تاريخ النشر2020 21 September ساعة 11:40
رقم : 476518
الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة العامة والسكان

واقع صحي كارثي في اليمن.. والأمم المتحدة صمّاء

تنا
يعد الوضع الصحي في اليمن جبهة قائمة بذاتها تخوض فيها وزارة الصحة العامة والسكان لحكومة الانقاذ الوطني أعتى المعارك للابقاء على القطاع الصحي ولاستمرار تقديم خدماته للمواطنين ولو بالحد الأدنى. وبعد الـ 2000 يوم من العدوان ومع اعلان الأمم المتحدة تعليق مساعداتها للقطاع بحجة عدم وجود التمويل تتأزم المشكلة أكثر، وتتفاقم المخاطر المحدقة بالجانب الصحي.
سراء جمال الشهاري

إن الواقع الصحي في المحافظات الحرة اليوم يقع بين مطرقة حصار المشتقات النفطية وسندان سحب المساعدات الأممية، وكلاهما المسؤول الأول عنهما هي منظمة الأمم المتحدة، ناهيك عن العدوان والحصار الذي دمر 60% من القطاع الصحي.

لقد صرَّح المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه أن أزمة انقطاع المشتقات النفطية ستؤدي حال استمرارها إلى توقف المركز عن العمل خلال الأيام القليلة المقبلة.

كما أعلن مستشفى الشهيد الدكتور ياسر وثاب بمديرية خيران بمحافظة حجة توقفه عن الخدمة بسبب نفاد كمية المحروقات فيه.

في هذا الشأن، يؤكد الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور يوسف الحاضري لموقع "العهد" الاخباري أنه "إذا توقف القطاع الصحي فالنتيجة آلاف الوفيات، نتكلم عن 5000 مريض يحتاجون للغسيل الكلوي مرتين في الأسبوع، هؤلاء إن توقفت مراكز الغسيل فخلال أسبوعٍ سيموتون، إنها إبادة جماعية. نتكلم عن أكثر من ألف طفلٍ في الحضانة، فضلًا عن الولادات اليومية، هؤلاء أيضًا إذا توقف عمل القطاع سيموتون، نتكلم عن عمليات لن نستطيع أن نقوم باجرائها، عن جرحى لن نستطيع اسعافهم، عن مرضى لن نستطيع توفير احتياجاتهم، وغيرها من المشاكل".
 
لا توجد كلماتٍ يمكن من خلالها وصف الوضع الصحي في اليمن بدقة، إلا أنه يمكن القول إن هناك كارثة انسانية كبرى لا يعرف آلامها إلا اليمني، اليمني الذي تقتله الأمم المتحدة بصمتها، وعرقلة وصول المشتقات النفطية، وسحب الاغاثات، وغض الطرف عن كل مجازر العدوان وجرائمه، بل هي من تغسل يد القاتل من دماء الأبرياء اليمنيين.

يوضح الحاضري : أن تعليق الأمم المتحدة لمساعداتها ليس بسبب عجز مالي، حيث يذكر: "بالنسبة للواقع والحقيقة الموضوع أبعد من ذلك إنه ارتباط سياسي، وقرارات الأمم المتحدة سياسية كما صرَّح بذلك معالي وزير الصحة العامة والسكان، وهو ما يؤكده الواقع، فقد استمرت الأمم المتحدة في تقديم المساعدات للقطاع الصحي منذ ستة أعوام من العدوان، ولكنها ظهرت في الفترة الأخيرة بهذا العجز، بسبب اقتراب تحرير مأرب وبسبب عدم رضوخنا لشروطها التي هي شروط تحالف العدوان والمتمثلة في الرضوخ والاستسلام وعدم التحرك لتحرير بقية مناطق اليمن وغيرها من الشروط".

إن المساعدات التي قدمتها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية كانت تغطي 19% من الاحتياج الحقيقي في الجانب الصحي، وتتركز  على حوافز بعض الأطباء والممرضين في عددٍ من المستشفيات، وعلى دعم قطاع المرأة والطفل والعمليات القيصرية والولادات والطوارئ، ومكافحة الأوبئة والتثقيف الصحي، وأيضًا جزء بسيط من توفير أدوية الأمراض المزمنة وأدوية زارعي الكلى. ونسبة العجز في القطاع تتجاوز 81% بسبب انقطاع الموازنة بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.

 "العهد" يزور مستشفى السبعين بأمانة العاصمة صنعاء

مستشفى السبعين للأمومة والطفولة هو أحد المستشفيات الرئيسة بالعاصمة. زاره موقع "العهد" الاخباري وتلمس معاناة مرضاه وكادره الطبي عن قرب. المستشفى يعاني من أزمات متلاحقة، ويفتقر إلى أبسط النفقات التشغيلية، وفي أحيانٍ كثيرة تنعدم فيه أدنى المستلزمات العلاجية.

الدكتورة ماجدة الخطيب المديرة العامة للمستشفى تقول : "الصعوبات كثيرة جدًا، فالمستشفى لديه التزامات كثيرة عليه توفيرها من وقود وتغذية ونظافة وقرطاسية وصيانة وأدوية ومستلزمات وحوافز.. وللأسف الموازنة ضعيفة جدًا لا تغطي حتى الوقود. أما المواطن فهو بالبدء كان ضحية للعدوان فانقطع راتبه وأصبح عرضة للأمراض والأوبئة، وأصبح عاجزًا عن دفع قيمة الخدمة الطبية وحتى الطارئة".

لقد سعت إدارة المستشفى إلى تقديم الخدمات الطبية والعلاجية مجانًا خلال سنيّ العدوان، ولكن الوضع تغير في الآونة الأخيرة مع تعليق دعم الأمم المتحدة، فبحسب الخطيب: "مستشفى السبعين كمستشفى أمومة وطفولة كان يعتمد بشكل كبيرٍ جدًا على مساعدات منظمة الأمم المتحدة بسبب انقطاع الرواتب وبسبب العدوان، وباعتبار أن معظم الحالات التي تصل المستشفى هي حالات طارئة ومستضعفة، تمكن المستشفى من تقديم خدمة مجانية بنسبة 90% تقريبًا في مختلف الأقسام، ولكن بسبب تلكؤ هذه المنظمات عن الإيفاء بالتزاماتها أصبحنا عاجزين عن تقديم الخدمة المجانية، وأصبح المواطن يدفع قيمة الخدمة ولو بشكل رمزي كي نستطيع الاستمرار في العمل".

خلال تجوالنا بالمشفى مررنا ببعض أقسامه منها قسم العناية المركزة للأطفال، وقسم الدفتيريا وهو القسم الذي تبنت مشروعه منظمة الأمم المتحدة وتكفلت بتأثيثه وتجهيزه ومستلزماته. ووفقًا لكادر الطبي العامل في القسم فإن المنظمة لم تعط القسم حقه من الأجهزة والمستلزمات،  وما هو موجود لا يغطي حالات الاصابة بهذا الوباء الخطير.

وفي شهر ابريل الماضي سحبت الأمم المتحدة دعمها فجأةً وبدون ترتيب مسبق، وأدى ذلك إلى ارباكٍ كبيرٍ في القسم انتهى إلى اغلاقه، حتى أعيد مؤخرًا تشغيله ولكن من نفقات المواطن المغلوب على أمره.

تلفت المديرة العامة لمستشفى السبعين الى أن "منظمة الصحة العالمية انسحبت من دعم قسم الدفتيريا وتم اغلاق القسم لفترة وبعد ذلك قمنا بفتحه مرة أخرى لكن لم تعد الخدمة مجانية".

 الصمود في وجه اللانسانية

رغم المأساة التي يعانيها المواطن اليمني مريضًا كان أم طبيبًا، إلا أن الصمود كان أقوى من أن يستسلم لمنح الأمم المتحدة أو أن يستجيب لاملاءاتها. فعلى سبيل المثال يعمل الكادر الطبي والموظفون بمستشفى السبعين بدون مستحقات منذ أشهر. وقد أكد الأطباء والموظفون أثناء حديثنا معهم أنهم يأتون للعمل في المستشفى طوعيًا، وحتى مواصلاتهم إلى المستشفى يدفعون ثمنها على حسابهم الشخصي.

وأوصل أطباء المستشفى رسالتهم بأنه وإن توقفت الأمم المتحدة فهم لن يتوقفوا مهما بلغ حجم الضغط الممارس عليهم، وسيستمرون في القيام بواجبهم الديني والوطني.

كما يؤكد الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة اليمنية : أن "وزارة الصحة لديها خطة ولديها رؤية ولديها تحرك، لن تقف مكتوفة الأيدي على الاطلاق، لديها بدائل وإن كانت محدودة، وسنتحرك ولن نكون أقل من الجيش واللجان الشعبية الذين من لا شيء استطاعوا ليس فقط أن يكفوا الجبهات من القوت والسلاح، بل طوروا وصنّعوا، ونحن متحركون في هذه الجبهة ولدينا بدائل كثيرة ستعرفونها إن شاء الله قريبًا".

مَن حمل الجهاد والبذل لله وفي سبيله مبدأً وعقيدة، لن يخضع ولو تكالب عليه من في الأرض، ذلك هو حال اليمنيين فأنّى للأمم ومن وراءها أن ترجو منه استسلاما؟


/110
https://taghribnews.com/vdca6inya49n0m1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز