تاريخ النشر2018 9 July ساعة 11:32
رقم : 341699
الامام الصادق ، من عصرالـتیـارات المنحرفه ...الى عصر الاسلام الاصيل

رحاب الصحن الكاظمي الشريف تتشح بالسواد في ذكرى استشهاد الإمام الصادق "عليه السلام"

تنا
اتَّشحت العتبة الكاظمية المقدسة بمظاهر الحزن والأسى في الذكرى الأليمة لاستشهاد المؤتمن على الشرع المُبين والمدافع عن عقيدة سيد المرسلين "صلّى الله عليه وآله" الإمام جعفر بن محمد الصادق"عليه السلام"، حيث تم نشر السواد والكلمات النورانية على الضريح الشريف للإمامين الجوادين "عليهما السلام" وأعمدة الطارمات والأواوين للحرم المطهر.
رحاب الصحن الكاظمي الشريف تتشح بالسواد في ذكرى استشهاد الإمام الصادق "عليه السلام"
كما يشهد الصحن الكاظمي الشريف برنامجاً دينياً وعزائياً خاصاً بهذه المناسبة،  لتجديد العهد والولاء لأهل بيت النبوة "عليهم السلام"، بمشاركة جموع الزائرين الوافدين إلى حرم الإمامين الجوادين "عليهما السلام" لتقديم آيات العزاء بهذا المصاب الجَلل الى ولده الإمام الكاظم (عليه السلام).

 الإمام الصادق "عليه السلام" استشهد يوم (25) شهر شوال سنة (148) للهجرة وله من العمر (65) سنة، متأثراً بسم دسّه إليه المنصور العباسي ودُفن "عليه السلام" في البقيع وهي مقبرة الى جوار المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة.

الامام الصادق ، من عصرالـتیـارات المنحرفه ...الى عصر الاسلام الاصيل

كان  الامام جعفر الصادق (ع) عاصر الانحراف  و التزوير ... و کانت الأمه الإسلامیه  تزخر بمظاهر الفساد وبعیده فی مجالاتها الفکریه والعقائدیه عن الحیاه الإسلامیه التی ینشدها الإمام الصادق (علیه السلام).

فعلى الصعید النظری والعملی لم تکن الخطوط العامه للعقیده واضحه فی أذهان الناس وسلوکهم نتیجه لمحاولات الدوله العباسیه الجدیده التی اخذت تقوم بتزویر صوره الفقه والدین عن طریق الوضع (الکذب) فی الحدیث والفتیا بالرأی وتمییع التشریع الاسلامی بأدخال عناصر غریبه فی مصادره التشریعیه کالقیاس و الاستحسان والمصالح المرسله وغیرها من الامور التی أفقدت التشریع خاصیته وأصالته الاسلامیه ومحاولات الحکام لتشجیع الغلاه و المتصوّفه مما ادّى الى ظهور حرکات غریبه ومبادئ فاسده هیأت لها الظروف والأوضاع العامه حتى اصبحت خطرا على وجود وکیان الاسلام التشریعی والعقیدی.

بالاضافه الى ما یجری داخل الامه من صراع سیاسی ومذهبی عنیف بحیث لم تترک فرصه لتتعرف الامه على واقع الاسلام فکان لا بد للامام الصادق (علیه السلام ) ان یواجه کل هذه التناقضـات والـتیـارات المنحرفه التی تعیشها الامه فی اوضاعها وفی تصوراتها التی تهدد الاسلام فی الصمیم وکان الامام (علیه السلام) یواجه لونین من الانحراف، انحراف على الصعید السیاسی متمثلاً بالجهاز الحاکم والدوله وانحراف خطیر فی اتجاهات الامه وجهلها بواقع الرساله فلذلک قام بمواجهه التیارات الغریبه الفاسده التی اوجدتها الاوضاع السیاسیه الفاسده فی العهدین الاموی والعباسی.

فواجه الغلاه والزنادقه والوضّاعون (الکذابون) وصارعهم على الصعید العلمی وقام بنشر مفاهیم العقیده واحکام الشریعه وبث الوعی العلمی وتجنید جمهره کبیره من العلماء للقیام بتثقیف المسلمین وقد افتتح الامام الصادق (علیه السلام) جامعة من اکبر الجامعات الاسلامیه فی عصره واختار یثرب دار الهجره ومهبط الوحی مرکزاً للجامعات وجعل من الجامع النبوی محلاً للتدریس محاضراته التی خاض فیها جمیع الفنون.

و شهد القاصي والداني ، والمُؤالف والمخالف ، أنَّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) هو صاحب المقام العلميِّ الرفيع ، الذي لا ينازعه فيه أحد .
حتى توافدت كلمات الثناء ، والإكبار ، والإعجاب عليه ( عليه السلام ) ، من قِبَل الحكَّام ، وأئمَّة المذاهب ، والعلماء ، والمؤرِّخين ، وأصحاب السِيَر ، وتراجم الرجال ، ما تزدحم ، فلا يجمعها إلاَّ كتب .

و في هذا المجال ، يقول أبو حنيفة " شيخ المذهب الحنفي ": ما رأيت أفقهَ مِن جعفر بن محمَّد ، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا حنيفة ، إنَّ الناس قد افتُتِنُوا بجعفر ، فهيِّئ له من المسائل الشِداد .

فهيَّأتُ له أربعين مسألة ، فلمَّا أبصرتُ به دخلَتْني من الهيبة لجعفر ( الصادق ) ما لم يدخلني لأبي جعفر ( المنصور ) .

فجعلتُ أُلقي عليه فيُجيبني فيقول : ( أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربَّما تابعناهم ، وربَّما خالفنا جميعاً ) .
حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ثم قال : ( ألَسْنا رَوينا أنَّ أعلم الناس ، أعلمُهم باختلاف الناس ) ؟ .

واعترف أبو جعفر المنصور ، وأقرَّ بفضله حين قال : إنَّ جعفراً كان ممَّن قال اللهُ فيه : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ )فاطر : ۳۲ .
وكان ممَّن اصطفاه الله ، وكان من السابقين في الخيرات .
وكرر اعترافه بفضل الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله : سيِّدُ أهل البيت ، وعالِمُهم ، وبقيَّة الأخيار منهم .

وقد امتازت الفترة التي عاشها الإمام الصادق ( عليه السلام ) بأنها مرحلة نمو العلوم ، وتزاحم الثقافات المتنوِّعة .
وذلك لانفتاح البلاد الإسلاميَّة على الأمم الأخرى ، ولانتشار الترجمة التي ساعدت على نقل الفلسفات الغربيَّة إلى العرب .

فبدأ الغزو الفكري باتجاهاته المنحرفة ، وعاداته الهجينة ، ونشأت على أثره تيَّارات الإلحاد ، وفِرَق الكلام ، والآراء الغريبة ، والعقائد الضالَّة .
وقد تطلَّبت تلك الظروف أن ينهض رجل ، عالِم ، شجاع ، يردُّ عادِيَة الضلال عن حصون الرسالة الإسلاميَّة .

فكان الإمام الصادق ( عليه السلام ) الذي فاضت حياته بالعطاء ، والعلوم الغزيرة المتعدِّدة ، من : الحديث ، والتفسير ، والعقيدة ، وسائر أبواب الفقه ، والشريعة .
ونَقلَها ( عليه السلام ) نقلاً أميناً ، عن معارف النبوَّة المُحمَّديَّة الخاتمة ، ونقلاً نزيهاً عن منابع التشريع ، والرسالة ، حتى لُقِّب ( عليه السلام ) بـ( المحقِّق ) ، و( كاشف الحقائق ) .

لأنه ( عليه السلام ) كان مَرجِعَ الأمَّة بِحَقٍّ ، وإمامَها الذي تتلمذ على يديه مئات الأعلام من الفقهاء ، والمشايخ ، بعد أن فتح لهم باب التخصص العلمي في العلوم العقلية ، والطبيعيَّة ، كالكلام ، والكيمياء ، والرياضيات ، إضافةً إلى أبواب الشريعة الإسلاميَّة .

كما وضع ( عليه السلام ) القواعد الواضحة لمسائل الأصول ، والفقه ، ليُربِّي في تلامذته مَلَكةَ الاجتهاد ، والاستنباط ، كقاعدة الاستصحاب ، والبراءة ، والضمان ، والتخيير ، وغيرها .

وبما أنَّ الغزو الفكري الغربي قد رافقَتْه حريَّة غير موجَّهة ، وانفتاح في إبداء الآراء ، هيَّأتهما السلطة الحاكمة .

لذا أحدث ذلك الغزو ارتباكاً في عقائد المسلمين ، فجنَّد الإمام الصادق ( عليه السلام ) جهوده العلمية الهائلة لمواجهة الانحراف والتحريف ، بمواقف علميَّةٍ ، وعقائدية .

وذلك كان من خلال إجابته ( عليه السلام ) على كلِّ المسائل ، وردِّ كل الشبهات ، وإفحام كلِّ التشكيكات ، والأضاليل ، وبيان كلِّ أمرٍ من أمور الدين ، والدنيا ، ممَّا يُتساءَل عنه .

حتى استطاع الامام الصادق ( عليه السلام ) بذلك الجهاد العلمي المؤيَّد برعاية الله وعنايته ، أن يوقف الزحف الضلالي على العالم الإسلامي ، ويكشف زيفه ، ويبين أباطيله .

كان الإمام الصادق ( عليه السلام ) قد ساهم مع أبيه الإمام محمَّد الباقر ( عليه السلام ) ، في تأسيس مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) في المدينة المنورة .

وقد أجمع العلماء ، مثل : الشيخ المفيد ، والشيخ الطبرسي ، والفتَّال النيسابوري ، والشهيد الثاني ، وابن شهر آشوب وغيرهم ، أنّه نُقل عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) من العلوم ما لم يُنقَل عن أحد .

حتى أن أصحاب الحديث جمعوا أسماء الرواة الذين رووا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) – على اختلاف آرائهم – ، فكانوا أربعةَ آلاف راوٍ .
وهكذا كانت جهوده المباركة ( عليه السلام ) جهاداً علميّاً كبيراً ، أرسى من خلاله قواعدَ الدين ، وثبَّت أصوله ، وفروعه ، وعقائده .

واليوم ، وبعد مُضِيِّ ما يقرب من اربعة عشر قرناً على تأسيس مدرسة الإمام الصادق ( عليه السلام ) لا تزال العلوم الإسلاميَّة ، من : فقهٍ ، أو حديثٍ ، أو تفسير ، أو فلسفة ، أو أخلاق ، وغيرها من العلوم الإسلامية ، عيالاً على مدرسة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) .
تستمد من آراء مؤسسها الحكيمة ، وتوجيهاته القَيِّمَة .

وليست العلوم الإسلاميّة وحدها عيالاً على مدرسة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، بل إنَّ كثيراً من العلوم الحديثة كان له ( عليه السلام ) اليدُ الطُّولَى في تأسيسها ، وإنمائها . وفتح باب التخصص العلمي في العلوم العقلية ، والطبيعيَّة ، كالكلام ، والكيمياء ، والرياضيات ، إضافةً إلى أبواب الشريعة الإسلاميَّة .

اعداد و تدوين علي اكبر بامشاد


 
https://taghribnews.com/vdcb98bf9rhba0p.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز