تاريخ النشر2018 6 February ساعة 13:03
رقم : 310416

"إسرائيل" تشنّ حرباً جديدة على مسيحيي القدس

تنا-بيروت
تملك الحكومة الإسرائيلية "فرصة ذهبية" بين يديها بعد حصولها على الضوء الأخضر الأمريكي لتنفيذ أخطر مخططاتها العنصرية والتهويدية التي كانت تنتظر الوقت المناسب ويبدو أنّ وقتها قد حان فعلياً، وسط صمت عربي ودولي غير مسبوق.
"إسرائيل" تشنّ حرباً جديدة على مسيحيي القدس
فمنذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعترافه بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، بدأت الأخيرة كسرعة البرق بخطوات التنفيذ فحرصت أولاً على فرض سيادتها وسيطرتها العسكرية على مدينة القدس بأكملها، فيما يبدو أنها إنتقلت للخطوة التالية بتهجير المؤسسات الدولية والكنائس بسلاح الضغط والضرائب الباهظة.

وتعكف بلدية الإحتلال في القدس على فرض ضرائب باهظة على الكنائس وما تملكه من عقارات وأراضٍ وقفية ومؤسسات بهدف الضغط عليها ودفعها لهجر المدينة المقدسة المحتلة.

وقالت بلدية الإحتلال إنّ "ديون الكنائس و887 عقاراً تابعة لها بلغت نحو 190 مليون دولار"، مؤكدة أنها تنوي فرض ضرائب على الممتلكات العائدة إلى الكنائس والفاتيكان والأمم المتحدة والتي كانت معفاة من الرسوم في المدينة المقدسة بموجب "الاستاتيكو العثماني"(تثبيت الوضع القائم).

هذا القرار إستقبلته أوساط إسلامية ومسيحية داخل الأراضي الفلسطينية بحالة من الغضب والرفض الشديدين وإعتبرت شخصيات فلسطينية القرار بمثابة "إعلان حرب صريح على القدس لفرض سياسة الأمر الواقع".

الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك أكد رفضه القاطع لأية قوانين إسرائيلية جديدة تُفرض على المؤسسات العاملة في مدينة القدس المحتلة، معتبراً ما يجري "حرباً على القدس وقرصنة، لفرض السيادة الكاملة على المدينة المقدسة وتفريغها من سكانها ومؤسساتها الدينية والدولية". وشدد صبري على أنّ تلك الضرائب مرفوضة جملةً وتفصيلاً والمؤسسات كافة، المسيحية والإسلامية والدولية لن تتعامل مع لغةِ "تجاوُز القانون" التي تنتهجها إسرائيل ضد المدينة المقدسة منذ سنوات طويلة.

ويلفت خطيب المسجد الأقصى إلى أنّ قانون فرض الضرائب على المؤسسات بالقدس "عنصري وتهويدي" ويأتي ضمن المشروع الخطير والأكبر لتهويد المدينة المقدسة وتهجير سكانها وإفراغها لصالح المحتل.

المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس وجّه نداءً عاجلاً للمؤسسات المسيحية كافة داخل مدينة القدس المحتلة، دعاهم فيه لرفض قانون الضرائب الإسرائيلي وعدم التعامل معه.

وأكد المطران حنا أنّ سياسة الإحتلال بالقدس باتت واضحة للجميع وفرضه الضرائب الباهظة على عقارات الكنائس والمؤسسات الأممية يؤكد إستمراره في حربه الخطيرة على المدينة المقدسة وإستهداف مؤسساتها المسيحية والدولية.

وإعتبر فرض الضرائب بهذا الشكل يأتي ضمن حلقات المخطط الخطير الذي تسير عليه إسرائيل لإفراغ المدينة المقدسة من المؤسسات المسيحية كافة وتهميش الوجود المسيحي وإضعاف دوره الوطني والديني والشعبي.

وبحسب وكالة فرانس برس، فإنّ المدير العام لبلدية القدس" أمنون ميرهاف" بعث الجمعة الماضية برسالة للمسؤولين الإسرائيليين قال فيها: "إنّ الإتفاقات الدولية لاتُعفي سوى أماكن العبادة ومنذ سنوات أُعفيت الكنائس من دفع رسوم ضخمة على ممتلكاتها التجارية".

وقال ميرهاف: "حتى هذا الوقت، بلغت ديون الكنائس في 887 عقاراً نحو 190 مليون دولار"، من دون تحديد الفترة.

وجاء في الرسالة أنّ قيمة الإعفاء الضريبي الذي تتمتع به عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة، لها مكاتب في القدس، تُقدَّر بنحو 93 مليون شيكل (27 مليون دولار).

وذكرت صحيفة "يسرائيل هايوم" أنّ الفاتورة الضريبية الأكبر هي من نصيب الكنيسة الكاثوليكية وتبلغ نحو 12 مليون شيكل (3.5 ملايين دولار) تليها كنائس الإنجيليين والأرمن والروم الأرثوذكس.

الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، قالت: إنّ إعتزام بلدية الإحتلال فرض ضرائب على الممتلكات العائدة للكنائس والفاتيكان ووكالات الأمم المتحدة والتي كانت معفاة من الضرائب في مدينة القدس يهدد بإلغاء إتفاق الوضع الراهن (إستاتيكو) فيما يخص الأماكن الدينية المقدسة بالمدينة والذي تمّ التوصل له ما بين الدول الغربية والدولة العثمانية بتاريخ 2 أغسطس 1852م".

وأكد رئيس الهيئة، حنا عيسى، في تصريح صحفي له أنّ "إسرائيل" تريد بفرضها الضرائب الباهظة على الكنائس إما إخلاءها وإما الإستيلاء عليها وإما حتى شرائها، الأمر الذي سيترتب عليه تهجير قسري للمسيحيين وخاصة الروم الأرثودكس والكاثوليك بالإضافة للأرمن أيضاً". وشدد على أنّ إسرائيل تريد أن تصوّر للعالم أنّ الصراع في المدينة ديني بين الديانتين اليهودية والإسلامية وكأنّ المسيحية ليس لها أي علاقة! وتسعى لإلغاء أي أثر قانوني لسيادة الحقب الزمنية للمدينة بالإشارة إلى (الإستاتيكو) وهذا لتحقيق مخطط القدس الكبرى".

ونوه إلى أنّ رئيس بلدية الإحتلال في القدس، نير بركات، بمساعدة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكلاً من وزيري الداخلية والمالية يستغلون أجواء قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس لتعزيز الوجود الإستيطاني بجمع الضرائب الباهظة من الكنائس التي لن تتمكن من دفعها.

وفيما يتعلق بإمكانية تطبيق القانون رغم معارضة العالَم المسيحي في الغرب القرار، أكد عيسى أنّ بلدية الإحتلال ليست بحاجة لإقرار قانون جديد وإنما التفَّت على الأمر بقولها إنها تريد أن تجمع ما قيمته 190 مليون دولار من خلال الخدمات التي تقدمها من جمع القمامة والمياه".

وشدد على أنّ القرار سيجد معارضة من كل دول العالم لمعارضته للـ"إستاتيكو"، لكن "إسرائيل" لن تقيم وزناً للدول الأوروبية أو حتى الأمم المتحدة والقانون الدولي وستمضى في قرارها لتهجير المسيحيين المقدسيين بكل الوسائل الممكنة لها، حسب قوله.

بدوره، أكد راسم عبيدات، الكاتب والمختص بشؤون القدس أنّ قرار الإحتلال فرض ضرائب باهظة على الكنائس والمؤسسات الأممية بالقدس يندرج ضمن المخطط الأخطر لـ"القدس عاصمة إسرائيل" الذي تتبناه الإدارة الأمريكية.

وقال عبيدات إنّ الإحتلال بدأ بالتعامل على أساس أنّ القدس عاصمة لدولته وكلّ الإجراءات والقوانين التي تصدر عنه منذ قرار ترامب يحاول بها فرض سياسة الأمر الواقع وهذا الأمر يشكل خطورة على المقدسيين وكلّ المؤسسات داخل القدس التي تدعم صمود الفلسطينيين وتكشف زيف وجرائم الإحتلال".

ولفت إلى أنّ الإحتلال يسعى للسيطرة الكاملة على كلّ أملاك الكنائس بالقدس وكذلك المؤسسات الدولية وإعتبر فرض الضرائب محاولة للضغط على تلك المؤسسات لتشريدها ولكي تمارس عملها خارج فلسطين، مشيراً إلى أنّ بيع وتأجير وتسريب تلك العقارات والمؤسسات سيصبح مشروعاً للإحتلال بحجة عدم دفع الضرائب.
https://taghribnews.com/vdcez78xpjh8zei.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز