تاريخ النشر2012 25 October ساعة 17:49
رقم : 113369

الإساءة الى الأديان دين الصهيونية وديدنها

خاص تنا - مكتب بيروت
الصهاينة ودورهم الأساسي في الاساءة الى الأديان السماوية والرسل الكرام. وكيف تعمل الصهيونية للسيطرة على العالم.
الإساءة الى الأديان دين الصهيونية وديدنها
لا تبعد الاساءة الى الرسل والديانات السماوية عن الدوائر والمحافل الصهيونية التي عملت منذ بدايات تاريخها على تسخيف القيم والرموز المقدسة لدى اتباع الديانات السماوية، حتى انها حطت من قيم الديانة اليهودية ولم تتعامل مع رموزها الا كرموز تاريخية غير مقدسة لما تصفه بالشعب اليهودي، وحولت الصهيونية التعامل مع الدين كجزء من التراث القومي للاسرائيليين بعيدا عن اي قداسة للرموز الدينية المتمثلة بالانبياء والرسل والكتب المقدسة. 

هذا التعاطي المستهزئ بالقيم السماوية، يبرز بقوة مع النظرة الصهيونية للاديان الاخرى التي ترتكز على نفي القداسات وسلبها كل ما هو غير يهودي في اضفاء للنظرة العنصرية حيال الاديان الاخرى واتباعها.
 
ولعل دور الكثير من المحافل اليهودية السرية في العمل على تحطيم القيم المعنوية للشعوب الاخرى خصوصا في القرنين التاسع عشر والعشرين يؤكد على عمق العداوة للدينين الاسلامي والمسيحي الذين شكلا عائقا امام تمرير المخططات الصهيونية في افساد العالم، وترسيخ القيم المادية والحيوانية، ليتاح للصهيونية السيطرة على مفاصل القرار في العالم، وقيادة الشعوب بما يخدم التطلعات الشيطانية والتسلطية والعنصرية التي تحملها الصهيونية حيال الشعوب الاخرى. 

الرؤية الصهيونية هذه وإن كانت تنبع من مصلحة الصهاينة في التغلغل في مختلف دوائر السيطرة والتأثير على مستوى العالم، الا انها تستند بالاساس الى عقلية عنصرية اغترفت من نصوص دينية وردت في الكتب اليهودية التي سخفت من معتقدات الشعوب الاخرى، ووصل ببعض النصوص الى تشبيه بقية بني البشر من غير اليهود، والذين يسمون بالغوييم وفق التعريف العبري، بالدواب التي خلقها الله وسخرها لخدمة بني اسرائيل. 

كل ما تقدم يعرض تفسيرا للخلفيات التي يحملها الصهاينة تجاه بقية الاديان ورموزها المقدسة؛ لذا لا عجب من اجتراء الصهاينة والقوى الخاضعة لهم والمتأثرة بطروحهم في اوساط تدعي الفن وحرية التعبير في العالم الغربي على القيام بحملة مسعورة من الاساءة الخطيرة الى صورة نبي الاسلام محمد (ص)، في غاية واضحة تكمن وراءها الاصابع الصهيونية الشيطانية لتحطيم قداسة هذا النبي بنظر العالم، وتوجيه الاهانة الى مئات الملايين من المسلمين الذين يرون الاساءة الفظيعة لنبيهم، بينما هم عاجزون عن التحرك الا باضعف الايمان، وهو الاحتجاج والتظاهر. 

ان المساس الخطير بهذه الشخصية التي تمثل معاني الطهارة والقداسة لدى المسلمين ليست عملا عابرا او مجرد فكرة راودت بعض العاملين في الفن الرخيص في الولايات
المتحدة الاميركية، انما تأتي في اطار عمل منظم تديره اوساط متطرفة حاولت وتحاول الاساءة الى رموز الاسلام بمختلف الوسائل والطرق، وهي تلتقي مع الدوائر الصهيونية في الخطط والاهداف لافراغ الفضاء البشري من القيم التي يمثلها هذا النبي الكريم. 

                                                   

هذه الاساءات تلاقت مع تجرؤ المستوطنين الصهاينة في اكثر من موقع على التطاول على شخصية نبي الله وكلمته عيسى (ع)، والاساءة اليه بمختلف الشعارات واقذع العبارات النابية التي خطت باللغة العبرية على جدران عدد من الكنائس في فلسطين المحتلة، وذلك في اطار الحملة نفسها التي تديرها المحافل ذاتها وان اختلفت من حيث مواقع التحرك، لكننا مع الاسف لم نر رد فعل ذا قيمة في العالم المسيحي على هذه الجرأة الصهيونية في التطاول على رأس القداسة في الديانة المسيحية. 

بناء على ذلك يمكن ان نخلص الى جملة اهداف وضعها اصحاب الاساءات نصب اعينهم في تحركهم الذي شهد زخما غير معهود في الآونة الاخيرة. 

اولاً: تمثل الاساءات كسرا لأهم المحرمات التي كانت مختلف الامم والشعوب تحرص على مراعاتها احتراما للقيم التي تمثلها لدى اتباع الاديان، ليكون ذلك مدخلا الى ضرب القيم التي يمثلها من يساء الى شخصياتهم، وبالتالي توهين هذه القيم وطرحها في سوق السخرية والاستهزاء، ودفع اتباع هذه القيم الى التخلي عنها بعد الامعان في توهينها وتشويهها بمختلف الاساليب الرخيصة والوسائل القابلة للوصول الى مختلف الناس، والمقصود هنا وسائل الاتصال الحديثة التي لم تكن متوفرة سابقا، ما يتيح المجال لنشر الاساءات على اوسع نطاق عالمي. 

ثانياً: تأتي الاساءة الى نبي الرحمة محمد (ص) في اطار عملية تشويه صورة هذا النبي بنظر الرأي العام العالمي والغربي على وجه الخصوص، وفي سياق حملة صهيونية واضحة تركز على اظهار صورة المسلمين بشكل مقزز، ما يسهم في العداوة ضدهم وضد دينهم لدى الرأي العام الغربي، ويبقي اسرائيل الطفل المدلل للغرب والواحة الديمقراطية الوحيدة وسط بيئة متخلفة متوحشة لا تمتلك اي قيمة اخلاقية او حضارية، وتختصر الصورة المقدمة عن نبيها واقدس من فيها النمط الفكري والنفسي والسلوكي لاتباع دينه،
                                                                          
ناهيك عن ان ذلك سيعزز الدعم السياسي والعسكري والمادي الغربي لاسرائيل في ظل المعركة الحضارية التي يخوضها الغرب ضد العرب والمسلمين
وتأتي الحاجة الاسرائيلية لترويج هذه الصورة السيئة عن نبي الاسلام (ص) في هذه الظروف بالذات بعد تولد رأي عام غربي ينتقد الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والانتهاكات لحقوق الانسان التي تصل الى مستوى جرائم حرب وفق ما بينته التقارير الصادرة عن هيئات تابعة للامم المتحدة، خصوصا بعد حربي لبنان وغزة، وهذا الامر وضع اسرائيل قبالة ما تسميه الدوائر الاسرائيلية بعملية نزع الشرعية الدولية عن اسرائيل. 

ثالثاً: افتعال فتنة بين المسيحيين والمسلمين في المنطقة، وتوليد حال من الصراع بين العالم الاسلامي والعالم الغربي المسيحي بهدف ضرب هذين المكونين بعضهما بالبعض ليتولى الغرب بما يملك من طاقات مواجهة ردود الفعل الاسلامية، وادخاله في المزيد من الحروب ضد شعوب المنطقة لاستنزاف طاقاتها وتدمير امكانياتها، والذي سيشكل كسبا صافيا لاسرائيل بعد ان يتم تدمير امكانات هذه الدول في حروب يقودها الغرب ولا تدفع اسرائيل اي ثمن فيها، بينما تكون الكاسب الاول من وراء اندلاعها. 

رابعاً: تأتي عملية الاساءة الى السيد المسيح (ع) في سياق حملة تشويه قديمة تشنها الاوساط الصهيونية، والنابعة من اسس دينية في النظرة الى هذا النبي الكريم، وما تحويه النصوص اليهودية من انتقاص نبوته وتشويه صورته وصورة والدته مريم(ع). وترى الكثير من الجماعات اليهودية والصهيونية، لا سيما المتطرفة منها، ان تقدير واحترام هذا النبي يتعارض مع ما تحمله من رؤية حول خروج المسيح المخلص الذي تزخر النصوص اليهودية بالحديث عنه؛ لذلك لا بد من تحطيم صورة السيد المسيح (ع) في اطار تكذيب نبوته ورسالته، في اطار التأكيد على العقيدة اليهودية التي تتحدث عن ان المسيح المنتظر لم يظهر بعد. 

                                                

خامساً: ينشأ التهجم على شخصية السيد المسيح (ع) من منطلقات تهدف الى اضعاف شخصية السيد المسيح، والانتقاص من قيمته لتعويد المسيحيين على خدش كرامته وصورته، وهذا من اجل التقليل من قيمة المَظلَمَة التاريخية التي تعرض لها عبر الكشف عنه وملاحقته وصلبه بعد وشاية اليهود به، وفق ما تحمله الرواية التاريخية المسيحية لمعاناة السيد المسيح (ع). 

سادساً: تأتي عملية الاساءة الى السيد المسيح في فلسطين المحتلة، وخصوصاً على جدران بعض الكنائس في سياق سياسة الترهيب العنصرية التي تتولاها الجماعات الصهيونية ضمن مسلسل يجمع بين استهداف المساجد الاسلامية والكنائس المسيحية في عملية ضغط متزايدة على المسلمين والمسيحيين في هذه المناطق لاجبارهم على مغادرة ارضهم وديارهم ودور عبادتهم، وذلك في اطار المخطط الصهيوني الشامل القاضي بتفريغ فلسطين من اهلها وتحويلها الى دولة يهودية خالصة.


إعداد: حسن حجازي
https://taghribnews.com/vdcce1qso2bqs18.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز