تاريخ النشر2019 7 March ساعة 22:03
رقم : 406766
في ذكرى السنويه لاستشهاد السيد محد الباقر الحكيم (رض)

الشهيد السيد محمد الباقر الحكيم من رواد التقريب (1)

تنا
كان السيد الشهيد محمد الباقر الحكيم ينظر الى تفرّق الأمة بقلب دامٍ، ومن هنا كان جادّاً في مسألة التقريب وصادقاً فيه ومخلصاً في طروحاته وآرائه ومشاريعه. أدى به التفكير الطويل في هذه المسألة الى أن يحيط بها من كل جوانبها النفسية والعلمية والأخلاقية، وعلى الرغم من كلّ مسؤولياته السياسية والجهادية خصّص جزءً كبيراً من وقته لقضية التقريب، لأنه رأى فيها قضية الأمة الكبرى وقضية العراق الجريح.
الشهيد السيد محمد الباقر الحكيم  من رواد التقريب (1)
السيد الشهيد الحكيم (رض)توفّرت له في النجف وإيران أجواء الارتفاع بفكره وهمومه ومشاريعه الى مستوى رسالي إسلامي. ومن هنا نظر الى التشيّع باعتباره مدرسة رسالية إسلامية لا طائفة مقابل طائفة أخرى.
وهنا لابدّ أن نشير الى مايواجه وحدة الأمة من تحديات تستهدف تمزيقها طائفياً، ولابدّ من اتخاذ موقف حكيم من ذلك… وكان موقف الشهيد الحكيم حكيماً حقاً، فهو انتهج أسلوباً نأى عن الإثارات التاريخية، ووجّه جلّ اهتمامه الى معالجة الواقع واستشراف المستقبل ومخاطبة العقل والعاطفة، والتأكيد على الهمّ الاسلامي والمشروع الإسلامي. انتهج أسلوب ما أسماه إشاعة ثقافة التقريب، وهذا هو المنهج الذي نحتاج اليه في التقريب.

و في مجال التقريب كان الشهيد السيد محمد الباقر الحكيم (رض) رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، نائب رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام)، تأسيس مركز دراسات تاريخ العراق الحديث، تأسيس مركز للبحوث والدراسات، تأسيس مكتبة علمية تخصّصية، تأسيس مؤسّسة دار الحكمة، تأسيس مدرسة دار الحكمة، تأسيس مركز للنشر.

يقول السيدالشهيد الحكيم (رض) في تقريب :
 
"لابد أن تسود الحالة العلمية في المواقف والحوار بين العلماء، نعم، الاختلاف طبيعي، والدفاع عن الرأي والاستدلال على صحته حقّ لكل عالم، وردّ الرأي الآخر باستدلال علميّ حق أيضا. ولكن تارة يكون الردّ بروح الاتهام والتحامل، وتارة يكون بروح احترام رأي الطرف الآخر وأفكاره" .
 
ويرى السيد الحكيم أن العالم الحقّ هو الذي يستهدف كشف الحقيقة، ويهمّه الوصول الى النتيجة، أياً كانت النتيجة، حتى ولو كانت مخالفة لفرضياته. وهذا هو السائد في حقل العلوم التجريبية والفكرية والثقافية. من هنا يدعو السيد الحكيم الى أن ينتهج علماء المذاهب نفس المنهج المعرفي في دراسات العلوم الأخرى يقول (رض):
 
"يجب أن يكون تبادل الأفكار والآراء والمناقشات بين علماء المذاهب تماماً كما هو الحال بين علماء العلوم التجريبية والفكرية والثقافية، حيث يكون ردّ العالم على الآخر غالباً بروح الاحترام للرأي الآخر، باعتبار أنه يردّ على جهة علمية بذلت جهوداً حتى توصلت الى هذا الرأي. 
بنفس هذا النَفَس من الاحترام المتبادل يجب أن يسير الحوار بين علماء المذاهب، إذا شاؤوا التقريب بينهم".

و كذالك قال الشهيد الحكيم (رض) في التقريب :
 
"أنا أعتقد أن قضية التقريب في نظرية أهل البيت قضية أساسية ورئيسية.
وواجب من الواجبات الشرعية.
وأول من رفع شعار التقريب بين المسلمين هم أهل البيت.
ولم يرفعوه شعاراً يتحدثون عنه فحسب، بل جسدوه أيضاً حالة عملية وخارجة وتطبيقية، وقدموا على طريقه تضحيات كبيرة جداً على المستوى الشخصي لهم وعلى مستوى الجماعة والفئة التابعة لهم والملتزمة بسلوكهم ومسيرتهم.
ولقد تحدثت عن مواقفهم هذه في كتاب: الوحدة الاسلامية من منظور الثقلين.

وعند ما عادسماحته (رض) الى العراق في 10/5/2003 واستقر في مدينة النجف الاشرف في 12/5/2003 وبعد وصوله باسابيع قليلة اقام صلاة الجمعة في العتبة الحيدرية حرم الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) ورغم كثرة مشاغله فقد واظب على امامته لها.
وفي يوم الجمعة الاول من رجب 1424هـ استشهد (رض) بأنفجار سيارة مفخخة وضعت قرب سيارته بعد خروجه من الصحن الحيدري الشريف بعد اداء صلاة الجمعة. وادى الحادث الإجرامي الى استشهاد وجرح المئات من المصلين وزوار الإمام علي "عليه السلام.

                                                                       

و قد نعاه الامام الخامنئي في بيان قال فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم إنا لله وإنا إليه راجعون

ارتكبت اليد الأثيمة القذرة لمرتزقة الاستكبار فاجعة كبرى وسلبت الشعب العراقي شخصية قيمة كانت تعد خندقاً منيعاً أمام محتلي العراق، فعمدت إلى هدم هذا الخندق. اليوم وإلى جوار الحرم الملكوتي لمولى المتقين عليه آلاف التحية والثناء انتهل آية الله محمد باقر الحكيم والعشرات من الرجال والنساء المؤمنين الذين اغترفوا من زلال الذكر وخشوع صلاة الجمعة انتهلوا كأس الشهادة وعرجوا إلى حريم الأمن والرحمة والفيض الإلهي الخاص.

كان هذا الشهيد العزيز عالماً مجاهداً كافح نظام صدام الخبيث سنوات طوالاً لإحقاق حقوق الشعب العراقي، وبعد سقوط صنم الشر والفساد وقف سداً قوياً بوجه المحتلين الأمريكيين والانجليز وبدأ كفاحاً صعباً ضد مخططاتهم المشؤومة وأعدّ نفسه للاستشهاد في سبيل هذا الجهاد الكبير والالتحاق بقافلة شهداء عائلة آل الحكيم المعظمة وسائر شهداء العلم والفضيلة في العراق.       
                                    

الفاجعة التي وقعت اليوم في النجف الأشرف واستشهاد هذا السيد الجليل والعالم المجاهد تصب بلا شك في خدمة أهداف أمريكا والصهاينة الغادرين.كان الشهيد آية الله الحكيم تجسيداً للإرادة المشروعة لشعب يرى دينه واستقلاله ومستقبل بلاده عرضة للأخطار وبيوته تحت أحذية المحتلين ويريد الدفاع عن هويته الدينية والوطنية مقابل المعتدين.

استشهاد هذا السيد الجليل مصاب جلل للشعب العراقي ووثيقة أخرى على إجرام المحتلين الذين فرضوا انعدام الأمن والفوضى على العراق بتواجدهم اللامشروع فيه. ولكن ليعلم أعداء العراق المستقل المسلم أن هذا الاستشهاد المظلوم لن يضعف من عزيمة الشعب العراقي ومقاومته حيال مخططات وأهداف الاستكبار والصهيونية ولن يضعضع من إيمانه ووفائه لخط الإسلام والقيادة الدينية، بل سيكون أكثر صموداً إن شاء الله على الضد من إرادتهم ورغبتهم. أذكّر الشعب العراقي المؤمن الغيور بأن السبيل الوحيد لشموخه وإنقاذ بلاده من شرور مخططات الاستكبار والصهيونية الخطيرة هو وحدة كلمته تحت لواء الإسلام المجيد. وبوسعه اليوم عبر الاعتصام بهذا الحبل الإلهي المتين تقرير مستقبل لبلاده وأجياله الآتية يتألق فيه العراق الإسلامي المستقل كنجم زاهر في العالم الإسلامي.

الشخصيات البارزة والنخبة الدينية والسياسية في العراق لن يتمكنوا من النهوض بالواجب الكبير الملقى على عواتقهم في هذه الأيام الاستثنائية إلا عبر الاعتصام بالإسلام ووحدة الكلمة، ونتمنى أن يكونوا موفقين وراسخي الأقدام على هذا السبيل.

أعزي سيدنا بقية الله الأعظم روحي فداه، وعموم الشعبين في العراق وإيران، والحوزة العلمية، والمراجع العظام والعلماء الأعلام في النجف وقم، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، ولا سيما عائلة الحكيم المعظمة المنجبة للشهداء، وخصوصاً أخاه المكرم حضرة السيد عبد العزيز الحكيم، والعائلة والأبناء الأعزاء لشهيد المحراب هذا، كما أبارك هذه الشهادة الكبرى، وأسأل الصبر الجميل والأجر الجزيل للعوائل المحترمة لسائر شهداء هذا الحدث المفجع، وأسأل الله تعالى علوّ الدرجات لكافة هؤلاء الشهداء المظلومين والشفاء العاجل لمصابي الحادث، وأعلن العزاء العام لمدة ثلاثة أيام تكريماً لذكرى هذا السيد الشهيد العزيز وسائر رفاق دربه.وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

السيد علي الخامنئي7/6/1382الأول من رجب 1424
 
و في هذه المناسبة كتب سماحة الشيخ خالد عبد الوهاب الملا  رئيس جماعة علماء العراق  تحت عنوان:

                          
                                           شهيد المحراب………..مواقف و جهاد
 
 
   لربما من الصعب أن نتحدث في هذا الوقت عن شخصية كبيرة كشخصية سماحة السيد آية الله العظمى محمد باقر الحكيم (طيب الله ثراه)، والتي نبعت شخصيته من ارث عائلة تاريخية دينية علمية عراقية عريقة عُرفت بالمواقف والجهاد والصبر والمصابرة… فكلنا قرأ موقف سماحة آية العظمى السيد محسن الحكيم المرجع الديني في ذلك الوقت من قضية فلسطين، وكلنا قرأ موقفه الصارم والصريح في دفاعه عن الأكراد السنّة وحرمت دمائهم حينما قمعوا في فتره من الفترات، وحينئذ حينما نتحدث عن سماحة السيد محمد باقر الحكيم إنما نتحدث عن سلسلة متواصلة من الخير والعطاء، فهو خير خلف لخير سلف.
 
   فالحديث عنه هو حديث عن مجموع صفات تركبت وتعشقت في شخصيته، فإذا تحدثت عن العلم وطلبه فقد فاق أقرانه بالعلم والمعرفة، وأخذ الصدارة في فن الخطابة والتدريس في الحوزة العلمية في النجف الأشراف.

وإذا تحدثت عن شجاعته فهو في مقدمة المجاهدين الذين قارعوا الظلم والظالمين وصبروا على الأذى والمؤذين. وإذا تحدث عن موقفه فهو صاحب المواقف العظيمة وقد عاش ثلث حياته أو نصفها غريبا عن أهله ووطنه؛ بسبب مواقفه تجاه الأنظمة الحاكمة التي حاربت الإسلام والمسلمين، فكان لها بالمرصاد وأُدخل إلى السجن أكثر من مرة وعذب وكسرت يده وحورب شتى أنواع الحروب النفسية والجسدية؛ لأنه كان يحمل همَّ دين ووطن؛ ولأنه ابن العراق، فقد عمل للعراق وللعراقيين جميعا دون أن ينظر إلى دين أو مذهب أو قومية، وبقي سنواته يعيش همَّ وطنه ومواطنيه ويذهب هنا وهناك يتجول بين البلدان لشرح قضية العراق ومأساة أهله إلى أن قدر الله وسقط النظام وكُشفت الحجب، وكان القدر أن يدخل من مدينة البصرة من مدينتي التي ولدت فيها وعشت فيها وأتمنى أن أموت فيها، ولربما كنت أنا الشخصية الوحيدة من أقراني وأتباع مذهبي حينما ذهبت إلى الشلامجة ـ المنطقة الحدودية بين البصرة وإيران ـ لاستقبال سماحته، وكانت بدعوة كريمة من سماحة السيد عبد الكريم الجزائري (ممثل السيد الحكيم حاليا)، وحين ألقى خطبته على جماهير البصرة ازددت معرفة إلى معرفتي أن الرجل الذي يخطب أمامي هو رجل أمة تغَرّب عن بلده، وتحمل آهات السجن وتعذيب الجلادين لأجل العراقيين جميعا، فهو لن ولم يركع لهم أبدا وإطلاقا.
 
   نعم، كان يعمل عملا دؤبا، لكنه لم يعمل عملا لمذهبه فحسب إنما كان يعمل للعراقيين جميعا، وهنا أدركت أنه كان رمزا للوحدة الوطنية والدينية، وهذه هي صفة القائد، وهذا هو الإرث الذي حمله لكي يدافع عن أبناء شعبه، وكان الله تعالى قد قدر له أن يرى النصر بعينيه، وان يتذوق ثمرة الجهد والجهاد الذي بذله ولهذا استهدفه المجرمون وختم له حياته في خطبة كان يدافع فيها عن الإنسانية حينما تحدث في صحن سيدنا علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه وأرضاه).
 
   وكان يُوبخ قتلة ممثل الأمين العام (منديلوا) الذي استهدفه المجرمون؛ لأن سماحته كان يحمل منهجا وفكرا عالميا بهما يأخد بيد العراقيين وما أصابهم من ويلات الحروب والفتن، ولكن الأمل لم ينقطع، بل أودعه بأخيه سماحة السيد عبد العزيز الحكيم، وولده الأجل السيد عمار الحكيم..................
 
  ورحم الله شهيد العراق، وحبيب العراق، وابن العراق سماحة السيد محمد باقر الحكيم (طيب الله ثراه) ورزقنا الشهادة كما رزقه وأطال الله بقاء السيد الحكيم… وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
 
الشيخ خالد عبد الوهاب الملا
 
رئيس جماعة علماء العراق


و سلام  عليه يوم ولد ويوم استشهد و يوم يبعث حيا



اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد

https://taghribnews.com/vdciqqa5qt1auy2.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز