تاريخ النشر2012 21 July ساعة 13:35
رقم : 102781
صحيفة البناء

السهام الغادرة والدماء الحاسمة وسوريا الصامدة

تنا - بيروت
السهام الغادرة والدماء الحاسمة وسوريا الصامدة
بعد أسبوع على التصعيد في الحرب النفسية والاعلامية والترهيب والضغوط المتعددة الاتجاهات التي مارستها جبهة العدوان على سورية بالقيادة الاميركية، وفي سياق الترويج لمعركة دمشق الحاسمة على حد ما قال إعلام تلك الجبهة، حصل تفجير مركز الامن القومي في دمشق بعملية إرهابية نوعية أدت إلى إستشهاد كبار من أركان وبنية المؤسسة العسكرية السورية.
 
ومع هذا التفجير إندفعت القيادة المخططة لإستغلال النصر في أكبر عملية تلفيق وتزوير وحرب نفسية لم يشهد الميدان مثيلها منذ أن إبتدأ العدوان في إستهداف الكيان السوري منذ نيف و١٦ شهراً، حرب سجل في سياقها الكذب المتمثل بالقول بأن النظام إنهار وبأن دمشق سقطت بيد المهاجمين. 

و من أجل تأكيد تلفيقاتهم قاموا بالترويج لفكرة مغادرة الرئيس لقصره في دمشق، ثم قطعوا
بث تلفزيون الدنيا عن الاقمار العربية لخنق صوت الحقيقة وافساح المجال أمام كذبهم وترويجهم ليفعل فعله في النفوس وإسقاط المناعة الشعبية السورية.

أما بالنسبة للعمل الإرهابي وحتى نفهم موقعه في الخطة فينبغي أن نقاربه من عناوين ثلاثة: 

- الاول يتعلق بطبيعة العملية، حيث أنها من دون شك عملية إرهابية نوعية لا يمكن أن يقوم بها بالظرف والاسلوب طرف بدائي أو فريق غير محترف، واذا كانت الاداة التنفيذية التي وضعت المتفجرة في المكان شخصاً ممن يخولون عادة الدخول اليه، فإن التخطيط والمتابعة والامر بالتنفيذ ثم التحضير لاستثمار النتائج كما بات واضحاً أثناء العملية وبعدها لا يمكن الا ان يكون من قبل جهة تملك قدرات إستعلامية وإستخبارية فائقة المستوى، وهنا عطفًا على المشهد الذي إرتسم لا بد من إقران العملية تخطيطاً وإدارة وإستثماراً بالجهة قائدة العدوان وهذا ما بات يقيناً لدى أصحاب العقول الواعية الحرة.

- الثاني يتعلق بطبيعة الهدف وهنا ينبغي العودة الى تركيب المنظومة القيادية العسكرية السورية ذات المستويين السياسي- العسكري
والعسكري - الميداني حيث يقوم المستوى الأول بمهام القيادة والسيطرة والتخطيط الاستراتيجي العام، والثاني يضطلع بمهام القيادة الميدانية والقتالية المباشرة، وان الفئة المستهدفة تنتمي الى الطبقة الاولى.

- اما في المفاعيل وهنا بيت القصيد في العملية، حيث ان المخطط هدف في عمليته الى جعلها صاعق تفجير للنظام تنطلق بعده الغوغاء الاعلامية والحرب الوهمية بالاستناد الى ما تم تحضيره مسبقا من مجسمات تمثل ساحات دمشق واماكنها الرئيسية للقول بانها سقطت، وتأكيد القول بالصورة التي تكون الجهة العدوانية إستأثرت بالفضاء وحجبت الفضائيات السورية، لكن النتائج ارتدت على أصحابها وتكررت خيبات املهم التي تجرعوها خلال الشهور الماضية حيث كان:

١) ردة فعل فورية من دولة المؤسسات العقائدية، فسارع الرئيس وفي غضون ٣ ساعات من استشهاد وزير الدفاع ونائبه ومعاون نائب رئيس الجمهورية، الى تعيين البديل لكل منهم وأقسم وزير الدفاع يمين الالتزام بالدفاع عن الوطن في غضون اقل من ٢٤ ساعة امام رئيس الجمهورية - القائد العام للقوات المسلحة في سلوك يرسل رسالة قاطعة بأن المؤسسات في الدولة تحمي نفسها ولا تترك فراغا في اي ظرف وتملأ المنصب الشاغر من معدن الشخص الذي غاب، وفي هذا تأكيد لصلابة النظام وقوته وتماسكه.


٢) انتقال سورية وبشكل فوري الى قراءة الحدث ودلالاته، والتعامل مع الظرف كما يفرض الامر، والعمل بمقتضى كتاب حرب الدفاع الحقيقية بعد اغلاق كتاب حفظ النظام، والدخول في الحرب بالقدرات المتاحة وفي كل الاوجه ذات الصلة بدءا من العبارة، فبعد ان كانت تستعمل عبارة « الجهات المختصة « للدلالة على القوى الامنية التي تتعامل بالشأن باتت التسمية الجديدة وبكل وضوح « قواتنا المسلحة الباسلة « للدلالة على ان الجيش السوري انخرط بقدراته في معركة الدفاع ولن يأبه لقيد او خط احمر الا ما يفرضه الدين والاخلاق وقواعد الحرب.

٣) تطور في ذهنية القتال واهدافه، فبعد ان كان الجندي السوري يقاتل بذهنية حفظ الامن وتنفيذ الواجب، بات يقاتل اضافة الى ذلك بذهنية الدفاع ودحر العدوان والانتقام لدماء الشهداء والثأر من ادوات العدوان وصولاً الى رأس المعتدين.

لقد غيّرت متفجرة الامن القومي المشهد في سورية والمنطقة حيث انها فرضت سلوكا يعتمده المعنيون لحسم النزاع في الميدان، ما يعني ان الحوار الذي رفضه العملاء ومن ادعى انه
اصلاحي ومعارض من اجل التغيير، والذي سعت اليه الدولة السورية وتنازلت من أجل إنجاحه عن الكثير الكثير مما في يدها، هذا الحوار سيغيب الآن البحث فيه خلف اعمدة الدخان المتصاعدة في الميدان الذي انفتح على معركة الحسم.

وإضافة الى ذلك اقترن المشهد السوري بمواقف داعمة وذات دلالات بالغة صدرت من طهران ولبنان ثم من روسيا والصين خاصة ما عبّرعنه بوضوح السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير وبعده كان «الفيتو» الروسي ـ الصيني المزدوج الثالث، حيث يستفاد من مجمل هذه المواقف ما يلي:

- لا تدخل عسكرياً اجنبياً في سورية ولا تهديد لسورية ولا وضع لسورية تحت الفصل السابع، وان الاحتيال والخداع الاميركي حيال قرارات سابقة لمجلس الامن بدءا من العراق حتى ليبيا امر لن يتكرر بعد ان تغير العالم. وان التهديد الاميركي بالعمل خارج مجلس الأمن سيرتد على اصحابه لان سورية ليست وحيدة في الميدان.

- ان سورية ليست جهة مساندة للمقاومة فحسب بل هي ركن عضوي بنيوي فيها، فالمقاومة صنعت الانتصارات بالسلاح السوري، وبالدعم السوري وان المقاومة لن تدع سورية وحيدة في معركتها الدفاعية، وان مساعدة المقاومة لسورية في الدفاع لن يكون بمثابة المؤازرة بل وجهاً
من وجوه الدفاع عن النفس الذي ستمارسه المقاومة بأسلوبها وبالطريقة والطبيعة والمكان والزمان الذي يناسب العمل الدفاعي ضد جبهة العدوان.

- لا فرص حقيقية للحرب النفسية والاعلامية التي تخاض ضد سورية لتحقق اهدافها، فكل شيء بات مفضوحاً ومعروفا والكذب العدواني بات مكشوفا، ولهذا لن يكون التعويل على تحقيق الانهيار الادراكي في سورية مجديا للمراهنيين.

وفي خلاصة الأمر نقول، إن زخم الهجوم العدواني الحالي الذي يشن على سورية وهو الأعلى والأهم من كل ما مضى سيفشل في تحقيق أهدافه بعد أن أكدت سورية تماسكها، وأثبت الجيش العربي السوري قدرته في الميدان، وأكد الحكم في سورية حكمته ورباطة جأشه وصلابة الأعصاب.
 
وأن النتيجة الوحيدة للجريمة الإرهابية في مركز الأمن القومي ستكون الدفع نحو معركة الحسم.

 ولكن ليس الحسم الذي أراده الإرهابيون وقيادتهم العدوانية، بل الحسم الذي فرضته الآن دماء الشهداء الكبار، دماء آلمتنا من دون شك في أثرها الإنساني العاطفي خاصة وأن أصحابها أصدقاء أحبة، وهي دماء زكية طاهرة ثبتت سورية في موقعها الاستراتيجي ركناً رئيسياً صامداً في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الأميركي الذي نعته حرب تموز ٢٠٠٦ وستدفن جثته في سورية بيد الأحرار. 

صحيفة البناء - أمين حطيط
https://taghribnews.com/vdcivrazzt1auy2.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز