تاريخ النشر2022 25 June ساعة 18:19
رقم : 554913

التسامح و التعارف: ثنائية التنوير والتجديد

تنا
ثقافة التعارف معادلة نتيجتها التسامح  نقيض التعصب و التطرف و الأحادية الفكرية، ليس هذا فحسب، وإنما لأن التسامح  و التعارف لا يتيحان مجالاً للعداوة و السلبية و التعصب و العنف، بل  يشكلان سدا منيعا أمام متواليات التعصب و التطرف .
مراد غريبي
مراد غريبي
أ.مراد غريبي 
لا يمكننا الاقتراب من حقائق التسامح دون الدنو من ثقافة التعارف، كون التلازم بين المفهومين و الثقافتين دقيق و عميق، و ذات تفاعل بشكل منهجي و موضوعي. فكلما ناقشنا قيمة التسامح فرض التعارف حضوره التنويري و ثقافته التجديدية في تركيز ماهية التسامح، ومتى ما تضاءل إشعاع التعارف انكمش نور التسامح و اتسعت رقعة التعصب و التطرف. بحضور التسامح تنتشر ثقافة التعارف و يكون نصيب التنوير و التجديد كبيرا مع تطور قيم التسامح و التعارف لدى أي مجتمع من المجتمعات. 

لأن ثقافة التعارف معادلة نتيجتها التسامح  نقيض التعصب و التطرف و الأحادية الفكرية، ليس هذا فحسب، وإنما لأن التسامح  و التعارف لا يتيحان مجالاً للعداوة و السلبية و التعصب و العنف، بل  يشكلان سدا منيعا أمام متواليات التعصب و التطرف ويؤكدان بما لا يدع مجالا للشك أن العنف بكل اوجهه خيار ممقوت و نهج مرفوض..

ولأن التسامح  اساسه الاختلاف رحمة و خير و منفعة عامة، و مؤشر تطور و ارتقاءو ثراء و تجديد للحياة، و نهج  لتكامل الرؤى و تلاقح الأفكار و تأسيس للأرضية المشتركة.
فالتعارف يجعل من المكاشفة الصادقة فضيلة، ومن اللقاء مكسباً،
ومن الإنغلاق تحجراً، ومن النكوص سبباً للرتابة والجمود. فالتعارف فضيلة لأنه الأصل في جعل الناس شعوبا و قبائل..

كما أن تبادل المعارف و الرؤى و تفكيك الإشكالات عبر الحوارات البناءة و اللقاءات الهادفة و الخلاقة  مكسب فعال لأنها مدخل أساسي لتعاون الطاقات و تنقية البواطن و تصحيح التصورات و تجديد الثقة، كون الأحادية الفكرية و التعصب الأعمى تنتهي إلى الجاهلية و الوحشية لأنها تفسد فرص و مشاريع و آفاق التنمية و التطور و السلم الأهلية، و التعصب يكون سبباً للجهل المركب و العقد النفسية و الأمراض الأخلاقية لأنه يفتقد إلى آفاق التسامح.

و التسامح إشعاع أخلاقي لمبدأ الكرامة يضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، كما يفتح المجال عبر التعارف بينهم حتى لا يشعروا بالقصور في الفهم و الوعي و يزيد من فرص التنوير، فإنه يعطي لمشروع التجديد الثقافي مساره الطبيعي و أفقه التنويري الأمثل..

كما التعارف فيه تعظيم للحقيقة، فالحقيقة هي تلك التي يتوزع نورها وإشعاعها على عقول الناس عبر نفوسهم المتسامحة،  ومن يريد أن يصل إلى الحقيقة فعليه أن يؤسس معرفته بحكمة التسامح، وهذه هي الحكمة التي جعلت ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، ومن يريد الحقيقة  فعليه أن يفتش عنها في عقول الناس بتسامح يعكس تواضعه أمام الحقائق و لا أن يبحث عنها في عقله فحسب و إنما عبر الوصول إلى عقول الناس، من خلال نهج التعارف، هذه هي عظمة التعارف الذي يفكك ويحطم صخور التعصب ويهزمها ليستخرج لؤلؤة الحقيقة.. 

و عليه يمكننا القول : إن التسامح و التعارف صنوان لنجاح التمدن الاجتماعي، وهكذا يكون التسامح الذي يضفي على حياة الناس متعة التعارف المسدد للتعايش, و التعارف الذي بممارسته الاجتماعية كثقافة يترسخ ويتعزز قانون التسامح الحضاري بين أبناء المجتمع  أي أن التسامح و التعارف  كلاهما يترسخ بالآخر ليتجدد الاجتماع الإنساني و يتقوى السلم الأهلي.
 
https://taghribnews.com/vdcgqt9nwak9ny4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز