QR codeQR code

د. عمر العكش في ابن قتيبة الدينوري وجهوده اللغوية

تنا – دمشق

وکالة سانا , 1 Sep 2011 ساعة 23:27

يتضمن كتاب "جهود ابن قتيبة الدينوري اللغوية" للدكتور عمر مسّلم العكش معلومات هامة، قد يجهلها أغلبنا عن عالم لغوي عاش في القرن الثالث الهجري، هذا القرن الذي شهد حالة من الصراع السياسي، لكن رغم ذلك فقد بلغت الدولة العباسية فيه أوج مجدها وازدهارها، ونهضت بغداد وأصبحت محط رحال العلماء ومعترك الرأي، ومقصد ذوي الجاه، وأخذ شأنها يعلو، والحضارة فيها تزدهر، فزهت الحياة وانتعشت فيها العلوم والفنون، وشارك رجال اللغة ونهضوا بعلومها، ورسموا للنحو رسومه، وبينوا مناهجه، وأصّلوا علم اللغة وطوّروه وأسسوا له قواعده، واجتهدوا بتأليف الكتب والمعاجم التي تحفظ اللغة وتصونها من اللحن وفساد الألسنة، وبلغت الحركة العلمية في علم اللغة مرحلة النضج والإبداع، وألف علماء اللغة في كل فن ولون.


ولعل ثراء هذا القرن هو الذي أغرى الدكتور عمر مسلّم العكش باختيار ابن قتيبة الدينوري كشاهد على تلك النهضة الفكرية والأدبية، وكرأس في اللغة والنحو والحديث والأخبار، وغدا يمثل ثقافة عصره خير تمثيل، فعمل 
د. العكش على دراسة جهوده اللغوية والبحث فيها معتمداً المنهج الاستقرائي التحليلي في دراسة آثاره، فقسم بحثه إلى ثلاثة أبواب جاء الباب الأول تحت عنوان "عصر ابن قتيبة وحياته وآثاره" وتضمن هذا الباب ثلاثة فصول أيضاً صوّر في الفصل الأول عصر ابن قتيبة سياسياً وثقافياً، لتظهر آثار تلك المؤثرات في تكوينه الفكري ونشأته، ونشاطه الثقافي واللغوي والأدبي.
وفصّل في الفصل الثاني القول في ثقافته ومصادرها، وبيّن عقيدته ومذهبه، ونوّه بمنزلته بين العلماء، وتكلم في الفصل الثالث على آثار ابن قتيبة في محاولة لتقديم صورة تعرّف بكتبه التي تعكس ثقافته الموسوعية، وتبحّره في العلوم المختلفة.
وحمل الباب الثاني عنوان: "آثار ابن قتيبة اللغوية: موضوعاتها ومناهجها" درس فيه أهم كتبه اللغوية وحلل موضوعاتها، وبيّن مناهجها، واستنبط من كل كتاب درسه أسلوب الدرس الذي يتسق مع موضوعه ومنهجه. كما قسم المؤلف هذا الباب إلى أربعة فصول درس في الفصل الأول جهود ابن قتيبة اللغوية في مجال الدراسات القرآنية، وفي الفصلين الثاني والثالث تناول جهوده اللغوية في علم غريب الحديث وتأويل مختلفه، وشرح غريب الشعر ونقده معتمداً في تقويم جهوده في هذا المجال على دراسة آثاره التي وصلت إلينا، أما الفصل الرابع من هذا الباب فقد خصصه لدراسة جهوده في كتابه "أدب الكاتب" الذي تضمن آثاره اللغوية، وآراءه القيمة في علم "فقه اللغة" ثم شفعه بدراسة وتحليل كتابين من الكتب التي تناولت "أدب الكاتب" بالنقد والشرح والدراسة.
وحمل الباب الثالث من هذه الدراسة عنوان "مباحث لغوية عامة" تحدث فيه عن اهتمامات ابن قتيبة اللغوية، وقسمه إلى ثلاثة فصول تناول في الفصل الأول معالجة ابن قتيبة لظاهرة لحن العامة مستنداً على كتابه "تقويم اللسان في أدب الكاتب"، وفي الفصل الثاني عرض لجهوده اللغوية في علم دلالة الألفاظ، وموقفه من الظواهر اللغوية، كالترادف والاشتراك اللفظي والتضاد لأنها تعد من صميم المباحث الدلالية، وقوّم الباحث في الفصل الثالث جهوده في معالجة المعرّب والدخيل والأعجمي والمولّد، ثم ذكر اختلاف علماء اللغة وأئمة التفسير حول وجود الدخيل في القرآن الكريم، وعرض آراءهم حول هذه القضية، ونوه بجهود علماء اللغة لوضع الضوابط والقواعد العامة لمعرفة الألفاظ الدخيلة، ثم قوّم جهوده في "المعرّب والدخيل" وناقش عنوان الباب الذي عقده في "أدب الكاتب" لهذه الظاهرة والذي جاء في النسخة المحققة التي اعتمدها الباحث في الدراسة تحت عنوان "ما تكلم به العامة من الكلام الأعجمي"، وتحدث في هذا الفصل عن طريقة معالج ابن قتيبة لمواده وحكمه في الألفاظ الدخيلة، وختم الباحث هذه الدراسة حول جهود ابن قتيبة اللغوية بخلاصة ضمنها أهم النتائج التي انتهى إليها وهي:
-ألقى البحث الضوء على دور ابن قتيبة ومشاركته في الحياة الفكرية والنهضة اللغوية التي شهدها القرن الثالث الهجري.
-نفى هذا البحث عنه التهم الموجهة إليه بالأدلة والحجج والبراهين، في إشارة إلى أنه تعرض لكثير من المشكلات الدينية والفقهية، وللعديد من المسائل اللغوية والنحوية والأدبية.
- رسخ البحث الاتجاه إلى تقوية الشك في نسبة كتاب "تلقين المتعلم من النحو" إلى ابن قتيبة، وبيّن أن الأدلة والقرائن التي ساقها محقق الكتاب لا ترقى إلى ترجيح ما ذهب إليه في توثيق نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة.
- ربط البحث بين ثقافة ابن قتيبة الواسعة وبين مؤلفاته القيّمة التي مثلت اتجاهات ثقافية متعددة في عصره، وأبانت عن أمانته العلمية، والتزامه الصدق، وتحريه الحقيقة.
-بين البحث منهج ابن قتيبة اللغوي في تفسير ألفاظ القرآن الكريم وتأويل مشكل آياته، والذي يتلخص في شرح المفردة بمرادفها والكشف عن معناها الأصلي، مستدلاً بأصلها على معناها قبل أن تخضع لعوامل التطور الدلالي، ورصد البحث جهود ابن قتيبة في استخراج أنواع المجاز في القرآن الكريم وتبويبها، لأن المجاز يعد القطب الذي تدور عليه قضية المشكل، والرأي عنده أنّ المجاز واقع في القول ولا سبيل إلى إنكاره.
-حدد البحث منهج ابن قتيبة اللغوي في تفسير غريب الحديث وتأويل مختلفه، وبيّن طريقة تناوله ألفاظ الحديث، وأنه كان يذكر الأصل اللغوي للكلمة ويجعله أصلاً لمعاني الكلمات القريبة من هذه الكلمة في أحرفها.
-رصد البحث جهود ابن قتيبة اللغوية في نقد الشعر وشرح غريبه، وأشار إلى أنه أودع في مقدمة كتابه "الشعر والشعراء أصول النقد المعروفة في عصره، وبسط فيها آراءه، وقوّم البحث آراءه اللغوية النقدية، ونظرته إلى تحقيق النص الشعري بحيث تكون عبارته صحيحة سليمة كما نطق بها الشاعر، كما رصد البحث جهوده في تفسير الألفاظ الغريبة التي وردت في أشعار الميسر والقداح، ووقف على جهوده في شرح الشعر العربي القديم ونقده، وأنه حاول أن يجمع في كتابه "المعاني الكبير" معظم أبيات المعاني، وبين منهجه في تفسير الأبيات الملغزة.
-حدد البحث مقياس الصواب والخطأ في الاستعمال اللغوي عند ابن قتيبة، وأشار إلى أنه سلك منهج الأصمعي الذي كان مولعاً بالجيد المشهور، مضيقاً على سواه ولايجوّز إلا أفصح اللغات، وقد اعتمد هذا المقياس في التخطئة والتصويب، وأشار البحث إلى أن ابن قتيبة يعد في مقدمة العلماء الذين خلطوا بين مذهبي المصرين: البصرة والكوفة، وأنشؤوا مذهباً مستقلاً هو "المذهب البغدادي".
-قوّم البحث أيضاً جهود ابن قتيبة اللغوية في دراسة الألفاظ معنى وتأصيلاً واشتقاقاً، وأن جهوده في هذا المجال مع جهود علماء العربية تعد الأصل الذي بدأ به علماء اللغة خطوتهم الأولى نحو علم الدلالة الحالي، وأشار البحث إلى أنه اجتهد في تحديد الأصل اللغوي للمفردات، ودرس طبيعة التغير الذي طرأ عليها، وبين البحث أن ابن قتيبة وإن أقر بوجود ظاهرة الترادف في العربية، لكنه لم يبالغ في قبولها، وحاول التماس الفروق الدلالية بين مختلف الصيغ، وحدد استعمالاتها بدقة مبيناً أن الألفاظ تكتسب دلالات جديدة عن طريق المجاز أو النقل أو الصفة أو النسبة.
وتعرض البحث لظاهرة تطور الدلالة، وحدد قوانين هذا التطور، وقوّم البحث جهوده في معالجة "المعرب والدخيل" وأشار إلى أنه أولى المعرب في اللغة عنايته ورصد استعمال عدد من الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية، وقد أتاحت له معرفته باللغة الفارسية، وبعض اللغات الأعجمية القديمة الوقوف على عدد من الألفاظ، وأنه كان يحكم عليها معتمداً على اللغويين الأقدمين، وقد نوه البحث كذلك بجهوده التي تعد حلقة في سلسلة متصلة من جهود علماء اللغة الذين اهتموا بظاهرة الدخيل في العربية.
القسم الثقافي
> ابن قتيبة الدينوري- المؤلف د. عمر مسلم العكش- منشورات المجمع الثقافي في أبو ظبي . 


رقم: 61537

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/news/61537/د-عمر-العكش-في-ابن-قتيبة-الدينوري-وجهوده-اللغوية

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com