تاريخ النشر2022 17 January ساعة 10:40
رقم : 534768

السعودية وخططها المستقبلية للبنان

تنا
جميع الطوائف في لبنان تعلم بأن حزب الله حاول من خلال استيراد النفط الإيراني حل بعض مشكلات لبنان، ولكن القوى الأخرى (السعودية والأمريكية والإسرائيلية) وبمساعدة بعض القوى المحلية هاجمت هذه المساعدات ودورها وفرضت العقوبات على الحزب وإيران وهددت بقصف صهاريج النفط .
السعودية وخططها المستقبلية للبنان
فاطمة عواد الجبوري
من يظن ولو للحظة بأنّ لبنان لم يَعُد مهماً بالنسبة للسعودية فهو مخطئٌ للغاية، وما عليه سوى قراءة التحالفات الجديدة للسعودية بتمعّن كي يعيد حساباته من جديد.

ولفهم اللعبة الدولية بشكل كامل علينا إدراك أهمية لبنان لكل من السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل معاً. فالأهمية الاسترايجية للبنان تأتي من موقعه الجغرافي أولاً من ناحية مجاورته للكيان الاسرائيلي وامتلاكه للقسم المهم من مياه البحر المتوسط والتي تزخر بآبار الغاز من جهة أخرى.

لبنان وعلى الرغم من صغر حجمه إلا أنه الدولة الوحيدة التي استطاعت طرد "إسرائيل" من أراضيه المحتلة بالقوة. فلا هو انخرط بعملية التطبيع مع الكيان المحتل ضمن حملات السلام مقابل الأرض ولا هو شارك في صفقة القرن أو عمليات التطبيع المجانية (أبراهام).

ولإخراج لبنان من معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني ومحاولة السيطرة على ثرواته الغازية وتحويله إلى حربة في خصر محور المقاومة كان لا بد من التخلي عن السياسات السعودية السابقة وإعادة بناء تحالفات جديدة.

لم تعهد المملكة العربية السعودية أن يتدخل ملكها بالمساجلات السسياسية ولطالما تم تفويض خوض المساجلات إلى وزارة الخارجية أو الصحف السعودية المحلية. 

وتنتهج السعودية أيضا سياسة التحشيد التي يمارسها بعض السياسيون والمفكرون السعوديون فعلى سبيل المثال فالسفير السعودي في لبنان السيد وليد البخاري لا يترك فرصة إلا ويشن هجمات تويترية ضد الحزب. ولعل أخرها ما وصف به الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بأنه "أبو رغال". وأبو رغال هذا هو وصف للخيانة وهو الرجل الذي أشار لجيش "أبرهة الحبشي" الذي قدم لهدم الكعبة. إن الدفاع  عن حقوق الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني واليمني اليوم أصبح "خيانة" من المنظور السعودي.

وضمن الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها السعودي ضد المقاومة هي اتهام المقاومة بتهريب المخدرات. وذلك لنسف القيم والقواعد الأخلاقية للحزب. ولكن لقد خيب وزير الداخلية اللبناني "بسام المولوي" (والذي سعى مرّات عديدة لخدمة المصالح السعودية)، خيب آمال السعوديين بالقول بأنه لا أدلة على تورط حزب الله بتهريب المخدرات إلى الخليج. ومما يقوض الخطاب السعودي هو السوابق التاريخية لأمراء سعوديين شاركوا في عمليات التهريب إلى السعودية وجميعنا يتذكر الأمير السعودي الذي تم اعتقاله متلبسا وبالجرم المشهود في مطار الحريري بتهم تهريب المخدرات إلى السعودية.

تقوم الاستراتيجية السعودية الأمريكية الإسرائيلية كذلك على عزل لبنان وشعبه وتجويعه وحصاره من جهة، ومن ثم التخلي عن الحريرية السياسية لصالح ميليشيات مسلحة لها تاريخ أسود في سفك الدماء اللبنانية.

تخلت السعودية عن الحريرية السياسية منذ اعتقال سعد الحريري وإهانته، ويأتي هذا التخلي في سبيل تقوية منافسه الجديد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. إن قطع المساعدات عن سعد الحريري ومصادرة أمواله هو لفصله عن قواعده الانتخابية ومحاولة دفع الطائفة السنية إلى الحضن القواتي. الغريب في ذلك كله هو أن الحريري لا يزال يتوهم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه مع السعودية وعليه فهو يهاجم حزب الله بين الفينة والأخرى على أمل إصلاح العلاقة مع السعودية. لا يدرك الحريري بأن عملية الحصار والتجويع التي تتبعها السعودية ضد الشعب اللبناني إنما هي لخدمة مصالح جعجع الانتخابية ومحاولة ربط كل أزمات لبنان بحزب الله وسلاح المقاومة. وفي مراقبة خطاب جعجع الإعلامي خير دليل على ما نقول.

جميع الطوائف في لبنان تعلم بأن حزب الله حاول من خلال استيراد النفط الإيراني حل بعض مشكلات لبنان، ولكن القوى الأخرى (السعودية والأمريكية والإسرائيلية) وبمساعدة بعض القوى المحلية هاجمت هذه المساعدات ودورها وفرضت العقوبات على الحزب وإيران وهددت بقصف صهاريج النفط وروّجت فيما بعد لمشروع الغاز المصري ومشروع الكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. هذه المشاريع التي لم ترى النور ولم يقصد منها سوى إيقاف مساعدات إيران وحزب الله.

وسنختم بالقول بأن اللحظة التي سيفقد بها لبنان أهميته الاستراتيجية في المنطقة هي اللحظة التي يتخلى فيها حزب الله عن سلاح المقاومة وتسيطر القوى السعودية-الأمريكية-الإسرائيلية على ثروات لبنان في البحر المتوسط. وطالما أن لبنان متمسك بهذه الثوابت فالاستراتيجيات والتحالفات في تغير مستمر. وبالطبع مصير جميعها الفشل.

كاتبة وباحثة عراقية
https://taghribnews.com/vdcce0qp42bq1m8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز