تاريخ النشر2020 7 April ساعة 11:02
رقم : 457796
على اعتاب الذكرى الـ 40 لاستشهاد الفيلسوف الشهيد آية الله الامام السيد محمد باقر الصدر و أخته العالمة الشهيدة بنت الهدى (س)

الامام الخامنئي يصف الفيلسوف الشهيد الامام السيد باقر الصدر بأنه "مفخرة لنا جميعاً"

تنا-خاص
ونوه سماحة الامام الخامنئي إلى عبارة الشهيد الصدر المعروفة لتلامذته وهي “ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام” بعد مجيء الإمام الخميني (رض) إلى إيران وإنتصار الثورة الإسلامية فيها وأضاف، ان هذا الكلام بحاجة للكثير من المعرفة وإدراك الأوضاع لفهم كنه الثورة الإسلامية. .. لقد أدرك هذا الشخص الثورة وقضايا ومفاهيم الثورة. هذا هو النبوغ أي المعرفة الصائبة للأجواء المحيطة.
الامام الخامنئي يصف الفيلسوف الشهيد الامام السيد باقر الصدر بأنه "مفخرة لنا جميعاً"
وصف قائد الثورة الإسلامية سماحة  الإمام  الخامنئي، المفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر بأنه "مفخرة لنا جميعاً" و "نابغة نادرة حيث إن فكره كان يتحرك أبعد مما يقوم به الآخرون" ، مؤكدا خلال استقبال سماحته لأسرة الشهيد الصدر بتاريخ 9/6/2004 ، أن "استشهاده كان فاجعة ووجّه ضربةً مؤلمةً لنا" ، لأنه كان "عموداً فكرياً حقيقياً للنظام والمجتمع الإسلامي" .
 
وتحدث الإمام الخامنئی خلال اللقاء عن الأبعاد المضیئة لحیاة المرجع الشهید والدور الریادي الكبیر الذی لعبه في یقظة الأمة والعالم الإسلامي لاسیما في العراق، وقال فی بدایة اللقاء: "بدایةً نرحب بكم وببقیة السیدات، لاسیما بناتكم و أبنائكم المحترمین .

نحن أیضاً نفخر بالمرحوم الشهید آیة الله السید محمد باقر الصدر، باعتباره شخصیة علمیة وجهادیة وفكریة لامعة . لقد كان مبعث فخر لنا جمیعاً. ونحن أیضاً نفخر بكم، لأنكم صبرتم تحملتم مشاقاً جسیمة ومعاناة ألیمة وكبیر طوال العشرین عاما الماضیة وأكثر .

فأنتم من عائلة كبیرة، والصبر والكرم والمروءة من سجایا هذه العائلة الكریمة . وقد عشتم ظروفا عصیبة في النجف الاشرف بعد استشهاد المرحوم آیة الله الصد، وقد استشهد أزواج هؤلاء البنات، كما ابتلی كل واحد منكم بشكل من الأشكال .. بید أنكم صبرتم على كل هذا . والحق یقال أن صبركم ثمین وقیّم جداً في أعیننا" .
 
وأضاف الإمام الخامنئي: "أعلموا أنني أدعو لكم وأنا بعید عنكم، وأعلم ما الذي تجرعتموه من محن ومعاناة . كما أسال الله أن یمن بعلو الدرجات على الشهید العزیز السید محمد الصدر، وكذلك على أصهاركم وأبناء الشهید الصدر (رضوان الله تعالى علیهم)" .
 
وأردف قائلا: "إن هؤلاء السیدات اللاتي صبرن في ذلك الجو القمعي المرعب، واستشهد أزواجهن وهن شابات وبقي أطفالهن، لهن عند الله تعالى مكانة عالیة جداً . فالصبر الذي أبدیتموه، له قیمة كبیرة جداً عند الله تعالى . وأسأل الله أن یقر أعینكم بأجره وثوابه في الدنیا والآخرة" .
 
وأضاف الإمام الخامنئی: "لقد قصدت العراق عام 1959 ، والتقیت آنذاك السید محمد باقر الصدر، وقد كان في ریعان شبابه، في حدود الخامسة والعشرین من عمره . ومنذ ذلك الحین كان معروفاً بالعلم والفضل في الأوساط العلمیة . وقد كنت أصغر سناً منه في حینها، فی حدود الثامنة عشرة من عمري .

والحمد لله فإن باقي أفراد عائلتكم أیضاً هم أصحاب مواهب راقیة وجیدة، أمثال المرحوم السید رضا، والسید موسى" .
 
وتابع القول: "في بدایات الثورة، وحینما بلغنا نبأ استشهاد آیة الله الصدر، وجّه لنا هذا الخبر ضربةً مؤلمةً، فقد كان سماحته یشكل عموداً فكریاً وحقیقیاً للنظام والمجتمع الإسلامي . وقد كنا على علمٍ بكتبه وأنشطته البالغة القیمة والأهمیة، حتى قبل الثورة الإسلامية .

وبعد ذلك وحینما انتصرت الثورة وجه الشهید نداءات هامة جداً . ولقد كانت الآمال كبیرة تنعقد على السید الصدر . ولعنة الله على صدام، والحمد لله فأن جذور الصدامیین قد استؤصلت أيضا" .

وأكد الإمام الخامنئي أن المرحوم السید الصدر كان نابغةً بالمعنى الحقیقي للكلمة، ولدینا الكثیر من الشخصیات اللامعة في المجالات الفكریة والإسلامیة والفقه والأصول وباقي الحقول العلمیة، بید أن النوابغ قلیلون جداً، وان السید الصدر كان من النوادر الذین نبغوا نبوغاً حقیقیاً، وكان ذهنه وفكره الوقاد یتحرك أبعد مما یقوم به الآخرون .

 
یذكر أن المرجع الشهید والمفكر الإسلامي الكبیر الإمام محمد باقر الصدر كان قد اعدم وشقیقته العلویة الفاضلة والمربیة الفاضلة الشهید بنت الهدى بقرار جائر أصدره طاغیة  المقبور صدام في 9 نیسان عام 1980 في محاولة منه لوأد الثورة الإسلامية المتصاعدة في العراق والتي استمدت زخما كبیرا ودفعا جدیدا اثر انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقیادة الإمام الخمیني الراحل
.

وبعد انتشار خبر استشهاده عن طريق الإذاعات العالمية أصدر الإمام الخميني ( قدس سره ) حينذاك بياناً تاريخياً ، حيث أعلن فيه عن استشهاد الإمام الصدر ( قدس سره ) وأُخته المظلومة ، و أعلن فيه الحداد العام في كلّ الجمهورية الاسلامية الايرانية.

و اصدر الامام الخميني (قدس سره) بيانا انذاك جاء فيها :
 
بسم الله الرحمن الرحيم‏

 إنا لله وإنا إليه راجعون‏

 مع بالغ الأسف، ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها السيد وزير الخارجية من مصادر متعددة وشخصيات مسؤولة في البلدان الإسلامية، وطبقاً لتقارير توفرت من مصادر أخرى، نال المرحوم آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر وأخته المكرمة المظلومة ـ التي كانت من أساتذة العلم والأخلاق ومفاخر المعرفة والأدب ـ مرتبة الشهادة السامية بطريقة بشعة على يد نظام البعث العراقي المنحط.

الشهادة ميراث اكتسبتها أمثال هذه الشخصيات عن أوليائهم، والجريمة والجور أيضاً ميراث كسبه أمثال هؤلاء الجناة التاريخيين عن أسلافهم الجائرين. ليس من العجيب استشهاد هؤلاء العظماء الذين قضوا عمراً في الجهاد في سبيل أهداف الإسلام، العجيب أن يموت مجاهدو سبيل الحق على الفراش، وأن لا يلطخ الجائرون الظالمون أيديهم الأثيمة بدمائهم.

ليس من العجيب أن ينال المرحوم الصدر وأخته المظلومة الشهادة، إنما العجيب أن تمر الشعوب الإسلامية وخاصة الشعب العراقي النبيل وعشائر دجلة والفرات، والشباب الجامعي الغيور، وسائر الشباب العراقيين الأعزاء بهذه المصائب الكبرى التي تنزل بالإسلام وأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم دون اكتراث، وأن يمنحوا الفرصة لحزب البعث اللعين لقتل مفاخرهم الواحد تلو الآخر ظلماً. والأكثر غرابة أن يتحول الجيش العراقي وباقي القوات المسلحة إلى أداة في يد هؤلاء الجناة ويساعدهم على هدم الإسلام والقرآن الكريم.

إنني يائس من أصحاب الرتب العليا في القوات المسلحة العراقية، لكنني غير يائس من الضباط والمراتب والجنود، فأنا آمل منهم إما أن ينهضوا ببسالة ويقتلعوا أساس الظلم كما حصل في إيران، وإما أن يهربوا من المعسكرات والثكنات ولا يتحملوا عار مظالم حزب البعث. ولست يائساً من العمال والموظفين في الحكومة البعثية الغاصبة وأتمنى أن يتكاتفوا كي يمسحوا وصمة العار هذه عن العراق. وأرجو من الله تعالى أن يطوي صفحة جور هؤلاء المجرمين.

إنني أعلن الحداد العام من يوم الأربعاء الثالث من أرديبهشت لمدة ثلاثة أيام تكريماً لهذه الشخصية العلمية المجاهدة التي كانت من مفاخر الحوزات العلمية ومن مراجع الدين والمفكرين المسلمين، وأعلن يوم الخميس الرابع من أرديبهشت عطلة عامة، وأسأل الله تعالى تعويض هذه الخسارة الكبرى، كما أسأله العزة والعظمة للإسلام والمسلمين، والسلام على عباد الله الصالحين.

 روح الله الموسوي الخميني


       علاقة الفيلسوف الشهيد آية الله الامام السيد محمد باقر الصدر  بالثورة الإسلامية والامام الخميني (س)

 
يقول أحد أهم تلامذة السّيد الشهيد محمد باقر الصدر عن مسيرته المواكبة لانتصار الثورة الإسلامية في إيران: "ركزت السلطة البعثية العملية وأجهزتها الإرهابية مراقبتها ـ بعد انتصار الثورة الإسلامية ـ على الشهيد الامام السيد محمد باقر الصدر وراقبته مراقبة شديدة، وتركّزت الجهود على التعرّف على نوع الصلة بين السيد الشهيد وبين الثورة الإسلامية وقائدها العظيم الإمام الخميني قدّس سرّه.

وعندما رفض الإمام الخميني قدس سره شروط السلطة البعثية التي أرادت فرضها عليه في مقابل البقاء في العراق، قرّر الإمام مغادرة العراق إلى الكويت، وحين علم الشهيد الامام السيد محمد باقر الصدر بقرار الإمام القائد قرّر رضوان الله عليه زيارة الإمام الخميني رغم ما يترتّب على ذلك من آثار وحساسيات أمنية، حيث كانت قوات الأمن الصدامي قد طوّقت منزل السيد الإمام قدّس سرّه، وفي ذلك الوقت تحدّث السيد الشهيد بكلام معناه: إنّ الذهاب إلى منزل الإمام قدس سره في هذه الظروف ضرورة دينية لأنه تأييد ومساندة للإمامالخميني في هذا الظرف الصعب وذهب السّيد الشهيد إلى منزل الإمام قدس سره وجلس مدّة من الزمن، في وقت عزّ فيه من يجروء على التقرب من الزقاق الذي يقع فيه منزل الإمام، فضلاً عن الدخول فيه".

 صفات وأخلاق الشهيد الامام السيد محمد باقر الصدر (رحمة الله عليه)
 
 حبّه وعاطفته :
إنّ من سِمات شخصيته تلك العاطفة الحارّة ، والأحاسيس الصادقة ، والشعور الأبوي تجاه كل
أبناء الأمّة ، فتراهُ تارةً يَلتقيك بوجه طَليق ، تعلوه ابتسامة تُشعرك بحبٍّ كبير ، وحنان عظيم ، حتّى يحسب الزائر أنّ السيّد لا يحب غيره ، وإن تحدّث معه أصغى إليه باهتمام كبير ورعاية كاملة ، وكان سماحته يقول : إذا كنا لا نَسَع الناس بأموالنا ، فلماذا لا نسعهم بأخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا ؟

 شأنه :
لم يكن الشهيد الصدر زاهداً في حطام الدنيا ، لأنّه كان لا يملك شيئاً منها ، أو لأنّه فقد أسباب الرفاهية في حياته ، فصار الزهد خياره القهري ، بل زهد في الدنيا وهي مقبلة عليه ، وزهد في الرفاه وهو في قبضة يمينه ، وكأنّه يقول : يا دنيا ُغِّري غيري ، فقد كان زاهداً في ملبسه ومأكله ، ولم يلبس عباءة يزيد سعرها عن خمسة دنانير آنذاك ، في الوقت الذي كانت تصله أرقى أنواع الملابس والأقمشة ممّن يُحبونه ويودُّونه ، لكنّه كان يأمر بتوزيعها على طلاّبه .

عبادته :

من الجوانب الرائعة في حياة السيّد الصدر هو الجانب العبادي ، ولا يُستغرب إذا قلنا : إنّه كان يهتم في هذا الجانب بالكيف دون الكم ، فكان يقتصر على الواجبات والمهم من المستحبّات ، وكانت السِمَة التي تميَّز تلك العبادات هي الانقطاع الكامل لله تعالى ، والإخلاص والخشوع التامَّين ، فقد كان لا يصلّي ولا يدعو ولا يمارس أمثال هذه العبادات إلاّ إذا حصل له توجّه وانقطاع كاملين .

 صبره وتسامحه :

كان السيّد الصدر أسوة في الصبر ، والتحمّل ، والعفو عند المقدرة ، فقد كان يتلقّى ما يوجّه إليه بصبر تنوء منه الجبال ، وكان يصفح عمَّن أساء إليه بروح محمَّدية .

نبوغه :

كانت علامات النبوغ بادية على وجهه منذ طفولته ، وعلى سبيل المثال نذكر هذه القصّة التي حدثت في بداية الحياة الدراسية للشهيد الصدر : كان السيّد يدرس عند الشيخ محمّد رضا آل ياسين ، وحينما وصل الأستاذ في بحثه إلى مسألة أنَّ الحيوان هل يتنجّس بعين النجس ، ويطهر بزوال العين ، أو لا يتنجس بعين النجس ؟ فذكر الشيخ آل ياسين أنّ الشيخ الأنصاري ذكر في كتاب الطهارة : أنّه توجد ثمرة في الفرق بين القولين تظهر بالتأمّل .

ثمّ أضاف الشيخ آل ياسين : إنّ أستاذنا السيّد إسماعيل الصدر حينما انتهى بحثه إلى هذه المسألة ، طلب من تلاميذه أن يبيِّنوا ثمرة الفرق بين القولين ، ونحن بيَّنا له ثمرة في ذلك ، وأنا أطلب منكم أن تأتوا بالثمرة غداً بعد التفكير والتأمّل ، وفي اليوم التالي حضر السيّد الصدر قبل الآخرين عند أستاذه ، وقال له : إنِّي جئت بثمرة الفرق بين القولين ، فتعجّب الشيخ آل ياسين من ذلك كثيراً ، لأنّه لم يكن يتصوّر أنّ حضور تلميذه إلى الدرس حضوراً اكتسابيا ، وإنّما هو حضور تفنّني . فبيَّن السيّد الصدر ثمرة الفرق بين القولين ، وحينما انتهى من بيانه دُهش الأستاذ من حِدّة ذكاء تلميذه ونبوغه ، وقال له : أعِد بيان الثمرة حينما يحضر بقية الطلاّب ، وحينما حضر الطلاّب سألهم الشيخ : هل جئتم بثمرة ؟ فسكت الجميع ولم يتكلّم أحد منهم ، فقال الأستاذ : إنّ السيّد محمّد باقر قد أتى بها ، وهي غير تلك التي بيَّنَّاها لأُستاذنا السيّد إسماعيل الصدر .
ثمّ بيَّن السيّد الصدر ما توصَّل إليه من ثمرة الفرق بين القولين ، وقد نفذ السيّد بنبوغه هذا إلى صميم القلوب ، بصفته شخصية علمية ، وفكرية بارزة ، وحاز على اعتراف فضلاء وعلماء الحوزة العلمية .
 
مواقفه من النظام الصدامي
 
نذكر منها ما يلي :

 عام ( 1969 م ) وفي إطار عدائها للإسلام ، حاولت زمرة البعث الحاقدة على الإسلام والمسلمين توجيه ضربة قاتلة لمرجعية السيّد محسن الطباطبائي الحكيم ، من خلال توجيه تهمة التجسّس لنجله السيّد مهدي الحكيم ، الذي كان يمثِّل مفصلاً مهمّاً لتحرّك المرجعية ونشاطها ، فكان للسيّد الشهيد الموقف المشرِّف في دعم المرجعية الكبرى من جانب ، وفضح السلطة المجرمة من جانب آخر .
فأخذ ينسِّق مع السيّد الحكيم لإقامة اجتماع جماهيري حاشد ، ويعبِّر عن مستوى تغلغل المرجعية الدينية ، وامتدادها في أوساط الأمّة ، وقوّتها وقدرتها الشعبية ، فحصل الاجتماع في الصحن الشريف لمرقد الإمام علي ( عليه السلام ) ، وكان حاشداً ومهيباً ، ضمَّ كل طبقات المجتمع العراقي وأصنافه ، ولم يقف دعمه عند هذا الحد ، بل سافر إلى لبنان ليقود حملة إعلامية مكثَّفة دفاعاً عن المرجعية ، حيث قام بإلقاء خطاب استنكرَ فيه ما يجري على المرجعية في العراق ، وأصدر كثيراً
من الملصقات الجدارية التي أُلصقت في مواضع مختلفة من العاصمة بيروت .

 صباح اليوم الذي قرَّر الإمام الخميني مغادرة العراق إلى الكويت ، قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران ، قرّر السيّد الصدر الذهاب إلى بيت الإمام لتوديعه ، بالرغم من الرقابة المكثَّفة التي فرضتها سلطات الأمن المجرمة على منزله ، وفي الصباح ذهب لزيارته ، ولكن للأسف كان الإمام قد غادر قبل وصوله بوقت قليل ، والحقيقة أنّه لا يعرف قيمة هذا الموقف وأمثاله إلاَّ الذين عاشوا تلك الأجواء الإرهابية ، التي سادت العراق قبيل وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران .

 بعد حادثة اغتيال الشهيد الشيخ مرتضى المطهّري في إيران على أيدي القوات المناهضة للثورة الإسلامية في إيران ، قرّر السيّد الصدر إقامة مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة ، وذلك لأنّه كان من رجال الثورة ومنظّريها ، وكان من الواجب تكريم هذه الشخصية الكبيرة .

 ومن مواقف الفداء والتضحية ما حدث خلال فترة الحصار والإقامة الجبرية أيّام انتصار الثورة الإسلامية في إيران إجابته على كل البرقيات التي قد أُرسلت له من إيران ، ومنها برقية الإمام الخميني ، علماً أنّ جميع تلك الرسائل والبرقيات لم تصله باليد ، لأنّ النظام الصدامي كان قد احتجزها ، لكن السيّد الشهيد كان يجيب عليها بعد سماعها من إذاعة إيران / القسم العربي .

وكان من حَقِّ السيّد الشهيد أن يعتذر عن الجواب ، فمن هو في وضعه لا يُتوقَّع منه جواباً على برقية ، لكن لم يسمح له إباؤه ، فعبَّر عن دعمه المطلق ، وتأييده اللامحدود للإمام الراحل ، والثورة الإسلامية الفتية المباركة ، مسجّلاً بذلك موقفاً خالداً في صفحات التضحية والفداء في تاريخنا المعاصر .

 تصدّى السيّد الشهيد إلى الإفتاء بحرمة الانتماء لحزب البعث حتّى لو كان الانتماء صورياً ، وأعلن ذلك على رؤوس الأشهاد ، فكان هو المرجع الوحيد الذي أفتى بذلك ، وحزب البعث في أَوْج قوّته ، وكان ذلك جزءً من العلَّة وأحد الأسباب التي أدّت إلى استشهاده .

 
 اعتقاله واستشهاده

إن كل من عاش وعاصر  الشهيد الامام السيدمحمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) يستطيع أن يدرك بسهولة أن التضحية حالة متجذرة في أعماق روحه الزكية بعد أن روى شجرة الإسلام بدمه الطاهر وسجل أبهى صور التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض، ومقارعة زمرة البعث العفن وعصابات الجريمة والقتل الجماعي في عراق المقدسات .

و هنا نذكر بعضا من بيانه الثالث حيث يقول : (وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حين دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعاً وعن العقيدة التي تضمهم جميعاً، ولم أعش بفكري وكياني إلا للإسلام طريق الخلاص وهدف الجميع . فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، أنا معكما بقدر ما أنتم مع الإسلام وبقدر ما تحملون من هذا المشعل العظيم لإنقاذ العراق من كابوس التسلط والذل والإضطهاد).

كما ورد في أطراف البيان الثالث:(يا أخوتي يا أبنائي من أبناء الموصل والبصرة من أبناء بغداد وكربلاء والنجف من أبناء سامراء والكاظمية من أبناء العمارة والكوت والسلمانية من أبناء العراق في كل مكان، إني أعاهدكم بأني لكم جميعاً ومن أجلكم جميعاً وأنكم جميعاً هدفي في الحاضر والمستقبل، فلتتوحد كلمتكم ولتتلاحم صفوفكم تحت راية الإسلام ومن أجل إنقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلطة، وبناء عراق حر كريم تغمره عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان، ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم أخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالتنا الإسلامية وفجر تاريخنا العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

وبعد أن أمضى السيّد الشهيد الصدر عشرة أشهر في الإقامة الجبرية ، تمَّ اعتقاله في التاسع عشر من جمادى الأوّل 1400 هـ . و بعد ثلاثة أيام من الإعتقال والتعذيب الشديد تم إعدامه مع أخته العلوية الطاهرة بنت الهدى وكان عمره الشريف 47 سنة .

وفي مساء يوم 9/4/1980 / 23 جمادى الأوّل 1400 هـ ، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً ، قطعت السلطة البعثية الصدامية التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف ، وفي ظلام الليل الدامس تسلَّلت مجموعة من قوَّات الأمن إلى دار الشهيدالسيّد محمّد الصدر ، وطلبوا منه الحضور معهم إلى بناية محافظة مدينة النجف الأشرف ، فكان بانتظاره هناك المجرم مدير أمن مدينة النجف الأشرف ، فقال له : هذه جنازة الصدر وأخته ، قد تمَّ إعدامهما ، وطلب منه أن يذهب معهم لدفنهما ، فأمرَ مدير الأمن الجلاوزة بفتح التابوت ، فشاهد السيّد الصدر ( قدس سره ) ، مضرَّجاً بدمائه ، آثار التعذيب على كل مكان من وجهه ، ، وتم دفنهما مضرجين بدماء الشهادة الطاهرة و علامات التعذيب واضحة على الجسدين الشريفين في مقبرة وادي السلام المجاورة للمرقد الشريف للإمام علي (ع) بمدينة النجف الأشرف .

لقد جاهد الفيلسوف الامام السيد محمد باقر الصدر حتى نال وسام الشهادة الرفيع على نهج أجداده الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

فسلام عليك يا أبا جعفر يوم ولدت وسلام عليك يوم استشهدت وسلام عليك يوم تبعث حياً و أسكنك الله جنانه في أعلى علين مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .



اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد

 
https://taghribnews.com/vdchwqnk-23nmqd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز