تاريخ النشر2021 9 January ساعة 14:43
رقم : 488960
كلمة الدكتور راشد الراشد المفكر والباحث البحراني

سمات الفكر وملامح المنهج السياسي عند الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر "عليه الرحمة والرضوان“

تنا- خاص
الدكتور راشد : لم يكن آية الله الشيخ الشهيد النمر عالماً أكتفي بالبعد المعرفي في الدرس والمجال النظري في الدين والعقيدة وإنما كانت حياته الشريفة عبارة عن ترجمة حية لمبادىء وقيم الدين والذي جسد في سيرة حياته كل حرف من حروف القرآن الكريم وجعل قيم الدين حية متفاعلة مع الواقع.
سمات الفكر وملامح المنهج السياسي عند الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر "عليه الرحمة والرضوان“
كلمة الدكتور راشد الراشد المفكر والباحث البحراني في الندوة الفكرية: ”الفكر السياسي عند الشهيد آية الله نمر باقر النمر (رضوان الله تعالى عليه)

 بعنوان : سمات الفكر وملامح المنهج السياسي عند الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر ”عليه الرحمة والرضوان“


لم يكن آية الله الشيخ الشهيد النمر عالماً أكتفي بالبعد المعرفي في الدرس والمجال النظري في الدين والعقيدة وإنما كانت حياته الشريفة عبارة عن ترجمة حية لمبادىء وقيم الدين والذي جسد في سيرة حياته كل حرف من حروف القرآن الكريم وجعل قيم الدين حية متفاعلة مع الواقع.

لم يكتف النظام السعودي بجرح مشاعر ملايين المسلمين وملايين الأحرار والشرفاء في العالم على إرتكاب هذه الجريمة النكراء، بل قام بجريمة موازية لا تقل بشاعة ووحشية من جريمة قتل الشهيد وهي إحتجاز جثمانه الشريف وعدم تسليمه لذويه حتى اللحظة.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين

قال الله العظيم في محكم كتابه المجيد:

”مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا۟ مَا عَٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُۥ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبْدِيلًا“ ٢٣-الأحزاب.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أتشرف أن أكون بين هذه النخبة من السادة العلماء والمفكرين وأتقدم بالشكر الجزيل لمركز الأمة الواحدة للدراسات والبحوث الإستراتيجية ومؤسسة عاشوراء على تنظيم هذه الندوة وعلى إتاحة الفرصة لنا للمشاركة فيها والتي تقام ضمن فعاليات إحياء الذكرى السنوية للشهيد آية الله نمر باقر النمر ”رضوان الله تعالى عليه“ والذي قام النظام السعودي بقتله في الثاني من يناير/كانون٢ من سنة ٢٠١٦.

سأتحدث في كلمتي في هذه الندوة من خلال أربعة محاور :

المحور الأول: من هو الشهيد آية الله النمر ”عليه الرحمة والرضوان“؟

وتأتي أهمية الحديث في هذه المحور للتعريف بشخصيته والتي قد تكون بعضاً من جوانب شخصيته غير معروفة لدى قطاع عريض من أبناء الأمة ومنهم النخب العلمية والفكرية ولتكون الصورة أكثر وضوحاً في معرفة وفهم جوانب من الخلفيات التي أدت إلى وقوع هذه الجريمة النكراء بقتله وحز رأسه الشريف بالسيف.

وقبل الحديث عن شخصيته ”أعلى الله مقامه الشريف“ هناك أربع ملاحظات أولية:

الملاحظة الأولى: إن شهادة آية الله الشيخ النمر كشفت الوجه الحقيقي للنظام السعودي وعرته أمام العالم وأسقطت جميع الأقنعة التي كان يتستر بها النظام للظهور بمظهر التقى والطهر وخدمة الإنسانية والإسلام في العالم، وجعلته مكشوفاً من غير أقنعة أو أغطية يغطي بها وأبرزته كنظام دموي يمارس الإرهاب بصفة رسمية.

الملاحظة الثانية: كشفت جريمة قتل الشهيد آية الله الشيخ النمر ”عليه الرحمة والرضوان“ حجم المأساة التي يعيشها المواطنون في بلاد شبه الجزيرة العربية حيث يكفي التعبير عن الرأي وممارسة العقيدة ليشهر سيف الإرهاب الرسمي ليقطع الرؤوس ويختطف الجثامين.

الملاحظة الثالثة: إن إقدام النظام السعودي على جريمة قتل الشهيد آية الله الشيخ النمر كرمز من الرموز الدينية هو ليس إساءة لمذهب أو طائفة معينة ، كما أنه ليس إساءة للإسلام وألامة الإسلامية وعموم المسلمين في العالم بإعتباره عالماً وفقيها من فقهائها، وإنما هو إساءة لجميع الأديان في الكرة الأرضة لما هو إساءة للرموز والمقدّسات الدينية، وهو إساءة ليس للشرفاء والأحرار وأصحاب الكرامة في العالم وإنما هو مس بالإنسانية وبكرامتها وبالحضارة الإنسانية وقيمها الأخلاقية الرفعية.

الملاحظة الرابعة: لم تكن مواقف الشهيد آية الله الشيخ النمر ”عليه الرحمة والرضوان“ نابعة من عاطفة أو إرتجال أو إنفعالية، كما يتصور البعض، أو إنه إنطلق في مواقفه نتيجة إنفعالات الضمير الشخصي والعاطفة والإنفعالات الوجدانية بل هي نابعة من رؤية وموقف ديني وأخلاقي وشرعي كما يتضح من خلال كتابته وخطاباته والرؤية السياسية التي تقدم بها في مشروع الإصلاح السياسي الذي تقدم به للنظام والذي كان يتضمن رؤيته السياسية الشاملة والذي أطلق عليه ”عليه الرحمة والرضوان“ عنوان ”عريضة العزة والكرامة“.

إن الشهيد آية الله الشيخ النمر بإختصار علم بارز من أعلام الأمة ومن كبار فقهائها في المنطقة الخليجية وله رمزيته الدينية الكبيرة فيها والتي لم يراع فيها النظام السعودي أدنى قيمة لما تعنيه الرموز والمقدسات الدينية وقام بقتله بصورة متوحشة مبالغ فيها بحز رأسه الشريف بالسيف لمجرد مطالبته بالإصلاح السياسي، علماً بأنه ”أعلى الله مقامه“ إنما تقدم ببرنامج الإصلاحي كوظيفة شرعية وأخلاقية مارس من خلالها أولاً حقه المشروع كحق إنساني له الحق في التعبير عن رأيه وله الحرية الكاملة في الدين والمعتقد وثانياً كعالم وفقيه بارز مارس دوره وأدى تكليفه كما تمليه عليه وظيفته الشرعية كرمز وفقيه ديني.

والشهيد آية الله الشيخ النمر ”رضوان الله تعالى عليه“ كفقيه وشخصية كبيرة لها مكانتها في المجتمع الخليجي له مواقفه ومبادرته التي تميز بها. فقد كان ”رضوان الله تعالى“ عالماً ربانياً عاملاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وبمعنى أنه لم يكن عالماً أكتفي بالبعد المعرفي في الدرس والمجال النظري وإنما كانت حياته الشريفة عبارة عن ترجمة حية لمبادىء وقيم الدين والذي جسد في سيرة حياته كل حرف من حروف القرآن الكريم وجعل قيم الدين حية متفاعلة مع الواقع. وفي هذا السياق طرح الشهيد ”رحمه الله تعالى“ العديد من المبادرات العملية على الساحة بشكل غير مسبوق في منطقته في ظل نظام شمولي يمنع ويجرم الحريات بكافة اشكالها وأنواعها.

وأشير في هذه العجالة إلى أربعة إنجازات مهمة للشيخ الشهيد ”عليه الرحمة والرضوان“ على مستوى شبه الجزيرة العربية وهي:

أولاً: قام بإقامة صلاة الجمعة، والتي كانت محظورة على المكون الشيعي في ظل النظام الوهابي التكفيري المتطرف، والتي إنتظمت لأول مرة في حياة الشهيد ”أعلى الله مقامه“.

وبالمناسبة لقد أقدم النظام السعودي مؤخراً وتحديداً في الأسبوع الماضي على هدم المسجد والجامع الذين بناه الشهيد آية الله الشيخ النمر ”أعلى الله مقامه" لغرض إحياء فريضة من فرائص الإسلام الحنيف وهي إقامة صلاة الجمعة ليمنع مجدداً من إقامتها بعد شهادة آية الله الشيخ النمر.

ثانياً: أنشأ مدرسته الدينية والتي بدأ من خلالها الدروس العملية في علوم ومعارف القرآن الكريم والعلوم الدينية الفقهية، ولأول مرة في تاريخ شبه الجزيرة العربية في ظل النظام السعودي، قام بإلقاء بحوث درس الخارج، وهي المرحلة المتقدمة من الدراسات والأبحاث المعروفة في الحوزات العلمية ”ببحث الخارج“ لتخريج الفضلاء والمجتهدين في الفقه والعلوم الإسلامية.

ثالثاً: أقام المهرجانات الدينية التي كانت محظورة على أحد المكونات الأساسية من مجتمع شبه الجزيرة العربية، والتي كانت بمثابة نقلة نوعية في التثقيف والتوجيه الديني.

رابعاً: دعى إلى بناء أضرحة وقبور ائمة البقيع بما يتلائم مع عقائد الإمامية والمذهب الجعفري، ليتمتع أبناء المذهب بممارسة حرياتهم الدينية وفق الضوابط والموازين الشرعية والمذهبية في عقائدهم الدينية.

المحور الثاني: سمات الفكر السياسي عند الشهيد النمر ”رضوان الله تعالى عليه“:

يتضح من خلال قراءة متأنية لإبحاثه العلمية ومحاضراته وخطبه، ومنها كتابه الوحدة الوطنية: قناع لصناعة عبدة الطواغيت، وعريضة ”العزة الكرامة“ التي تقدم بها الشهيد آية الله النمر للنظام والتي تضمنت مجموعة مطالبه السياسية في إصلاح النظام السياسي بأن الشهيد آية الله الشيخ النمر ”عليه الرحمة والرضوان“ كان يمتلك فكراً ورؤية سياسية عميقه وهذه أبرز ما يمكن أن نستخلصه من سمات لهذا الفكر والتي نحاول أن نستعرضها بإختصار شديد وبما يسمح به وقت الندوة الكريمة:

١- الصدق: يقوم الفكر السياسي عند الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر ”رضوان الله تعالى عليه“ على الصدق في بناء الرؤية وحسم الخيارات وإتخاذ المواقف. وكان هذه الصدق نابع من الرؤية الأخلاقية والشرعية في النظر إلى الأمور وليس من الأهواء أو النفاق السياسي أو ما تقضيه الظروف الخاصة بحالات الخوف والهلع من النظام الديكتاتوري المستبد الناتجة من شدة إنتقامه وقسوة الإجراءات التي يتخذها النظام الديكتاتوري ضد خصومه السياسيين أو ضد طلاب الحقوق السياسية من المطالبين بالتغيير السياسي وتحقيق العدالة.

٢- الوضوح: إذ لم يكتف الشهيد آية الله الشيخ النمر بصدق الموقف بل كان واضحاً جداً في مواقفه وحركته السياسية، وكان بعيداً عن البراجماتية ومنهج الواقعية السياسية الذي يمكن تطويعه حسب درجات الخوف الساكنة في عقل ووجدان العاملين في الساحة السياسية من نخب ومفكرين ومثقفين أو حسب الأهواء وبناء المواقف على قاعدة تشخيص المنافع الشخصية وليس كما تمليه المسؤولية الأخلاقية والشرعية لحفظ الكرامة وصيانة الحريات.

٣- شرعية الحق: من الواضح والجلي بأن مواقف الشهيد الشيخ آية الله النمر ”رحمه الله“ ترتكز على قاعدة شرعية الحق ولا شرعية القانون، حيث يؤمن الشهيد بأن الشرعية هي للحق وهي في فكره السياسي مقدمة على شرعية القانون. ويظهر من فكر وسلوك الشهيد آية الله النمر ”رحمه الله تعالى“ بأن شرعية القانون إنما تتوقف على الحق الذي تمثله وقد كتب ”رضوان الله تعالى“ بحثاً مطولاً في المسألة تحت عنوان ”شرعية الحق لا شرعية القانون“ يمكن الحصول عليه من موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية.

٤- التصدي و المسؤولية: حيث يرى الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر ”رضوان الله تعالى عليه“ بأنه لا قيمة للفكر ولا الثقافة الإسانية إذا لم تستبع المسؤولية الأخلاقية والأدبية والشرعية في ترجمة المضامين الأخلاقية لهذا الفكر في السلوك الإنساني. ويؤكد الشهيد ”رحمه الله“ في أكثر من موقع بأن الواقع السياسي للأفراد والمجتمعات إنما تقرره طبيعة حجم المسؤولية العملية التي يتخذه الفرد او المجتمع في مواجهة التحديات القائمة وفي مستوى الإرادة في محاربة مظاهر الفساد ومستوى مكافحة الإستبداد والنظم الديكتاتورية.

٥- الرؤية القرآنية: تعتمد الحركة السياسية أو المنهج السياسي للشهيد آية الله الشيخ النمر ”رحمه الله“ على الرؤية القرآنية، وتكاد لا تخلو كلمة من كلماته سواء المكتوبة أو الشفاهية من الإستشهاد بأيات كتاب الله المجيد. وهي سمة من السمات الأساسية للفكر السياسي عند الشهيد النمر التي يمكن ملاحظتها بوضوح من خلال خطبه وكتاباته.

المحور الثالث: ملامح المنهج السياسي عند الشهيد آية الله الشيخ النمر ”عليه الرحمة والرضوان“:

لقد تحلى الشهيد آية الله الشيخ النمر ”رضوان الله تعالى عليه“ بالشجاعة بما يكفي لطرح رؤيته السياسية وموقفه تجاه قضايا مجتمعه والدولة رغم معرفته بأنه يطرحها أمام نظام دموي كالنظام السعودي قد تكلفه حياته، لكنه ”رضوان الله تعالى عليه“ لم يتردد للحظة واحدة في أن يتنصل من مسؤولياته الأخلاقية والشرعية بإتجاه ممارسة وظيفته ودوره كعالم دين وفقيه وكمواطن له الحق في التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه العادلة والمشروعة.

١- الصدق والأخلاص في تبني مواقفه حركته السياسية، فلم يكن ما قام به، كما شاهدناه وشاهده العالم، من خلال خطبه وبياناته وتصريحاته بأن مواقفه أو حركته السياسية في الإصلاح هو للمناكفة أو للتجاذبات السياسية وتسجيل النقاط هنا أو هناك ضد أحد أو ضد أي طرف وتيار في الساحة، بل يتضح من خلال حركته ومواقفه بأن بوصلته السياسية مركزة في إتجاه تحسين الظروف السياسية في المجتمع وتطوير النظام السياسي بحيث يحقق الحد الأدنى من العدالة بين المواطنين.

٢- كسر حاجز الخوف والهلع من النظام، عبر شجاعة الطرح وتبني المواقف الرسالية التي تفرضها طبيعة الفهم الواعي والدقيق للتشريعات السماوية التي تحظ على حفظ الكرامة الإنسانية وحق المجتمع في العدالة والحريات السياسية والمساواة ومقاومة الطاغوت والكفر به. من المعروف بأن الأنظمة السياسية الديكتاتورية والمتسلطة تعمل على ترسيخ حالات العجز عند المجتمع عبر إقناعه فكرياً بأنه غير قادر على التغيير وأن عليه الإستسلام للأمر الواقع، من خلال حملات مكثفة في التوجيه بهذا الإتجاه وفي التزامن معها من خلال القسوة والتعسف في قمع الحريات لزرع حالة الخوف وأيصاله إلى منطقة الهلع المفرط من إجراءات السلطة القمعية والإنتقامية، ليبتعد المجتمع كلية عن الولوج في منطقة المطالب السياسية بالعدالة والحريات السياسية والمساواة.

٣- ثقافة تحمل المسؤولية الشرعية والأخلاقية في حفظ الكرامة وحماية الحريات والحقوق السياسية، بوصفها قضية محورية في الفكر الديني حيث النصوص الكثيرة الدالة على ذلك في وجوب مكافحة الظلم وما يستلزمه من تضحيات ونصرة لقضايا المظلومين، وما يتطلبه من تحمل المسؤولية في رفض الظلم والقوانين الجائرة التي تشكل حائط الصد لحماية الفاسدين من طلاب السلطة والمهوسون بها.

٤- عدم الإستسلام لسلطة الأمر الواقع، وتحمل المسؤولية الأخلاقية والشرعية في مواجهة الفساد السياسي والإستعداد لتحمل الأثمان وكلف المطالبة بالعدالة والحقوق السياسية.

وفي هذا السياق أسقط الشيخ الشهيد الثقافة الإنهزامية أمام الطاغوت التي تتذرع بثقافة تبريرية واسعة للتخلي عن المسؤولية بذريعة مدى قسوة الإجراءات القمعية والإنتقامية لسلطات الأمر الواقع على المجتمع، وكذلك التبرير بعدم وجود الإمكانيات لمجابهة أنظمة سياسية متفوقة بلا قياس أو مقارنة من حيث الإمكانات والعتاد على المجتمع، ووصول المجتمع إلى منطقة اليأس من القدرة على إحداث التغييرات اللازمة لحفظ الكرامة والحقوق، وإحساسه في نهاية المطاف بالعجز الكامل والمطلق من التمسك بثقافة المجابهة والمواجهة وتحمل المسؤولية والإستعداد لدفع الأثمان وكلف حفظ الكرامة وصيانة الحريات.

وكانت حركة الشهيد آية الله الشيخ النمر واضحة في إسقاط كل هذه الثقافة التبريرية فيما كان يقول ويعمل وفي جملته الشهيرة المدوية: ”سلاح الكلمة أقوى من أزيز الرصاص“. إشارة صريحة وواضحة أيما وضوح بأن التذرع بالإمكانات ليس كافياً لقبول حياة الذل والإهانة في ظل الطاغوت والنظم الديكتاتورية المستبدة. أما في كلمته الشهيرة الآخرى: ”إذا كان عندكم فرعون لطغيانكم فإن لدينا الحسين في تضحيته“ في إشارة آخرى مليئة بالدلالة في فكر ومنهج الشهيد ”أعلى الله مقامه“ على أن سلاح التضحية هو أمضى قوة يمكن بها مجابهة الطاغوت بكل ما يمتلكه من إمكانات البطش والإنتقام والتنكيل، أما في كلمته الثالثة: ”إما أن نعيش في على ظاهر الأرض أحرار أو نموت في باطنها أبرار“ لتحسم كل الخيارات التي تنتهي بضروة المجابهة وعدم الإستسلام للأنظمة الديكتاتورية التي تفرض سلطة الأمر الواقع وتوظيف ما لديها من إمكانات البطش والتنكيل في سبيل ذلك.

التوصيات:

تلك كانت خلاصة ما يمكن قراءته من سمات وملاح في الفكر. والمنهج السياسي للشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر ”أعلى الله مقامه“ ولنا هنا جملة من التوصيات وهي:

أولاً: أن يتحمل الجميع مسؤوليته في منع الإعدامات السياسية في العالم، وذلك لحماية الكرامة الإنسانية والعبث بالروح المقدّسة لآدميتنا من عبث أرباب الفساد السياسي والأنظمة الطاغوتية المتجبرة.

ثانياً: تعزيز ثقافة الديمقراطية وقيم الشرعية السياسية الحق في المجتمع الدولي عبر مواجهة الإستبداد والنظم الديكتاتورية وتجريم إحتكار النظم السياسية و فرض سلطات الأمر الواقع.

ثالثاً: الإهتمام بنصرة القضايا العادلة والمشروعة لشعوب العالم، وتبنى خيار وجود نظام عالمي جديد تتحقق من خلاله العدالة والإنصاف للمجتمعات البشرية، ورفض جميع أشكال الهيمنة والسيطرة والتحكم على مقدرات الأمور في أي بلد من البلدان.
وختاماً:

بالرغم من مرور خمس سنوات على جريمة قتل الشهيد آية الله الشيخ النمر ”رضوان الله تعالى عليه“ فإن النظام السعودي لم يكتف بإرتكاب جريمة القتل لعالم وفقيه ورمز ديني له مكانته ليس في المجتمع القطيفي وأبناء شبه الجزيرة العربية بل لجميع ما ترمز إليه قيم حضارتنا الإنسانية في إحترام الأديان وعقائد الناس ولم يكتف بالإنتهاك الصارخ لحرمة الدماء عند جميع الأديان وفي الفكر الإنساني المعاصر، ولم يكتف بجرح مشاعر ملايين المسلمين وملايين الأحرار والشرفاء في العالم على إرتكاب هذه الجريمة النكراء، بل قام بجريمة موازية لا تقل بشاعة ووحشية من جريمة قتل الشهيد وهي إحتجاز جثمانه الشريف وعدم تسليمه لذويه حتى اللحظة.

إننا ننتهز هذه الفرصة من خلال منبر هذه الندوة الكريمة لنطالب:

أولاً: بضرورة الإفراج عن جثمان الشهيد آية الله النمر ”عليه الرحمة والرضوان“ ليتسنى لذويه إقامة مراسم الدفن والتشييع بما يتلائم مع عادات وتقاليد أبناء منطقته.

ثانياً: أن يقوم جميع الأحرار والشرفاء في العالم ومن خلال مواقعهم المختلفة بممارسة كافة أشكال الضغط السياسي على النظام السعودي ودفعه للإفراج عن الجثمان الطاهر للشهيد آية الله النمر ”رحمه الله تعالى وتسليمه لذويه.

في نهاية حديثي أود مرة آخرى أن أتقدم بالشكر الجزيل لمركز الأمة الواحدة للدراسات والبحوث الإستراتيجية ولمؤسسة عاشوراء ولمؤسسة الشهيد آية الله النمر العالمية على تنظيمهم لهذه الندوة المباركة، ولدعوتنا للمشاركة فيها ضمن هذه الوجوه الطيبة من السادة العلماء والمفكرين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


/110
https://taghribnews.com/vdcepv8e7jh8voi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز