تاريخ النشر2016 14 August ساعة 11:07
رقم : 241396
بمناسه مولد الامام علي بن موسی الرضا

في رحاب الانوار الرضوية

تنا
لقد كانت شخصية الإمام الرضا عليه السلام ملتقى للفضيلة بجميع أبعادها، فلم تبق صفة شريفة يسمو بها إلا وهي من ذاتياته، ومن نزعاته، فقد وهبه الله كما وهب آباءه العظام كل مكرمة، وحباه بكل شرف وجعله علما لأمة جده، يهتدي به الحائر، ويرشد به الضال وتستنير به العقول.
في رحاب الانوار الرضوية
في الحادي عشر من ذي القعدة عام 148 للهجرة، بشائر متلألئة تهبط إلى الأرض من عوالم الغيب لتمنّ على أهل الأرض بنور مقدس من أنوار الإمامة الإلهية الساطعة يولد الإمام الرؤوف عليّ بن موسى الرضا صلوات الله عليه تجلّياً جديداً للخير والهدى وحقيقة التوحيد، وقائداً ربانياً منقذاً في عواصف التسلّط والهوى والانكفاء، وإماماً أماناً هو الثامن من أئمّة أهل البيت الطاهرين المعصومين مبارك هو يوم مولده، ومباركة للناس هذه الهبة الالهية الكبيرة.

من مكاتيب الإمام الرضا عليه السلام،  لقد أراد الله تبارك وتعالى أن يُفهم العباد ما هي مراضيه، وما هي معاصيه، فخَلَق خلقاً طاهراً معصوماً مؤيَّداً مِن قِبله، به يُعرَف أنّ الله عزّوجلّ رضيَ ... وذلك الخلق همُ الأنبياء، ومِن بعدِهم الأوصياء، عليهم أفضل الصلاة والسلام، فجاءت سيرتهم طاهرةً شريفةً نقيّة، ووردت سُننهم مُرشدةً سنيّة.

وقد خُتمت النبوّات بأشرفها، كما خُتم الأنبياء بأشرفهم، كذلك خُتمت الوصايا بوصيّة رسول الله صَلَّى الله عليه وآله في أهل بيته وخلفائه عليهم أفضل الصلاة والسلام، ففاضت على الناس خيراتهم أجيالاً بعد أجيال، ممّا جادوا به عليهم من الكَلِم الطيّب وغُرر الحكم وأنوار التفسير وعبقات السنن، وردت عنهم في عباداتهم ومعاشراتهم، وأفعالهم وأقوالهم، وأحياناً في كتاباتهم، حيث هي آثار كريمة تقرأها العيون، وتستنير بها العقول والقلوب، وتهتدي بها النفوس والضمائر.

وكان من تلك الآثار الشريفة مكاتيب الإمام الرؤوف عليّ بن موسى الرضا صلوات الله عليه، منها ما كان مبادراتٍ حكيمةً رحيمة، ومنها ما كان أجوبةً سديدة، جعلت المرسَلَ إليهم على البيّنة والمحجّة البيضاء، حيث لا شكّ بعدُ ولا حيرةَ ولا تَردُّد ولا لَبْسَ ولا غموض. وبين أيدينا .

وعن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام إلى ولده أبي جعفر ( الجواد عليه السلام ):
« يا أبا جعفر، بلَغَني أنّ الموالي إذا ركبتَ أخرجوك من الباب الصغير، فإنّما ذلك مِن بخلٍ بهم لئلاّ ينالَ منك أحدٌ خيراً. فأسألك بحقي عليك، لا يكن مدخلك ومخرجك إلاّ من الباب الكبير إذا ركبت، فليكن معك ذهب وفضّة، ثمّ لا يسألك أحدٌ إلاّ أعطيتَه، ومَن سألك من عمومتك أن تَبَرَّه فلا تُعطِه أقلَّ من خمسين ديناراً والكثير إليك، ومَن سألك من عمّاتك فلا تُعطِها أقلَّ من خمسةٍ وعشرين ديناراً والكثير إليك. إنّي أريد أن يرفعك الله، فأنفِقْ ولا تخشَ مِن ذي العرش إقتاراً ».
 وعن أحمد بن محمّد بن عيسى قال: كتب إليه عليّ بن الحسين بن عبدالله يسأله الدعاء في زيادة عمره حتّى يرى ما يُحبّ، فكتب الإمام الرضا عليه السلام إليه في جوابه: « تصير إلى رحمة الله خيرٌ لك ».
فتُوفّي الرجل بالخريميّة.
وعن الحسن بن موسى بن بزيع قال: كان عندي جاريتان حاملتان، فكتبت إلى الرضا عليه السلام أُعْلِمه ذلك، وأسأله أن يَدْعوَ الله تعالى أن يجعل ما في بطونهما ذكَرَين وأن يَهَب لي ذلك. فوقّع عليه السلام: « أفعلُ إن شاء الله تعالى »، ثمّ ابتدأني بكتابٍ مفردٍ نُسختُه:
« بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإيّاك بأحسن عافيةٍ في الدنيا والآخرة برحمته. الأمورُ بيد الله عزّوجلّ يُمضي فيها مقاديره على ما يُحبّ، يُولَد لك غلامٌ وجارية إن شاء الله تعالى، فَسَمِّ الغلام محمّداً والجارية فاطمة على بركة الله تعالى ».
قال: فَوُلد لي غلام وجارية على ما قاله عليه السلام.

 وعن أبي محمّد المصري قال: قَدِم أبو الحسن الرضا عليه السلام فكتبتُ إليه أسأله الإذن في الخروج إلى مصر أتّجِر إليها، فكتب إليّ:
« أقِمْ ما شاء الله ». قال: فأقمتُ سنتين، ثمّ قدم الثالثة فكتبت إليه أستأذنه، فكتب إليّ: « أُخرجْ مباركاً لك، صنع الله لك، فإنّ الأمر يتغيّر ». قال: فخرجتُ فأصبت بها خيراً، ووقع الهرج ببغداد فسَلِمتُ من تلك الفتنة. ( عيون أخبار الرضا عليه السلام ).

وعن ابن محبوب قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام وسألته عن الرجل يُعتق غلاماً صغيراً أو شيخاً كبيراً، أو به زمانةٌ ولا حيلة له، فقال: « مَن أعتق مملوكاً لا حيلة له، فإنّ عليه أن يَعوله حتّى يستغنيَ عنه، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام يفعل إذا أعتق الصغار ومَن لا حيلة له ».

وعن الحسين بن بشّار قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّ لي قرابةً قد خطب إليّ، وفي خُلقه سوء، قال: « لا تُزوِّجْه إن كان سيّئَ الخُلق » ( الكافي 77:2 ).

وكتب رجلٌ إلى الإمام الرضا عليه السلام: جُعِلت فداك، رجلٌ نذر أن يصوم أيّاماً معلومة، فصام بعضَها ثمّ اعتلّ فأفطر، أيبتدئ في صومه أم يحتسب ما مضى؟ فكتب إليه: « يحتسب ما مضى » .

وعن إسماعيل بن سهل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام ( في كتاب ): علِّمْني دعاءً إذا أنا قلتُه كنت معكم في الدنيا والآخرة، فكتب: « أكثِرْ تلاوة: إنّا أنزَلْناه، وأرطِبْ شفتَِيك بالاستغفار » ( بحار الأنوار 284:93 / ح 30 ـ عن: دعوات الراوندي ).

وعشرات.. بل مئات المكاتب التي دوّنتها يراع الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام تشعّ علماً ونوراً وهدىً حَظِيت بها قلوب كانت تحمل ولاية أهل البيت عليهم السلام اعتقاداً بإمامتهم، ومودّةً لهم، واتّباعاً لوصاياهم.. ثمّ تحظى بها كلّ العقول التي تريد أن تستنير بهداهم على مدى الأجيال والأعصار.
https://taghribnews.com/vdceoz8wpjh8exi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز