تاريخ النشر2014 27 August ساعة 15:40
رقم : 167420

قصف أميركا لبعض مواقع ’داعش’ للتغطية على الارتباط العضوي بين الطرفين

تنا
المتابعة السطحية لما يصدر من تصريحات بشأن "داعش" عن أطراف المحور الصهيو-أميركي وامتداداته العربية لا تدع مجالاً للشك بوجود إجماع من قبل هذه الأطراف على معاداة هذا التنظيم التكفيري الذي ينتحل الإسلام. لكن فحصاً أكثر عمقاً يظهر عكس ذلك، ويسمح بالقول بأن "داعش" هي أداة في يد واشنطن وحلفائها.
قصف أميركا لبعض مواقع ’داعش’ للتغطية على الارتباط العضوي بين الطرفين
 
عقيل الشيخ حسين
ففي ظروف الهزائم التي مني بها المعسكر الأميركي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، تمت فبركة "داعش" لتخدم مشروع الهيمنة بشكل يسمح لواشنطن وحلفائها بعدم التورط في صراعات المنطقة، ولكن مع التصميم على جني أكبر قدر ممكن من المكاسب بفضل هذه الصراعات.

وبالطبع، لا يغير شيئاً في هذا الواقع هروع الكثيرين من الكتاب العرب إلى تبرئة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، مما نسب إليها من قول بأن واشنطن هي التي فبركت داعش. علماً بأن كلينتون قالت ذلك بشكل غير مباشر عندما اعتبرت أن فشل السياسة الأميركية في إسقاط النظام السوري -عبر دعم المعارضة المعتدلة- هو ما أدى إلى ظهور "داعش".

لكن الأمر يتجاوز مجرد خطأ وقعت فيه السياسة الأميركية بخصوص سوريا وأدى إلى ظهور "داعش" دون قصد من واشنطن. والمعطيات الملموسة كثيرة بهذا الصدد. 

مصادر أردنية عديدة أكدت أن خبراء عسكريين أميركيين يشاركون في تدريب عناصر "داعش" داخل معسكرات في الأردن.

ونشرت صور للبغدادي الذي نصب نفسه "خليفة" للمسلمين وهو يتلقى التوجيهات من نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن. إضافة إلى ما نشر من أخبار أكدت أن البغدادي إسرائيلي ويحمل اسماً يهودياً.

ولإبعاد الشبهات عن مصادر تمويل "داعش"، وهي مصادر يعرف القاصي والداني أنها خليجية وأميركية (الـ ٥٠٠ مليون دولار التي قدمتها الخزانة الأميركية مؤخراً للمعارضة السورية المعتدلة، والتي سلمت، في النهاية، لـ "داعش")، نظمت حملة مدروسة برز فيها وزير الحرب الأميركي، تشاك هاغل، الذي اعتبر أن "داعش" تمتلك ثروة "هائلة" وبأنها قد تكون الأكثر ثراءً بين المنظمات الإرهابية في العالم.

ويشدد القائمون على هذه الحملة على أن هذه الثروة قد تحصلت بفضل الأموال التي غنمتها "داعش" من مصارف الموصل، دون أن ينتبهوا، في ظل الهبوط في قيمة الدينار العراقي، وكذلك في ظل الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، إلى أن الأموال الموجودة في مصارف الموصل لا تكاد تساوي قيمتها الورقية.

كما أدرجوا عائدات آبار النفط التي استوالت عليها "داعش" في سوريا، في جملة مصادر تمويل التنظيم المذكور. علماً بأن هذه العائدات هزيلة جداً لأن هذا النفط المسروق يباع لتركيا بسعر يقل بحوالي ٩٠ بالمئة عن سعره في السوق العالمية.

ولا تكتفي تركيا، العضو في حلف الناتو، بتقديم هذه الخدمة لـ "داعش" في خروج صريح على إرادة واشنطن التي تزعم أنها تخوض حرباً ضد "داعش"، بل تضيف إليها خدمات أخرى ليس أقلها سماح أنقرة بعبور الحدود التركية من قبل آلاف المقاتلين القادمين من مختلف الآفاق للانضمام إلى صفوف "داعش".

ولا تنتهي المعطيات التي تظهر أن الرهان على "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية هو أكبر الأوراق التي تلعبها واشنطن في سياستها الهادفة إلى زعزعة سوريا، والعراق خصوصاً، على طريق زعزعة سائر بلدان المنطقة بما فيها تلك التي تعتبر نفسها، كبلدان الخليج، في تحالف استراتيجي مع واشنطن.
أوباما وكاميرون : نعم لضرب "داعش"، ولكن في المستقبل البعيد !

لكن المقاربة السطحية تعود لتفرض التساؤل حول عمليات القصف التي تقوم بها الطائرات الأميركية لمواقع "داعش". كيف يمكن لواشنطن أن تضرب أداة أساسية من الأدوات التي تراهن عليها في المنطقة ؟

تدخل فعال وتدخل بلا فاعلية
وهنا يجب التمييز بين التدخل الأميركي لمنع "داعش" من تهديد اقليم كردستان العراق، وهو تدخل جدي وحاسم مرتبط بحرص واشنطن على الحل الكونفدرالي في العراق، وبين القصف الأميركي لبعض مواقع "داعش" الأخرى على سبيل ذر الرماد في العيون بهدف التغطية على التواطؤ المكشوف من قبل واشنطن مع "داعش". فالحقيقة أن هذه التغطية قد تستلزم ما هو أشد بشاعة من ذبح صحافي أميركي في محاولة من "داعش" للظهور بمظهر العداء لواشنطن.

ثم إن الرئيس أوباما نفسه قد اعترف بعدم جدية التصدي الأميركي لـ "داعش" عندما أعلن عن وجود استراتيجية "بعيدة المدى" لمكافحتها، ما يعني أنها استراتيجية تمنح "داعش" كل الوقت للمضي في تنفيذ مشروعها. وكان كاميرون قد سبقه إلى ما يشبه ذلك، عندما صرح بأن بريطانيا مستعدة لأن تضع "جميع" إمكاناتها في التصدي لـ "داعش"، قبل أن يعتبر، في تصريحه نفسه، أن هذه المهمة تتطلب تشكيل تحالف "إقليمي" واسع لا مكان فيه لبريطانيا !

https://taghribnews.com/vdcj8aevyuqemxz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز