تاريخ النشر2020 7 September ساعة 11:43
رقم : 475104
موقع KHAMENEI.IR الإعلامي

لن تؤثّر خيانة الإمارات على مقاومة الشّعب الفلسطيني

تنا
اعتبر الإمام الخامنئي في كلمة له في الأول من أيلول الجاري أن تطبيع الإمارات العربية المتحدة مع الكيان الصهيوني شكّل خيانة لقضية فلسطين والعالمين الإسلامي والعربي، معتبراً إياها وصمة عار على جباه الإماراتيين لن تزول أبداً.
لن تؤثّر خيانة الإمارات على مقاومة الشّعب الفلسطيني
اعتبر الإمام الخامنئي في كلمة له في الأول من أيلول الجاري أن تطبيع الإمارات العربية المتحدة مع الكيان الصهيوني شكّل خيانة لقضية فلسطين والعالمين الإسلامي والعربي، معتبراً إياها وصمة عار على جباه الإماراتيين لن تزول أبداً.
وضمن هذا الإطار وتحليلاً لهذه القضية، أجرى موقع KHAMENEI.IR الإعلامي حواراً مع المستشار الثقافي السابق للجمهورية الإسلامية في لبنان ومحلّل الأوضاع الإقليمية السيد محمد مهدي شريعتمدار.
      
عبرت طائرة البويينغ 737 التابعة لشركة ال عال سماء الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، والأردن والسعوديّة ثمّ هبطت في مطار أبوظبي لكي تضيف صفحة أخرى إلى ملّف خيانة الحكام العرب بحقّ قضيّة فلسطين. من أيّ نقطة انطلقت هذه القضيّة بحيث وصلت إلى هذه المرحلة؟

أساس نشوء الكيان الصهيوني في المنطقة واحتلال فلسطين كان لأجل أن يتخلّص الغربيّون من المشاكل المرتبطة باليهود لديهم وأيضاً لكي يؤسّسوا بلداً في قلب العالم الإسلامي يقدر على منع أيّ نهضة وقيام وثورة إسلامية في المنطقة. لذلك، منذ اليوم الأوّل شكّل أمن الكيان الصهيوني أهمّ عامل للاستكبار العالمي وأمريكا على وجه الخصوص. وهذا الأمن لا يتحقّق إلا بعد اعتبار الكيان الصهيوني عنصراً يحتلّ مكانة طبيعيّة في المنطقة وهو يحتاج إلى إقامة هذه العلاقات بينه وبين الدول المحيطة به. لأجل هذا السبب، عقدت مصر في كامب ديفيد اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني. 


ثمّ جاء انتصار الثورة الإسلامية في إيران على الفور بعد كامب ديفيد، وساهم بمقدار معيّن في التقليل من سرعة هذا المسار، لكن تمّ فيما بعد طرح خطط متنوّعة كمؤتمر مدريد، وبعده اتفاقية أوسلو، واتفاقيات ومؤتمرات وادي عربة وشرم الشيخ، وتأسيس لجنة رباعيّة بقيادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ومخططات السيدة رايس بخصوص الشرق الأوسط الجديد والكبير، ثمّ تمّ وضع خطط عديدة وانتهت في عهد ترامب بصفقة القرن. يبدو أنّ ما جرى في الإمارات المتّحدة العربيّة كثالث بلد في العالم العربي يبادر للتطبيع، يشكّل جزءاً مهمّاً من صفقة القرن، إلّا أنّه لا توجد أيّ وثيقة واضحة بشأن هذه الخطّة. 

بشكل عامّ، يتّجه مسار السلام وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، نحو جعل هذا الكيان عنصراً منسجماً مع المنطقة المحيطة به. يقول أحد رؤساء الكيان الصهيوني أنّنا لا نستطيع أن نكون عرباً، لذلك ينبغي للعرب أن يصبحوا متوسّطيّين. أي أن يدخلوا في عمليّة ومؤتمرات تحمل عنوان "مؤتمرات البحر الأبيض المتوسّط" كي تكون لهم علاقاتهم الطبيعيّة بالكيان الصهيوني. 

هل تقصدون بأنّ الحكام العرب -والإماراتيّون على وجه الخصوص- يلعبون ضمن سيناريو يعود بالنّفع بشكل رئيسي على الكيان الصهيوني وأمريكا؟

لا يوجد أدنى شكّ في ذلك؛ خاصّة أنّ نتنياهو يعيش اليوم أسوء الظروف وأصعبها. فأزمة تشكيل الحكومة لديهم يواجهها معارضون ومخالفون. أضف إلى ذلك الهزائم التي مُني بها ترامب مؤخّراً في المنطقة، وهو بات يحتاج إلى الإقدام على خطوات على مشارف الانتخابات الرئاسيّة في الولايات المتحدة الأمريكية لكي يتمكّن من الفوز في المنافسات الانتخابيّة ويستقطب آراء المجتمع اليهودي في أمريكا والذي له تأثير كبير في مجرى نتائج الانتخابات. 

لذلك فإنّ الإمارات قدّمت أعظم خدمة لأمريكا وبشكل خاصّ لترامب والكيان الصهيوني ونتنياهو على وجه الخصوص. طبعاً، يأتي دعم الإمارات لأمريكا في سياق الحفاظ على وجودها. ففي هذه المواجهة التي تدور في المنطقة بين محور المقاومة من جهة ومحور الاستكبار العالمي والاحتلال والخنوع أمام الاستكبار من جهة أخرى، لا يتمتّع هذا البلد الصغير والضعيف، بالقدرات العسكريّة والوطنيّة والشعبيّة. لذلك هم يحاولون ملئ فراغ القوّة والاقتدار بالانضمام إلى التيار الأمريكيّ- الإسرائيلي في المنطقة. 
 
 
دولة الإمارات، هي ثالث بلد عربيّ يدخل عمليّة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. أيّ تأثير سيتركه هذا الأمر على قضيّة العالم الإسلامي الأساسيّة، أي فلسطين؟ وماذا ستكون تبعات هذا الأمر وتأثيراته على الفلسطينيّين؟

بعد انتصار الثورة الإسلامية ومع وقوع انتفاضات متكرّرة في فلسطين، وازدياد قوّة حركات المقاومة في المنطقة، وانفصال غزّة عن المناطق الخاضعة لحكم الكيان الصهيوني، وأيضاً وقوع ثلاث حروب في غزّة والمواجهة التي دارت بين حزب الله والكيان الصهيوني في جنوب لبنان، كلّ هذه شكّلت سلسلة أثبتت تغيّر المعادلات السياسيّة والميدانيّة في المنطقة. الكيان الصهيوني كان يتحدّث يوماً عن أنّ حدوده تشمل ما بين النيل والفرات وما هو أبعد من ذلك، والآن بات عاجزاً عن رسم حدوده بشكل دقيق، فهو اليوم يحاول ضمن إطار فلسطين المحتلّة لتوفير أمنه وأمانه. 

رغم وقوع هذه الخيانة، وما طبعته من وصمة عار على جباه مرتكبيها -حيث أشار الإمام الخامنئي إلى هذا الأمر- إلّا أنّ تأثيرها على الشّعب الفلسطينيّ، وحركات ومنظمات المقاومة المناضلة في فلسطين وعلى محور المقاومة في المنطقة لن يكون كبيراً.

فمحور المقاومة في المنطقة استطاع حصد الإنجازات والانتصارات وهو قادر على تحقيق انتصاراته في مواجهات أكبر وأعمق من هذا الحدث. نحن حقّقنا الإنجازات في المواجهات مع الكيان الصهيوني وفي سوريا والعراق ضدّ داعش والتكفيريّين. لذلك فإنّي أعتقد أنّ هذه المواجهة التي تدور بين محور المقاومة والمحور المقابل له سوف تدوم وتستمرّ. 

كما أنّني أعتقد أنّ ما جرى في هذه الحادثة، سوف يترك تأثيره في أجواء منطقة الخليج الفارسي وتواجد الصهاينة فيها أكثر من تأثيره على قضيّة فلسطين ومبادئها ومقاومة الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة في المنطقة. وكما هو متوقّع وقد أعلن ذلك السيد كوشنر، أنّ بلداً آخر من بلدان الخليج الفارسي سوف ينضمّ لاحقاً إلى هذا المسار. فيما يخصّ سائر البلدان، كان موقف عمان الأنسب. ففي الأيام الأخيرة، وبوساطة أجرتها قطر بين حماس والكيان الصهيوني، تمّ الاتفاق على خفض مستوى التوتّر وإيقاف المواجهات العسكريّة والحدّ من الاضطرابات. لعلّ قطر عوّضت بذلك عدم مشاركتها في مسار تطبيع العلاقات. 

على كلّ حال، لن يكون تواجد الكيان الصهيوني في منطقة الخليج الفارسي، وإن كان ضمن إطار الأنشطة التجاريّة والاقتصاديّة، محبّذاً بالنسبة للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران التي لطالما نادت وطالبت بأن تكون الآليّات الدوليّة وأمن المنطقة بعيدة عن مشاركة الأجانب، وعلى وجه الخصوص الأمريكيّين.

وقد طالبت دائماً بطرد القوات الأمريكيّة من المنطقة، وبشكل خاصّ بعد استشهاد الحاج قاسم سليماني، وها هي الآن تواجه ظاهرة تسمح للكيان الصهيوني أيضاً بالتواجد في منطقة الخليج الفارسي. 

جاء وفد على متن طائرة تابعة لشركة ال عال إلى دبي، ورغم أنّه كان وفداً تجاريّاً في الأغلب، لكنّه كان أيضاً أمنيّاً وسياسيّاً. كان يترأسه رئيس مجلس الأمن القومي في الكيان الصهيوني. وهذا إنّما ينبئ عن أنّ القضيّة الأساسيّة هي القضيّة الأمنيّة. 

إسمحوا لي بأن أشير أيضاً إلى هذه القضيّة بأنّ الإماراتيّين ولكي يبرّروا فعلتهم طرحوا نقطتين. إحداها بأنّهم بادروا إلى هذه الخطوة كي يحدّوا من مواصلة الكيان الصهيوني قضم أراضي الضفّة الغربيّة، وهذا ما كان معيباً جدّاً. أي أنّهم يوافقون على أساس ضمّ أراضي الضفّة الغربيّة إلى الكيان الصهيوني، لكنّهم يقولون بضرورة أن يتمّ الحدّ من هذه الخطوات.

وقد صرّح بعدها نتنياهو على الفور بأنّ الضمّ لا يزال على لائحة أعمالنا وسوف نواصل هذا الأمر. لم يُبقِ أيضاً ذرّة من ماء الوجه للمسؤولين الإماراتيّين. 

النقطة الثانية أيضاً هي أنّهم قالوا بأنّنا نودّ شراء طائرات إف35 وأسلحة متطوّرة من أمريكا. ومن اللافت أن تعلموا أنّ الأمريكيّين منحوا بعض الطائرات المتطوّرة للعراق، وكانت قليلة ومجرّد ديكور. أي أنّ العراقيّين لا يستطيعون جعل تلك الطائرات تحلّق. 

أي أنّ الإمكانات التي منحوهم إياها لا تسمح لهم بمواجهة الكيان الصهيوني ومنازلته؟
نعم، لا يستطيعون جعلها تحلّق. وإنّ أيّ بلد في المنطقة وبلدان الخليج الفارسي على وجه الخصوص لا يفكّرون في الاستفادة من الطائرات المتطوّرة للقيام بخطوة ضدّ الكيان الصهيوني.
لكن رغم ذلك، أعلن الكيان الصهيوني بشكل رسمي أنّنا نعارض تسليم الإمارات طائرات اف 35 وصرّحوا خلافاً لما صرّح به المسؤولون الإماراتيّون بأنّ ذلك لم يندرج أبداً ضمن الاتّفاق المنعقد بين الإمارات، إسرائيل وأمريكا. هنا أيضاً لم يحفظوا ماء وجه الإماراتيّين.

ذرائع الإماراتيّين هذه كان بالإمكان أن تفيدهم، لكن نتانياهو أعلن بذكاء وبشكل عمدي عن موقفه وأثبت عدم وجود مثل هذه المبادرات ضمن الاتفاق. 



\110
https://taghribnews.com/vdcawmnyy49n061.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز