>> الامام علي الهادي شمس من شموس آل محمد | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2019 10 March ساعة 11:24
رقم : 407707
في ذكرى استشهاد الامام علي الهادي (ع)

الامام علي الهادي شمس من شموس آل محمد

تنا
لم تعرف الانسانية – في جميع ادوارها – نسبا اجل ولا اسمى من هذا النسب الذي اضاء سماء الدني، شمس من شموس العلم وآية من آيات الخلُق العظيم، علم من أعلام الهدية وركن من أركان الدين، سليل الدوحة المحمدية وأمام مفترض الطاعة، قمر زاهر ومعجزة ربانية حيرت العقول وملكت القلوب، ذلك هو الإمام علي الهادي بن محمد الجواد عليهما السلام.
الامام علي الهادي شمس من شموس آل محمد
الامام علي الهادي (ع) سيد من سليل الدوحة النبويّة المباركة  : « إنّ الله تعالى علم منّا أنّا لا نلجأ في المهمّات إلاّ إليه ، ولا نتوكّل في الملمّات إلاّ عليه ، وعوّدنا إذا سألناه الإجابة ، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا ». ولقد قال عزّ وجلّ : ( وابتغوا إليه الوسيلة ).

سيّدي إنّكم والله الوسيلة التي تأخذ بنا إلى مظانّ الإجابة إذا سألناه تعالى منيبين. أعماقٌ تشرق بأحاسيس الولاء لآل العصمة والطهارة عليهم السلام ومصائب عزاء بشهادة الإمام عليّ الهادي عليه السلام.

الامام علي الهادي (ع) فرع زاك من شجرة النبوة ، وغصن مشرق من دوحة الامامة ، اعز الله به وبأبائه الإسلام ، ورفع بهم كلمت التوحيد وقبل التحدث عن معالم شخصيتة العظيمة نشير الى الاصول كريمة التي تفرع منها :فالاب هو الامام محمد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو ارفع نسب في الإسلام .

         

                           السيرة الذاتية للامام علي الهادي (ع)

هو أبو الحسن علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب(عليهم‌ السلام) وهو العاشر من أئمة أهل البيت(عليهم‌ السلام) و أُمّه أُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية وعُرفت بأُمّ الفضل .
 
وُلد(عليه‌ السلام) للنصف من ذي الحجّة أو ثاني رجب سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين ، وكانت ولادته(عليه‌ السلام) في قرية ( صريا ) التي تبعد عن المدينة ثلاثة أميال .
 
يُكنّى الإمام(عليه‌ السلام) بأبي الحسن ، وتمييزاً له عن الإمامين الكاظم والرضا(عليهما‌ السلام) يقال له أبو الحسن الثالث .
 
أمّا ألقابه فهي : الهادي والنقيّ وهما أشهر ألقابه ، والمرتضى ، والفتّاح ، والناصح .
 
وفي المناقب ذكر الألقاب التالية : النجيب ، الهادي ، المرتضى ، النقي ، العالم ، الفقيه ، الأمين ، المؤتَمن ، الطيّب ، العسكري ، وقد عرف هو وابنه بالعسكريين(عليهما‌ السلام) .
 
الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه‌ السلام) هو عاشر أئمة أهل البيت(عليهم‌ السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .

                     
فمعدنه هو معدن الرسالة والنبوّة وهو فرع هذا البيت النبوي الطاهر الذي جسّد للإنسانية خطّ محمد خاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله وسلم) وجمع كل المكارم والمآثر الزاخرة بالعطاء والهداية الربّانية مؤثراً رضا الله تعالى على كل شيء في الحياة .
 
ولد الإمام الهادي علي بن محمد(عليهما‌ السلام) محاطاً بالعناية الإلهية ، فأبوه هو الإمام المعصوم والمسدَّد من الله محمّد الجواد(عليه‌ السلام) وأُمّه الطاهرة التقيّة سمانة المغربية ، ونشأ على مائدة القرآن المجيد وخلق النبي العظيم المتجسّد في أبيه الكريم خير تجسيد .
 
لقد بدت عليه آيات الذكاء الخارق والنبوغ المبكّر الذي كان ينبئ عن الرعاية الإلهية التي خُصّ بها هذا الإمام العظيم منذ نعومة أظفاره ،وقد تقلّد منصب الإمامة الإلهي بعد أبيه في الثامنة من عمره الشريف فكان مثالاً آخر للإمامة المبكّرة التي أصبحت أوضح دليل على حقّانية خط أهل البيت الرسالي في دعوى الوصيّة والزعامة الدينية والدنيوية للأمة الإسلامية خلافة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ونيابة عنه في كل مناصبه القيادية والرسالية .
 
وتنقسم حياة هذا الإمام العظيم إلى حقبتين متميّزتين : أمضى الأولى منهما مع أبيه الجواد(عليه‌ السلام) وهي أقلّ من عقد واحد بينما أمضى الثانية وهي تزيد عن ثلاثة عقود  عاصر خلالها ستّة من ملوك الدولة العبّاسية وهم : المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتز ، واستشهد في أيام حكم المعتز عن عمر يناهز أربعة عقود وسنتين ، وقد عانى من ظلم العباسيين كما عانى آباؤه الكرام حيث أحكموا قبضتهم على الحكم واتخذوا كل وسيلة لإقصاء أهل البيت النبوي وإبعادهم عن الساحة السياسية والدينية ، وإن كلّفهم ذلك تصفيتهم جسديّاً كما فعل الرشيد مع الإمام الكاظم ، والمأمون مع الإمام الرضا ، والمعتصم مع الإمام الجواد(عليهم‌ السلام) .
 
وبالرغم من العزلة التي كانت قد فرضتها السلطة العباسية على هذا الإمام حيث أحكمت الرقابة عليه في عاصمتها سامراء ولكنّ الإمام كان يمارس دوره المطلوب ونشاطه التوجيهي بكل دقّة وحذر ، وكان يستعين بجهاز الوكلاء الذي أسّسه الإمام الصادق(عليه‌ السلام) وأحكم دعائمه أبوه الإمام الجواد(عليه‌ السلام) وسعى من خلال هذا الجهاز المحكم أن يقدّم لمحبيه أهمّ ما تحتاج إليه في ظرفها العصيب .
 
وبهذا أخذ يتّجه أتباع أهل البيت(عليهم‌ السلام) نحو الاستقلال الذي كان يتطلّبه عصر الغيبة الكبرى ، فسعى الإمام علي الهادي(عليه‌ السلام) بكل جدّ في تربية العلماء والفقهاء إلى جانب رفده المسلمين بالعطاء الفكري والديني و العقائدي والفقهي والأخلاقي ، ويمثّل لنا مسند الإمام الهادي(عليه‌ السلام) جملة من تراثه الذي وصل إلينا بالرغم من قساوة الظروف التي عاشها هو ومَن بعده من الأئمة الأطهار(عليهم‌ السلام).

و من أثاره في التراث الاسلامي

حفلت کتب الروایة والتفسیر والفقه والعقیدة والمعارف المختلفة، بآثار الإمام علی الهادی (علیه السلام)، ونحن فی هذا التعریف المختصر بحیاة الإمام (علیه السلام).
 
نذکر بعضاً من أقواله الخالدة، وما حوت من معانٍ جلیلةِ القدر عظیمة الشأن؛ فما یُروى عنه من أقوال وحِکَم وهدایة ومعارف هو ما رواه الحرّانی فی کتابه القیِّم (تحف العقول عن آل الرسول صلى الله علیه وآله)، وهو من أعلام القرن الرابع الهجری، فقد روى له رسالة طویلة کان (علیه السلام) قد وجّهها إلى بعض البلدان الإسلامیة للإجابة على الجدل والخلاف الفکری الذی طال واستطال بین المسلمین حول مسألة (الجبر والاختیار والتفویض فی السلوک الإنسانی) وقد وقعت هذه الرسالة فی خمس عشرة صفحة من الحجم الکبیر فی کلّ صفحة أربعة وعشرون سطراً تقریباً.
 
جاء فی صدر هذه الرسالة:

(من علیّ بن محمد، سلامٌ علیکم وعلى من اتّبع الهدى ورحمة الله وبرکاته، فإنّه وَرَدَ علیَّ کتابُکُم، وفهمتُ ما ذکرتم من اختلافکم فی دینکم، وخوضِکُم فی القدر، ومقالةِ من یقول منکم بالجبر، ومن یقولُ بالتفویض، وتفرّقکم فی ذلک، وتقاطعکم، وما ظهر من العداوة بینکم، ثمّ سألتمونی عنه، وبیانه لکم، فهمت ذلک کله).
 
فالمتأمل فی نصوص هذه المقدمة من الرسالة یُدرکُ بوضوح حدّة الخلاف العقائدی وانعکاسه على العلاقات الاجتماعیة، وبلبلة الفکر والرأی فی تلک المسائل الخطیرة، کما تکشف أیضاً مرجعیةَ الإمام العلمیة، ولجوءِ الأمة إلیه لفهم الإسلام، وتوضیح العقیدة، وبیان معضلات الفکر والمعتقد.
 
ولنقتبس فقراتٍ من هذه الرسالة الطویلة، لیتّضحَ منهجُ مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) فی تفسیر سلوکِ الإنسان، وصدور الطاعة والمعصیة منه، ومسؤولیتهِ عن ذلک، وبراءةِ الله سبحانه من الجبر والظلم، وتصرّفه فی خلقه، وغلبة قهره ومشیئته وإرادته، فهناک کما هو واضح ثلاثة آراء فی الإطار الإسلامی، تفسِّر أعمال الإنسان وسلوکه، هی:
 
1- القول بأن الإنسان مجبرٌ، وتجری علیه الأفعالُ کما یجری الماء فی النهر، فالإنسانُ لا یملکُ إرادةً ولا اختیاراً، والخیرُ والشرُّ الصادر عنه، إنما هو من فعل الله فیه.
 
2- ورأیٌ یقول أن الأمر مفوضٌ إلى الإنسان أی أن الله أهملَ العباد.
 
3- ورأیٌ ثالثٌ، وهو رأی مدرسة أهل البیت (علیهم السلام)، یقول بالأمر بین الأمرین، والمنزلة بین المنزلتین، فالإنسان یملکُ الإرادة والاختیار، وهو لیس مجبراً، ولکن الأمر لیس مفوّضاَ إلیه، وأن الله قادرٌ على أن یمنعه عن الفعل الذی یفعله، وقد یمنعه الله عن فعل الشر لطفاً به، أو یعینه على فعل الخیر لاستحقاقه ذلک، لذلک یوضح الإمام هذه الحقائق، التی اعتمد فی إیضاحها على قول جده الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام)، فیقول فی رسالته:
 
أ - (فأما الجبرُ الذی یلزم من دان به الخطأ، فهو قول من زعم أن الله جل وعز أجبر العباد على المعاصی، وعاقبهم علیها، ومن قال بهذا القول، فقد ظلم الله فی حکمه، وکذبه، ورد علیه قوله: (ولا یظلم ربک أحداً)، وقوله: (ذلک بما قدمت وأن الله لیس بظلام للعبید)، وقوله: (إن الله لا یظلم الناس شیئاً ولکن الناس أنفسهم یظلمون) مع آی کثیرة فی ذکر هذا.
 
ب - وأما التفویضُ الذی أبطله الامام الجعفر الصادق (علیه السلام)، وأخطأ من دان به وتقلده، فهو قول القائل: إن الله جلّ ذکرهُ فوض إلى العباد اختیاراً أمرهُ ونهیهُ وأهملهم، وفی هذا کلامٌ دقیقٌ لمن یذهب إلى تحریره ودقّته، وإلى هذا ذهب الأئمة المهتدین (أی تشخیص دقة عنصر الخطأ فی هذا القول) من عترة الرسول (صلى الله علیه وآله) فإنهم قالوا: لو فوض إلیهم على جهة الإهمال لکان لازماً له رضى ما اختاروه، واستوجبوا منه الثواب، ولم یکن علیهم فیما جنوهُ العقاب إذا کان الإهمالُ واقعاً.
 
فمن زعم أن الله تعالى فوّض أمره ونهیهُ إلى عباده، فقد أثبتَ علیه العجز، وأوجب علیه قبول کلّ ما عملوا من خیر وشرٍّ، وأبطل أمر الله ونهیه ووعده ووعیده، لعله ما زعم أن الله فوضها إلیه، لأن المفوض إلیه یعمل بمشیئته، فإن شاء الکفر أو الإیمان کان غیر مردودٍ علیه، ولا محظورٍ، فمن دان بالتفویض على هذا المعنى فقد أبطل جمیع ما ذکرنا من وعده ووعیده وأمره ونهیه، وهو من أهل هذه الآیة: (أفتؤمنون ببعض الکتاب وتکفرون ببعض فما جزاء من یفعل ذلک منکم إلا خزیٌ فی الحیاة الدنیا ویوم القیامة یردون إلى أشد العذاب وما الله بغافلٍ عما تعملون). تعالى الله عما یدین به أهل التفویض علواً کبیراً.
 
ج - لکن نقول: إن الله جل وعز خلق الخلقَ بقدرته، وملکهم استطاعة تعبدهم بها، فأمرهم ونهاهم بما أراد، فقبل منهم أتباع أمره، ورضی بذلک لهم ونهاهم عن معصیته، وذمَّ من عصاه، وعاقبه علیها، ولله الخیرة فی الأمر والنهی، یختار ما یرید ویأمر به، وینهى عما یکره، ویعاقب علیه بالاستطاعة التی ملکها عباده، لاتباع أمره واجتناب معاصیه، لأنه ظاهرُ العدل والنصفة والحکمة البالغة)(6).
 
وهکذا یوضح الإمام (علیه السلام) تلک المسألة العقائدیة الخطیرة، ویحدِّد کیفیة تفسیرها، لیتضح المنهجُ والطریق، وتحدد العلاقة الحقة بین إرادة الله وإرادة خلقه.
 
ومن روائع إجاباته وجلیل معارفه، إجابته على مسألة فقهیة خطیرة، تتعلق بشؤون البغی والعصیان المسلح ضد الحاکم الشرعی، وکیفیة التعامل مع البغاة، ضمن المسائل التی سأل یحیى بن أکثم بها موسى المبرقع (أخا الإمام الهادی)، فقد سأل یحیى بن أکثم موسى المبرقع:
 
أخبرنی عن علی (علیه السلام) لِمَ قتلَ أهل صفین، وأمر بذلک مقبلین ومدبرین، وأجاز على الجرحى، وکان حکمُهُ یوم الجمل أنه لم یقتل مولِّیاً، ولم یجهز على جریح، ولم یأمر بذلک، وقال: من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، لمَ فعل ذلک؟ فإن کان الحکم الأول صواباً فالثانی خطأ.
 
فأجاب الإمام علی  ذلک: (وأما قولک: إن علیاً (علیه السلام) قتل أهل صفین مقبلین ومدبرین، وأجاز على جریحهم، وأنه یوم الجمل لم یتبع مولیاً، ولم یجهز على جریح، ومن ألقى سلاحه آمنه، ومن دخل داره آمنه، فإن أهل الجمل قُتل إمامهم، ولم تکن لهم فئةٌ یرجعون إلیها، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غیر محاربین، ولا مخالفین، ولا منابذین رضوا بالکفِّ عنهم، فکان الحکم فیم رفعَ السیف عنهم، والکفَّ عن أذاهم، إذ لم یطلبوا علیه أعواناً؛ وأهل صفین کانوا یرجعون إلى فئة مستعدة، وإمام یجمع لهم السلاح والدروع والرماح والسیوف، ویُسنی لهم العطاء، ویهیئ لهم الإنزال، ویعود مریضهم، ویجبرُ کسیرهم، ویداوی جریحهم، ویحمل راجلهم، ویکسو حاسرهم ویردهم فیرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم یساو بین الفریقین فی الحکم، لما عرف من الحکم فی قتال أهل التوحید، لکنه شرح ذلک لهم، فمن رغب عُرِضَ على السیف، أو یتوب من ذلک).
 
 وفی مورد آخر یتحدث الإمام الهادی (علیه السلام) عن التوحید وصفات الله سبحانه، فیصوِّر عقیدة القرآن ومفاهیمه التوحیدیة، کما فهمَتْها مدرسة أهل البیت (علیهم السلام)، وفهموها لأمة محمد (صلى الله علیه وآله)، وللناس جمیعاً.
 
قال (علیه السلام): (إن الله لا یوصف إلا بما وصف به نفسه، وأنى یوصف الذی تعجزُ الحواس أن تدرکه، والأوهامُ أن تنالهُ، والخطرات أن تحدهُ، والأبصار عن الإحاطة به، نأى فی قربه، وقربَ فی نأیه، کیّف الکیفَ بغیرِ أن یقالَ: کیف؛ وأیّن الأینَ بلا أن یقال: أین، هو منقطعُ الکیفیة والأینیة، الواحد الأحدُ، جل جلاله، وتقدست أسماؤه).
 
ومن روائع حکمه، ومصابیح هدایته ما أثر عنه فی التربیة والأخلاق والتوجیه الاجتماعی، فمنها:
• (مَن أمِنَ مکرَ الله وألیم أخذه تکبر، حتى یحل به قضاؤه ونافذُ أمره، ومن کان على بینةٍ من ربه هانت علیه مصائبُ الدنیا، ولو قرضَ ونشر).
 
 (الشاکر أسعدُ بالشکر منه بالنعمةِ التی أوجبت الشکر، لأن النعم متاعٌ، والشکر نعم وعقبى).
 
(إن الله جعل الدنیا دار بلوى، والآخرة دار عقبى، وجعل بلوى الدنیا لثواب الآخرة من بلوى الدنیا عوضاً).
 
 (إن الظالم الحالم یکادُ أن یُعفی على ظلمه بحلمه، وإن المحق السفیه یکاد أن یطفئ نور حقه بسفهه).
 
من جمع لک ودَّهُ ورأیه، فأجمع له طاعتک).
 
 من هانت علیه نفسه، فلا تأمن شره).
 
 (الدنیا سوقٌ، ربح فیها قومٌ، وخسر آخرون).


وبطرح هذه الأفکار والمفاهیم النیرة عن الإسلام وعن حقیقة التعالیم الإسلامیة حُفظت الشریعة المقدسة من الانحراف، ومن سعی الحکام فی تلک المرحلة من حیاة الأمة فی طرح الأفکار الضالة لخدمة مصالحهم، حیث کان دور الإمام الهادی فی طرح الأفکار السلیمة والصحیحة لأنه منبع الفکر الإسلامی الصحیح.     

          

 و مما قيل في الامام علي الهادي (ع) من السنة والشيعة


وقد أثنى على الإمام الهادي  علماء أهل السنة فضلاً عن الشيعة، وأقوالهم مبثوثة في كتبهم.
 
 منها: ما قاله الذهبي في أحداث سنة 254 هـ من كتابه العبر في خبر من غبر 1/364، حيث قال: وفيها [توفي] أبو الحسن علي بن الجواد محمد، بن الرضا علي، بن الكاظم موسى، بن الصادق جعفر، العلوي الحسيني المعروف بالهادي، توفي بسامراء وله أربعون سنة، وكان فقيهاً إماماً متعبّداً، استفتاه المتوكل مرة، ووصله بأربعة آلاف دينار.
 
وقال أيضاً في كتابه دول الإسلام، ص 138: كان مفتياً صالحاً، وصله المتوكل مرة بأربعة آلاف دينار، وعاش أربعين سنة.
 
وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة، ص 239: كان وارث أبيه علماً وسخاءً.
 
وقال ابن العماد الحنبلي: أبو الحسن علي بن الجواد... المعروف بالهادي، كان فقيهاً إماماً متعبداً.
 

وقال ابن كثير: وكان عابداً زاهداً، نقله المتوكل إلى سامرا، فأقام بها أزيد من عشرين سنة بأشهر. (البداية والنهاية 11/17).
 
 وقد ذكر الشيخ الطوسي قدس سره في كتابه المعروف بـ (رجال الطوسي) مائة وخمسة وثمانين تلميذاً وراوياً، أخذوا ورووا عن الإمام الهادي عليه السلام، الذي كان مرجع أهل العلم والفقه والشريعة في عصره. وحفلت كتب الرواية والحديث والفقه والمناظرة والتفسير وأمثالها بما أثر عنه، واستفيد من علومه ومعارفه. وفيما يلي نذكر أسماء بعض تلامذته ورواته وأصحابه: أحمد بن اسحاق بن عبد الله الأشعري ـ الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي. داود بن أبي يزيد من أهل نيشابور. علي بن مهزيار الأهوازي. الفضل بن شاذان النيشابوري.
 
كما أن للإمام عليه السلام رسائل في مختلف العلوم والأمور، نورد بعضاً منها: رسالته في الردّ على الجبر والتفويض، وإثبات العدل، والمنزلة بين المنزلتين، أوردها بتمامها الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني في كتابه الموسوم بـ (تحف ‌العقول)، وأجوبته ليحيى بن أكثم عن مسائله، وهذه أيضاً أوردها الحرّاني أيضاً في تحف.
 
 
قال محمّد بن الحسن الأشتر العلوي :-
 
(( كنت مع أبي على باب المتوكّل في جمعٍ من الناس ما بين طالبي إلى عبّاسي وجعفري فتحالفوا لا نترجّل لهذا الغلام فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ـ يعنون أبا الحسن(عليه السلام) ـ فما هو إلّا أن أقبل وبصروا حتّى ترجّل له الناس كلّهم فقال لهم أبو هاشم : أليس زعمتم أنّكم لا تترجّلون له ؟
 
فقالوا له : والله ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا )).
 
 
من خصائص الأئمّة(عليهم السلام) ارتباطهم المنقطع النظير بالله تعالى وبعالم الغيب وذلك هو مقام العصمة والإمامة ولهم ـ كالأنبياء ـ معاجز وكرامات توثّق ارتباطهم بالله تعالى كونهم أئمّة معصومين وللإمام الهادي(عليه السلام) أيضاً معاجز وكرامات سجّلتها كتب التاريخ منها: -
 
- قدم خيران الأسباطي إلى المدينة المنوّرة وجاء إلى الإمام الهادي(عليه السلام) فسأله(عليه السلام) عن أخبار الواثق فقال له خيران: خلّفته منذ عشرة أيام بخيرٍ وعافية فقال له الإمام (عليه السلام) : -
 
(( لابدّ أن تجري مقادير الله وأحكامه يا خيران لقد مات الواثق وجاء المتوكّل بمكانه)).
 
فقال خيران : متى جُعلت فداك ؟
 
فقال:- (( بعد خروجك بستّة أيّام)) وبالفعل لم يمض سوى عدّة أيّام حتّى جاء مبعوث المتوكّل وشرح الأحداث فكانت كما نقلها الإمام الهادي(عليه السلام).
 
- أمر المتوكّل بإحضار ثلاثة سباع فجيء بها إلى صحن قصره ثمّ دعا الإمام الهادي
 
(عليه السلام) فلمّا دخل أغلق باب القصر فدارت السباع حول الإمام(عليه السلام)
 
وخضعت له وهو يمسحها بكمّه ثمّ خرج فأتبعه المتوكّل بجائزة عظيمة.
 
فقيل للمتوكّل : إنّ ابن عمّك ـ أي الإمام الهادي (عليه السلام) ـ يفعل بالسباع ما رأيت فافعل بها ما فعل ابن عمّك !
 
قال: أنتم تريدون قتلي ثمّ أمرهم ألاّ يتكلّموا بذلك.
 
ظلّ الإمام الهادي(عليه‌ السلام) يعاني من ظلم الحكّام وجورهم حتّى دُسّ إليه السمّ كما حدث لآبائه الطّاهرين ، وقد قال الإمام الحسن(عليه‌ السلام) :ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم .
 
قال الطبرسي وابن الصباغ المالكي : في آخر ملكه ( أي المعتز ) ، استشهد وليّ الله علي بن محمد(عليهما‌ السلام) .
 
وقال ابن بابويه : وسمّه المعتمد .
 
وقال المسعودي : وقيل إنّه مات مسموماً ، ويؤيد ذلك ما جاء في الدّعاء الوارد في شهر رمضان : وضاعف العذاب على مَن شرك في دمه .
 
وقال سراج الدين الرفاعي في صحاح الأخبار : ( وتوفّي شهيداً بالسمّ في خلافة المعتز العباسي ) .
 
وقال محمد عبد الغفار الحنفي في كتابه أئمة الهدى : ( فلمّا ذاعت شهرته-عليه‌ السلام- استدعاه الملك المتوكل من المدينة المنوّرة حيث خاف على ملكه وزوال دولته وأخيراً دسّ إليه السمّ ) .
 
والصحيح أنّ المعتز هو الذي دسّ إليه السمّ وقتله به .
 
وقال أبو جعفر الطوسي في مصابيحه ، وابن عيّاش ، وصاحب الدّروس : إنّه قُبض بسرّ مَن رأى يوم الاثنين ثالث رجب ووافقهم الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين حيث قال : توفّي (عليه ‌السلام) بـ (سرّ مَن رأى) لثلاث ليال خلون نصف النّهار من رجب ، وللزرندي قول : بأنّه توفّي يوم الاثنين الثالث عشر من رجب .
 
ولكنّ الكلّ متّفقون على أنّه استشهد في سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة .
 
فسلام عليه يوم وُلد ويوم تقلّد الإمامة وهو صبيّ لم يبلغ الحلم ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّاً .
 
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّد الزَّكِيُّ الرّاشِدُ النُّورُ الثّاقِبُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.



اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد
 
https://taghribnews.com/vdce7f8efjh87fi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز