تاريخ النشر2019 13 March ساعة 19:55
رقم : 408853

حديث التقريب : الاصطفاف الحقيقي

تنا - خاص
بعد الهرولة الأخيرة التي شهدتها الساحة نحو التطبيع، وبعد مؤتمر وارسو، اتضح بما لا يقبل الشك الاصطفاف الحقيقي في العالم العربي والإسلامي. لقد حاولت قوى الهيمنة العالمية وعلى رأسها أمريكا وحليفتها الصهيونية العالمية أن تركز على مفهوم انقسام المسلمين بين سنّة وشيعة، وعلى إضفاء مايجري من صراع في العراق وسوريا واليمن و.. بأنه صراع سنّي شيعي، وبأن الجمهورية الاسلامية تتمدد خارج حدودها لدعم الشيعة وقتل أهل السنة!! كل هذه الأقاويل تطلقها وسائل الإعلام المأجورة ليل نهار، في محاولة للتغطية على الاصطفاف الحقيقي في الساحة الإسلامية.
حديث التقريب : الاصطفاف الحقيقي
لقد ظهر بوضوح أكثر لكل مراقب للأحداث أن المواجهة اليوم هي بين جبهة المقاومة وجبهة الرضوخ للإرادة الأمريكية والصهيونية. 

الوقائع الأخيرة في الهرولة نحو التطبيع وتبلورها في وارسو أكدت أن الإدارة الأمريكية وحليفتها الصهيونية قد فشلت في إضفاء الطابع الطائفي على المواجهة القائمة، فاضطرت إلى إزاحة الستار عن وجه النفاق في المنطقة وإلى أن تعلن أنها قادرة على تجنيد كثير من حكومات بلدان المنطقة لاتخاذ موقف عدائي من جبهة المقاومة، ولتركز على خلق حالة من العداء تجاه البلدان المقاومة وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

إنها لظاهرة خطيرة جداً ستواجه عواقبها حكومات بلدان الانبطاح بالدرجة الأولى، لأنها سوف تنعزل عن شعوبها، فالشعوب العربية والإسلامية لا يمكن صهرها في بوتقة المصالح الأمريكية والصهيونية، ولا يمكن هزيمتها بإعلام مزيف أو بمؤتمر معادٍ لتيار المقاومة، أو بمحاولة تمييع شبابها بثقافة اﻻنحطاط.

لقد ظهرت خطورة ظاهرة الهرولة أكثر حين طلع إسرائيلي يتحدث بالعربية مخاطبًا الشعوب العربية ليقول:
«لا شأن لنا بكم، أنتم تعادون إسرائيل فابقوا على عدائكم، لا قيمة لمواقفكم وأصواتكم، يهمنا أن تكون لنا صداقة وعلاقة وثيقة مع حكامكم وولاة أموركم»!!
هذا يعني أن العدوّ لا يستطيع أن يخفي ما تحمله الشعوب العربية والإسلامية من مشاعر ساخطة ناقمة على العدوّ الصهيوني، وراح يسلّي نفسه بصداقة المستسلمين المنبطحين.

غضب الشعوب وسخطها سيحبط ما تكيده أمريكا والصهيونية لجبهة المقاومة، بل إن المجتمع الدولي لم يعد خاضعاً لما تمليه عليه أمريكا والصهيونية، وقد تجلّى ذلك في فشل مؤتمر وارسو، وفي تصريحات الندم التي أبداها بعض المشاركين في ذلك المؤتمر، وفي ردّة الفعل الشعبية الضخمة الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. 

لقد تبين الرشد من الغيّ، وما عاد خافياً على أحد أن ما جرى ويجري في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان إنما هو المواجهة الحاسمة بين دعاة الإحياء من المقاومين، وبين دعاة الهزيمة في المحور الأمريكي الصهيوني، الذين يضربون على وتر الترهيب والتجويع والحرب النفسية.

الشعوب ومؤسساتها الدينية والثقافية والعلمية يجب أن ترفع صوتها أكثر بالإعلان عن رفض الهزيمة وتصعيد روح المقاومة والحياة في الأمة.

إننا ننتظر أن يعلي الأزهر الشريف صوت الإسلام المحمدي الحضاري، أمام الإسلام المزيف البدوي المتخلّف المهزوم والمنافق.

الظروف على غاية من الحساسية، وكل قصور أو تقصير سيعود بنتائج لا تحمد عقباها لا سمح الله، على الحكام والمحكومين في المنطقة بأجمعها.

من منطلق «التقريب» ندعو الحكام والمؤسسات الرسمية والشعبية في عالمنا الإسلامي أن يحبطوا محاولة فصل الشعوب عن الحكام، ومحاولة تأليب الشعوب على جبهة المقاومة باسم «الطائفية»، وتأليب الرأي العام الإسلامي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية باسم التمدد الشيعي والهلال الشيعي، وأمثالها من المسميات التي تستهدف التغطية على الاصطفاف الحقيقي في هذه الأمة.. إنّه الاصطفاف بين المقاومة وأعداء المقاومة. بين حياة هذه الأمة وموتها لاسمح الله. ندعوهم لأن يتوجهوا بقوة وبعزم وبصوت يرهب أعداء الله ورسوله إلى نداء الإحياء الالهي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)

محسن الاراكي
الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
https://taghribnews.com/vdchm6nkx23nv6d.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز