تاريخ النشر2020 8 August ساعة 23:19
رقم : 471952
الحجّ تتجلى الوحدة بواسع معانيها

الحج موسم تطبيقي و عملي لوحدة الأمة الإسلامية، حيث تذوب الفوارق من لون وجنس ولغة

تنا
الحجّ تتجلى الوحدة بواسع معانيها، وِحْدَةٌ في المشاعر، ووحدةٌ في الشعائر، ووحدةٌ في الهدف، ووحدةٌ في العمل، ووحدةٌ في القول، لا عنصريةَ ولا عصبية لِلَوْنٍ أو جنس أو طبقة، إنّما الجميع مسلمون، بربٍّ واحد يؤمنون، وببيتٍ واحد يطوفون، ولكتاب واحد يقرؤون، ولرسول واحد يتَّبعون، ولأعمال واحدة يؤدون، فلا توجد وحدة أعمق من هذه الوحدة.
الحج موسم تطبيقي و عملي لوحدة الأمة الإسلامية، حيث تذوب الفوارق من لون وجنس ولغة
الطائفون حول الكعبة أن محور الحياة يكمن في العبودية الخاشعة لله، والصلة الدائمة بالله ، و الحج  تذكير للأمة بأن تلغي جميع المحاور والأحوال التي مزقتها، وأن تتخذ المحور والمنهج الإسلامي الإلهي، فهم عندما يطوفون حول الكعبة المشرفة يعلنون هذا المبدأ المهم الذي يجعل محور حياتهم، العبودية الخاشعة لله، والصلة الدائمة بالله.
 
وفي الحج مجال لرسم السياسات العامة للأمة، ومناقشة المشكلات، والإرشاد والتوجيه من خلال الخطب في موسم الحج، كما كان في الخطبة النبوية الجامعة في حجة الوداع.
 
موسم الحج بأنه موسم التطبيق العملي لوحدة الأمة الإسلامية، حيث تذوب الفوارق من لون وجنس ولغة، وتعلن الوحدة في الوجهة والنية، وفي الأقوال والأعمال، وفي الزي والهيئة، وفي الوقوف والحركة، إضافة إلى أنه يحمل في طياته ما يؤدي إلى التقاء وائتلاف النفوس وتقوية الروابط، مع الأمر الأكبر وهو ارتباط الأمة بخالقها، واتباعها لشرعه، وإعلائها للموازين الإسلامية، وإلغائها للمقاييس الأرضية.

الحاج يتأمل كيف أن هذه الأمة تتوحد في شعيرة لم يفرق فيها بين كبير ولا صغير ولا صاحب منصب ولا من هو أدنى منه وكيف أن هؤلاء الناس كلهم وقفوا على صعيد واحد، كلهم جأروا إلى الله تعالى بنداء واحد، ليس فيهم فضل لعربي على أعجمي، ليس هناك فضل لأحمر على أسود، ليس هناك فضل لأمير على غيره أو لوزير على غيره، أو لحاكم على غيره، وإنما الفضل فيه للتقوى، فكلما صدق العبد في نيته ودعوته كلما كان هذا أحرى في أن تستجاب توبته ودعوته.
 
و للحج جانب الاجتماعي والذي يعطي رسالة للأمة: يا أيتها الأمة، كما كنتم مجتمعين بهذا المكان، بلباس واحد وصوت واحد وتقومون بفعل شيء واحد وتصلون مع بعضكم دون النظر إلى أي شيء يحيط بكم، فلماذا لا تكونوا على قلب رجل واحد، العقيدة واحدة ولغة التلبية واحدة والقبلة واحدة والمقدسات واحدة وأركان إسلامنا واحدة وأركان إيماننا واحدة، فلماذا لا تتحدون؟ وكأن الحج رسالة إلى أن تذوب كل الحواجز التي وضعت سواء كانت حواجز حقيقية أو وهمية تلك التي وضعت بين أبناء الأمة ليكونوا جسداً واحداً كما أرادها ربنا "وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".
 
و الحجاج في هذا الموقف الكريم، قلوب جميعهم تهوى بأن تكون في هذه الثلة الملبية، لكن منهم من يوفق ومنهم من لا يوفق لذلك، ووجه الشارع من لم يوفق للحج في هذا العام للقيام بأحكام يشابه الحجيج فيها لعله يخرج من هذه الأيام بأكبر رصيد ممكن، كالعمل الصالح في أيام ذي الحجة، وصيام يوم عرفة وهو متاح لغير الحاج فقط، والتكبير، وإظهار الشعائر، والأضحية، مشيراً إلى أن كل هذه الشعائر نتشبه فيها بالحجاج.. لماذا؟ حتى نحقق معاني في أنفسنا وفي مجتمعاتنا، فنخلص أنفسنا من أمراض القلوب، وهذا ما يجب أن يتجرد منه الحاج خلال حجه أيضا، و على المرء أن يتجرد من الحسد والحقد والبغضاء والنميمة والغيبة والكذب واللعن والقذف والنظر إلى الحرام والاستماع إلى الحرام، و يجب أن نحقق في أنفسنا أيضا تأدية الواجبات للوالدين والأرحام والأقرباء والوالدين والمجتمع المسلم.
 
والحج انتصار للقومیّة الإسلامیّة علی القومیّات الوطنیّة والعنصریّة واللسانیة التي قد یصبح بعض الشعوب الإسلامیّة فریستها تحت ضغط عوامل کثیرة، وهو إظهار لشعار هذه القومیّة، فتتجرد جمیع الشعوب الإسلامیّة عن جمیع ملابسها وأزیائها الإقلیمیّة التي تمیز بعضها عن بعض ویتعصب لها أقوام؛ وتظهر کلها في مظهر واحد یسمّی (الإحرام) في لغة الدین والفقه وفي مصطلح الحج والعمرة، حاسرة رؤوسها ما بین رئیس ومرؤوس، وصغیر وکبیر،وغنيّ وفقیر، وتهتف کلّها في لغة واحدة، ونغمة واحدة،«لبیک اللهمّ لبیک، لبیک لا شریک لک لبیک، إن الحمد والنعمة لک والملک، لا شریک لک» وهکذا تتجلّی القومیّة الإسلامیّة في اللباس والهتاف، وهما من أوضح ما تجلّت فیه قومیّة، وفي وحدة المناسک والغایات التي یقوم بها جمیع الأفراد والشعوب، ویسعی إلیها العرب والعجم، ویلتقي علیها القاضي والداني، فکلّهم یطوفون حول بیت واحد، ویسعون بین غایتین مشترکتین(الصفا والمروة)، وکلّهم یقصدون (منی)،وکلّهم یؤمّون (عرفات) ویقفون في موقف واحد، وکلّهم یبیتون في مبیت واحد،(فإذا أفضتم من عرفات فاذکروا الله عند المشعر الحرام، واذکروه کما هداکم وإن کنتم من قبله لمن الضالین) ویفیضون إفاضة واحدة، (ثم أفیضوا من حیث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحیم) ، وکلهم یقفون أیاماً في «منی» تجمع بینهم أشغال واحدة من نحر وحلق ورمي.
والحج ومناسکه وما یحیط به من ذکریات، وحوادث، وما یتلبّس به الحاج من التجرّد عن المظاهر، وما یأتي به من عمل ونسک ـ من إحرام، ووقوف، وإفاضة، ورجم، وسعي، وطواف ـ تخلید لما اختص به إبراهیم علیه السلام من التوحید ونفي الأسباب، والتوکّل علی الله والتفاني في سبیله، وإیثار لطاعته ومرضاته، وتمرد علی العادات والأعراف، والمعاییر الزائفة والمثل المصطنعة، وتجدید لذلک الإیمان القوي، والحب العمیق، والتضحیة الفائقة، والإیثار الرفیع، والحج ضامن لبقاء هذه المعاني السامیة، وهذه القیم الربانیّة کلها، وبقاء الجامعة الإسلامیّة الإنسانیّة  التي هي فوق القومیّات والعنصریّات والوطنیات المحدودة المصطنعة، ودعوة الناس إلی أن یسیروا علی نهج إبراهیم، ویتشبّعوا بروحه، ویقوموا بدعوته في کلّ عصر وفي  کلّ زمان، «ملّة أبیکم إبراهیم هو سمّاکم المسلمین من قبل وفي هذا لیکون الرسول شهیداً علیکم وتکونوا شهداء علی الناس، فأقیموا الصلاة وآتوا الزکاة واعتصموا بالله هو مولاکم فنعم المولی ونعم النصیر».

والحج تدریب عمليّ للمسلم علی المبادي الإنسانیّة العلیا الّتي جاء بها الإسلام، فقد أراد الإسلام ألا تکون مبادئه وقیمه الإجتماعیّة مجرد شعارات أو نداءات، بل ربطها بعباداته، وشعائره ربطاً وثیقاً، حتّی تخطّ مجراها في حیاته سلوکاً وتطبیقاً.

وقد رأینا في صلاة الجماعة کیف تنمي معاني الأخوة والمساوات والحرِّیة. وهنا في الحج نری معنی المساواة في أجلی صورة وأتمّها.

فالجمیع قد اطرحوا الملابس والأزیاء المزخرفة التي تختلف باختلاف الأقطار، واختلاف الطبقات، واختلاف القدرات، واختلاف الأذواق، ولبسوا جمیعاً ذلک اللباس البسیط ـ الذي هو أشبه ما یکون بأکفان الموتی ـ یلبسه الملک والأمیر، کما یلبسه المسکین والفقیر، وإنّهم لیطوفون بالبیت جمیعاً فلا تفرق بین من یملک القناطیر المقنطرة، ومن لا یملک قوت یومه، ویقفون في عرفات ألوفاً ألوقاً، فلا تحسّ بفقر فقیر، ولا غِنی غَنيٍّ، ولا تحس حین تراهم ثیابهم البیض وفي موقفهم المزدحم العظیم إلا أنّهم أشبه بالناس في ساحة العرض الأکبر، یوم یخرجون من الأجداث إلی ربّهم ینسلون.

وفي الحج نری معنی الوحدة جلیّاً کالشمس؛ وحدة في المشاعر، ووحدة في الشعائر، ووحدة في الهدف، ووحدة في العمل، ووحدة في القول. لا إقلیمیّة ولا عنصریّة، ولا عصبیّة للون أو جنس أو طبقة، إنّما هم جمیعاً مسلمون، بربّ واحد یؤمنون، وببیت واحد یطوفون، ولکتاب واحد یقرأون، ولرسول واحد یتبعون، ولأعمال واحدة یؤدّون، فأي وحدة أعمق من هذه وأبعد غوراً؟
 
 
حين يدعو القرآن الكريم أبناء المجتمعات البشرية على اختلاف انتماءاتهم إلى التعارف بقوله تعالى: ﴿وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا﴾ انما يهدف إلى توفير أرضية التقارب والتعايش فيما بينهم، لأن جهل كل طرف بالآخر، يتيح المجال لسوء الظنون، وللانطباعات والتصورات المغلوطة. «فالناس اعداء ما جهلوا» كما يقول الإمام علی(ع) .
 
 
ويمكن القول بجزم ويقين أن نسبة كبيرة من مشاكل الاختلاف والنزاع بين اتباع المذاهب الإسلامية، ناشئة من التباعد والقطيعة، وعدم معرفة كل طرف للآخر على حقيقته، وعدم الاطلاع على دلائله ومستنداته فی آرائه ومواقفه.
 
 
وقد اصاب الإمام شرف الدين رحمه الله كبد الحقيقة حينما قال: المسلمون إذا تعارفوا تآلفوا.
 
 
وحين يحصل تطلع للوحدة في المجتمع، لا بد من ثقافة جديدة تعالج آثار ثقافة الانقسام، وتواجه مفاعيلها النفسية والسلوكية.
 
لقد كان الصراع والتنافس القبلي في الجزيرة العربية، دافعاً لتربية الأبناء على الفخر والاعتزاز بانتمائهم للقبيلة، وتنمية مشاعر التميّز وأحاسيس الأفضلية على الآخرين، وهذا ما تنضح به قصائد شعرائهم، وخطب زعمائهم.
 
 
وجاء الإسلام ليوحد تلك القبائل، فاهتم بمواجهة تلك الثقافة التمييزية السائدة، باجتثاث جذورها النفسية والفكرية، ومقاومة آثارها السلوكية، حيث أكدت آيات القرآن الكريم، على الأصل الواحد لبني البشر: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾(النساء: 1)، ونسفت كل مبررات التفاضل الزائفة بين الناس، إلا على أساس كسبهم الاختياري للصفات الفاضلة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾(الحجرات: 13) .
 
وشدد رسول الله  في خطاباته وأحاديثه على مبادئ الوحدة بين أبناء المجتمع الإسلامي، وشّن حرباَ ضارية على الأفكار والتصورات الجاهلية، بالتفاخر بالأنساب والأحساب، أو التفاضل بالانتماء القبلي أو العرقي.
 
كقوله : «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية».
وروي عنه : أنه خطب يوم فتح مكة فقال: «أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب: إن الله قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية، والتفاخر بآبائها وعشائرها، أيها الناس إنكم من آدم وآدم من طين، ألا وإن خيركم عند الله وأكرمكم عليه اليوم أتقاكم وأطوعكم له».
 
لا شيء يحقق وحدة المجتمع كالشراكة الفعلية بين أطرافه في البناء واتخاذ القرار وإدارة الأمور، فذلك هو ما يشعر الجميع بمصلحتهم المشتركة في الحفاظ على كيان الوحدة، ورفض ما يمسّ بها، كما يجسد واقع المساواة في الحقوق والواجبات، أما إذا استأثرت بعض الأطراف بذلك، فإن الآخرين سيتملكهم الإحساس بالغبن والظلامة، وسيدفعهم شعورهم بالإقصاء والتهميش إلى القيام بردود فعل ليست في صالح الوحدة واستقرار المجتمع.
 
إن إقصاء أي طرف يحرم المجتمع من فاعليته وعطائه، ويفتح ثغرة في جدار وحدة المجتمع وأمنه.
 
ومن مفاخر الإسلام العظيمة سبقه إلى إقرار مبدأ المشاركة الشعبية، والشراكة الاجتماعية، وفي وقت كانت ترزح فيه المجتمعات البشرية في ظل أنظمة الاستبداد والعنصرية والطبقية البغيضة.
 
كان رسول الله  يمارس الشورى على الصعيد الاجتماعي العام، ليدلي كل مسلم برأيه، كبيراً كان أو صغيراً، من الأحرار أو الموالي، من المهاجرين أو الأنصار، ومن أي قبيلة كان، وحتى العناصر غير العربية أخذت موقعها دون أي تفاوت، بل احتل بعضها موقعاً متميزاً بجدارته كصهيب الرومي وسلمان الفارسي.
 
وفي مجال الوظائف والمهام القيادية، كان رسول الله  يسندها إلى الأكفاء المؤهلين من مختلف القبائل، ولو أُعطي هذا الجانب من السيرة النبوية حقه من الدراسة، لتجلت لنا وللبشرية روعة تعاليم الإسلام، وعظمة القيادة النبوية.
 
إن قائمة أمراء الجيوش والسرايا، وكذلك السفراء المبتعثين للملوك والزعماء، والشخصيات التي عينها الرسول  في مواقع القضاء والمسؤوليات الدينية، هذه القوائم حين نفحصها نرى التنوع في الانتماء القبلي والمناطقي لأشخاصها.
 
وبعض التعيينات كانت تشكل صدمة وإثارة للرأي العام الذي كان يعاني من رواسب الحقبة الجاهلية، لكن رسول الله  كان حازماً في تحقيق مبدأ الشراكة واحترام الكفاءة.
 
ففي يوم فتح مكة أمر رسول الله  بلالاً الحبشي الأسود، الذي كان عبداً يباع ويشترى في مكة، وأوقع به أسياده القرشيون صنوف الإهانة والتنكيل، حتى أغروا صبيانهم وسفهاءهم أن يقتادوه بحبل ليسخروا منه ويؤذوه، هذا الرجل اختاره رسول الله  ليكون أول مؤذن على ظهر الكعبة، مما أثار حفيظة الكثير من القرشيين، حتى قال أحدهم لصاحبه: لقد أكرم الله أبي أن مات وألا يكون سمع هذا!! وكان الحارث بن هشام وصفوان بن أمية قاعدين فقال أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الحبشي!! فقال الآخر: إن يكرهه الله يغيّره.
 
 
النهج الوحدوي الذي اعتمده رسول الله في بناء الأمة، بتركيز الهويّة المشتركة، وهي الإسلام، لتكون فوق سائر الهويّات والانتماءات، والتي لم يتنكر الإسلام لوجودها، كالقبيلة والوطن والقوم، وإنما حارب التوجهات السلبية فيها، وضخّ في المجتمع الجديد ثقافة وحدوية، تعالج آثار المفاصلة القبلية السائدة، وكذلك الحرص على تحقيق الشراكة الاجتماعية بين مختلف الأطراف في البناء واتخاذ القرار وإدارة الأمور.. هذا النهج هو ما يؤدي إلى الوحدة الحقيقية، وهو ما يؤهل المجتمع للرقي الحضاري.
 
وما تنتهجه الآن المجتمعات الغربية المتقدمة، من اعتماد الوطن كهويّة مشتركة، ومن احترام التنوع في مجتمعاتها، وتجريم الطروحات العنصرية، والممارسات التمييزية بين المواطنين، وتحقيق الشراكة والمشاركة عبر النظام الديمقراطي، إنما يمثل إدراكاً لأفضل سبل التقدم والحضارة التي سبق إليها الإسلام بقرون، ومع تلافي الكثير من الثغرات والسلبيات التي تعاني منها الحضارة الغربية.
والمسلمون اليوم هم الأولى بمثل هذا النهج السليم، النابع من تعاليم دينهم، والمنسجم مع تاريخهم وثقافتهم الأصيلة.


اعداد وتدوين
علي اكبربامشاد
 
https://taghribnews.com/vdchmznki23nqwd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز