تاريخ النشر2017 7 August ساعة 17:49
رقم : 278356

تحديات الرئيس روحاني

تنا - خاص
الرئيس روحاني يواجه عدة تحديات امنية واقتصادية وسياسية على الصعيد الاقليمي والدولي اهمها تنفيذ الاتفاق النووي وتعزيز علاقاته التجارية مع الغرب وتوثيق العلاقات مع دول الجوار .
تحديات الرئيس روحاني
بقلم : محمد ابراهيم رياضي
الرئيس الايراني الدكتور حسن روحاني ادى يوم السبت اليمين الدستوري ليتصدى رئاسة الجمهورية لولاية ثانية وليواجه عدة تحديات لازال البعض يرثها من دورته الاولى منها على الصعيد الداخلي واخرى على الصعيد الخارجي .

داخليا
فالتحديات التي يواجهها روحاني على الصعيد الداخلي يمكن تلخيصها وتحديدها في الوضع الامني والاقتصادي :

الاقتصادي
مع ان روحاني تمكن في دورته الرئاسية الاولى من تحقيق اكبر انجاز على الصعيد الداخلي والدولي اي الاتفاق النووي مع القوى الكبرى لما لهذا الانجاز من اثار سياسية ايجابية واخراج ايران من العزلة الدولية ، واقتصاديا انفتاح العالم على ايران من جديد ورغبة كبرى الشركات الاوروبية  لدخول السوق الايرانية خاصة في القطاع النفطي ، الى جانب استرداد العشرات المليارات من الدولارات من الارصدة المجمدة ، رغم كل هذا فايران لا زالت تواجه بعض العقوبات خاصة تلك التي تفرضها الولايات المتحدة الامر الذي يؤثر على استثمار الشركات التجارية الشريكة مع امريكا في ايران وفي احسن الاحوال تضطر تلك الشركات من تحديد علاقاتها التجارية مع ايران .

التحدي الاخر في هذا السياق هو ان الولايات المتحدة وبعض الدول الاقليمية وعلى رأسها السعودية تحاول تأجيج العلاقات الايرانية مع دول الجوار خاصة الخليجية تحت ذرائع ومسميات التدخل الايراني في الشؤون العربية ودعمها للجماعات الارهابية ، لتخويف اكثر الدول الغربية من التعامل مع ايران على انها دولة غير مستقرة وتعاني توتر في علاقاتها مع جيرانها وانها تحاول السيطرة على منطقة الشرق الاوسط وتثير الاحتقان الطائفي في دول المنطقة وما شابه ذلك .

وكل هذا الاعلام هدفه الحد من الاستثمارات الاجنبية في ايران ، مع ان روحاني اكد في اكثر من مناسبة واخرها في مراسم تنصيبه كرئيس للجمهورية من قبل قائد الثورة الاسلامية انه سيحاول الاستمرار بطريق التفاوض والانفتاح على الغرب وكذلك الحوارمع دول المنطقة .

التحدي الاخر في المجال الاقتصادي هو التوفيق بين الاقتصاد المقاوم وبين الاستثمارات الخارجية خاصة في مجال تطوير الصناعات النفطية التي تأثرت كثيرا بالعقوبات .

يجدربنا هنا ان نوضح باختصار ان الهدف من الاقتصاد المقاوم الذي طرحه قائد الثورةالاسلامية هو تعزيز الانتاج الوطني في كافة المجالات عن طريق الاعتماد على الطاقات والموارد الداخلية ، اولا للتحرر من النظام الرأسمالي العالمي وثانيا لمواجهة الازمات الاقتصادية طبيعية كانت كالكوارث او متعمدة ومفتعلة كالعقوبات والضغوطات الخارجية .

التحدي الذي يواجهه روحاني هو كيفية التعامل مع الاستثمارات الخارجية الى جانب ضرورة تعزيز الاقتصاد المقاوم بان لا تجعل البلاد اسيرة هذه الاستثمارات وراضخة كل الرضوخ لمطالبها ورغبتها بحيث تستطيع تلك الشركات استغلال استثماراتها للضغط على الحكومة ليس على الصعيد الاقتصادي فقط وانما على الصعيد السياسي وحتى الثقافي ، اي بعبارة اخرى تتحول تلك الشركات الى اذرع الدول الغربية للضغط على الدولة المستوعبة لتلك الاستثمارات ، كما تفعلها في سائر دول العالم الثالث خاصة الدول العربية والدول الافريقية الفقيرة والفاقدة لنظام سياسي مقتدر .

واما الهدف من كل التحديات التي يواجهها الرئيس روحاني على الصعيد الاقتصادي هو عدم تمكنه من انجاز اقتصادي كبير يتمكن من خلاله التغلب على حجم كبير من البطالة والفقر والفساد ويحول ايران الى قدرة اقتصادية اقليمية قوية مما يثير الرعب لمنافسيها خاصة السعودية والولايات المتحدة اللذان يسيعيان الى ان تبقى ايران ضعيفة ومتهالكة على الصعيد الاقتصادي لان انتعاشها اقتصاديا يعني تعزيز دورها الاقليمي من خلال تعاونها وشراكتها الاقتصادية مع دول الجوار خاصة العراق وسوريا ولبنان وتركيا والذي لربما يؤدي الى ايجاد تحالف اقتصادي كبير وقوي سيؤثر بلا شك على بعض التحالفات في المنطقة مثل مجلس التعاون الخليجي .

هذا جانب من تأثير الانتعاش الاقتصادي الايراني والجانب الاخر يتعلق بمحور المقاومة اي ان اقتدار ايران اقتصاديا يعني استمرارها بقوة اكثر من الماضي في دعمها لحركات المقاومة كاحد استراتيجيتها الثابتة ، ولهذا يعمل المثلث الامريكي الاسرائيلي السعودي على زعزعة الامن في ايران والحيلولة دون انتعاش ايران اقتصادياً .

وفي هذه الظروف اي ظروف استمرار العداء الامريكي وحلفائه في المنطقة مع ايران وتأثيره على الانفتاح الغربي في علاقاتهم الاقتصادية مع ايران لابد للرئيس الروحاني اولا ان يستمر في نهجه المعتدل واستراتيجية الحوار والتعامل البناء مع دول الجوار والعالم وعدم الانجرار الى تأزيم علاقته الاقليمية والدولية ، وثانيا تقوية الانتاج الوطني والاعتماد على الطاقات الداخلية وتطوير وتحديث البلد صناعيا وزراعيا .

الامني
التحدي الامني يمكن اختصاره بمحاولات تنظيم داعش الارهابي الاخيرة لزعزة الامن في ايران من خلال اعمال ارهابية هنا وهناك متناسياً خبرة ايران وقدرتها على مواجهة الاعمال الارهابية طوال اربعة عقود من ثورتها ، ولهذا فشلت جميع محاولاتها لاظهار ايران كبلد غير مستقر امنيا كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن وليبيا . هذا الى جانب تحركات بعض العصابات الارهابية التكفيرية شرق البلاد تدعمها حركات تكفيرية ارهابية في باكستان لتشديد الاحتقان الطائفي في المحافظات ذات الاغلبية السنية .

ولكن المهم في هذا المجال هو انه لا يمكن التقليل من شأن التحدي الارهابي الاخير لداعش خاصة وانه مدعوم من دول اقليمية وعلى رأسها السعودية التي اعلنت بصراحة وعلى لسان ولي عهدها الشاب الطائش محمد بن سلمان بانه سيجر الحرب الى داخل ايران ومواقفها المؤيدة والداعمة لمنظمة "منافقي خلق" المعارضة الايرانية الارهابية لاسقاط النظام في ايران .

روحاني والقيادة الايرانية تعلم جيدا ان الهدف من التحديات الامنية ليس فقط امنياً وانما وراءها اهداف سياسية واقتصادية كما ذكرنا وكذلك اجتماعية واذا استمرت ستجر البلاد الى ما هو عليه الان في العراق وسوريا وليبيا ، فالمثلث الامريكي الاسرائيلي السعودي لا يروقه مشاهدة ايران التي تحدت مطالب العدو الامريكي وضغوطاته لكي ترجع الى احضان الغرب مرة اخرى وتخضع الى سياساتها كسائر الدول العربية والاسلامية طوال اربعة عقود الماضية ، مستقرة امنيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا .

والهدف الاخر من التحدي الامني اثارة الاضطرابات الداخلية في ظل المشاكل الاقتصادية وتحسيس الشارع على عجز الحكومة مواجهة ومعالجة الارهاب كما جربوه في العراق لاسقاط الحكومة وايجاد فراغ سياسي يمهد للتدخل الخارجي .
اما الهدف الاخر كما ذكرنا سابقا فهو اقتصادي على المستوى الدولي اي ان زعزعة الامن الداخلي يعني تخوف الشركات الاوروبية من الاستثمار في السوق الايرانية وهروب الشركات المتواجدة ، وهذا يعني ضربة قاصمة للاقتصاد الايراني .

  التحدي الخارجي
حقق رئيس الجمهورية حسن روحاني في ولايته الاولى اكبر انجاز على صعيد العلاقات الدولية وهو الاتفاق النووي بعد مفاوضات صعبة ومعقدة طالت اكثر من 12 عاما مع القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة تخللتها بعض الاحيان تهديدات عسكرية ضد ايرن واقتصادية كان اخرها رزمة عقوبات ظالمة فرضت على ايران عام 2011 م .

هذا الاتفاق الذي لم يكن في حسبان الولايات المتحدة حيث كانت تتوقع تشدد اكثر من الجانب الايراني لكي تحشد الراي العام العالمي وتمهد على اثره عدوان عسكري على ايران بحجة عدم سلمية نشاطها النووي وشكوك بوجود اهداف عسكرية في هذا النشاط ، الامر الذي كانت ترغب اليه السعودية والكيان الصهيوني الذي هدد عدة مرات بالهجوم على المراكز النووية الايرانية ان لم تفعلها الولايات المتحدة وجوبه بتحذير شديد غربي في كل مرة معتبرين الهجوم على ايران عمل جنوني يعرض "اسرائيل" لخطر وجودي .

ولهذا وفي اثناء المفاوضات الماراثونية بين ايران ودول 5+1 حاول كل من النظام السعودي والكيان الصهيوني وبعض المتشددين في الداخل افشال هذه المفاوضات وفرض عزلة دولية على ايران لاضعافها وتحجيم دورها في المنطقة .
فالتحدي الذي يواجهه روحاني هو محاولة الولايات المتحدة في عهد رئيسها الجديد دونالد ترامب عرقلة تنفيذ هذا الاتفاق والحيلولة دون تعزيز العلاقات الاقتصادية بين ايران والغرب عن طريق ايجاد مانع للاستثمارات الاجنبية في ايران و فرض عقوبات جديدة على ايران متذرعة بالتجارب الصاروخية الايرانية على انها انتهاكا للاتفاق النووي ، الاتهام الذي رفضته سائر اطراف هذا الاتفاق .   

اذن لابد هناك اسباب اخرى تختفي وراءها امريكا لعدم التزامها بالاتفاق النووي ومنها كما ذكرنا سابقا ان هذا الاتفاق فتح صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاهم من ذلك الاقتصادية بين ايران والغرب يجعل من ايران في المدى البعيد قوة اقتصادية اقليمية بل عالمية تضاهي بعض القوى الاقتصادية في العالم ، الى جانب مكانتها ودورها الاقليمي المتعاظم والمؤثر في المنطقة .

والسبب الاخر هو ملفات المنطقة اذ الولايات المتحدة تسعى واجابة لرغبة بعض الدول الاقليمية واهمها النظام السعودي الغاء الدور الايراني في هذه الملفات او تحجيمها ، خاصة في ملف سوريا والعراق لان الدور الايراني البارز والمؤثر افشل مخطط المثلث الامريكي الاسرائيلي السعودي في هذين البلدين . ففي سوريا كان الهدف اسقاط النظام وفي العراق كان الهدف هو تقسيم البلد الى ثلاث دويلات مذهبية وعرقية ، وهذا ما صرح به الامريكيين خلال مفاوضاتهم مع الفود الدبلوماسية الايرانية في بداية احتلال العراق .

الرئيس روحاني والقيادة الايرانية تعلم جيدا ان الولايات المتحدة تسعى من خلال فرض العقوبات وانتهاك بعض بنود الاتفاق النووي جر ايران الى فخ الغاء هذا الاتفاق ، ولهذا فقد صرح اكثر من مسؤول ايراني بان ايران لن تقع في الفخ الامريكي ولن تكون هي البادئة في الغاء هذا الاتفاق ولكن هذا لا يعني انها لن تتخذ اجراءات ضد انتهاكات الولايات المتحدة لهذا الاتفاق .

وهذا التقابل بين ايران وامريكا حول هذا الملف يعتبر احدى التحديات المعقدة امام الرئيس روحاني وهل ان هذا العداء المستمر بين البلدين وطريقة التعامل الامريكية مع الاتفاق النووي ،  سيؤثر على علاقات ايران خاصة الاقتصادية منها مع الدول الغربية الراغبة في الاستثمارات في ايران ؟
   
اما على الصعيد الاقليمي فيواجه روحاني العداء السعودي للجمهورية الاسلامية الايرانية منذ ولادتها ولحد الان وسببه الشعبية التي اكتسبتها الجمهورية الاسلامية في المنطقة بل على مستوى العالم الاسلامي بحيث قلل منة مكانة النظام السعودي وحجّم من دورها الاقليمي والاسلامي خاصة بعد فشل مخططاتها ومشاريعها في العراق وسوريا وبروز الدور الايراني المؤثر في هذين البلدين .

التحدي الذي يواجهه روحاني هو محاولة النظام السعودي الى تحشيد كافة الدول العربية ضمن تحالف بقيادتها لمواجهة ايران او ماتسميه هي مواجهة التدخل الايراني في الشؤون العربية بعد فبركتها الازمة اليمنية ، والهدف عزل ايران عن العالم العربي والاسلامي او على اقل تقدير عزلها وتأجيج علاقاتها مع الدول الخليجية بعد ان عجزت في الاطاحة بالاتفاق النووي لفرض عزلة دولية جديدة على ايران .

وواضح ان الهدف من ذلك هو استعادة السعودية مكانتها ودورها الريادي  في المنطقة والعالم العربي بعد ان فقدتها اثر الانتكاسات السياسية والعسكرية التي تحملتها في كل من العراق وسوريا واليمن .

ولهذا فالرئيس روحاني امام تحدي اقليمي تقودها السعودية اضافة الى التحدي الدولي الذي تقودها امريكا ، ولهذا السبب يدعو هو وسلكه الدبلوماسي دائما الى الانفتاح على الغرب ودول المنطقة وحل مشاكلها مع بعض الدول عن طريق الحوار والتفاوض وكذلك تسوية ازمات المنطقة بالخيار التفاوضي والسياسي وترك الخيار العسكري .

فلا بد للرئيس روحاني ان يتعامل مع مجموع هذه التحديات بنهجه المعتدل والعقلاني والمتسامح مع العالم والتأكيد على التعاون الاقليمي البنّاء على الاصعد السياسية والامنية والاقتصادية وتوحيد الجهود لمكافحة خطر الارهاب الديني ، ولكن لا بثمن عزة وكرامة ايران الاسلامية ، معى انه اعلن هو وسائر القادة في ايران ان الجمهورية الاسلامية ستتحدى وتتصدى لكل من يتعدى على كرامة الشعب الايراني وانجازاته وسيادة اراضيه .  
      
    
https://taghribnews.com/vdcamanui49n0e1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز