تاريخ النشر2020 14 March ساعة 22:56
رقم : 455030
بقلم یاسر الخیرو

إيران بعد الكورونا أقوى

لا شك أن فيروس الكورونا خطير ويحتاج إلى تعامل ذكي ومسؤول كي لا يسيطر على حياة المجتمع البشري، ولا يمكن التصدي له بالاعتماد على الجانب الطبي فقط، إلا أن الفيروس لم يحمل الشر المطلق وتمكنت إيران من تغيير بعض تهديدات الفيروس إلى فرص.
إيران بعد الكورونا أقوى
 مرت البشرية على مدى التاريخ بتجارب مختلفة أدت إلى تراكم الخبرات وتغيير العادات، وأصبح البشر يؤمنون بأن ما لا يقتلك اليوم يجعلك أقوى غداً، وهذا ينطبق على فيروس الكورونا أيضاً.
 
الكوادر الطبية الإيرانية أثبتت خلال الازمة أنها على قدر المسؤولية وأخذت تخاطر بحياتها من اجل مساعدة المصابين والحالات المشكوك بها؛ وأدت هذه التضحيات إلى تعزيز روح التعاون في المجتمع فبرز رجال الدين ونشطاء من اجل مساندة الكوادر الطبية من تقديم الورد لهم إلى العمل بجانبهم.
 
ارتفع مستوى الوعي الصحي في إيران وأصبح المواطن الإيراني أكثر التزاماً بالتوجيهات الصحية مما سيُساهم على المدى البعيد في الوقاية من شيوع الأمراض في المستقبل وتغيير بعض العادات الاجتماعية والثقافية.
 
لفتت الأزمة انتباه إيران إلى النقص الموجود والذي كان من الصعب الانتباه إليه في الظروف الطبيعية، خاصة في مجال البروتوكولات والنواقص في المجال الطبي؛ مما يُبشر بحركة علمية وعملية بعد الكورونا من اجل تفادي تكرار هذه الحالات، ويمكن للمراقب الدقيق أن يرى بشائر هذه الحركة في يومنا هذا.
 
مرة أخرى أثبتت إيران تقدمها العلمي وامتلاكها الإرادة من اجل مواجهة التحديات، فسارعت الشركات المعرفية الإيرانية بدوافع دينية ووطنية لانتاج المعدات والمستلزمات الطبية التي تحتاجها البلاد، وعلى رأسها عدد فحص الكورونا التي ما تزال دول تدعي التفوق العلمي مثل الولايات المتحدة متعثرة في انتاجها وتوزيعها.
 
وتوصل علماء إيران إلى أدوية تساعد على التعافي مما جعل إيران تسجل معدلات مرتفعة للحالات التي تعافت من المرض؛ وبث هذا روحاً جديدة في جسد الشركات الإيرانية من أجل الارتقاء إلى مستوى المسؤولية والمشاركة في الصنع والتطوير كل حسب اختصاصه.
 
الإيجابي في فيروس الكورونا أنه ليس بالمرض الذي يصيب فئة دون أخرى، فلا هو داء الأغنياء ولا داء الفقراء، مما أكد فكرة أن هذه السفينة واحدة، أما أن ننجو معاً أو نغرق معاً وتجسد ذلك في الحركات الشعبية والعفوية لمد يد العون والتعقيم والتساهل في أداء الدين والإيجارات وتقديم الكمامات الطبية والقفازات كهدايا للعوائل الفقيرة وهذا يشير إلى أن المجتمع الإيراني مترابط وموحد ويتحمل المسؤولية الاجتماعية عند مواجهة الصعاب.
 
رغم الخسائر التي تسبب بها انتشار الفيروس للقطاع التجاري، إلا أنه ساهم في نشر ثقافة الدفع الالكتروني، التجارة الإلكترونية وطلب الخدمات عبر الجوال واجبر كثيرين على الخروج من الاطار التقليدي إلى عصر التقنية واعتماد العالم الرقمي من أجل التعليم والتعلم وهذا يُبشر بازدهار أسواق الشركات الناشئة والمشاريع الرقمية والمعرفية بعد الازمة وتغييرات اجتماعية ملموسة في الاعتماد على العالم الرقمي.
 
واخيراً ستشهد الأزمة تدشين مقر الإمام الرضا (عليه السلام) للعلاج والصحة وإقامة مناورة حقيقية للتصدي لهجوم بيولوجي وهذا سيضيف خبرة لإيران في هذا المجال وللأمر أهمية كبرى خلال مواجهة أعداء لهم تاريخ طويل في الجرائم ضد البشرية لم ولن يترددوا في استخدام أقذر الأسلحة.
 
لا یمكن انكار الخسائر الاقتصادية التي تسبب بها الفيروس خاصة للقطاع الخاص، وهو ما دفع الحكومة الإيرانية لتخصيص معونات لهم، وبالتالي أثر الأمر على اقتصاد البلد، لكن منع السفر بين المدن أدى إلى ترشيد استهلاك البنزين بنسبة كبيرة، مما يتيح للحكومة الإيرانية تصدير البنزين لتعويض الخسائر، خاصة أن الحرب النفطية التي بدأتها السعودية ضد روسيا، تؤثر على أسعار النفط من دون التأثير على أرباح المصافي وبالتالي ما تزال إيران التي تصدر مشتقات النفط قادرة على تحقيق مكاسب فيما تخسر الدول التي تصدر النفط كمادة أولية غير مُكررة وهذا قد يُسعف الاقتصاد الإيراني في ظل الازمة التي تضرب الاقتصادات الكبرى حول العالم.
 
 
https://taghribnews.com/vdcgwn9tzak9nz4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز