تاريخ النشر2014 17 September ساعة 11:49
رقم : 169125

في حفل تنصيب الشّيخ عبد اللطيف دريان مفتيًّا للبنان

تنـا – بيروت
اكد رئيس الوزراء اللبناني، تمام سلام أنّ "الجماعات التّكفيريّة الظّلاميّة تستغلّ الجهلة وضعاف النّفوس بإسم الإسلام، وصلت شرورها إلى لبنان".
في حفل تنصيب الشّيخ عبد اللطيف دريان مفتيًّا للبنان
سلام، وفي كلمة له خلال حفل تنصيب مفتي الجمهورية "الشّيخ عبد اللطيف دريان"، قال : لقد عشنا جميعا الهجوم الغادر على بلدة عرسال، وما أسفر عنه من شهداء وخسائر مادّية ومخطوفين من العسكريّين لايزالون في الأسر حتّى اليوم.

واضاف : إسلامنا العظيم، دين المحبة والاعتدال والوسطية والتسامح، يتعرض اليوم لهجمة شرسة من جماعات تكفيرية ظلامية تعيث فسادا في الأرض.. تقتل وتذبح وتشرد الاطفال وتسبي النساء وتدمر المجتمعات عبر تهجير الجماعات الدينية والعرقية، وفرض ممارسات وأنماط عيش في مناطق سيطرتها لا يقرها دين ولا يقبلها عقل.. ونحن نواجه ظاهرة الإرهاب بكلّ ما أوتينا. وقوّاتنا المسلّحة من جيش وقوى أمنيّة تقوم بواجبها في هذا المجال..لكنّ المسؤوليّة الأكبر في محاربة جذور هذا الفكر التّكفيريّ الّذي يعمل للتّغلغل في صفوف الشّباب المسلم، تقع في المقام الأوّل على عاتق دار الفتوى والمؤسّسات الدينيّة.

ولفت رئيس الحكومة اللبنانية إلى أنّ "التّعايش يتعرّض لضربة قاصمة  على أيدي الجماعات الإرهابيّة  عبر تهجير المسيحيّين من أرضهم، وتبرّع بعض الدّول بتأمين أوطان جديدة لهم"؛ داعيًا "المسلمين ـ اللبنانيّين والعرب ـ إلى خوض معركة تثبيت المسيحيّين في أرضهم، والحرص الكامل على وجودهم وفاعليّتهم في لبنان والعالم العربيّ، وعلى تكاملهم وشعورهم بالإنتماء والرّضى، بعيدا عن أيّ شعور بالإحباط، أو الحرمان، أو الخوف على المستقبل".

من جانبه، ألقى المفتي اللبناني العام الشّيخ عبد اللطيف دريان كلمة قال فيها "تقع أمّتنا، وتقع أوطاننا بين الفتنة والمحنة، والفتنة معروفة، وهي تلك النّزاعات الداخلية المتنقّلة الّتي لا تغادر حجرًا ولا بشرًا. أما المحنة فهي تلك الواقعة بين المرء ونفسه، أو في دواخل الأفراد والجماعات، بين العقل والهوى، وبين البصيرة والغضب، وبين الطمع والأخلاق النبيلة..".

وتساءل المفتي دريان "ماذا تسمون حالتنا نحن في لبنان، إن لم تكن قد بلغت حدود الجريمة الأخلاقية؟ لم يتمكن المجلس النيابي اللبناني حتى الآن من الالتئام في جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، مع أن هذا المجلس قد تحول إلى هيئة انتخابيّة وأصبح انتخاب الرّئيس الجديد الذي هو الرّئيس المسيحيّ الوحيد في العالم العربيّ هو واجبه الأوّل. ولا تستطيع حكومتنا الاتّفاق على طريقة أو نهج لإخراج جنودنا من احتجاز المسلحين الذين يبلغ بهم الإجرام أن يذبحوا بعض الجنود المحتجزين كأنما هم نعاج، تاركين أمهات وزوجات ثكالى، وجماعات مبتلاة بالغضب واليأس والأسى والخطأ والانتقام، ولماذا كل هذا؟ لأنه لم يجر الاتفاق على طريقة لحماية حدود الوطن وإعادة الاعتبار للدولة ودورها وسلطتها وهيبتها وعدالتها، وإعادة الاعتبار للانسان في لبنان".

وخاطب مفتي الجمهورية، اللبنانيين بالقول "أيها المسلمون، أيها اللبنانيون، يا شباب لبنان، إنساننا في خطر، وأدياننا في خطر، وأوطاننا في خطر، وماذا يبقى لنا إن هلك الإنسان، وتشوهت الأديان، وضاعت الأوطان؟ إن علينا اليوم وغدا أن نصون ديننا، ونصون إنساننا، برفض الفتنة والاستعلاء على المحنة، ولا حماية للدين والإنسان اليوم إلا بحماية الوطن والدولة".

بدوره، دعا نائب رئيس المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى الشّيخ عبد الأمير قبلان، في كلمة له خلال الاحتفال، الى "الوحدة اللبنانيّة"، قائلا "نطالب بأن نكون عقلاء ومحبين، وننسى الماضي، وننزع السلاح من ايدي الناس ليكون فقط في يد الدولة والجيش. لن نقبل ان يبقى العسكريون مخطوفين أو في الأسر، فعلينا أن نهب هبة واحدة ونذهب الى عرسال، سنّة وشيعة ودروزًا ومسيحيّين لننقذهم".

الى ذلك، تطلّع مطران بيروت للموارنة "بولس مطر"، إلى التّعاون الكامل مع المجلس الإسلاميّ الأعلى ودار الفتوى ونهوض لبنان من كبوته بالعيش المشترك؛ داعيًا لتعزيز التّعاون والتّضامن بين الجميع والسّعي إلى تجنّب الخلافات بالحوار والتّعاون ووضع حدّ للنّزاعات والحروب.

وقال مطر : إننا نتطلع إلى التعاون الكامل مع سماحتكم والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي تترأسون، ودار الفتوى، في خطّ العلاقات الإسلاميّة - المسيحيّة، وشدّ أواصر العيش معًا الّذي ينظّمه الدّستور اللبنانيّ، وينعشه روح الميثاق الوطني، وتجسّده الصّيغة اللبنانيّة الميثاقيّة.

واردف : العيش معا يبدأ أوّلا بين مكوّنات كلّ من العائلة الإسلاميّة والعائلة المسيحيّة الّلتين تتآكلهما انقسامات حادّة في الدّاخل على المستوى السّياسيّ، ويقع ضحيتها لبنان وشعبه ومؤسّساته الدّستوريّة. ثم يتمكّن هذا العيش المشترك من أن يتحقّق على الصعيد الوطنيّ بين المسلمين والمسيحيّين. وعندئذ ينهض لبنان من كبوته الّتي تشوّه هويّته، وتعطّل دوره، وتعود تنجلي ميزة لبنان، وتتواصل رسالته في عالمنا العربي المشرقي، وعلى ضفة المتوسط الشرقية كرائد نهضة، وواحة تلاق وحوار بين الدّيانات والثقافات، وكعنصر فاعل لإحلال العدالة والسلام، ونصرة الحق.

من جانبه، ألقى مفتي الديار المصريّة د.شوقي علام، كلمة تمنّى فيها لمفتي الجمهورية اللبنانية، "التّوفيق والنّجاح والسّداد"؛ مشيرًا إلى أنّ الجماعات الإرهابيّة "تستغل حماس الشّباب وتدفعهم بإسم الجهاد والخلافة الإسلاميّة إلى تدمير أوطاننا وتشويه صورة الإسلام".

واضاف : إننا في عالمنا العربيّ والإسلامي بل والانساني نواجه اخطارا محدقة وتحديات جمة تكاد تعصف بالاخضر واليابس، ومن واجبنا اليوم وواجب الأمّة التّصدي لهذه الاخطار بكل الوسائل الثقافيّة والفكريّة والفقهية، وهي مسؤولية وطنية، لأنّ هذا الخطر لا يطال مذهبًا بعينه أو فئة من المسلمين أو منطقة بعينها، إنما يطال المسلمين والمسيحيّين، والنّاس جميعًا؛ لذلك نحن نعتقد إنّ مواجهة هذا الفكر وكشف زيفه وانحرافه هو من واجب الأمة على امتداد العالم الإسلاميّ.

ولفت مراسلنا من بيروت، ان حفل تنصيب مفتي الجمهورية في لبنان، الشّيخ عبد اللطيف دريان خلفًا للمفتي الشّيخ د.محمد رشيد قباني، حضره اكثر من الف شخصيّة سياسية دينية وفكرية من الداخل والخارج اللبناني. واتفق المشاركون في كلمات لهم بالمناسبة على ضرورة التمسك باللحمة الوطنية والوحدة الاسلامية لتصدي الجماعات التكفيرية التي وجهت اسمها صوب العالم الاسلامي تنفيذا لاجندات غربية صهيونية.
https://taghribnews.com/vdcdxn0fkyt09f6.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز