تاريخ النشر2016 28 February ساعة 10:25
رقم : 223151

فن الخط تجل لثقافة المجتمع الايراني

تنا - خاص
يعتبر فن الخط من اقدم الفنون الاصيلة في ايران ، الذي طوى خلال مسيرة حياته الطويلة مراحل هامة في التغيير و التحول و التطور . و في العقود الاخيره حيث اخذت تتعالي صيحات العودة الي الاصالة ، وجد فن الخط مكانته الحقيقية في المجتمع ، اذ استطاع ان يجد له اساليب مبتكره للنفوذ الي حياة الناس ، سواء من خلال اقترانه بالرسم ، و تجلياته في اعمال الجرافيك ، و في فنون العمارة كالزخارف و كتائب القاشاني و النقوش التقليدية و الحديثة، التي عادت من جديد الي فن العمارة.
فن الخط تجل لثقافة المجتمع الايراني
اعداد منير مسعودي
و من الواضح  ان فن الخط ، بدأ يدخل عالماً جديداً نظراً لاستخداماته المتنوعة ، اعتماداً على وعي الفنان و ذوقه الفني و الابداعي . و في ضوء ذلك بدأنا نشهد اعمالاً فنية غاية  في الروعة و الجمال ، يزينها الحرف برشاقته و سحر بيانه ، مما ساعد في لفت الانظار اليه ، و شجّع هواة  كثيرين خاصة في اوساط  الشباب لإثراء هذه التجربة و ترسيخها.
 
و في هذا الصدد يقول الخطاط  حسن تقي زاده كرماني ، احد الشباب الذين استهواهم  تطور فن الخط و احتلاله المكانة التي تليق به : لا شك في أن فن الخط  يعد أحد اركان الفنون الاسلامية ، و قد شهد خلال مسيرة حياته  مراحل هامة من التطور و الازدهار علي يد فنانين كبار كان معظهم من الايرانيين . و بفضل ابداع انواع و اساليب مبتكره ، استطاع فن الخط ان يواصل تألقه و يزيد من ازدهاره ، ليتخطي غايات ابعد و أوسع من الكتابه ، و ينتج فنانين ابدعوا أنواعاً مختلفه من الخطوط ، كالثلث و النسخ و الريحان و الرقعه و التعليق و النستعليق و غيرها ، ساعدت كثيراً في توسيع دائرة استخداماته .
 
و يضيف الاستاذ تقي زاده كرماني : لا يخفى ان التطور الذي طال فن الرسم ، لا يقود بالضرورة  الي ابداعات مبدئية  و أصيلة ، بل بات الشكل مطروحاً بقوة ، و من الواضح ان الذين يهتمون بالشكل يمتلكون الكثير مما يريدون قوله ، و قد بتنا نشهد اختبار اساليب عديدة في هذا المجال ، اذ راحت تختلط  - على سبيل المثال - اشياء عديده بفن الرسم ، فاحياناً تجد في لوحه فنية  تتناول موضوع فولكلوري ، يتم تزينها بقطعة من الصفيح الصاديء ، او خرقه من قماش قديم ، و نرى الكل يستحسن ذلك و يثني عليه . و هذا يعني أن المفاهيم و القيم باتت  تجد لها معاني و دلالات جديدة ، و ان فن الخط غير مستثنى عن هذه القاعدة .
 
و يوضح  تقي زاده كرماني :  قد لا يتكرر في فن الخط  خطاطون كبار امثال «ميرعماد» في النستعليق ، و «درويش» في الخط الفارسي المسكور ، و «ياقوت مستعصمي» في خط الثلث ، و «احمد التبريزي» في خط النسخ ، بيد أن نوابغ هذا الفن  ابتدعوا اساليب و اشكالاً جديدة ، تستمد اصولها من اسس علمية، و ان تركيبة الالوان و التعارض و الانسجام الذي نجده في اعمال الخطاطين اليوم ، يدل بوضوح على مدى استجابه الخطاط المعاصر و مواكبته  لمتطلبات العصر .
 
وعن طبيعة العلاقة بين الخط و الرسم ؟ يقول الاستاذ كرماني : في تصوري  ان الخط  من اكثر الفنون اقتراباً من الرسم، لأن الاثنين يشتركان معاً في استخدام  القلم للتعبير عن مكنوناتهما .  فالرسام يجسد ما يراه و يشعر به في عالمنا الحسي ، اما بتصويره  ذاتياً  او تركيباً ، ليجد في النهايه مفهوماً جديداً لنتاجه ، فاذا ابدع في عمله يقال له فناً . و لهذا فان المفهوم الفني للخط ، يعني سلامه الحروف و جماليه تراكيبها و وضعها في مستوياتها الخطية الخاصة بها .
 
و حول انطباعه  إزاء حرفية  الخط  هل هو فن أم تقنية ، يوضح تقي زاده : ان مفهوم  الخط ، لا يعني انه فن فحسب ، بل مجموعة فنون تعبّر بصدق عن ثقافة المجتمع  ..  فاذا ما تحرك القلم علي الخشب اعطي فنا طريفاً و دقيقاً يسمي نحتاً..  و عندما يحرك فوق أحجار الزينة يجسد  فناً يسمي نقشاً . و في تحركه على المعادن ينتج فناً نطلق عليه زخرفة و ترصيع . و بشكل عام يمكن القول ان فن الخط  يدين في تطوره  و تكامله و قدسيته الى القرآن الكريم ، الذي شرع بتدوينه و كتابته بالخط الكوفي، و استمرت كتابته حتى يومنا هذا  بخط النسخ و الثلث و انواع الخطوط الاخرى .
 
و عن طبيعة  العلاقة بين  الخط  و التذهيب ، يقول الخطاط المبدع تقي زاده : كما هو واضح  ان فن التذهيب و التشعير من الفنون القديمة الغنية الخالدة التي اشتهرت بها بلادنا ، و تزامنت مرحلة ازدهارها مع دخول الاسلام ايران ، حتى أن استخداماته المتنوعة  في الزخرفة و العمارة و حياكة  السجاد و وسائل الزينة  و اطارات اللوحات ، باتت تشكل جزءاً من معالم مدرسة الفن الايراني الذي اشتهر في العالم . و مما يذكر في هذا الصدد أن فن التذهيب اقترن بفن الخط  منذ القدم ، و كان في الغالب يمثل الارضية البارزة لاعمال الخطاطين .  و بشكل عام تتسم الزخارف و النقوش و الالوان المستخدمة في التذهيب بتنوعها و تبايناتها الكثيرة ، و غالباً ما تمنح اللوحة الخطية انسجاماً و تناسقاً عبر التواءات الخط و انعطافاته . و ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو ان عملية  التذهيب حول الخطوط ، يجب ان تتم ببراعة وبدقه متناهية ، حتي لا يكون التذهيب سبباً في التقليل من القيمة الفنية للخط .  فالخط بلونيه الابيض و الاسواد ، يمتلك من الجمالية ما فيه الكفاية ، و لكن اذا ما اضيف اليه التذهيب ببراعة ، سيزيد من جمال اللوحة المخطوطة و سحرها و جذابيتها .
 
و أخيرا طلبنا من الاستاذ تقي زاده أن يحدثنا عن الجانب المعنوي والقدسية التي تتسم بها الحروف المخطوطة ، فأوضح قائلاً : لا شك ان الخط  يحمل بين طياته نوعاً من القداسة و الشرف الثقافي . فالخط الساحر و الكلام الجميل ، يتطلب فكراً نبيلاً و تفكيراً سليماً ، و لهذا نجد الاعمال الفنية  الخالدة ، اتخذت من  التعاليم الالهية  و كلام العظماء و القديسين -  من مواعظ و حكم و اشعار -  ميداناً  لابداعاتها ، و لا يخفي ان النصوص الخالدة - التي تعد بمثابة عصارة  ثقافة امة و اختزال لتاريخها -  غالباً ما  تتجلي في لوحات مخطوطة و أشكال فنية و كتائب و زخارف و نقوش ، و مثل هذه الاعمال تهدف عموماً الي سوق الاذهان الي القيم الخيّرة ، و ايقاظ الوجدان لابناء المجتمع ، و لذلك توضع في الغالب  في الساحات العامة و امام الانظار لتكون محط الانظار على الدوام . و فضلاً عن هذا كله، يسعى فن الخط الى اشاعة  فن الحياة  ، و سبل الخلود ، و لهذا يكون حريم فن الخط  مفعماً بالمعنويات دائماً.
 
 
https://taghribnews.com/vdcdks0xfyt0xf6.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز