تاريخ النشر2014 20 July ساعة 23:15
رقم : 164013

قراءة في كتاب " الإمام علي (ع) إنسانيّة السماء"

تنا – بيروت
في رحاب شهر رمضان المبارك شهر التّوبة إلى الله تعالى، شهر الوحدة بين المسلمين جميعاً، والشّهر الزّاخر بالمناسبات الدّينيّة العظيمة، ومنها شهادة أسد الله الغالب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) اخترنا كتاب "الإمام عليّ ع إنسانيّة السماء".
قراءة في كتاب " الإمام علي (ع) إنسانيّة السماء"
 
إسم الكتاب : الإمام علي (ع) إنسانيّة السماء.
إعداد : السيّد موسى الصّدر.
دار النشر : مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.

عرض الكتاب:
الكتاب عبارة عن مجموعة من المحاضرات الّتي ألقاها الإمام السيّد موسى الصدر، وتتناول مكوّنات شخصيّة الإمام عليّ (ع) الثّوريّة، ويلتمس فيها نموذج الإسلام الإنسانيّ، و المستمد من نبيّ الهدى والرحمة الرسول محمد (ص) . وقد جاء الكتاب في أقسامه العشرة معنوناً على الشّكل الآتي:
١- الإمام علي (ع)في سطور.
٢- يوم الولاية يوم الإمام.
٣- غدير خم والاقتداء به.
٤- شهادة أمير المؤمنين.
٥- القسطاس المستقيم.
٦- البُعد الداخليّ للإمام علي (ع).
٧- الإنسانيّة الزاهدة.
٨- الإمام علي (ع) والقيادة الحركّة.
٩- عليّ (ع) كان موحّداً وكفى.

يحمل مدخل الكتاب مخطوطة بخطّ يد السيّد موسى الصدر ، ويتتحدّث فيها عن ولادة أمير المؤمنين علي (ع) في الكعبة المشرّفة، ونشأته في بيت النّبي محمد (ص) ، والأدوار الصّعبة الّتي قام بها لحماية رسالة الإسلام والنبي (ص) ذاكراً بعض تعاليمه في الزّهد، وإحقاق الحقّ وغيرها.

الإمام عليّ (ع)في سطور : تناول هذا القسم ما ذُكر في مخطوطة السيّد موسى الصدر عن حياة الإمام عليّ (ع) في مدخل الكتاب: بطاقة تعريف بأمير المؤمنين (ع) ؛ ولادته بمكة في بيت الله الحرام يوم الجمعة في ١٣ رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، أيّ قبل مبعث الرسول بعشر سنوات؛ أبوه عمّ النبي عبد مناف المعروف بـأبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، شيخ الأبطح وسيد الذين آووا النّبي ونصروه في مكة؛ أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم؛ وكانت للنبي بمنزلة الأم لرعايتها له؛ انتقال الإمام (ع) إلى بيت النّبي قبل بلوغه السّادسة ، وتعلّمه عنده فقال النّبي فيه: "أنا مدينة العلم وعليّ بابها"؛ ومؤازرته للنّبي كأخ ووصيّ وخليفة، وقيامه بأصعب الأدوار لحماية الرّسالة والرّسول في واقعة "بدر" و"أحد"، و"واقعة اليهود"، وواقعة الأحزاب "الخندق"، وواقعة فتح مكة وفي المحن والأخطار التي واجهها الإسلام.

- يوم الولاية يوم الإمام: في هذه المحاضرة بحث السيّد موسى الصدر معنى مفهوم الولاية استنادًا إلى ما ورد في القرآن الكريم والرّوايات والأحاديث المتواترة عن الرّسول والآمة صلّى عليهم وسلّم. كما يتعرّض لوجوب إطاعة الرسول؛ ومفهوم هذه الطّاعة الرسول؛

- فأولًا- مبدأ الولاية تمكين لتكوين مجتمع صالح تأثيره على تربية الإنسان أكثر من تأثير الصلاة والزكاة والحج والجهاد والصيام، ولهذا قيل: "ما نُودي بشيء مثلما نُودي بالولاية".

ثانيًا- انقياد الإنسان للولي، انقياد أفراد الأمة للولي الذي هو معنى الولاية، معناه تنسيق عمل الأمة وتجميع وتنظيم نشاطات الأفراد، وحينئذٍ تكون نشاطات الإنسان مضبوطة وهادفة في طريق واحد ولا تتحطم، ولا يُلقى بأسهم بينهم. والمجتمع إذا تمكن أن يكوّن تنسيقًا في جهود أفراده حينئذٍ تخلق المجتمعات الصغيرة طاقات هائلة، والتجارب التاريخية أقوى دليل على هذا. وأفضل طريقة على تنسيق طاقات المجتمعات مبدأ الولاية وانطلاق نشاطات الإنسان، أي إنسان بين أبناء مجتمع واحد ينبثق من الولاية.

- غدير خمّ والاقتداء به: تحدّث الإمام موسى الصدر في هذه المحاضرة عن جتماع المسلمين الأخير مع رسولهم، وكون كلام الرسول في هذه المناسبة أهم كلام يمكن أن يودِّع به رسول أمته. كونه اجتماعًا عظيمًا، لأنَّه في مفترق الطرق جمع المسلمين وهم في طريق عودتهم، يودّعهم، ويقول لهم: أيها الناس! أوشك أن أدعى، فأجيب، يعني يقول لهم: أنا طُلِبْتُ، وجاءت وفاتي، ينعى نفسه، وأخبركم بأني سوف أفارقكم
هذه الكلمة المروية المتواترة في أحاديثنا، ماذا فهموا منها؟ وبماذا عملوا؟في هذه الأيام الخالدة في تاريخنا، ثابته وباقية؛ تغيّر العالم وما تغير اليوم، جاء الحكام وذهب الحكام، وهذا اليوم باقٍ؛ الأحوال والظروف والانتخابات والمشاكل لا تجعلنا أبدًا ننسى هذا اليوم، أو نقلل من اهتمامنا بهذا اليوم؛ وإن شاء الله تبلغوا الإخوان، ونبلِّغ الإخوان حتى نجتمع ونتحدث في الغدير، ونحتفل في هذا اليوم، ونعاهد الله على أننا من الذين سمعنا هذه الكلمة وهذه الخطبة، وفهمنا وعملن يعني إذا نفسك تريد شيئًا، وعليّ يريد شيئًا آخر، يجب عليّك أن تترك ما تسوّل لك نفسك وتأخذ بقول عليّ، كما كنت تأخذ بقول محمد من قبل هذا معناه، ومعناه واضح من دون أي تردد. فالقضية، قضية التطبيق يا إخوان. لا يكفينا أن نقول نحن ولينا، نسمع خطبة الغدير، ونفهم خطبة الغدير ونعمل بخطبة الغدير. وحينئذٍ كما يقول الإمام: تصافحنا الملائكة يوم الغدير؛ من أدرك هذا اليوم، عارفًا، مؤمنًا، فقد صافحته الملائكة. متى الملائكة تصافحنا؟ متى نكون (قد) وصلنا إلى المحجة البيضاء؟ عندما نسلك وراء عليّ، عندما يدخل عليّ من هذا الباب إلى قلبنا، وعندما يحرك وجودنا وأيادينا وأرجلنا. حينئذ يكون لنا العز.

- شهادة أمير المؤمنين (ع) : اعتبر السيد الصدر أنّ الإيمان الحقيقيّ هو شأن"الإمام عليّ (ع)" ولا يمكن أن يكون المؤمن إلا كـ "عليّ"، فكان وليد في بيت الله وشهيد في بيت الله وقضى حياته عباىة وسجوداً في بيت الله. وشرح المقصود في الآية الكريمة ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾ بخاصيّة الإمام ع بالشدة على الكفار والرحمة فيما بينهم، حقيقة واحدة مثل كون التبريد والتسخين في الكهرباء حقيقة واحدة أيضاَ. من الطبيعي حينما يشعر الإنسان المؤمن بأن الله معه يشجعه في هذا الخط فهو ينطلق ويشعر بالقوة ولا يخاف من أحد، ولكن حينما يشعر أن الله لا يرضى، فهو يشعر بالضعف والخوف والتردد في السلوك.

في قول أمير المؤمنين ، "تزول الجبال ولا تزل، تِدْ في الأرض قدمك، أَعِرْ الله جمجمتك"، ، يعني حينما تحارب، اعتبر أن عمرك بيد الله، رأسك أمانة بين يدي الله، حياتك وديعة وأمانة عند الله، حينما تجد أنك أمّنتَ رأسك عند أمين وقوي وعزيز فمن أي شيء يخاف الإنسان؟

الحياة التي تعودنا عليّها وسميناه حياة، فهذا ليس حياة في منطق الإمام. "الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين عليّ بن أبي طالب يقول: الإنسان المقهور يعني الإنسان الذي عدوه سلب منه إرادته يعني بيئته قَهَرتْهُ، فهذا الإنسان مقهور، إنسان لا يؤثر فيما حوله، بل يتأثر مما حوله، هذا هو الميت الحقيقي، أما الإنسان الحي هو الذي يؤثر فيما حوله، يكوّن مجتمعه، يؤثر ويُصلح شأن بيته وأمته وبيئته أو يساعد في هذا الإصلاح.

- القسطاس المستقيم: تكلّم الإمام الصدر عن الميزان في شخصيّة الإمام عليّ (ع)؛ فعليّ بن أبي طالب وسيلة لاستقامتنا: ﴿القسطاس المستقيم﴾ )الشعراء، ١٨٢( حسب تفسير الآية الكريمة. إذا دخل أحدهم لبنان وأراد أن يعرف عليّ بن أبي طالب، يجب أن يعرف عليًّا من خلال جماعته وليس من خلال الكتب؛ وسأل: هل نحن في حياتنا نتشبه بالإمام؟

عليّ بن أبي طالب موجود بيننا، هو ليس جسمًا حتى نقول: جسمه مات؛ حقيقته بكلماته، بتعاليمه،حقيقته بسيرته، بحياته، حقيقته بمواقفه كلها بارزة هذا الرجل هدفه قائم الآن. فإذا نحن ضعّفنا الإسلام، قللنا من قيمة الإسلام، تركنا الصلاة، تركنا الواجبات، شاركنا الموجة العامة للفسق والفجور، نحن نعطي السلاح بيد أعداء عليّ بن أبي طالب حتى يميتوه. أما إذا سلكنا خطه، إذا بقينا في طريقه فنحن من جماعته.

- البعد الداخليّ للإمام عليّ (ع): في هذا الجزء تكلّم الإمام الصدر عن الجانب الداخليّ في حياة أمير المؤمنين (ع)، ودافع تحركه، ويتمثّل في رضا الله وإطاعة أمره بعيداً عن الطّمع أو حبّ الذّات والمجد والمال وغيرها. والدّافع كان يظهر من خلال نشاطاته؛ فمن يعرف حياة الإمام (ع) وطعامه ولباسه يعرف أنّه لم يكن يبالي بالأمور الدّنيويّة. إذا قرأنا كلمة العهد التي صدرت عن لسان الإمام يوم خلافته نجدها منسجمة ومنطبقة تماماً مع كلمته وهو على فراش الموت؛ وهذا يؤكّد أنَّ الإمام لا يشعر بالفرق عندما يكون خليفةً للمسلمين أو على فراش الموت. أراد للدّنيا أن تكون أمانة إلهيّة في خدمة النّاس وإنقاذهم الناس؛ ويجب على الأمّة أن تتحرّك بأمر من الله ورضاه. عند ذلك تتوحّد، وتجنّد طاقاتها، وتنتصر.

- الإنسانيّة الزاهدة: في هذا الجزء تحدّث الإمام الصدر عن الإنسانيّة الزاهدة عند الإمام علي (ع)، فيقول رسول الله (ص) في حقّ صاحب هذا الشّهر الفضيل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع): "أزهدكم علي"؛ فالإمام علي بن أبي طالب (ع) يرسم خط الزهد والنبي الصادق الأمين يشهد بأنه الزاهد. وبالفعل علي ملك الدنيا، الانتسابات المادية والعلاقات البشرية والقرب والبعد المكاني وكل شؤون الدنيا لا تؤثر في علي (ع)، يغضب حينما يغضب الله، ويرحم حينما يرحم الله، يحب من يحبه الله، ويكره من يكرهه الله.

الإمام علي(ع) والحركة القياديّة: تحدّث الإمام الصدر في هذا الجزء عن الحركة القياديّة عند أمير المؤمنين وتنفيذها في الوقت المعاصر، باعتباره القائد والنموذج. وأي زاوية من زوايا حياته، بدون استثناء قابلة للاقتداء. وأنَّ شجاعته (ع) وقوته وتفانيه كانت في ذات الله، ولم تقترن أبدًا بإرادة العلو في الأرض والفساد.

- علي (ع) كان موحّداَ وكفى: تكلم الإمام الصدر عن الإمام علي (ع) كونه الموحّد وكيف أمكنه أن يجسّد الإيمان ويكون مصدر الصفات السامية النتبثقة من صفات الله سبحانه وتعالى كالعدالة والقدرة والرأفة والرحمة. وعرض مواقف عديدة له في معارك ونقاشات وحوادث أظهرت سرّ الإمام (ع) وإيمانه الموحّد بالله سبحانه وتعالى.

فـعلي (ع) كان إيمانًا كاملًا، وردود فعله متباينة إزاء الدنيا. يبدو حينًا حريصًا على الدنيا وينشد الخلافة. ويقول حينًا آخر: "يا دنيا غُرّي غيري، لقد طلقتك ثلاثًا". لأن علياً (ع) أراد الدنيا من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل لا غير. فالدنيا التي لا يعمل فيها على إحقاق الحق والتصدي للباطل، لا تروق لـ"علي" (ع). فهو يريد الدنيا من أجل الله.

واعتبر السيد الصدر أنَّ هناك طريقان يمكن للعالم أن يتعرف من خلالهما على "علي" (ع). أحدهما يمر عبر التاريخ حيث يتعرف على "علي" عن طريق ما سجله التاريخ عن هذا الرجل العظيم. والطريق الآخر هو أن يتعرف على "علي" من خلال شيعته وأتباعه. ويجب أنَّ يكون الشخص حذراً في كيفيّة تعرفه على عليّ (ع).
https://taghribnews.com/vdceze8zxjh8p7i.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز