تاريخ النشر2011 12 April ساعة 11:46
رقم : 45645
مقابلة مع الإعلامي رفيق نصر الله :

إعلام المقاومة اربك إعلام العدو وافقد مصداقيته

إعلام المقاومة كان شريكاً في المواجهة مع العدو وفرض نفسه على المشاهد الاسرائيلي .
رفيق نصر الله - اعلامي
رفيق نصر الله - اعلامي
وكالة أنباء التقریب (تنا) :
لعب «سلاح» الإعلام دوراً هاماً في دائرة الصراع مع العدو الصهيوني في ظل اعتداءاته المتكررة على لبنان وعلى أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك في العراق مع الاحتلال الأميركي. دور الإعلام المقاوم، تحدياته وكيفية دعمه وتطويره؛ كان موضوع الحوار مع الإعلامي رفيق نصر الله.‏

س: أستاذ رفيق كيف تعرّف الإعلام المقاوم؟‏

ج: الإعلام المقاوم هو الإعلام الملتزم بقضية، وهو الإعلام الذي يتحول إلى سلاح له تأثيره المعنوي في مسار العمل المقاوم. وبالتالي، فقد صار هذا الإعلام اليوم يشكل جزءاً من المواجهة.‏

بهذا اللحاظ أمامنا نماذج عديدة لدور هذا الإعلام وتحديداً في مواكبة عمل المقاومة منذ العام ١٩٨٢ إلى اندحار الجيش الإسرائيلي وصولاً إلى تنمية ثقافة المقاومة وتشكيل حصانة وممانعة لها.‏

س: ما هي أهمية الإعلام اليوم خاصة وأننا نعيش زمن العولمة والاتصالات السريعة؟ وما هي أهدافه وغاياته؟‏

ج: اليوم، نحن أمام تحدٍّ كبير نظراً لامتلاك القوى المعادية منظومة كاملة من «الميديا» التي توظَّف ضد المقاومة، وضد خط الممانعة، وهي رصدت إمكانيات ضخمة من أجل ذلك. ولكن، هذا لا يعني أن نستسلم لهذا الواقع ونترك الذاكرة اليومية للرأي العام أسيرة هذه الهجمة المنظمة التي سعت لمحو ذاكرتنا وتحويل مسار الصراع وتشويه صورة المقاومة. من هنا، علينا أن نمتلك الأدوات والآليات الفاعلة لمواجهة هذه الهجمة ولتحصين الرأي العام من تأثيراتها.‏

أما غايات
هذه «الميديا» فهي عديدة وواضحة أبرزها: ضرب ثقافة المقاومة، التشكيك بمشروعها والعمل على محو الذاكرة لدى حيز كبير من شعبنا حتى لا يتعلموا من الماضي، ومن ثم فرض وقائع جديدة تفعّلها هذه «الميديا» لتصبح واقعاً مختلفاً تمر من خلاله المشاريع الآيلة إلى خدمة المشروع المعادي. وبالطبع لدينا نماذج عديدة حيّة، أهمّها ما جرى في لبنان بعد العام ألفين، وكذلك ما حدث بعد العام ٢٠٠٥ حيث تحوّلت المقاومة وسلاحها إلى هدف مباشر للميديا المعادية.‏

* إعلام المقاومة شريكاً في المواجهة‏

س: ما الذي يميز الإعلام اليوم؟ وما هي طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه في دعم المقاومة (حرب تموز نموذجاً)؟‏

ج: من غير شك لعب إعلام المقاومة دوراً مميزاً ومتطوراً سواء قبل حرب تموز أم خلال الحرب، وهو كان يمتلك ديناميكية خاصة بالرغم من تعرض المؤسسات الإعلامية التابعة للمقاومة للقصف الهمجي.‏
لقد امتلك إعلام المقاومة صفةَ أن يكون شريكاً في المواجهة، وكان على مقربة من الحدث، بل هو جزء من هذا الحدث، وفرض نفسه على المُشاهِد الإسرائيلي كما على شريحة كبيرة من الرأي العام العربي والعالمي. ولعل مصداقية إعلام المقاومة شكلت دافعاً لأن يتحول هذا الإعلام إلى مرجعية ليس لجمهور المقاومة فقط، بل حتى لجمهور محايدٍ أو ربما معادٍ في بعض الأحيان.‏ 

لقد أربك إعلامُ المقاومة إعلامَ العدو وأفقده مصداقيته كما حاز على ثقة جمهور المقاومة قبل كل شيء. وهذا يعود، أولاً، لوجود فريق إعلامي طليعي مقاوم وملتزم، استطاع أن يستفيد من أهمية دور الإعلام في المعركة.‏

ولعل ما جرى خلال حرب تموز قد شكّل نموذجاً بارزاً لإيجابية دور هذا الإعلام، وهو ما دفع العدو إلى قراءة «بنيوية» إعلام المقاومة وذلك لمحاربته وتعطيله.
وهذا ما لاحظناه خلال حرب غزة عندما استفادت إسرائيل من خيبتها أمام إعلام المقاومة في لبنان، فعطلت في حرب غزة دور الإعلام الاستنهاضي ، حتى لا يؤثر ذلك على الرأي العام داخل الكيان المحتل.‏


* الإعلام صناعة وإمكانيات‏

س: بين الموضوعية والمصداقية والقدرة على الإقناع، كيف يوائم هذا الإعلام بين الحقيقة والموضوعية؟‏

ج: في الإعلام الملتزم تبرز أهمية المصداقية، لأنه يكون بصدد الدفاع عن قضية يُؤمن بها. ولكن الأهم أن لا يكون الالتزام معلَّباً أو موجهاً بطريقة إسمنتية. لهذا على الإعلام المقاوم والملتزم أن يمتلك الوسائل التي تمكنه من الوقوف أمام صناعة الإعلام المواجه له. فالإعلام صناعة، والصناعة إمكانيات وأدوات وآليات وهو ما يجب أن يتوفّر لدينا. فلا إعلام بدون إمكانيات أو أدوات، ولا رؤى منفتحة على عالم يتطور، وإلا سنفقد، كأصحاب قضيّة، القدرة على الإقناع. وهذا ما أعتقد أن إعلام المقاومة قد أدركه منذ أن واكب الإعلام الحرب، وعمليات المقاومة، ومن خلال ما أنتجه إعلام المقاومة من أعمال.‏

س: ألا تغني هنا القوة العسكرية عن الإعلام؟‏

ج: بالعكس، مهما كبر العمل العسكري فإنه يحتاج إلى إعلام يظهره، وإلا يبقى محدوداً. حتى أن بعض النماذج تظهر لنا أن الإعلام يستطيع أن يبدّل من الوقائع على الأرض، سواء أكانت خلال الحرب، أم ما بعد الحرب. لهذا علينا أن نسلّم بأهمية دور «الميديا» في إدارة الأزمات والحروب.‏

س: هل تعتقد أن الكثير من الهزائم العربية الراهنة هي إعلامية بالأساس؟ وما هو سبب هذا الفشل الإعلامي العربي؟‏

ج: الفشل الإعلامي العربي يعود لسبب رئيسي أنه إعلام نظام وإعلام موجّه بغباء وإعلام كاذب في معظم الأحيان، ولهذا لا يملك المصداقيّة والواقعيّة. وبالرغم من أن بعض العرب امتلك منظومة كاملة من الفضائيات والإمكانيات، مع ذلك فإنه يظهر كمن
يدافع عن قضية فاشلة.‏

* يجب توفير إمكانيات للمقاومة‏

س: كيف تنظر لبعض القنوات العربية واللبنانية التي تتبنى خطاب المقاومة؟ وهل ترى أن هذا الخطاب متأخر في إعلامنا؟ وما السبب؟‏

ج: أحترم دور بعض الفضائيات العربية واللبنانية، رغم قلّتها، وهي تتبنى خطاب المقاومة، ولكني أجده مناسباتياً وخبرياً، ولا يقوم على أساس امتلاك مشروع لثقافة المقاومة. المسألة لا تتعلق بالمناسبة أو الحدث لأُظهر التزامي بخطاب المقاومة. هنا، علينا أن نمتلك رؤى نترجمها بأعمال، وإنتاجات، ومصطلحات، وخطاب متكامل بكل مقوماته وإمكانياته. أشعر أحياناً بأننا وخاصةً خلال العامين الماضيين لسنا على مستوى استمرار اندفاعة خطاب وثقافة المقاومة. لا توجد لدينا أفكار متجددة وقدرة على الإنتاج، وأيضاً لا يوجد استمرار لمواكبة كل ما يجري في مسار الصراع. مؤخراً صرتُ أشعر بأن المقاومة وخطابها غير حاضرين في إطار «ميديا» لذا يجب أن نوفّر لها كل الإمكانيات: في الصورة، في الفيلم، وفي الخبر، وفي المؤتمرات والإعلان. أضف إلى ذلك امتلاك خطاب منفتح قادر على أن يصل إلى شرائح خارج نطاق جمهور المقاومة.‏

س: ألا تعتبر حرب المصطلحات امتداداً للحرب النفسية؟‏

ج: بالتأكيد نحن عرضة لهجمة سياسية تستهدف تغيير المصطلحات لدينا لتغيير المفاهيم. وهنا يجب أن نعترف بأن الآخر يدرسنا جيداً، ويسعى لاستبدال مصطلحاتنا بمصطلحات جديدة. وهو يملك قدرة على (التسويق)، ونموذج لبنان قائم، ونحن بحاجة أيضاً لأن نمارس الدور نفسه الذي يلعبه إعلام الآخر؛ لنشكل إمكانية لأحداث خرق لديه من خلال (تصليب) مصطلحات، وأيضاً التشكيك بما يطرحه علينا.‏

نحن نردد في بعض إعلامنا أحياناً مصطلحات تمكّن العدو من اختراقنا بها وهذا ما يجب أن نتنبه إليه.‏ 

المصدر : مجلة بقية الله
حوار: جومانة عبد الساتر

https://taghribnews.com/vdcftvdj.w6dtjaikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز