تاريخ النشر2019 10 July ساعة 17:38
رقم : 429050
بقلم فاطمة سلامة

واشنطن تُعاقب الشعب اللبناني على خياراته السياسية

لم يعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على حزب الله مفاجئاً. بل لك أن تتخيّل "برودة الأعصاب" التي يتلقى بها قيادات في حزب الله إدارج أسمائهم على اللائحة السوداء
واشنطن تُعاقب الشعب اللبناني على خياراته السياسية
 لدى سؤال أحدهم عن الأمر، يبتسم ويؤثر عدم الرد، فالخطوة بالنسبة اليه ليست غريبة. كُلّما وجدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها في دائرة الفشل، ترى في العقوبات "فشة خلق" لحفظ ماء الوجه. وهو ديدن اعتدنا عليه منذ سنوات طويلة، حتى باتت خطوة العقوبات متوقّعة في أي لحظة وباتجاه أي كان. إنّه باختصار سيناريو قديم ويتجدّد موسمياً كلما دعت الحاجة الأميركية لذلك. إلا أنّ المفارقة في العقوبات الأخيرة أنها وصلت إلى نواب في البرلمان اللبناني. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ العقوبات الأميركية طالت نواباً  مُختارين من قبل الشعب، وعليه فإنّ العقوبات فُرضت على الديمقراطية اللبنانية واللبنانيين. 

ولا يمكن فصل الحرب الأميركية من بوابة العقوبات عن الحرب "الشيطانية" التي تخوضها واشنطن منذ زمن على المقاومة. الذاكرة تحفل بأمثلة عديدة من هذا النوع، وإن اختلفت الأساليب، فمنذ عام 1982 لا تزال هذه الحرب قائمة، والمطلوب منها رأس المقاومة. الأخيرة أثبتت قدرتها على الصمود عسكرياً في شتى الميادين، محققةً الانتصارات. لم يعد بيد واشنطن حيلة سوى ما تُسميه "العقوبات" ظناً منها أنها تُحقّق هدفها بمحاصرة هذه المقاومة اقتصادياً ومالياً و"خنق" إرادتها. في هذه النقطة بالذات تبدو واشنطن واهمة، بل واهمة جداً. 
من يخبر عقلية حركات المقاومة جيداً، يعِ أنّ المال هو العنصر الأخير الذي قد يُحسب له حساب في أجندة عملها. طبعاً الأموال مطلوبة لتقوية هذه الحركات من الناحية "اللوجستية" لكنّها ليست الأساس. العنصر الرئيسي هو الإرادة التي لم ولن تستطيع آلاف القوانين التي يُصدرها الكونغرس كسرها أو إلغاءها.  تماماً كما لن تؤثر كافة حملات التحريض التي تمارسها واشنطن لتأليب الرأي العام الشعبي والرسمي على المقاومة، كالزيارة التي قام بها منذ فترة مساعد وزير الخزانة لشؤون ما يُسمى مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلّينغسلي إلى بيروت، والرسائل التحريضية التي بعث بها الى مصرف لبنان وسياسيين ضد حزب الله. 
وبالعودة الى العقوبات الأخيرة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية، فإنّ إطلالة سريعة على "أرشيف" نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت العام الماضي تؤكّد ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ هذه العقوبات تشكّل اعتداء على المجلس النيابي وعلى كل لبنان. النائب محمد رعد رئيس كتلة برلمانية وازنة لها ثقلها في مجلس النواب، وهو النائب الذي حلّ أولاً من حيث الأصوات التفضيلية في دائرة الجنوب الثالثة – قضاء النبطية حيث حصد 43,797 صوتاً تفضيلياً. كل هذه الأصوات تشكّل رصيد رعد من تأييد الشعب اللبناني. النائب أمين شري فاز بالمرتبة الأولى من الأصوات التفضيلية في بيروت حيث نال 22.961 صوتاً متفوقاً بذلك على رئيس حكومة لبنان سعد الحريري الذي نال 20.751. كل هذه الأرقام التي وثّقتها الماكينة الانتخابية تُبيّن بما لا يقبل الشك أنّ "العقوبات" الأميركية استهدفت بالدرجة الأولى القاعدة الشعبية في لبنان والبرلمان اللبناني قبل أن تستهدف حزباً لبنانياً له امتداداته الشعبية في كل لبنان. 
ولا يخرج استهداف الحاج وفيق صفا مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله عن هذا المنطق المذكور. موقعية صفا تجعله صلة الوصل بين الحزب ومختلف الأجهزة الأمنية والأحزاب السياسية. وقد سُجّل في هذا الصدد مهمات عدة لصفا في الكثير من المحطات التاريخية، خصوصاً لجهة مكافحة الإرهاب ودرء الخطر عن لبنان، وكلها أدوار لم تصب أولاً وأخيراً سوى في مصلحة الشعب اللبناني، الذي تسعى أميركا الى معاقبته تحت "شماعة" حزب الله. 

إذاً، لم تأت العقوبات الأخيرة بجديد سوى أنّها كرّرت ما بات معروفاً منذ زمن لناحية "الديكتاتورية" التي تمارسها أميركا الشيطان الأكبر وحلفاؤها في المنطقة. تلك "الدكتاتورية" التي وصلت الى حد النيل من مفاهيم الديمقراطية في العالم، والاعتداء على سيادة الشعوب، مما يتطلّب بطبيعة الحال رداً رسمياً برلمانياً وحكومياً، بدأه الرئيس بري بانتظار خطوة حكومية تحفظ كرامة اللبنانيين.
https://taghribnews.com/vdcjihexyuqe8yz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز