تاريخ النشر2014 23 May ساعة 23:07
رقم : 159464

لتعـــــارفـــــــوا

تنا - خاص
لا يخفى على احد اهمية بناء العلاقات البناءة بين الشعوب المختلفة على اساس الاحترام المتبادل وتأثير ذلك على بناء السلم والاستقرار وترسيخ القيم الانسانية التي اوصت بها الاديان السماوية .
لتعـــــارفـــــــوا
بسمه تعالى
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ"

كثير هي الايات القرآنية والاحاديث القدسية تتحدث عن أهمية وضرورة التواصل والتراحم والحوار مع الاخرين بغض النظر عن لونه وقوميته وانتمائه الديني والعقدي ، كحاجة بديهية وفطرية تنطلق من مبدء التعاون والتشارك لبناء مجتمع متماسك لكي يحافظ على حركته ونموه وتطوره في جميع المجالات . لان توقف عجلة التطور والنمو سيصيب المجتمع الكسل والتخاذل والتخلف وانهيار البنى المجتمعية والثقافية والعلمية بالاولى ، ويجعل منه كيان يسستلم لكل الظروف التي تفرض عليه .

الى جانب ذلك فالتعارف والتراحم والتواصل مبدئ اخلاقي وصت به جميع الاديان السماوية وتؤكد عليه جميع النظريات الاخلاقية والتربوية لبناء المجتمع السالم ولتأهيل الارضية المناسبة لتكامله الاخلاقي والنفسي ، وكذلك لتأصيل التعايش السلمي الذي هو ضرورة حتمية لاقرار السلام وابعاد البغضاء والتخاصم والتنافر ومن ثم الحروب من العالم .

فالاية الشريفة التي ذكرناها في بداية المقال تتحدث عن أهمية وضرورة التعارف والتواصل بين مختلف الشعوب ، ولكنها في نفس الوقت تكشف لنا عدة امور ، لا زالت بعض الشعوب واتباع بعض الاديان والطوائف في القرن الواحد والعشرين يجهلونها وهي التي تسبب كثير من اثارة الفتن الطائفية والحروب المذهبية التي يشعل فتيلها غالبا المستعمر الغربي وتسبب كذلك نمو العنصرية الدينية والقومية :
أولاً : وفقا لهذه الاية الشريفة فان بناء التعارف والعلاقة بين الشعوب المختلفة لم تحددها الانتماءات الدينية و القومية و الطائفية ، اي أن الانتماء الديني او المذهبي او العرقي والقبلي لن يمنع من التعارف والتواصل مع سائر المجتمعات من اي دين او مذهب او عرق او اي معتقد كان حتى وإن خالف ديننا ومعتقدنا .

وهذا يدل على ان القران الكريم يعطي اهمية قصوى للعلاقات البشرية بمختلف انتمائتهم العقائدية والقومية ليقضي على التوجهات العنصرية ، الدينية منها والقومية .

ثانياً : القرآن الكريم اراد ومن خلال هذه الاية الشريفة ان يؤكد على ان التعارف والتواصل مع الشعوب المختلفة دون النظر الى انتماءاتهم العقدية والعرقية هو لترسيخ معاني التوادد والتعاون والتراحم والتعاضد ، ليسود المجتمعات اجواء التعايش السلمي ، لان في هذه الظروف يمكن نشر الحقيقة والقيم الانسانية والربانية وفي غير ذلك يصعب نشرها . فالاحتقان الطائفي والحروب الدينية والحضارية والمذهبية واثارة الخلافات والاحقاد بين القوميات والاديان والمذاهب الاسلامية ، وخاصة في ظروفنا الراهنة بين السنة والشيعة ، هو احدى المعوقات الاساسية للتعرف على الحقيقة واحلال التوادد والتعاون ومن ثم التوحد بين المسلمين ، فجميع هذه النزاعات الدينية كانت او المذهبية او العرقية يعود سببها الرئيسي ، اضافة الى التآمر الصلیبی الصهیونی ، هو جهل عوام الناس بحقيقة معتقدهم ومعتقد الاخر .

ثالثاً : التعارف او بعبارة اخرى الانفتاح والتواصل مع سائر الشعوب في اطار الاحترام المتبادل واجواء المحبة والتعاون ، يمهّد الارضية المناسبة للتعرف على افكار واراء وتجارب تلك الشعوب وتبادل الخبرات في شتى مجالات الحياة وخاصة في مجال التكنولوجيا واخر النتاجات العلمية . الامر الذي يساعد على تنمية وتطور الشعوب علميا واقتصاديا وحتى ثقافيا ويجعل الاستفادة من اخر التطورات العلمية متاحة لجميع الشعوب بشكل متساوي ويقضي على فكرة احتكار العلوم والتقنية للدول السلطوية وخاصة اميركا التي تريد ان تبقى هي المسيطرة والمهيمنة على مقدرات شعوب العالم الثالث ، كما يسمّونه ، وتحتكر هي والغرب على اخر التطورات التكنولوجية وتبقى هي الاقوى والاقدر على جميع الاصعد وتبقى شعوب العالم الثالث مستهلكة حتى في المجال التقني .

رابعاً : التواصل والتعارف مع الشعوب بمختلف الوانهم وقومياتهم وانتماءاتهم العقدية ، مع احترام معايير حرية الرأي وحرية الاقليات القومية والدينية والمذهبية ، يرسخ ويؤصل ثقافة التقارب والتسامح والعیش المسالم مع الاخرین الذي يؤدي بدوره الى ترسيخ ونشر ثقافة الاعتدال والوسطية ويجنب المجتمعات ثقافة الاقصاء والتهميش وبالتالي التفسيق والتكفير الذي يضطهد حرية الرأي والمعتقد ويهدد أمن وإستقرار المجتمعات كما نراه جلياً اليوم في منطقتنا الاسلامية .
بقلم : محمد إبراهيم رياضي
https://taghribnews.com/vdciq3az5t1aw52.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز