تاريخ النشر2014 18 December ساعة 10:04
رقم : 172703
قراءة في كتاب

حزب الله والدّولة في لبنان (الرّؤية و المسار )

تنا - بيروت
تقدّم الدكتور حسن فضل الله في مقدّمته إلى تبيان العلاقة القائمة بين الوطن و الدّولة ووضّح أنها قد تكون علاقة من زوايا وطنيّة وقوميّة و دينيّة .وقال انّ الوطن في فهم الحركات الاسلاميّة السياسيّة هو مساحة الارض الاسلاميّة والدور التي تلعبه الدّولة في المجتمع ،فقد تلتقي هذه الحركات تبعاً لمنبعها الفكري .
حزب الله والدّولة في لبنان (الرّؤية و المسار )

المؤلّف : الدّكتور حسن فضل الله
صدر عن شركة المطبوعات للتوزيع و النّشر
 

ينقسم هذا الكتاب إلى مقدمة وسبعة فصول، إضافة إلى الخلاصات و المصادر و المراجع :
تقدّم الدكتور حسن فضل الله في مقدّمته إلى تبيان العلاقة القائمة بين الوطن و الدّولة ووضّح أنها قد تكون علاقة من زوايا وطنيّة وقوميّة و دينيّة .وقال انّ الوطن في فهم الحركات الاسلاميّة السياسيّة هو مساحة الارض الاسلاميّة والدور التي تلعبه الدّولة في المجتمع ،فقد تلتقي هذه الحركات تبعاً لمنبعها الفكري . وعقّب من خلالها على دور ومسلك حزب الله في هذه الحركات كحركة إيمانيّة إسلاميّة مقاومة لها فكرها و ثقافتها وتطلّعاتها ومن خلال اطروحته الفكريّة / السياسيّة لقضايا المجتمع والدّولة .و كان الأهم قصّة حزب الله مع الدّولة في لبنان ،وقصّة الحكومات المتعاقبة معه كمقاومة ضدّ الاحتلال ، أو كحزب سياسي له دوره في الشأن العام .

وقد راعى الدكتور حسن فضل الله في كتابه التسلسل الزّمني لتطوّر عمل حزب الله و خطابه وعلاقته بمنظومة الدّولة .

- الفصل الأوَّل(الوطن والدّولة) :حدد معانيَ الوطن والدولة في الفهم الإسلامي وحاجة الوطن إلى دولة حيث عرّف الوطن أنّه دار الاقامة (تعريف لغوي ) ،كذلك تحدّث عن المفاهيم المفسّرة لمعنى الوطن في الدين الاسلامي و ربطها بالحب و التفاني من أجل القيم الانسانيّة التي شجّع عليها الدين الاسلامي فهي فطرة طبيعيّة ، وأكّد على علاقة الوطن بالدّولة اذ اعتبر أنّ الدّولة في حياتنا المعاصرة مكونا مترابطاً مع الوطن ، فلا وطن بدون دولة تديره ولا دولة بدون وطن تقيم عليه سلطاتها .

وعالج موضوع العلاقة البينيَّة في مجتمع متنوِّع انطلاقًا من إيمان حزب الله بمبدأ ولاية الفقيه ،فقال أن الدين الاسلامي يعتبر بما فيه من تشريعات وفكر و ثقافة هو الأصل الذي يستمد منه حزب الله رؤيته في الشؤون الحياتيّة كافّة ،والمصدر وفق المدرسة الفقهيّة الاعتقاديّة التي يؤمن بها حزب الله هو الفقهاء العدول الذين يحملون مجموعة من المواصفات تؤهلهم لتقديم التفسيرات التي يرونها الاصح ،ولديهم القدرة على استنباط الاحكام الشرعية من القرآن و السّنة . وأكّد على أن الالتزام بولاية الفقيه ليس عملا اختيارياً بل هو في صلب التكوين الثقافي للفرد والجماعة على حد سواء .

- الفصل الثاني (ظلال الدّولة ):تحدّث عن التاريخ الحديث للدولة في لبنان، ومدى انتظام نشأتها وعلاقتها بالجماعات التاريخيَّة المشكِّلة للشعب اللبناني. ففي موضوع وحدة الامّة وحماية دولتها ، اعتبر إنّ لبنان – الوطن والدّولة –هو وليد الصيرورة التاريخيّة التي تفاعلت مع الزّمن وصولا إلى تشكّله في الصّيغة النهائيّة ،ككيان له حدود جغرافيّة ونظام سياسي .

وقد أصابه متغيرات على مستوى البنية الاجتماعية والديمغرافيّة ، فولدت دول و أوطان حلّت محل الدّول المركزيّة التي تقاسمتها الدّول المهيمنة على العالم بداية القرن العشرين ،إذ أسهمت في الوصول إلى صيغة نهائية وقوى لها ادوارها التاريخيّة في الأحداث و الصراعات، ومن بينها حزب الله والذي حاول الحفاظ على الحد الأدنى من تماسك الأمّة كجماعة واحدة ، والدّفاع عن المشروع الوحدوي كإطار جامع ، وتشكيل دولة مركزية قديمة رابطتها مستمدّة من الانتماء العربي .

كذلك تحدّث هذا الفصل عن الدّولة في حضن الاحتلال حيث لم يصل النضال إلى تحقيق مبتغاه ، اي أن هناك دولة تشكّلت بارادة ابنائها، انّما بدأت المرحلة بفرض الدّولة بالحدود التي يراها الاحتلال متناسبة مع مصالحه ، ولم تأت وفق رغبات و تطلّعات من وضعوا تحت كنفها ، فهي لم تخضع لاستفتاء شعبي ولا أخذ برأي أهالي المنطقة التي خضعت للاحتلال ، ولكنّهم تشبّثوا بالهويّة والحقوق. وقد ظلّت مناطق واسعة من لبنان على عنادها إلى حين منح لبنان استقلاله عن فرنسا ، ونشوء صيغة جديدة لدولة مستقلّة ،ولكنّه كان استقلالاً بدون سيادة ، فقد غابت الحماية والرّعاية ، واحتكار للسلطة وتفاوت اقتصادي كبير .

- الفصل الثالث(الدّولة المفقودة) : فقد عالج هذا الفصل إشكاليَّة العلاقة بين حزب الله والدّولة وصولًا إلى نشأة حزب الله ورؤيته الدولة ما قبل «اتفاق الطائف» وما بعده .في البداية تحدّث عن نزاع الهويّات، فقد تظافرت عوامل مهمّة للنزاع بين الللبنانيين على الهويات وكان منها :عدم تقديم الهوية كإيطار جامع للجماعات، انجذاب الجماعات المؤلّفة لشعب الدّولة اللبنانيّة .

وانتقل إلى موضوع المشاركة الممنوعة، فقد برزت امام العلماء تحدّيات ثقافيّة فكريّة جديدة، ولم يعد دور عالم الدّين الإجابة على الأحكام الفقهية، فالأحداث السياسيّة أصبحت صدارة الاهتمام، مما ولّد حراكاً فكرياً أمام البيئات الشّعبيّة . وقد عقّب المؤلّف على موضوع حراك الامام الصّدر فقال: أن حركته تمحورت على العديد من العناويين ومنها : العداء الاسرائيلي ،السّلطة اللبنانيّة، والطّائفيّة،ورفع الحرمان عن المناطق المحرومة .

وأما في بوادر النّهوض كان للامام الصّدر جزءاً من اعادة التوازن للفئة الشّعبيّة التي مثلها مساحة في حركته السّياسيّة والاجتماعيّة، وقد كان هذا النهوض على مسارين وهما تكريس مفهوم مقاومة اسرائيل، والعمل على تكريس الحق بالمشاركة .

وتحدّث عن الانبعاث الثقافي الّذي كان يتشكّل داخل البيئة ذاتها التي كان يتحرّك فيها الامام الصّدر ،وقد ظهرت مجموعات كثيرة ولكن حركة أمل بقيت التشكيل الأبرز.ومن هنا بقي الامام موسى الصّدر مواظباً على الدّعوة إلى اعادة الاعتبار للدّولة الجامعة لابنائها، والتّمسك بالعيش المشترك، والتواصل والحوار، وقد أعطا كلّ هذا بعده الدّيني بتحريم أي تعامل مع اسرائيل ،وظلّت عيون محلّية واقليميّة ترصد نشاطه المتنامي إلى حين قرار إخفائه خلال زيارته لليبيا .

عندها بدأ التّمايز يظهر في صفوف البيئة الواحدة ، ودبّ الخلاف حول طريقة ادارة تلك المرحلة، وموقع القوى الإسلامية الشيعيّة. وأضاف المؤلّف أن المقاومة لم تكن من نتائج حزب الله فهي كانت موجودة و سبق ان أطلقها الامام الصّدر.غابت الدّولة عمداً، والنتيجة كانت واحدة وهي أن القوى المسيطرة على الأرض ملأت الفراغ، واحتلّت محلّها. وكان الرّابط الجامع بين تلك المجموعات الثقافيّة والعلمائية و العسكريّة اتباع النهج الجديد الّذي حدده الامام الخميني ، والإنضواء تحت ولايته على الأمّة، الا انه لم يظهر تشكيل موحّد يضم تلك المجموعات سياسياً أو عسكريّاً ، بل بقيت كلّ واحدة على استقلاليتها. بدأت المقاومة المسلّحة كقوّة مقاتلة وفرضت الوقائع العسكريّة على القوة المقاومة للغزو، وضد الاحتلال. وفي نهاية هذا المحور أدّى الاجتياح الاسرائيلي إلى تقويض مقومات السيادة الوطنيّة، وتذويب ما بقي من سلطة رمزيّة للدّولة، وانشطرت الدّولة إلى دول تنازع خيراتها قوى محلّية تتوزّع ولائاتها على دول خارجيّة، وانقسمت معها الجغرافية اللبنانية إلى مناطق متنازعة. وتعامل الحزب مع هذه الوقائع بما يتطلّبه كل موضوع، وحدد حزب الله هاتين الثابتتين (التّصدي لأي استهداف لهذه المقاومة، وتجنّب الصراعات الدّاخليّة المسلّحة).

- الفصل الرّابع(الدّولة المعطّلة)، الفصل الخامس(دولٌ على الدّولة):لقد عالج هاذان الفصلان أداء الدّولة في محطات تاريخيّة كثيرة ، فقد برّز المؤلّف في كتابه أن حزب الله انتهج سياسة داخليّة حيال الأزمة اللبنانية قبل الطّائف، وهي الإعتراض على الحلول السياسيّة المؤقّتة، لأنّها غير مجديّة، وتسهيل الحلول الأمنية . وانطلق حزب الله على اولويّة إزالة العامل الاسرائيلي. واستكمالا لهذه الفرضية، فان العامل الاسرائيلي هو جزء من عامل دولي وبالتحديد أمريكي .

بناءاً على هذه الفرضيّة جرّت مواكبة تصعيد العمل المقاوم بصياغة مقاربات سياسيّة تأخذ بعين العتبار الميدانيّة التي فرضتها المقاومة على الأرض. وانتقالا إلى اتفاق الطائف فقد أسفر التقاطع الأميريكي السوري على انجازه،وتم وضع الصّيغة النهائيّة بترتيب سعودي أميريكي مع سوريه، وقد جرى الإتفاق برعاية عربية-اميريكيّة . فقد ارتبطت الخطوات المحلّية لاتفاق الطّائف بالعوامل الدّاخلية للأزمة المتمثل بالاحتلال الاسرائيلي. وفي موضوع الميثاقية لدى المقاومة حسب اتفاق الطّائف واستنادا إلى ما كرّسته الممارسة القانونيّة من خلال بيانات وزاريّة للحكومات المتعاقبة، فقد ارتبطت المقاومة بالبيانات الوزاريّة، و الشرعيّة الدّستورية. وتمثلت الخطوات نحو الدّولة بعودة المؤسسات، و ظهور مبدأ الخطاب.

وأمّا في موضوع علاقة حزب الله مع سوريا ،فقد خضعت الدّولة الناشئة إلى أساس تطبيق الطّائف لاشراف ادارة سوريا كاملة ،وهنا تلاقى الحزب مع سوريا في الهدف المركزي، أي التّصدي لاسرائيل . وبالعودة إلى الوقائع المباشرة وإلى النهج الذي اعتمده الفريق السّوري اللبناني حيال المقاومة ، في المقابل حرصت المقاومة على جعل انجازاتها تصب في مصلحة تقوية الدّولة (تموز ۱۹۹۳ –نيسان ۱۹۹۶ –والتحرير ۲۰۰۰) .

وانتقل إلى الفضل الخامس بدوره مشدداً على سنوات الجهد و التّعب، إذ أكّد على العروض المادّية والسياسيّة التي طالت حزب الله لوقف المقاومة على الاحتلال الاسرائيلي والتي كان مصدرها أميريكي، واعتبر فضل الله أنّ معضلة أصحاب العروض المتكررة كَمَنَت في عدم فهمهم لثقافة «حزب الله» كحركة إيمانية جهادية تلتزم واجباً وطنياً وهو مقاومة اسرائيل.

-الفصل السّادس(دول على المقاومة – حرب تموز ۲۰۰۶ ): تحدّث المؤلف في هذا الفصل عن حرب تموز وقال فيها أنها جاءت في سياق محاولة الولايات المتحدة الأميريكيّة فرض معادلة جديدة في المنطقة ،وكانت الأهداف الثلاثة منها هو ضرب حركات المقاومة في فلسطين عسكرياً وسياسياً، شن حرب مباغتة على حزب الله في لبنان، شن حرب على سوريا للقضاء على الرئيس السّوري بشار الأسد .وكانت ايران تجد نفسها معنيّة بهذه بهذه المواجهة من موقعها الدّاعم لحركة المقاومة، وكونها مستهدفة بهذا المخطط، فالحرب لم تكن بسبب الجنديين انما كانت لمشروع محضّر، وقد اعتمدت المقاومة سياسة التغاضي عن حملات التشكيك والاتهامات.

أيضاً، اعتمد الفريق المناوئ للمقاومة مبدأ تسييد الدّول على الدّولة من خلال الاتكاء على موقف دولي ضاغط ،يستفيد من سطوة القوى الاسرائيلية . وبعد وقت ،تساقطت البنود تباعاً عن جدول الاهداف الاميريكية و الاسرائيلية . بفعل الثبات الميداني للمقاومة، وتم تلين الموقف الاميريكي حيال شروط وقف الحرب .

-الفصل السابع(دولة الشراكة): تحولان استراتيجيان حكما مسار حزب الله خلال سنة واحدة وهما فشل السياسية للاستيعاب الاغرائي داخل منظومة السّلطة، وانهزام مشروع الحرب الاسرائيليّة على لبنان لانهاء المقاومة وسلاحها.وبعد الحرب جرت محاولات لاعادة وصل ما انقطع وكان من عناوينها :المحكمة المهربة ،الشّرعية المنقوصة. اضافة إلى ذلك أفضت المواجهة إلى ايجاد حلول سياسيّة ظهرت عبر اتفاق الدّوحة، إذ شبه أعادت الحياة إلى فكرة الشراكة . وقد عايش حزب الله الاتهامات بالاغتيال حسب تبدّل المصالح مما أدى إلى فكرة سحب السلاح والتي رفضها حزب الله، وقدّمت معطيات متدرّجة عن القضيّة على خلاصات التحقيقات . وقد سلك هذا الإتهام السياسي مسار متعرج من دون أن يتمكن من تحقيق أهدافه، إلا بما يتعلّق بتعميق الهوة بين اللبنانيين،ولم تفلح محاولات ايجاد معالجة تجمع الشراكة من جديد في الحكومة مع حماية المقاومة.

لم يكن العمل داخل المبادرة للمعادلة الدستورية كافيا لتلافي الصدام الدّاخلي ،فالسيادة كانت مهدورة من الثروات الاستراتيجية والماليّة العامة ،إلا أن حزب الله اضطر إلى تشكيل وثيقة سياسية ثانية تحلّ مبدأ الشراكة في الدّولة المستندة إلى الديمقراطيّة التوافقيّة .

وبذلك اعتبر حماية الدّولة من التهديدات الوجوديّة والقضايا الرئيسيّة المقوّمة لبقاء الوطن و الدّولة . وكان منها الخطر الاسرائيلي ومعادلة الحماية والخطر التكفيري .
https://taghribnews.com/vdcjy8evtuqeaaz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز