تاريخ النشر2019 30 April ساعة 22:17
رقم : 402883
رائد من رواد التقريب

اية الله محمد واعظ زاده الخراساني من رواد الوحدة والتقريب

تنا
الفقيه الراحل آية الله الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني كان صادقا مخلصا في تبنيه لمشروع وحدة الأمة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وأنه كان ينطلق من وعي عميق بمبادئ الدين ومقاصده، ورؤية واضحة للتحديات التي تواجه الاسلام والأمة.
اية الله محمد واعظ زاده الخراساني من رواد الوحدة والتقريب
 الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني"رحمه الله" انتهل من مدرسة السيد البروجردي (ت/ 1380هـ) المرجع الاعلى وزعيم حوزة قم العلمية في عصره، حيث لازم درسه اكثر من عشر سنوات، وساعده في تأليف موسوعته الحديثية (جامع احاديث الشيعية) في 26 مجلدا، وكذلك تنظيم طبقات الرواة ضمن لجنة تشكلت لهذه المهام.

و الشيخ واعظ زاده الخراساني قد تفاعل كثيرا مع منهج استاذه السيد البروجردي في دقة التعاطي مع الاحاديث والروايات الواردة في مختلف المصادر السنية والشيعية، والاهتمام بدراسة احوال الرواة وتنظيم طبقاتهم، وفي الحرص على الاطلاع على فتاوى وأراء مذاهب أهل السنة كطريق لمعرفة مرامي ومعاني روايات أهل البيت ( ع ).

كما أخذ من استاذه البروجردي توجهات الوحدة والتقريب ونذر حياته لخدمة هذه التوجهات متجاوزا الطرح الشعاراتي إلى المقاربة الفكرية والفقهية، حيث تبنى اراء متقدمة على هذا الصعيد، ناقدا المبالغة والتضخيم في الفروقات العقدية والفقهية بين المذاهب الإسلامية، مؤكذا على المساحة الاوسع للاشتراك والاتفاق.

و كان الشيخ واعظ زاده يؤمن بالوحدة والتقريب كمبدأ لا تصح المساومة عليه ولا التراجع عنه، فكما لا يمكن التساهل في مبدأ توحيد الله تعالى، كذلك لا يمكن التساهل في مبدأ وحدة الأمة، فهما مبدآن متلازمان حسب ايمانه ورؤيته.

و كتب الفقيد الراحل عدة مؤلفات حول موضوع الوحدة والتقريب، كما كان ذلك مادة حديثه في كل المجالس والملتقيات العلمية التي يشارك فيها، وحين تأسس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية في ايران كان أمينه العام لسنين عديدة.

جوانب من السيرة الذاتية للشيخ اية الله محمد واعظ زاده الخراساني  

الشيخ محمد واعظ زاده ابن المرحوم الشيخ مهدي الخراساني ابن ملا أحمد واعظ زاده الخراساني ابن الحاج محمد حسين واعظ المشهدي ابن محمد حسن المدرس وكان من مشاهير وعاظ ذلك العصر وقد عمّر اكثر من سبعين بذلها في الوعظ والإرشاد.

ولد  في مدينة الامام الرضا ـ عليه السلام مدينة المشهد المقدسةـ في 23 / ذي القعدة / 1343 هـ في بيت ديني وروحاني وبعد تحصيله المرحلة الابتدائية في مدارس مشهد انتسب إلى الحوزة العلمية في مشهد المقدسة وبعد انتقال والده إلى مدينة النجف في عهد المرجع الديني الكبير السيد أبي الحسن الأصفهاني كان من المقربين له وكان يقوم بالخطابة في مسجد عمران وكان من المقربين عند السيد وكان  يصحبه أحياناً.
وعند إقامة في النجف الاشرف حوالي ثلاث سنوات كان يواصل تحصيله الحوزوي وقد درس "المقدمات" ومقدار من" المطول "و"شرح اللمعة" على يد المرحوم الشيخ مرتضى الطالقاني والكفاية على يد المرجع الكبير السيد أبي الحسن الأصفهاني.

بعد تحصيله العلمي في النجف الأشرف عاد ليواصل دراسته في الحوزة العلميّة في مدينة مشهد المقدسة وبعدها انتقل إلى مدينة قم ليواصل دراسته أيضاً وبعد إنهائه الدراسات عاد مجددا إلى مدينة مشهد وكان خلال وجوده في مسقط رأسه يدرس في كلية الإلهيات لجامعة مشهد ويتقلد  الأمانة العامة لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلاميّة. 

و من آثار الشيخ محمد واعظ زاده الخرساني :

1 ـ الفرق بين الحق والحكم في الفقه الإمامي.

2 ـ أسس التقريب وسبله.

3 ـ المراكز الحضارية في العراق ودورها التقريبي بين المذاهب الإسلاميّة.

4 ـ الحج في السنّة.

5 ـ نقد لمقال (الحديث عند الشيعة).

6 ـ رسالة الأمين العام الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني إلى الشيخ ابن باز. 

7 - ـ منزلة أهل البيت في الجوامع الإسلاميّة. وغيرها من المقالات والآثار والمصاحبات التي ملأت المجلات وتصدرت الكتب والآثار العلمية.

له في مجالات التقريب كتابات ومقالات وبيانات نقتطف منها: لقد عاش العلماء الامامية بسبب معاناة المسلمين الدامية من التفرقة والتشتت، والضعف والامتهان، والغلبة على أمرهم، وكذلك كانوا يشعرون بالأسى لفداحة الأخطار التي كانت تهدد الإسلام، لقد أدركوا تلك الحقيقة المرة المتمثلة بتفرق اتباع المذاهب الإسلاميّة مع وجود نقاط الالتقاء الكثيرة التي تجمعهم، مضافا إلى تمسكهم بأصول الإسلام مما ولد عندهم حالة من التشكيك والاستغراب تمخضت عن خصومة وتشاوم مؤسفين، وهذا بنفسه أشد حربة بيد أعداء الإسلام لإيجاد صدع عميق في كيان الأُمة الإسلاميّة، وتغذية الخصومات والنزاعات بين المسلمين، والتاريخ الإسلامي خير شاهد على ما نقول. حيث اشتغل حكام المسلمين، كذلك المستعمرون الأجانب في القرون الأخيرة بهذه الحربة القاطعة المسمومة مرارا لتحقيق مآربهم المشؤومة وسلاحهم الفتاك دوما وأبدا (فرق تسد).

كان المؤسسون لدار التقريب من العلماء المخلصين متحمسين للإصلاح و﴿ انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى. وربطنا على قلوبهم﴾ (الكهف 12 ـ 13) وبعد سنين طويلة من المناقشات وتبادل الآراء وتلاقح الأفكار اتخذوا موقفا حكيما نابعا من رؤية إسلامية نقية ومستندا إلى منهج منطقي منظم، حيث حذروا المسلمين من التفرقة البغيضة والنزاع العقيم الخطير.

كانت دار التقريب مقر النشاطات (جماعة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة) بالقاهرة وضمت الجماعة علماء من الطراز الأول، ينتمون لمختلف المذاهب الإسلاميّة.

وقام هؤلاء العلماء بتوطيد أواصر الاخوة فيما بينهم خلال سنين طويلة كما أدرك بعضهم البعض الآخر وتفاهموا فيما بينهم وتآلفوا على حب الله، فسادت الاخوة الإسلاميّة والثقة المتبادلة أجواءهم.

وان مجلة (رسالة الإسلام) هي المجلة المتحدثة باسم (جماعة التقريب) والناشرة لأفكارها وأفكار غيرها من الشخصيات الإسلاميّة حيث كانوا، يعبرون عن آرائهم بشكل صريح في إطار المبادي الإسلاميّة العامة، والقواسم المشتركة التي تجمعهم مع التزامهم بانتمائهم المذهبي وبينهم علماء من المذاهب الأربعة لأهل السنة ومذهب الشيعة الإمامية والزيدية.

وكان كل منهم يطرح مذهبه كما هو مع رفض ما من شأنه التفرقة وسوء الظن، إذ يفرقون بين المباديء الإسلاميّة العامة المشتركة التي تلزم بها كل مسلم وبين المسائل المذهبية الخاصة لكل منهم. إن هذه المجلة مدرسة متنقلة، لم تضمر إلاّ الخير والنصيحة للمسلمين ومنبر إعلامي راسخ للمصلحين من أبناء العالم الإسلامي، لذلك سرعان ما اصبح لها موضع قدم في كافة أرجاء الأقطار الإسلاميّة، ونالت ثقة علماء المذاهب وأصبحت محط أنظار المفكرين الإسلاميين فكانوا يتحفونها وينقدوها بكل نزاهة وتحمس، وكانت تطرح فيها جميع هذه الآراء والأفكار والتساؤلات مع أجوبتها المناسبة، ولأول مرة وبعد قرون من الغربة والجفاء، كان علماء المذاهب الإسلاميّة يعبرون عن آرائهم وأفكارهم جنبا إلى جنب على صفحات تلك المجلة . 

و مما قال اية الله الشيخ محمد واعظ زادة الخراساني حول الجديد الفكري و ميادئ الانفتاح  و التجديد:

التخلي عن العصبيات التقليدية

عادة ما يكون الأمر بهذه الصورة، إذ إنّ بعض الطلبة يحمل معه نفس الذهنيات والعصبيات التقليدية التي كانت تستحوذ عليه قبل مجيئه إلى الحوزة العلمية. حتى إنه يلاحظ أن بعض الأفراد لم يفلحوا في تنقية أذهانهم وأفكارهم منها إلى آخر العمر. وهذا النمط من الذهنيات، يعد مانعاً كبيراً أمام التجديد الفكري للحوزة العلمية ولا بدّ من تصحيحه.
 

 الاستفادة من مصادر التراث الإسلامي بمذاهبه كافة 


جميع المصادر والنصوص الإسلامية، سواء الشيعية منها أو السنية، والتي يتم الاستفادة منها في ميدان الأبحاث والدراسات الإسلامية، يجب أن تخضع بأجمعها للمراجعة. ولا بدّ لنا من السعي إلى فهم جميع المواضيع الإسلامية من قبيل: مسألة الاجتهاد، الفقه، الإمامة، المسائل التاريخية… وغيرها، من تلك النصوص بشكل محايد.

 الابتعاد عن التفريط والإفراط المذهبيين 

إذ لا بدّ من الابتعاد عن الإفراط والتفريط في مدح وذم الصحابة والتابعين وبقية علماء الفريقين.


الترفّع عن الاعتقاد بالأحقية المطلقة 


مهما بلغ الإنسان من الاطلاع والمعرفة، إلا أنه من الممكن أن يكون قد فهم أمراً ما بشكل خاطئ أو سمعه بشكل غير صحيح، وبالنتيجة، يمكن أن يخطأ في اجتهاده. من هنا، إذا كان يظن بنفسه خيراً على الدوام وفي كل آن ومكان، فإن هذا الأمر سيصبح سبباً لعدم توصله لبعض الحقائق. وبناء على ذلك، يجب أن لا يظن بأن الحق معه في كل الأحوال.
وانطلاقاً من ذلك، فإن المجتهدين يكتبون في الرسائل العملية: «العمل بهذه الرسالة مجزي » أي يجب أن لا يُظن بأن كل ما جاء فيها، هو الحق والصواب.
 

 التمحيص في المسائل القابلة للاجتهاد 

باب التحقيق والبحث مفتوح تماماً في المسائل الاجتهادية. وكذا الحال في مجال المنقولات أيضاً، إلا أنها لا تقبل الاجتهاد بقدر المسائل الاجتهادية، وإن كان باب التحقيق لم يغلق بشكل كامل.


 أخذ تاريخ الإسلام من المصادر الأُولى

لا بدّ من الرجوع إلى المصادر الأولى في الأبحاث التاريخية، من قبيل: طبقات ابن سعد، سيرة ابن هشام المأخوذة أساساً عن سيرة محمد بن إسحاق من رواة الإمام الصادق(عليه السلام)، وشرح نهج البلاغة لابن أبي حديد. ومن ثم الرجوع إلى الكتب التاريخية التي كتبها الطبري وأمثاله، وكذلك الدراسات التاريخية التي قام بها المتأخرون من علماء الشيعة والسنة.

كما أن الدراسات التي قدمها المتأخرون من علماء مصر، وخاصة خلال المئة عام الأخيرة، تعد بحق دراسات جديدة في هذا المجال. وحصلت في فترة كان فيها المثقفون الإسلاميون يقرؤون في الغالب مقالات المصريين، ومن بين العلماء الشيعة هناك علماء مجددون، مثل السيد شرف الدين، والسيد محسن العاملي، والشيخ محمد جواد مغنية، وكاشف الغطاء وأمثالهم، قدموا دراسات جديدة في مجال تاريخ الإسلام تستحق الاهتمام.


ضرورة القراءات التفسيرية المقارنة 

وفي مجال قراءة كتب التفسير، ينبغي أن نقرأ اثنين من التفاسير بمزيد من التركيز: أحدهما تفسير «المنار » والآخر تفسير «الميزان » وبشكل مقارن؛ بمعنى أن لا ننظر إلى المواضيع الخلافية بينهما بشكل منفصل، بل نعمد إلى مطابقتها مع بعضها البعض.

 الرؤية الجديدة للسياسة والاقتصاد 

المسائل الاجتماعية والاقتصادية، إما أنها لم تكن مطروحة في السابق، أو كان الاهتمام الأكبر ينصب على الجوانب الأخلاقية منها فقط. ففي المسائل السياسية كان الحديث يدور فقط حول مسألة الخلافة والإمامة. ولم تكن لدينا مسائل سياسية إسلامية بشكل منفصل. وأما الآن فإنّ المسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تحظى بالدراسة بشكل منفصل، آخذين بنظر الاعتبار الآراء الجديدة في هذا المجال.
 

 بناء الشخصية الدينية المثقفة المعتدلة 


أفضل نموذج ومعيار للثقافة الدينية، هي كتابات الشهيد المطهري. وإذا كان من المقرر استشراف الثقافة الدينية المعتدلة والعميقة، لا بدّ من مطالعة كتبه.
 

 التقريب الفكري بين المذاهب 

فيما يتعلق بالتقريب بين المذاهب الإسلامية، يجب أن نحث الجهود في هذا الاتجاه قدر المستطاع. ولهذا الموضوع أهمية بالغة تؤثر على مسألة التجديد الفكري للحوزة العلمية؛ لأن التجديد الفكري يستلزم أن لا يتحدد الفكر داخل مذهب خاص، بل أن يصار إلى الاهتمام بالفكر والرأي في كل العالم الإسلامي على اتساع رقعته.

ويجب أن لا يُصار إلى القول: بأن الاختلافات طالما أنها حدثت منذ بداية الأمر، وتعود إلى كون أحد الطرفين محقاً والآخر غير محق، فلا يوجد ـ إذاً ـ أي سبيل للتقريب والتقارب بين الطرفين. وقد تطرقت في كتاباتي إلى ضرورة طرح المشاكل والاختلافات التي يعاني منها المجتمع الإسلامي.

وبينت أفضل الطرق للتقريب بين المذاهب،  إنّ التقريب بمعنى الوحدة السياسية أو الوحدة في الأفكار الدينية ليس صحيحاً وهو أمر غير ممكن أيضاً، ولكن التقريب بمعنى تفهّم الآخر والاستماع إليه والاقتراب منه، فذلك أمر يمكن تحقيقه.

 

اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد
 
https://taghribnews.com/vdcevw8exjh87vi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز