تاريخ النشر2020 19 June ساعة 09:14
رقم : 466445
في ذكرى استشهاد الامام الصادق (ع)

الشيخ التل : الامام الصادق(ع) قدم خطوات واسعة في التقريب بين المذاهب الاسلامية

تنا-خاص
سماحة الشيخ محمد علي التل البحراني : لا يخفى على أحد من المسلمين، أن الإسلام يستهدف الوحدة بين المسلمين وهي من المقاصد العليا في التشريع الإسلامي، ولم يكن يوما يرى التقريب بين المسلمين إلا مقدمة وطريقا لذلك المقصد السامي.
سماحة الشيخ محمد علي التل البحراني/ قم المقدسة
سماحة الشيخ محمد علي التل البحراني/ قم المقدسة
أجاب سماحة الشيخ محمد علي التل البحراني/ قم المقدسة في حوار خاص مع وكالة أنباء التقریب حول دور الإمام الصادق (ع) في التقريب بين المذاهب قائلاً : لا يخفى على أحد من المسلمين، أن الإسلام يستهدف الوحدة بين المسلمين وهي من المقاصد العليا في التشريع الإسلامي، ولم يكن يوما يرى التقريب بين المسلمين إلا مقدمة وطريقا لذلك المقصد السامي.
ونحن الآن أمام مصطلحين مهمين؛ أحدهما مقدمة للآخر، والثاني مترتب على الأول؛ لكون الثاني صعب التحقق، إن لم يكن يتاخم المستحيل.

 فالمصطلح الأول التقريب بين المسلمين،
والمصطلح الثاني الوحدة بين المسلمين.
 
وأسباب هذه المشكلة واضحة، اعتمدت على جدلية تأريخية، تعمّقت مع تطاول الزمن، ولم تقبل الأطراف المختلفة بشتى المعالجات المطروحة، وحتى القفز عليها كان عندهم حلا غير مقبول.

ولذا سعى عقلاء هذه الأمة في تخفيف حدة المشكلة، عبر إيجاد مقدمات تقرّب من الهدف، والعمل على تلك المقدمات بصدق وإخلاص منقطعي النظير، ومن هذه المقدمات تجميع المشتركات، والانطلاق من خلال أرضيتها على العمل في القضايا المصيرية للأمة.

وأما المختلفات فتترك للحلقات الحوارية، وللوقت حيث يمكن معالجتها، وإلا فتبقى للعمل المذهبي الخاص، دون استفزازات من أي طرف تجاه الآخرين.

و أضاف سماحة الشيخ التل : من أبرز الساعين للوحدة الإسلامية، عبر مقدماتها التقريبية هو الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)، في منهج فريد ارتكز فيه على مرتكزات مهمة، منها:

1- تأسيس جامعة إسلامية في المدينة المنورة:

وكانت هذه الجامعة مصدرا لفهم الإسلام، فكان يختلف إليها من جميع التوجهات والمذاهب، وعلى رأس هؤلاء أبو حنيفة النعمان مؤسس المذهب الحنفي، يقول الآلوسي : و هذا أبو حنيفة و هو  بين أهل السنّة كان يفتخر و يقول بأفصح لسان : " لولا السنتان لهلك النعمان " يريد السنتين اللتين صحب فيها - لأخذ العلم - الإمام جعفر الصادق عليه السلام.

و يقول مالك بن أنس: اختلفتُ إلى جعفر بن محمد زماناً فما كنت أراه إلاّ على إحدى ثلاث خصال :
إما مصلّياً و إما صائماً و إما يقرأ القرآن

، و ما رأيته قط يُحدِّثُ عن رسول الله إلاّ على الطهارة ،
و لا يتكلم بما لا يعنيه ،
وكان من العلماء العبّاد و الزهاد الذين يخشون الله،

و ما رأت عين و لا سمعت اُذن و لا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً و عبادة و ورعاً.

فهذه الحوزة خرجت كثير من العلماء ممن يشار إليهم بالبنان في شتى العلوم، وبعضهم كان يختلف كليا عن مذهب الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام.

2- تأسيس للحوار العقلاني الهادئ، عبر اللقاءات الفكرية والعلمية:

جاء ابن أبي العوجاء الملحد المعروف إلى الإمام الصادق عليه السلام؛ ليتحداه، فعندما رجع إلى أصحابه قالوا له: لقد فضحتنا، فأجابهم: أتعرفون إلى من بعثتمونني، إنه ابن من حلق رؤوس كل هؤلاء الناس، ثم قال: ما هذا ببشر، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسّد إذا شاء، ويتروّح إذا شاء، فهو هذا (وأشار إلى الإمام الصادق(ع).

هذا مع الملحدين فكيف لو كانوا من المسلمين  المختلفين مذهبا مع الإمام عليه السلام.

فعن "أبي حنيفة"، أن الخليفة العباسي، أبا جعفر المنصور، قال له: لقد فُتن الناس بجعفر بن محمد وأقبلوا عليه، وأصبح له شأن كبير عندهم، وأريدك أن تحضّر له من مسائلك ما تستطيع أن تتغلّب فيها عليه، فيقول أبو حنيفة: فحضّرت له أربعين مسألة من كبار المسائل، ودخلت على أبي جعفر المنصور، وجعفر بن محمد جالس إلى جانبه، فأخذتني هيبة الإمام الصادق أكثر مما أخذتني هيبة الخليفة، فقال لي المنصور: ألقِ على أبي عبد الله ـ وهي كنية الإمام الصادق ـ مسائلك، فبدأت ألقي عليه مسائلي، فكان (ع) يقول: "أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا"، فربما التقى معنا وربما اختلف عنا جميعاً، إلى أن انتهت كل مسائلي ـ في هذا الجواب التفصيلي الذي لا يقتصر على بيان الرأي، وإنما يحيط بكل الآراء ـ ثم قال أبو حنيفة: ألسنا قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.

3- تربية أتباعه على النهج الوحدوي:

عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى اَلصَّادِقِ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ اَلشِّيعَةِ فَسَمِعْتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ مَعَاشِرَ اَلشِّيعَةِ كُونُوا لَنَا زَيْناً وَ لاَ تَكُونُوا عَلَيْنَا شَيْناً قُولُوا لِلنّٰاسِ حُسْناً وَ اِحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوهَا عَنِ اَلْفُضُولِ وَ قَبِيحِ اَلْقَوْلِ .

4- الانفتاح على المذاهب الأخرى:
  عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: مَا أَيْسَرَ مَا رَضِيَ بِهِ اَلنَّاسُ عَنْكُمْ كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ .

5- الحث على الارتباط الاجتماعي مع كل المختلفين مذهبيا من المسلمين:

 عَنْ هِشَامٍ اَلْكِنْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا عَمَلاً
يُعَيِّرُونَّا بِهِ فَإِنَّ وَلَدَ اَلسَّوْءِ يُعَيَّرُ وَالِدُهُ بِعَمَلِهِ كُونُوا لِمَنِ اِنْقَطَعْتُمْ إِلَيْهِ زَيْناً وَ لاَ تَكُونُوا عَلَيْهِ شَيْناً صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ وَ اِشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ.

و في ختام الحوار اكد سماحة الشيخ محمد علي التل البحراني/ قم المقدسة: وبهذه الخطوات استطاع الإمام الصادق عليه السلام أن يتقدم خطوات واسعة في التقريب بين المذاهب، لولا تدخل السياسة التي ما زالت تفرق بين المسلمين، وتزرع الفتن والشقاق بينهم.



اجرى الحوار
علي اكبر بامشاد
 
https://taghribnews.com/vdci5qa5wt1aq52.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز