تاريخ النشر2014 16 December ساعة 11:26
رقم : 176660

ثورة عاشوراء تتجاوز حدود المذهب و العقيدة

تنا
ثورة عاشوراء كانت وستبقى مدرسة للحياة والقيم المتكاملة .
ثورة عاشوراء تتجاوز حدود المذهب و العقيدة

بلغ عدد الزوار العراقيين والعرب والأجانب الذين تشرفوا بحضور أربعينية الإمام الحسين" عليه السلام" في كربلاء المقدسة  أكثر من 21 مليون زائر وزائرة بينهم  خمسة ملايين من العرب والأجانب.

وقال مسؤول العلاقات في العتبة الحسينية جمال الدين الشهرستاني، في تصريح صحافي تناقلته وسائل الإعلام، إن "عدد الزوار  الذين دخلوا كربلاء بلغ 21 مليون زائر وزائرة"، مشيرا الى أن "عدد الزوار العرب والأجانب بلغ خمسة ملايين زائر وزائرة". واضاف ان "هناك 220 ألف زائر أجنبي وعربي وفدوا عن طريق مطارات النجف وبغداد والبصرة وكانت حصة مطار النجف هي الاعلى إذ بلغت 135 ألف زائر وزائرة". وتابع ان "عدد الزوار الايرانيين بلغ اكثر من مليوني زائر وزائرة"، مبينا أن "الزوار الاجانب والعرب كانوا من أكثر من 60 جنسية موزعين بين قارات العالم المختلفة من اسيا واميركا الجنوبية وافريقيا واوروبا وحتى استراليا".

القيم الانسانية 
عن هذه الزيارة يقول الباحث الإسلامي محمد الناجي من جامعة الإمام الصادق: هذه الزيارة المليونية العظيمة تجعل من الانسان المؤمن يجدد
العهد مع الحسين (ع)، وعندما يصل الإنسان إلى قبر ريحانة المصطفى يستلهم منه روح الفداء والجود والعطاء وكل القيم الإنسانية، ويستشعر الأفكار والقيم الأخلاقية التي ضحى من اجلها الحسين (ع)، حيث تعطي هذه الزيارة للإنسان شحنة معنوية من الطاقة من قبر سيد الشهداء " عليه السلام"، ومن موقفه البطولي الذي وقفه في كربلاء هو واصحابه واهل بيته، فالحسين(ع) قارع الطغيان والظلم والاستبداد ، وبذلك يستلهم الانسان من الحسين (ع) كل هذه المعاني وكل هذه القيم، لتتضح الفائدة من الزيارة وهي تجديد عهد الولاء والسير على نهج الحسين (ع).

ويرى الأستاذ فالح الموسوي التدريسي في الحوزة العلمية ان  ثورة عاشوراء تجاوزت حدود المذهب و العقيدة، لانها لامست القيم الإنسانية الخالدة على طول الطريق، والزيارة الأربعينية  ما هي إلا تجديد العهد بتلك القيم، واخذ الاسوة والعبرة من سيد الشهداء ضمن مفردات الثورة  وابعادها، ومخطط الثورة العام الذي رسمه سيد الشهداء، لا ضمن الدائرة السطحية التي يدور في فلكها الكثير ممن يحسب على عاشوراء ، مع الأسف هناك ممن لم يأخذوا من الحسين (ع) القيم والثورة والعبرة والنهج والمشروع بقدر ما اكتفوا باحياء الشعائر السطحية والرمزية، وضيعوا وفوتوا على الامة الآثار الحقيقية لتلك الثورة المباركة ، الزيارة العاشورائية مدرسة للحياة والقيم المتكاملة
،بإمكان أي إنسان موضوعي حيادي وباحث في ثورة عاشوراء ان يجد كل قيم الإنسانية، وكل مفردات الحياة الصالحة الوافرة في هذه الثورة.

الصلاح والاصلاح 
ويقول الباحث الاسلامي السيد جاسم الجزائري: ان احياء منهج الاولياء والصالحين  المتمثل بخط الامام الحسين (ع) يعد احياء للامة ، اليوم نجد الملايين من الذين يشدون الرحال الى جوار أبي عبد الله الحسين(ع)، للافادة من منهج الصلاح والاصلاح  الذي كان عليه الامام الحسين (ع)،  وتصحيح المسار والانحرافات الخطيرة التي  مرت بها هذه الامة، لذلك اعتقد ان الامة الاسلامية اليوم وخصوصا العراق يمر بمنعطف خطير، ووجود تنظيمات تمثل الاسلام بالظاهر وتعكس صورة مشوهة تبحث عنها بعض دول الاستكبار، من اجل خلق ما يسمى (فوبيا الاسلام ) داخل أوروبا واميركا،  لذلك نحن مدعوون اكثر واكثر لابراز منهج الامام الحسين (ع) ، المنهج الوحيد الذي يضمن سلامة هذه الامة والوطن، الذي قال فيه:" إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين. "،هذه جملة من الامور التي يحاول بها البعض ان يثبت انه متأثر بالامام الحسين (ع)، حتى تؤتي هذه الزيارة العظيمة ثمارها من خلال تشخيص الخلل ومحاولة اصلاحه.

ويرى الدكتور الشيخ يوسف الناصري امين عام شورى العلماء
في العراق ان الزيارة الأربعينية  تمثل عنوانا من عناوين الإيمان، كما يصفها الإمام الصادق(ع) في قوله: بان من علامات المؤمن خمسة واحدة منها زيارة الأربعين. حيث يمثل العراق أنموذجا رائعا في احتضان مسيرة عاشوراء ، فلا يوجد دولة في العالم تحتضن مسيرة كهذه. نعلم ان السائرين إلى الإمام الحسين(ع)  هم بلا سلاح شخصي، وهم يسيرون مسالمين لرفع شعار الطاعة والتوحيد، وتلبية نداء أبي الأحرار الحسين (ع)، هذه المواساة الروحانية تغير من سلوك وواقع الإنسان، هذا المسير فيه اصلاح وبناء للذات والنفس وتغيير لواقع الانسان، لذلك نرى العراق الذي يطوق عسكريا، ويقتل ويقطع أبناؤه، ويهجرون من ديارهم، ويحاصر اقتصاديا، ويعادى  اقليميا ودوليا، بقي صابرا حليما معطاء، لان ابناءه يسيرون على نهج الحسين (ع).

راية الحسين 
وعلى صعيد الظروف الصعبة التي يمر بها العراق يقول الدكتور يوسف الناصري: ان الزيارة الأربعينية قضت على كل مشاكل النازحين والجوع والفقر، فمائدة الحسين اتسعت لتحتضن كل الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، نجد مواكب سنة وشيعة وصابئة ومسيح وأيزيدية، هذا هو التحدي الكبير للتكفير ومشاريع الفتنة  والتقسيم ، وبذلك تتساقط القوميات والمذاهب أمام هذه المسيرة المليونية،العراق تحول اليوم الى مهد للحضارات  تحت راية الحسين (ع) وهذه الراية تتسع  لكل الناس شيعة كانوا أم سنة، مسلمين أو غير مسلمين ،عربا
أم كردا ، هذه الراية تتسع لتحتضن كل العالم، ان قدوم أكثر من ثلاثة ملايين زائر أجنبي إلى العراق، لهو دليل على أن العراق وجهة للإنسانية والبشرية، في تحرير الإنسان من عبودية الدنيا وبناء الحرية والديمقراطية، وتحقيق السيادات للشعوب التي حاول بعض الدول الكبرى استغلالها، ولذلك فان حركة التحرير التي قادها الإمام الحسين(ع) ستسقط كل الالاعيب وكل المؤامرات ، لتحقيق انسان عادل سوي يسهم في بناء الدولة العادلة.

أما الأستاذ فالح الموسوي فيعتقد: أن أية دولة من الدول الثرية لو كانت قد تبنت خدمة زوار أبي عبد الله كما فعل العراق من شماله إلى جنوبه لأعلنت إفلاسها، وواجهت مشكلة اقتصادية ضخمة، وفي ظل الأزمات السياسية ووجود( داعش) والمظالم ، وعدم اهتمام كثير من الجهات، نلاحظ ان كل فئات الشعب العراقي شاركت في خدمة هذا المشروع، الذي لم يدعهم إليه احد ولم يحثهم عليه احد، فلم تحركهم سوى إنسانيتهم، وقيمهم، وأخلاقياتهم باتجاه احياء الشعائر، اليوم العالم الإنساني يكرم ويحترم غاندي في الهند، ويكرم مانديلا ، ويتأثر بتضحيات جيفارا ، ويهتم بالثورة الفكرية في فرنسا،  ولكن عندما يمر على سيد الشهداء وريحانة المصطفى وخامس أصحاب الكساء يأخذ الإنسان العبرة من منهج الحسين (ع) ، ويأخذها مدرسة لحياته وإعادة النمط العام الذي يسير على نهج عاشوراء، ويترفع الإنسان عن البعد المذهبي، ويرتقي إلى مصاف الكمال والنقاء والصفاء، التي رسمها الحسين " عليه السلام".

إعداد : هدى العزاوي
https://taghribnews.com/vdcfvvdyxw6deva.kiiw.html
المصدر : الصباح
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز