تاريخ النشر2018 24 October ساعة 11:35
رقم : 371518

حديث التقريب : سوار الذهب المنتصر على ذاتيته

تنا - خاص
كلمة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية اية الله الاراكي حول اهم صفة كان يتميز بها الرئيس السوداني الاسبق الراحل عبد الرحمن سوار الذهب الا وهي زهده في الدنيا وعدم طمعه في التمسك بالسلطة .
الرئيس السوداني الاسبق الراحل عبد الرحمن سوار الذهب
الرئيس السوداني الاسبق الراحل عبد الرحمن سوار الذهب
المشير عبدالرحمن سوار الذهب الرئيس السوداني الأسبق التحق قبل أيام بالرفيق الأعلى (8 صفر1440) بعد أن سجّل في حياته انتصاراً كبيراً على (النفس الأمارة بالسوء) فَلَم يغره منصب رئاسة الجمهورية بعد أن تولاه سنة 1985 على أثر انقلاب نهض به رفاقه من العسكريين، ولم يتمسك بالسلطة، بل سرعان ما أجرى انتخابات ، وسلم مقاليد الأمور إلى الحكومة المنتخبة.. وتفرّغ بعدها لأعمال الدعوة الاسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية باعتباره رئيساً لمجلس أمنائها.

نحن إذ نعزّي كل المصابين بفقد هذا الرجل الجليل، لابدّ أن نقف قليلا عند شخصيته من وجهة نظر تعاليه على ذاتيته، وما نتج عن هذا التعالي من حملٍ لهموم الأمة ووحدتها وكسر القيود التي تحاول قوى الشرّ فرضها لتمزيق أمتنا الإسلامية.
لا عجب أن نرى من هذا الرجل موقفاً كالذي ذكرناه، فهو ابن السودان، والسودان يعيش حالة عرفان شعبي عام، يبدأ من تدريس الخلاوي حتى دخول ساحات الحياة. ولكن العجيب أن نرى مواقف أخيرة من بعض أهلنا في السودان لا تتناسب مع ما عرفناه عن هذا البلد من ترفع عن الإغراءات العابرة.

ومع ذلك نعتقد أن الشعب السوداني سيبقى في طليعة الداعين إلى وحدة الأمة وإلى رفض التطبيع مع العدو الصهيوني وإلى الوقوف في صفّ المقاومة بوجه مشاريع الإذلال وعلى رأسها صفقة القرن.

نعود إلى فقيدنا سوار الذهب، وإلى المعالم البارزة في حياته على ساحة حمل هموم وحدة الأمة، وننقل عن لسانه ما قاله حين تشرف هو وأعضاء لجنة تنسيق العمل الإسلامي المشترك بلقاء الإمام القائد السيد علي الخامنئي(28 محرم 1419هـ)، وهذا نصّ حديثه في تلك الجلسة:

«بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سماحة آية الله العظمى القائد السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إنه يسعدنا ويشرفنا أن نكون اليوم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية بلد الإسلام والقرآن والعزة والكرامة، ونفخر اليوم باللقاء بسماحتكم قائداً لجمهورية فتية وشعب عظيم، وننقل إليكم آمال وطموحات جماهير المسلمين لتحقيق عزتها وكرامتها، خاصة وأن بلدكم اليوم يتسلم قيادة الأمة الإسلامية بتوليها رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي لهذه الدورة، والتي نظمتها الجمهورية الإسلامية فكانت الأحكم إعداداً والأنجح مقررات ونتائج، ولا نشك بأن قيادتكم الرشيدة سوف تؤدي إلى تحقيق تلك الآمال، خاصة ويساعدكم ويساندكم في أمانة المنظمة دولة الوزير الأول المقتدر الدكتور عز الدين العراقي الذي نشطت الأمانة في عهده بما يبشر بخير عميم بإذن الله.

كما نرجو أن نعبر عن فخرنا واعتزازنا بما شهدنا من تقدم وازدهار في الجمهورية الإسلامية والتي بحمد الله أصبحت أملاً للمسلمين، ونهنئكم على تجاوز العقبات وتحقيق الانتصارات الباهرة على كل قوى الاستكبار التي ظلت تكيد لكم وتتربص بكم لتركيع هذا الشعب المسلم العظيم، ولكن بحمد الله وبتوفيق منه وصمود شعبكم ورشيد قيادتكم فقد انتصرتم وشفيتم صدور قوم مؤمنين، فجزاكم الله عنا كل خير.

كما أرجو أن أشيد بالسياسة الحكيمة التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية ودعوتها لِلَمّ الشمل وتوحيد الصف الإسلامي ونزع فتيل وعوامل التوتر بالمنطقة والدعوة إلى الحوار والمنطق لتجاوز الخلافات، والدعوة الى التقريب بين المذاهب الإسلامية ورفع الفواصل التي باعدت بين أبنائها وجعلتهم لا يعترفون ببعضهم البعض. ومصداقاً لتوجهكم وتحقيقاً لتلك الغاية، أقمتم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية وأنشأتم جامعة تدرّس فيها كافة المذاهب الإسلامية.
وقبل أن أختم كلمتي إن كان لي من شيء أعتز به فإنني حينما كنت رئيساً للسودان وكانت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسودان مقطوعة أمرت بعودتها فوراً. وبحمد الله منذ تلك اللحظة وحتى الآن تسير العلاقات سيراً طيبًا فجزاكم الله كل خير.

وفي الختام نؤكد لكم يا سماحة القائد بأننا جميعاً نعمل معكم يداً بيد من أجل إعلاء كلمة الله والصمود في وجه الهيمنة والظلم، ومن أجل تحقيق وحدة الأمة الإسلامية واسترداد ما اغتصب من أرض وحق، ونعدكم بالعمل معاً حتّى يكون الإسلام حاضراً وفاعلا ومؤثراً في مجريات الأحداث في العالم والله أكبر والعزة للإسلام حفظكم الله وبارك فيكم ونفع بكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأجابه السيد القائد بكلمة شكر موجزة قال فيها:
«أشكر المشير سوار الذهب على ما تفضل به، وأنا أعرفه منذ سنين، ولكن عن بعد، وأنا مسرور أن ألتقي به الآن عن كثب. وتلك الذكريات التي سردها هي أيضاً حلوة في مذاقنا بنفس الدرجة. حينما استلمتم السلطة نحن احتفلنا في إيران. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن على دولة الإسلام والمسلمين في السودان بالثبات والاستحكام».

أعتقد أن هذه العبارات المقتضية التي أدلى بها الفقيد الراحل تبين أنه سار في حياته كلها مترفعاً عما انشدّ إليه الساقطون في إغراءات المال والسلطة، وكان بذلك داعية وحدة وتقريب. 
تغمّدة الله برحمته الواسعة وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان. 

محسن الأراكي
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية 
https://taghribnews.com/vdcezz8xvjh8fni.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز