تاريخ النشر2011 2 February ساعة 17:34
رقم : 38727
خاص التقريب

العلامة النابلسي حول مؤتمر الوحدة الاسلامية

وكالة انباء التقريب( تنا)
لا تبشير شيعياً ولا تبشير سنياً بل حرية دينية واجتهادات مدرسية تُثري الإسلام وترفده بالمزيد من الفكر والثقافة والتطلعات.
العلامة النابلسي حول مؤتمر الوحدة الاسلامية
لقاء خاص لمكتب وكالة انباء التقريب في لبنان مع سماحة الشيخ عفيف النابلسي حول المؤتمر الرابع والعشرين للوحدة الاسلامية الذي ينظمه المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في الجمهورية الاسلامية الايرانية ضمن اسبوع الوحدة وولادة مخلص البشرية النبي محمد "ص "  تحت عنوان (الأساليب الفكرية والعملية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية). 

سؤال : ما هي أهم المحاور التي يجب اعتمادها للحوار؟ 
بداية و باعتقادي أن الحوار يجب أن يكون في البداية مع الذات. في قبولها للآخر كما هو أو عدم قبولها له. في تفهمها لمنطلقاته ومبادئه واعتقاداته أو عدم تفهمها. في إمكانية التعايش معه أو عدم الإمكانية. فهذه شروط ضروريّة تُمكّن الإنسان من الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي الحوار مع الآخر.
وإنني أرى أّنه ونظراً لتداخل الكثير من المسائل والموضوعات فيما خصَ العلاقات بين مختلف المذاهب الإسلامية أن نقسّم الحوار إلى مستويات. فيكون هناك مستوى للحوار في العقيدة بحيث نتفق على تحديد عنوان المسلم من غيره, ولوازم ذلك لجهة الحقوق والواجبات وما إلى ذلك. ويكون هناك مستوى للحوار في مسائل
التاريخ وأهم محطاته, ومستوى آخر للحوار في مسائل الأمة وأحوالها وهمومها وشجونها وتطلعاتها.
ويجب أن يُترك كل مستوى لأهل اختصاصه فإنّ ذلك يسّهل عملية الفهم والتفاهم وحصر الخلافات في حقولها الخاصة وبين العالمين والمختصين في هذه الحقول بحيث لا تتعدى إلى عموم المسلمين الذين لم يحيطوا بالكثير من المسائل خبراً حتى يعلنوا رأياً فيها.

سؤال : ما هي العقبات التي تعترض مساعي التقريب المذهبي؟ 
إننا نجد أنّ معظم العراقيل التي تعترض مساعي التقريب هي عراقيل سياسية بالدرجة الأولى. سواء كان ذلك من داخل الأمة أو خارجها. وثانياً من خلال بعض التعصبات والاعتبارات والحساسيّات الخاصة بهذا المذهب أو ذاك وبهذا المقام أو ذاك وبهذه المرجعيّة أو تلك.
ولكن علماء الأمة المسؤولين والمخلصين يمكنهم تجاوز ذلك كله والعبور إلى بناء جسم المسلمين الواحد على الصعيدين الفكري والمادي.
وأعتقد أن الكل يجب أن يتنبّه أن التقارب هو أساس قرآني يعمل به أعداء الإسلام فيما نحن نتخلّى عنه لأسباب في معظمها واهية.
العالم اليوم يزداد تقارباً والتصاقاً وتعارفاً بفعل الكثير من المتغيرات الثقافية والحضارية والوسائل التقنية فيما نجد أن المسلمين ما زالوا في أسفل السُلَّم على هذا الصعيد. فلماذا هذا التأخر والعزوف عن أصلٍ يعود بالكرامة والعزّة والشرف على المسلمين ودينهم ورسالتهم.

سؤال : لماذا تتمركز جهود التقريب بين النخب والعلماء ولم تنزل إلى الشارع؟ 
انه  لمن المؤسف أن غالبية الحوارات واللقاءات والمؤتمرات وجهود التقريب تتركز في الجانب النخبوي. فيما يُترك الشارع مهملاً تتناوشه العصبيّات والخلافات المذهبيّة. إنّنا نجد أنّ ما يحصل في القمّة لا ينعكس على الجمهور. إنّ الحوار في القمّة غير الحوار في الأرض, وإنّ الحب والمودة والاحترام الموجود في القمة غير موجود بنسبة عالية اليوم في الأرض. فهناك بون واسع بين ما يجري فوق وما يحصل تحت.
لذلك نحن نأمل أن تُبذل الجهود في إطار تكاملي وشامل بحيث يكون هناك نصيب منه للنخب ونصيب منه للجمهور. لأن الثقافة الدينية يجب أن لا تنحصر في إطار العلماء والمفكرين والمهتمين بل أن تطال الشرائح الشعبية. ويجب أن تنعكس أجواء التفاهم الحاصلة بين العلماء أجواء تفاهم بين العامة أيضاً.

سؤال : هل استطاعت جهود التقريب أن تصحح التصورات الخاطئة التي كان يحملها السنة عن الشيعة أو الشيعة عن السنة؟ 
نعم  إلى حدٍّ كبير نجحت جهود التقريب بإزالة الكثير من الحواجز النفسية والتصورات الخاطئة عن الطرفين بحدود طبقة المتحاورين ولكن بقيت هذه الأمور عالقة لدى عامة المسلمين لذلك يجب أن تبذل الجهود في طريق إزالة كل الرواسب الماضية والتصورات المشوّهة. لأنّ ذلك يساعد كثيراً في تقارب المسلمين
بعضهم من بعض وفي تعميق وتعزيز وحدتهم.

سؤال : متى بدأ استخدام اصطلاح "التبشير الشيعي"؟ وما هو الهدف من ورائه؟ 
لعل من الواضح أنّ من طرح مصطلح التبشير الشيعي في واقع الأمة ومنابرها ومنتدياتها ومساجدها بل في الإعلام بشكل عام أراد أن يُحدث فتنة بين المسلمين وأراد أن يكرس الانقسام والقطيعة بين الشيعة والسنة.
وأراد أن يبقى الخوف متبادلاً بين المذهبين وأتباعهما ليبقى الأعداء في حريتهم ينهبون ويسرقون ويتسلّطون. كما أنّ هناك جهات ومجموعات في هذه الأمة أيضاً لها مصلحة في طرح هذا العنوان المثير لأجل استعطاف السنة واستثارتهم للوقوف في جبهة واحدة ضد الشيعة. لذلك نقول أن لا تبشير شيعياً في واقع الامة والمسلمين ولا تبشير سنياً كذلك بل حرية دينية واجتهادات مدرسية تُثري الإسلام وترفده بالمزيد من الفكر والثقافة والتطلعات.

سؤال : نواجه ظاهرة فوضى الفتاوي, كيف نستطيع معالجتها؟ 
للعلم هناك فرق بين حرية إبداء الرأي الاجتهادي, وحرية إطلاق الفتوى الاجتهادية. والخلط بينهما هو الذي يؤدي إلى هذا التضارب الكبير في واقع الأمة الإسلامية. لذلك لا بدّ من وضع حدٍّ لهذا الفلتان ولا بدّ من معايير وضوابط صارمة في هذا المجال تتحمل وضعه وتثبيته وإقراره الوزارات والمدارس والحوزات والمرجعيّات الدينية على اختلافها. وأنا شخصياً كنت قد دعوت في أكثر من مناسبة إلى توحيد مصدر الفتوى التي تخص
قضايا المسلمين الحساسة والخطيرة بالدرجة الأولى بحيث يكون هناك مجمع فقهي كبير يضم نخبة علماء وفقهاء العالم الإسلامي لإصدار مثل هذه الفتاوى. أما ما ينطلق من هذا الشيخ وذاك فيجب أن يكون في إطار إبداء الرأي لا أن ينسحب ذلك إلى كونه فتوى دينية عامة مُلزمة لكل المسلمين.

سؤال: لتحقيق مفهوم الاتحاد والتضامن بين الشعوب الاسلامية بكل طوائفها بحاجة إلى اتخاذ مواقف موحدة من قبل النخب والعلماء تجاه القضايا العقائدية التي تواجهنا, كيف يمكن تفعيل هذا المقصود وتبديله إلى عمل مؤسساتي معترف به؟ 
مما لا شك أنّ واقع الأمة الإسلامية فيه الكثير من الاختلال والاضطراب والتشرذم والانقسام على أكثر من صعيد. وعلينا كمسلمين وكعلماء أن نبدأ من المشتركات التي توحدنا وتجمعنا سواء ذلك في مجال السياسة أو العقيدة أو غير ذلك. فعندما تُبذل الجهود على هذا المستوى سيساعد ذلك على بقية المستويات ما يُفضي إلى تذليل الكثير من العراقيل وإزالة الكثير من التصورات الخاطئة وإذابة الكثير من الحواجز النفسية. إننا في الحقيقة بحاجة إلى نبذ التعصب وإعلاء قيم التعارف والتفاهم والاعتراف بالآخر والعيش مع الآخر. إننا بحاجة إلى الصراحة والوضوح والاجتماع على الأسس والأصول الثابتة التي يُقرّ بها جميع المسلمين. 

اجرى الحوار :عفيف ربيع - مكتب بيروت
https://taghribnews.com/vdciyyap.t1avr2csct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز