي العام، مذكراً بلمار بما قاله سابقاً عند توليه مهام لجنة التحقيق بأنه نصير الرأي العام، ولافتاً الى أنه هناك كثير من التفجيرات التي حصلت يوجد مؤشرات على أن الاسرائيليين موجودون فيها بشكل أو بآخر خلال فترة اغتيال الحريري وما قبلها وما بعدها، مذكراً بالدور الذي اضطلع به العملاء وما اعترفوا به عن نقلهم حقائب سوداء وتنفيذهم عمليات رصد جرت في أماكن مختلفة في بيروت بوطي المصيطبة وكورنيش المزرعة، وبالقرب من فندق الماريوت وغيرها من الأماكن اضافة الى المسح الجوي والتصوير الدقيق الذي قام به العدو لأماكن تردد الرئيس الحريري، ما يستدعي من بلمار أن يرى هذا الجانب ويتخذه على أنه احتمال ولو بنسبة واحد بالمئة.

• عمر نشابة : بلمار لا يعامل "اسرائيل" كما يتعامل مع حزب الله : 
من جهته، أشار الخبير في القانون الجنائي الدكتور عمر نشابة الى أن آخر ما قام به مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار عقب تسليمه القرائن والمعطيات التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هو التقدم بطلب معلومات اضافية من حزب الله واعتباره ان المعلومات الواردة اليه غير كافية وأنه بحاجة للمعلومات الكاملة، لافتاً الى أن تذرع بلمار بهذا الأمر يرد عليه عبر القول وبطريقة مهنية ان هذا الامر ليس من واجبات ومسؤوليات سماحة السيد نصر الله فبلمار هو المحقق والمفروض به وبفريق التحقيق لديه فتح التحقيقات والبحث عن المعلومات وليس انتظار تزويده بها من جهات معينة، فواجبه المهني يقضي بأن يقوم هو بمتابعة التحقيق.

ولفت نشابة الى أنه حتى الآن لا توجد أي اشارة تشير الى أن بلمار يعمل على خط فرضية اتهام "اسرائيل" باغتيال الرئيس الحريري، وانه أخذ قرائن السيد نصر الله على محمل الجد، مذكراً بأن لجان التحقيق الدولية كانت قد أصدرت ١١ تقريراً قبل انشاء المحكمة الدولية، ولافتاً الى أن أي منها لم يشر الى اسرائيل في عملية اغتيال الحريري، هذا فضلاً عن أنه لم يتم حتى مجرد طلب التحقيق مع أشخاص او مسؤولين في "اسرائيل" حول فرضية تورطها باغتيال الرئيس الحريري.

وخلص نشابة الى الاستنتاج بأن هناك كيل بمكيالين وازدواجية في التعاطي مع فرضيات اغتيال الحريري، فبلمار لا يعامل "اسرائيل" كما يتعامل مع حزب الله، فيما من المفروض أنه وتى تكون محققاً منصفاً وعادلاً أن تنظر الى جميع الاحتمالات والفرضيات وأن تعامل كل الناس مثل بعضها وأن تبحث عن المعلومات المفيدة للتحقيق.

• جو حبيقة : لا رد فعل للمحكمة الدولية حيال "اسرائيل " كونها مسيسة : 
بدوره، أشار رئيس حزب "الوعد" جو حبيقة الى أنه لم يعد سراً أن هناك خلايا استخباراتية كثيرة تعمل في هذا البلد من أطراف مختلفة، معتبراً أن التدخل الجاري من قبل المخابرات الأميركية والاسرائيلية في لبنان ربما يفوق تقدير معظم اللبنانيين. 

وفي تعليقه على مسألة عدم أخذ بلمار لفرضية اتهام "اسرائيل" باغتيال الحريري على محمل الجد، لفت حبيقة الى أن أي تحقيق جنائي يفترض به أن يبحث بكل الأطراف المعنية بالاغتيال في المنطقة وبكل الاتجاهات، مشدداً على أن معطيات السيد نصر الله جدية وأساسية وان كانت ليست جديدة بالنسبة لنا الا أنها قد تكون جديدة بالنسبة لبعض اللبنانيين. 

وتوقع حبيقة ألا يكون للمحكمة الدولية ردة فعل حيال "اسرائيل " كونها مسيسة ولها أهدافها الخاصة، وهي بالتالي – حسب رأيه - لن تأخذ فرضية اتهام اسرائيل باغتيال الحريري بعين الاعتبار، فرغم أن هناك دلائل ملموسة وجدية على ضلوعها بهذا الأمر لكنهم لن يأخذوا بها. 
المنار
بقلم أ. على عوباني
https://taghribnews.com/vdccp4qi.2bq448aca2.html
المصدر : المنار
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز