تاريخ النشر2019 17 March ساعة 20:35
رقم : 409527
الامام محمد الجواد فرع رسالی من فروع المحمدیة الخاتمة

شذرات من حیاة الامام الجواد علیه السلام

تنا
غصن ندی من تلک الشجرة المبارکة الطیبة.. التی تؤتی أکلها کل حین بإذن ربها.. فرع طیب من أصل طیب.. طابوا وطهروا من کل دنس ورجس وعیب - وحاشاهم العیب - فهم أصل الطیب فی هذا الوجود الرحیب..
شذرات من حیاة الامام الجواد علیه السلام
الامام محمد الجواد فرع رسالی من فروع المحمدیة الخاتمة.. والتی شاءت الأقدار أن یکونوا اثنی عشر فرعاً مبارکاً.. بتقدیر وتعیین من خلق الأکوان، مغیر الألوان مبدل الأحوال، الله ذی الجلال.

فی ذلک البیت الذی ملؤه العزة والإباء.. والشوق للأبناء.. فی بیت الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام) الذی انتظر هذا المولود المبارک طوال خمس وخمسین سنة من عمره الشریف، کانت ولادة هذا النجم اللامع.. إمام الشباب.. فی مدینة الرسول (صلى الله علیه وآله) المنورة عاصمة الإسلام الأولى.. برق نور محیاه الساطع..

وکانت ولادته (علیه السلام) فی یوم الجمعة العاشر من شهر رجب المرجب من العام 195هـ. فتلقى الإمام الرضا (علیه السلام) ولیده المبارک وهو یعلم ما شأنه ومکانته عند الله.. وعنده، فهو الخلیفة والوصی وإمام الأمة من بعده.

فتلقاه بیدیه المبارکتین فأذّن فی أذنه الیمنى وأقام فی الیسرى وأعاذه بالمعوذتین من الشیطان اللعین الرجیم.. وعظمه بالصمدیة الشریفة.. وراح ینظر إلیه بحب وودّ وأخلاق الأنبیاء.. وکأنه یقرأ الغیب ویقول: ماذا سیحل بک یا بنی؟! وما أعظم مهمتک؟!


الامام محمد بن علی الرضا بن موسى الکاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علی زین العابدین بن الحسین الشهید بن علی بن ابی طالب صلوات الله و سلامه علیهم أجمعین.

کنیته:
أبو جعفر ( الثانی) والامام محمد الباقر سلام الله علیه هو أبو جعفر الاول .

ألقابه الکریمة:
الجواد، التقی ، الزکی ، المتوکل، القانع، العالِم، المختار، المرتضى، الرضی و باب المراد. وقد عُرف سلام الله علیه بهذا اللقب عند عامّة المسلمین التی آمنت بأنه باب من أبواب الرحمة الالهیة التی یلجأ الیها الملهوفون و ذوو الحاجة لدفع ما ألمّ بهم من مکاره الدهر و فجائع الایام .

اُمُّه:
هی السیدة (سبیکة) و سمّاها الامام الرضا سلام الله علیه (خیزران) ، و کانت من أهل النوبة من قوم ماریة القبطیة ام ابراهیم زوجة رسول الله صلى الله علیه و آله، وکانت من سیّدات نساء المسلمین عفّة و طهارة . وجاء ذکرها فی قول الرسول الاعظم صلى الله علیه و آله: « بأبی ابن خیرة الإماء النوبیة الطیبة المنتجبة».

ویکفیها فخراً و شرفاً أنها ولدت علماً من أعلام العقیدة الاسلامیة، و إماماً من أئمة الهدى و التقى سلام الله علیهم أجمعین.

ولادته سلام الله علیه:
ولد الامام الجواد سلام الله علیه فی العاشر من شهر رجب الأصب عام 195 هجریة. وعندما ولد سلام الله علیه قال أبوه الامام الرضا سلام الله علیه:« قد وُلِدَ لی شبیه موسى بن عمران، فالق البحار، وشبیه عیسى بن مریم ، قُدِّست اُمُّ ولدته، قد خُلقت طاهرة مطهّرة‌»

فقد کان الإمام محمد الجواد (علیه السلام) نحیل الجسم، قوی العصب.. وأثر الوراثة من أمه (خیزران) التی هی من أهل وادی النیل (بمصر) واضح علیه.. لأنه کان أسمر شدید السمرة.. آدم. إلا أنه (علیه السلام) کان طلق المحیا.. باسم الثغر، نور النبوة والولایة یلمع بین عینیه، وسیماء الرسالة تنبئ عنه أنه من أولاد الأنبیاء..
فما من أحد رآه إلا أجله وعظمه، کائناً من کان، لأن هیبته من الله عز وجل ولیس من موقع سیاسی أو اجتماعی أو غیر ذلک.. فإن العزیز من اعتز بالله فأعزه الله والجلیل من کان جلاله من ذی الجلال والإکرام والفضل والأنعام تبارک الله.

وهکذا راح ینمو الإمام محمد الجواد (علیه السلام) وتحوطه رعایتان.

رعایة ربانیة وفیوض رحمانیة. لأن الله سیوکل إلیه دوراً عما قریباً وما زال حدث السن طری الزند.. وأی دور أعظم من قیادة الأمة الإسلامیة کلها إلى النور فیکون إماماً مفترض الطاعة.
ورعایة بشریة إمامیة أبویة. وهی رعایة الوالد العظیم الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام) وأکرم به وأنعم. من أب ومعلم لهذا الفتى المبارک.

وفی ظل تلک الرعایة المکثفة درج الإمام الجواد (علیه السلام) . وأبوه الإمام الرضا (علیه السلام) یعلمه کل فضیلة، ویلقنه کل علم یحتاجه. أو تحتاجه الأمة الإسلامیة. ویؤدبه بآداب جده رسول الله (صلى الله علیه وآله) الذی أدبه ربه فأحسن تأدیبه. وذلک لأنه من الأئمة المعصومین (علیهم السلام).


من فضائل الامام الجواد سلام الله علیه

کان الامام الجواد سلام الله علیه من أروع صور الفضیلة و الکمال فی الارض، فلم یر الناس فی عصره من یضارعه فی علمه و تقواه و ورعه، وشدّة تحرّجه فی الدین، فقد کان نسخة لاثانی لها فی فضائله و مآثره التی هی السرّ فی إمامته . وعجبت الأمة الإسلامیة بالإمام الجواد سلام الله علیه، فقد هالتها مواهبه، وملکاته العلمیة التی لا تحدّ، ومما جاء فی سعة علم الإمام الجواد سلام الله علیها ما رواه الکلینی فی الکافی أن قوماً سألوا أبا جعفر الجواد سلام الله علیه عن ثلاثین ألف مسألة فأجاب عنها.

    کرمه

کان الامام الجواد سلام الله علیه أندى الناس کفّاً وأکثرهم سخاءً، وقد لقُّب بالجواد لکثرة کرمه ومعروفه وإحسانه إلى الناس. فقد روی أن أحمد بن حدید قد خرج مع جماعة من أصحابه إلى الحج، فهجم علیهم جماعة من السرّاق ونهبوا ما عندهم من أموال ومتاع، ولما انتهوا إلى یثرب انطلق أحمد إلى الإمام الجواد وأخبره بما جرى علیهم فأمر سلام الله علیه له بکسوة وأعطاه دنانیر لیفرقها على جماعته، وکانت بقدر ما نهب منهم.

مواساته للناس

لقد شارک الناس فی البأساء والضرّاء، وواساهم سلام الله علیه فی فجائعهم ومحنهم، ومدّ ید المعونة إلى فقرائهم، وضعفائهم، وهذا البرّ والإحسان احتلّ القلوب والعواطف وأخلص له الناس وأحبّوه کأعظم ما یکون الإخلاص والحبّ.

ومن مواساته للناس أن رجلاً من مواليه کتب إلیه یشکو ما ألمّ به من الحزن والأسى لفقد ولده، فأجابه الإمام سلام الله علیه برسالة تعزیة جاء فیها:
«أما علمت أن الله عز وجل یختار من مال المؤمن، ومن ولده أنفسه لیؤجره على ذلک...».

فی دعوته سلام الله علیه الى الإلتزام بأخلاق الإسلام

دخل رجل على الإمام الجواد سلام الله علیه وکان مسروراً فقال له الإمام: مالی أراک مسروراً؟ قال: یابن رسول الله سمعت أباک یقول أحقّ یوم بأن یسر العبد فیه یوم یرزقه الله صدقات ومبرات وسد خلات من أخوان له مؤمنین فإنه قصدنی الیوم عشرة من إخوانی  الفقراء لهم عیالات، قصدونی من بلد کذا وکذا فأعطیت کل واحد منهم، فلهذا سروری.

فقال الامام محمد بن علی سلام الله علیه: لعمری انک حقیق بأن تسرّ إن لم تکن أحبطته أو لم تحبطه فیما بعد. فقال الرجل: وکیف أحبطته وأنا من مواليكم الخلّص؟ قال: هاه قد أبطلت برّک بإخوانک وصدقاتک. قال: وکیف ذاک یابن رسول الله؟ قال له الامام محمد بن علی سلام الله علیه: أقرء قول الله عزّ وجل: «یا أیها الذین آمنوا لا تبطلوا صدقاتکم بالمن والأذى». قال الرجل: یابن رسول الله ما مننت على القوم الذین تصدقت علیهم ولا آذیتهم.

قال له الامام محمد الجواد علیه سلام الله علیه: أن الله عز وجل إنما قال: «لا تبطلوا صدقاتکم بالمنّ والأذى» ولم یقل لا تبطلوا بالمنّ على من تتصدقون علیه وبالاذى لمن تتصدقون علیه وهو کلّ أذى، افترى أذاک للقوم الذین تصدّقت علیهم أعظم أم أذاک لحفظتک وملائکة الله المرقبین حوالیک أم أذاک لنا؟ فقال الرجل: بل هذا یابن رسول الله. فقال: فقد آذیتنی وآذیتهم، وأبطلت صدقتک.

 قال الله تعالى فیه: «وجاء من أقصى المدینة رجل یسعى» وسلمان وأبوذر والمقداد وعمار، أسوّیت نفسک بهؤلاء؟ أما آذیت بهذا الملائکة وآذیتنا؟ فقال الرجل: أستغفر الله وأتوب إلیه. فکیف أقول؟ قال: قل أنا من موالیکم ومحبیکم ومعادی أعدائکم وموالی أولیائکم.
فقال: کذلک أقول وکذلک أنا یابن رسول الله، وقد تبت من القول الذی أنکرته، وأنکرته الملائکة فما أنکرتم ذلک إلا لإنکار الله عز وجل. فقال الامام محمد بن علی بن موسى الرضا سلام الله علیهم: الآن قد عادت إلیک مثوبات صدقاتک، وزال عنها الاحباط.

من کلماته سلام الله علیه

«إن من وثق بالله أراه السرور، ومن توکّل على الله کفاه الأمور، والثقة بالله حصن لا یتحصن فیه إلا المؤمن، والتوکل على الله نجاة من کل سوء، وحرز من کل عدو...».

العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم.

الجمال في اللسان، والكمال في العقل.

إظهار الشيء قبل أن يستحكم مفسدة له.

من شهد أمراً فكرهه كان كمن غاب عنه. ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده.

«من استغنى بالله افتقر الناس إلیه، ومن اتقى الله أحبّه الناس».

«القصد إلى الله تعالى بأعماق القلوب أبلغ من أتعاب الجوارح..».

«ما عظمت نِعَم الله على أحد إلا عظمت إلیه حوائج الناس، فمن لم یحتمل تلک المؤنة عرّض تلک النعمة للزوال».

«ثلاثة من کنّ فیه لم یندم: ترک العجلة، والمشورة، والتوکل على الله تعالى عند العزیمة».

«توسَّد الصبر، واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنّک لن تخلو من عین الله، فانظر کیف تکون».

«التفقّه ثمن لکل غال، وسُلّم إلى کلّ عال».

«المؤمن یحتاج إلى توفیق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممن ینصحه».



وهناك أقوال كثيرة في حق الامام محمد الجواد (ع) في مصادر الفريقين منها:

محمد ابن طلحة الشافعي: وإن كان صغير السن فهو كبير القدر رفيع الذكر ..

سبط ابن الجوزي الحنفي: كان على منهاج أبيه في العلم والتقى والزهد والجود ..

ابن حجر العسقلاني: بلغ في العلم والحكمة والحلم ما برز به على جميع العلماء ..

الجاحظ: عالم زاهد عابد شجاع جواد طاهر مطهر ..

شمس الدين الذهبي: كان من سروات آل بيت النبي وكان أحد الموصوفين بالسخاء فلذلك لقب  بالجواد ...

يوسف إسماعيل النبهاني: أحد أكابر الأئمة ومصابيح الأمة من ساداتنا أهل البيت

محمد وهيب البغدادي: هو الوارث لأبيه علماً وفضلاً وأجلّ أخوته قدراً وكمالاً

خير الدين الزركلي: كان رفيع القدر كأسلافه

الذهبي :
قال الذهبي : « كان محمد يلقّب بالجواد ، وبالقانع ، والمرتضى ، وكان من سروات آل بيت النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم .. وكان أحد الموصوفين بالسخاء فلذلك لقّب بالجواد .. » .

 ابن تيميّة :

قال ابن تيمية : « محمد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم ، وهو معروف بالسخاء ، ولهذا سمّي بالجواد » .

الصفدي :

قال الصفدي : « كان محمد يلقّب بالجواد ، وبالقانع ، وبالمرتضى ، وكان من سروات آل بيت النبوة .. وكان من الموصوفين بالسخاء ، ولذلك لقّب بالجواد .. » .

 ابن الجوزي :
قال السبط بن الجوزي : « محمد الجواد كان على منهاج أبيه في العلم والتقى والجود » .

 محمود بن وهيب :
قال الشيخ محمود بن وهيب : « محمد الجواد هو الوارث لأبيه علماً وفضلاً وأجلّ اخوته قدراً وكمالاً .. »

كمال الدين :
قال الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة : « أما مناقب أبي جعفر الجواد فما اتّسعت حلبات مجالها ، ولا امتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها فقلّ في الدنيا مقامه ، وعجّل القدوم عليه كزيارة حمامه فلم تطل بها مدّته ولا امتدّت فيها أيامه » .

وأحيط الإمام الجواد منذ نعومة أظفاره بهالة من التكريم والتعظيم من قبل الأخيار والمتحرّجين في دينهم فقد اعتقدوا أنّه من أوصياء رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم الذي فرض الله مودّتهم على جميع المسلمين ، وقد ذكر الرواة أنّ علي بن جعفر الفقيه الكبير ، وشقيق الإمام موسى بن جعفر ، وأحد أعلام الأسرة العلوية في عصره ، كان ممّن يقدّس الإمام الجواد عليه‌ السلام ويعترف له بالفضل والإمامة ، فقد روى محمد بن الحسن بن عمارة قال : كنت عند عليّ بن جعفر جالساً بالمدينة وكنت أقمت عنده سنتين أكتب ما سمع من أخيه ـ يعني الإمام أبا الحسن موسى ـ إذ دخل أبو جعفر محمد بن عليّ الرضا عليه‌السلام مسجد رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبّل يده وعظّمه ، والتفت إليه الإمام الجواد قائلاً :
« اجلس يا عمّ رحمك الله .. ».
وانحنى عليّ بن جعفر بكل خضوع قائلاً :
« يا سيدي ، كيف أجلس وأنت قائم .. ؟ ».
وانصرف الإمام الجواد عليه‌ السلام ورجع عليّ بن جعفر إلى أصحابه .

إشادة الإمام الرضا بالجواد :
وكان الإمام الرضا عليه‌ السلام يشيد دوماً بولده الإمام الجواد ، ويدلّل على فضله ومواهبه وقد بعث الفضل بن سهل إلى محمد بن أبي عباد كاتب الإمام الرضا عليه‌ السلام يسأله عن مدى علاقة الإمام الرضا عليه‌ السلام بولده الجواد عليه‌ السلام ، فأجابه : ما كان الرضا يذكر محمداً إلا بكنيته ، يقول : كتب لي أبو جعفر ، وكنت أكتب إلى أبي جعفر عليه‌ السلام وكان آنذاك بالمدينة ، وهو صبي ، وكانت كتب أبي جعفر ترد إلى أبيه وهي في منتهى البلاغة والفصاحة .
وحدّث الرواة عن مدى تعظيم الإمام الرضا لولده الجواد ، فقالوا : إنّ عباد بن إسماعيل ، وابن أسباط كانا عند الإمام الرضا بمنى إذ جيء بأبي جعفر فقالا له :
« هذا المولود المبارك .. ؟ ».
فاستبشر الإمام وقال :
« نعم هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام أعظم بركة منه .. » انذاك .
وهناك طائفة كثيرة من الأخبار قد أثرت عن الإمام الرضا عليه‌السلام ، وهي تشيد بفضائل الإمام الجواد عليه‌ السلام وتدلّل على عظيم مواهبه وملكاته.


اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد


 
https://taghribnews.com/vdcgxy9tuak9zn4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز