تاريخ النشر2018 25 July ساعة 09:10
رقم : 345488

العنصرية في "إسرائيل".. فصول سوداء

تنا
تقوم العنصرية الصهيونية على أساس التمييز بين الشعوب والبشر وتقود إلى استعمال العنف والإرهاب لتفرض تفوقها وهيمنتها ومصالحها على الشعوب الأخرى، وقد رسخت الصهيونية في أذهان اليهود أنهم شعب الله المختار وأنقى الأعراق وأذكاها والنخبة بين بني البشر، وأن فلسطين الوطن العربي من النيل إلى الفرات المجال الحيوي للصهيونية و"إسرائيل".
العنصرية في "إسرائيل".. فصول سوداء
وقد استمدت الصهيونية عنصريتها من اليهودية والعنصرية في أوروبا، حيث تأثر المؤسسون الصهاينة بالعنصرية في ألمانيا، وتبنّوا مقولات الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه حول تفوق الآري واستبدلوا الآري باليهودي، وصبغوا الصهيونية بالعنصرية والتمييز العنصري، والاحتلال الاستيطاني باستغلال الدين اليهودي.

وقد استوحت القوانين الإسرائيلية العنصرية مضمونها من ثلاثة عناصر، وهي: الدين اليهودي والصهيونية ومبادئ ومفاهيم ليبرالية. وهي تنطلق من تعاليم التوراة والتلمود، ومن المبادئ والأفكار الصهيونية لكي تطبق على غير اليهود أي العرب، وذلك لتحقيق المشروع الصهيوني في الوطن العربي.

العنصرية في الفكر الصهيوني 
لا نبالغ إذا قلنا إن "إسرائيل"، سياسياً واجتماعياً وقانونياً، تمثل نموذجاً للدولة والمجتمع العنصري، بحيث تنطبق عليها بدقة تعريفات وتطبيقات النظريات العنصرية، حيث تحفل الكتب الدينية اليهودية بعدد كبير من النماذج العنصرية التي تتجلى بشكل رئيس في الموقف من الآخر، أي غير اليهودي (الأغيار= الغوييم)، حيث تدعو الشريعة اليهودية وتعاليمها إلى "الهالاخاه" أي التميز ما بين اليهودي وغير اليهودي في كل مجالات الحياة.

وتكتسب مظاهر العنصرية مخاطرها من عدِّ اليهودية قومية ودينًا في الوقت عينه، وإلى استناد الحركة الصهيونية على الجذر الديني اليهودي في دعوتها إلى استيطان أرض فلسطين، ومن خلال التشديد على الحق الديني والحق التاريخي في "أرض إسرائيل"، كما أن التمييز بين اليهودي وغير اليهودي يتجلى في أخطر صورة، من خلال احترام حياة اليهودي مقابل الاستخفاف بحياة غير اليهودي (الفلسطيني بشكل خاص).

كذلك فالنقص في الروح الديمقراطية، والتصاعد المتنامي للذهنية العنصرية، لا يكتفيان بأن يجدا في العرب متنفساً لهما، بل يسحبان نفسيهما على كل "الملونين" غير الغربيين من اليهود، من أصل شرقي أو إثيوبي أيضاً، حتى يكاد المرء يظن أن اليهود الأشكناز هم ما يُقصد باليهود، لا غيرهم. وقديماً اشتهرت عبارة غولدا مئير التي جاء فيها أن اليهودي هو من يتكلم الييديش، أي اليهودي الغربي فقط.

مظاهر العنصرية 
إنَ تغلغل العنصرية والكراهية والبغضاء تجاه الفلسطينيين والعرب في أوساط المجتمع الاسرائيلي والنظام الرسمي وفي تشريعات الكنيست تظهر بجلاء في العديد من الممارسات والقوانين، ويمكن تفصيل الممارسات الصهيونية العنصرية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وإجمالها في اثنتي عشرة نقطة مهمة هي:

1. الاحتلال: حيث تخالف "إسرائيل" باحتلالها لهذه الأراضي كل المواثيق الدولية المعترف بها حتى من أبرز حلفائها. 

2. سرقة الأراضي.

3. المستوطنات.

4. الطرق الالتفافية: التي تمثل تفريقاً عنصرياً واضح المعالم، ولا يختلف عما شهدته جنوب إفريقيا إبان حكم البيض.

5. نقاط التفتيش والإغلاق: وهي بالمئات، وتهدف لإذلال الإنسان أكثر من أي شيء آخر.

6. جدار الفصل: وقد قضت محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 2004 بمخالفة الجدار الصريحة للقوانين الدولية.

7. سرقة القدس: فالمساعي الصهيونية لتهويد القدس ثقافيًّا وديمغرافيًّا مستمرة بلا هوادة!

8. المياه: حيث تسيطر "إسرائيل" على قرابة 83% من مصادر المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، ولا تختلف خريطة المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية كثيراً عن خريطة الضفة المائية.

9. الاعتقال والتعذيب: بصورة تخالف اتفاقيات جنيف التي وقعت عليها "إسرائيل".

10. تدمير البيوت.

11. الوحشية العسكرية: وليس أقلها قتل الأطفال بدم بارد وغيرها من الجرائم التي قلما يوثّقها الضحايا.

12. تفتيت فلسطين: الناظر إلى ما تبقى من أراضٍ بحوزة الفلسطينيين يشهد خريطة مفتتة لجزر متباعدة من التجمعات الفلسطينية لا يربط بينها سوى بضع طرق التفافية يسيطر على معابرها الجيش الصهيوني.

أبرز القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين 
لقد أقرت السلطات الإسرائيلية في المدّة الواقعة ما بين أعوام 1948 و1953 العديد من القوانين العنصرية الموجّهة ضد العرب، ولا يزال هذا التوجه مستمراً حتى اليوم؛ فالعنصرية والتمييز العنصري أصبحا نهجاً ثابتاً للقوانين والممارسات الإسرائيلية، وبشكل خاص حكومات نتنياهو أكثر الحكومات عنصرية في "إسرائيل".

قانون المواطنة:
بتاريخ 28 تموز/ يوليو 2008 صدّق الكنيست على قانون المواطنة، ويُمكّن هذا القانون من نزع المواطنة نتيجة "عمل فيه خرق للولاء للدولة". والتعريف للخرق الذي يطرحه هذا المصطلح واسع جداً، ويتضمن السكن في 9 دول عربيّة وإسلاميّة، حددها القانون، أو في قطاع غزّة. كما يمكّن القانون من نزع المواطنة دون تثبيت مطلب إدانة سابقة جنائية على "خرق الولاء للدولة".

قانون النكبة: 
أما عن قانون النكبة فهو قانون يمنع التمويل عن مؤسسات عامة يُعتقد أنها تتحدى بشكل علني تأسيس الدولة دولةً يهوديةً أو أيّ نشاط "ينكر وجود إسرائيل دولةً يهوديةً وديمقراطيةً"، أي ليس إنكار وجود "إسرائيل" بوجه عام، بل يكفي لتنفيذ القانون على المستهدفين به عدم الاعتراف بها دولةً يهودية كذلك.

قانون الجنسية الإسرائيلية:
وهو قانون يخوّل المحكمة بسحب المواطنة من كل من يدان في مخالفة تمس بأمن الدولة، والقسم لمن يحمل الهوية الإسرائيلية بيهودية الدولة، بما يهيئ لسحب الهوية ممن لا يقبل ذلك من العرب، وطرده من أرضهم. 

قانون مصادرة الأراضي:
قبل الاعلان عن قيام دولة "إسرائيل" لم يكن الصهاينة يملكون أكثر من 5.5% من مساحة فلسطين، وعلى أكثر تقدير لم تتجاوز المساحة التي ملكها اليهود الـ8%، بيد أنه بفضل مصادرة الأراضي حوِّلت أكثر من 93% من الأراضي إلى ملكية يهودية.

قانون منع الأذان:
ناقشت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع مشروع قانون يقضي بـ«حظر استخدام مكبرات الصوت في جميع المساجد»، كما يقضي بـ«تخويل وزير الداخلية الإسرائيلي بصلاحية السماح برفع الأذان في المواقع التي يراها مناسبة».

• قانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام:
وهو من أخطر القوانين التي تهدد حياة الأسرى المضربين عن الطعام، والذي يعدّ نوعاً من التعذيب وإجراءً غير أخلاقي، ويتنافى مع الأعراف المهنية والطبية.

• قانون رفع الأحكام بحق الأطفال راشقي الحجارة:
وينصّ على إمكانية فرض عقوبة السجن لمدة 10 سنوات على راشقي الحجارة.

• قانون محاكمة الأطفال دون سنّ 14 عاماً:
جاء في نص القانون أن المحكمة تستطيع محاكمة أطفال من سن 12 عاماً، لكن عقوبة السجن الفعلي تبدأ بعد بلوغهم 14 عاماً، ويُرسل الأطفال قبل بلوغ هذه السن إلى إصلاحية مغلقة.

• قانون ما يسمى بـ"الإرهاب": 
حيث صدّقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة اليمينية على اقتراح القانون آنف الذكر، والذي ينص فيما ينص عليه أنه لا يمكن الإفراج عن معتقل حكم بأكثر من مؤبد واحد إلا بعد ٤٠ عاماً من وجوده في السجن.

سبل المواجهة 
لا شك أن هنالك مسؤولية كبرى تتحملها قيادة السلطة التي تمكنت من الحصول على دولة فلسطين عضوًا مراقبًا في هيئة الأمم المتحدة في مواجهة العنصرية الصهيونية؛ لأنها قادرة على الاستفادة من ذلك من خلال أن أرض دولة فلسطين محتلة، ويجب على الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال، لأنه لا يكفي مطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني والتي تتصاعد بصورة خطيرة.

الموقف الدولي 
تتنافى عنصرية الصهيونية و"إسرائيل" مع أهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها، والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الانسان، وكذلك الاتفاقية الدولية لتحريم إبادة الجنس البشري، وإعلان الأمم المتحدة بخصوص إلغاء التمييز العنصري بأشكاله كافة، والعقد الدولي بشأن مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، والعديد من الاتفاقيات الدولية الأخرى.

حيث عدّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من (نوفمبر) 1915 الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، من خلال قرارها رقم 3379، والذي صوّت لمصلحته -وقت ذاك- 75 دولة، وعارضته 35 دولة، وامتنع عن التصويت 32 دولة، وجاء في القرار المذكور أن العنصرية "علمياً غير صحيحة، وتستنفر التوبيخ أخلاقياً، وهي غير عادلة اجتماعياً.

لكن تبرئة الصهيونية من العنصرية بعد ذلك من الأمم المتحدة يعد سابقة خطيرة، وخروجًا سافرًا على فلسفة وأهداف هذا المنبر الدولي، لأنه يعني ببساطة إضفاء الشرعية على الجوهر العنصري للصهيونية، وممارسات "إسرائيل" اللاإنسانية بحق المواطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، ويشجع حكام تل أبيب على الإمعان في التنكر لقرارات الشرعية الدولية، التي تدعو إلى انسحاب القوات العسكرية الإسرائيلية من الأرض المحتلة، واحترام حق سكانها الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
https://taghribnews.com/vdcbwsbfwrhbaap.kuur.html
المصدر : المركز الفلسطيني للاعلام
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز