تاريخ النشر2010 5 October ساعة 16:10
رقم : 27505

البيان الختامي للمؤتمر الدولي الرابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية – لندن

ان هذه الأمة عليها مسؤوليات جسيمة لممارسة دورها الانساني في تحقيق السعادة البشرية ولا يمكنها ممارسة هذا الدور إلا من خلال التقارب والوحدة والعمل المشترك
البيان الختامي للمؤتمر الدولي الرابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية – لندن

وكالة انباء التقريب (تنا) :

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(سورة آل عمران: ۱۰۳).
وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)(سورة الانعام: ۱۵۹).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الامين نبي الرحمة محمد وعلى آله الطيبين وصحبه الكرام المنتجبين.
لقد انعقد المؤتمر الدولي الرابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية بدعوة من المركز الاسلامي في انجلترا بتاريخ ۳/۱۰/۲۰۱۰ تحت عنوان:
(دور التقريب في نهضة الأمة الإسلامية وبناء مستقبلها)
إنّ المركز الاسلامي في انجلترا وعلى مدى أربع سنوات يسعى حثيثاً ويعمل جهده بإيمان وثقة لعقد هذه المؤتمرات مع رواد التقريب والوحدة الاسلامية من مختلف دول العالم وذلك إيماناً وإنطلاقاً من جملة قضايا ومبادئ أهمها:
۱- ان الإيمان بوحدة العالم الإسلامي هو من ضرورات الدين ووجود هذه الإمة حيث يقول الله سبحانه: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)(المؤمنون: ۵۲).
۲- عظمة التحديات التي تواجه عالمنا الإسلامي باستهداف وجوده ومحاولات سلب هويته وتسطيح ثقافة أبنائه.
۳- ان هذه الأمة عليها مسؤوليات جسيمة لممارسة دورها الانساني في تحقيق السعادة البشرية ولا يمكنها ممارسة هذا الدور إلا من خلال التقارب والوحدة والعمل المشترك.
۴- تاريخ هذه الأمة الإسلامية لابدّ ان يكون دافعاً لتأسيس وتفعيل مشاريع التقريب بين المسلمين وذلك من خلال النظر الى المساحة
الكبيرة للمشتركات الهائلة بين المسلمين قبال موارد الاختلاف القليلة. لأن نداء التقريب من شأنه ان يكشف عن مساحات الاشتراك الواسعة بين اتباع المذاهب الإسلامية فهي ضرورة من ضرورات هذا الواقع المعاصر بسلبياته وايجابياته.
لقد ناقشت المؤتمرات الثلاثة الماضية التي عقدها المركز الاسلامي في انجلترا على مدى السنوات الثلاث الماضية ضرورة التقريب وانه مشروع لنصرة القرآن الكريم العظيم والنبي الاكرم محمد (ص) وان التقريب من اجل تكريم الانسان وتعزيز فرص الوحدة الاسلامية.
فالتقريب بهذه الأبعاد ولا سيما في بُعده الانساني يفتح الباب لمناقشة موضوع عملي آخر في عالم التقريب يتعلق بنهضة هذه الامة الاسلامية وبناء مستقبلها من خلال مشروع التقريب بين المذاهب الاسلامية، وفي ضوء توصيات المؤتمرات السابقة قام المركز الاسلامي في انجلترا بعقد المؤتمر الدولي الرابع للتقريب بين المذاهب الاسلامية.


إنّ انعقاد هذا المؤتمر وبهذا الحضور المنوّع من علماء الاسلام ومفكريه وابنائه يضعنا أمام مسؤولية انجاح مثل هذه المؤتمرات باتجاه طرح الفكر التقريبي ونبذ وادانة فتاوى التكفير وتفسيق الآخر أو توجيه السباب والشتائم ولمز الرموز. 

وان هذه المسؤولية لا تنحصر بالقائمين على هذا المؤتمر أو المشاركين فيه وانما تتوزع على كافة المسلمين أينما كانوا وعلى مختلف مستوياتهم بعد ان شاهدوا الاخطار المحدقة بالأمة وربما عاشوها حقيقة مُرّة في أكثر من نقطة ومنطقة.
وقد أقرّ المؤتمرون في هذا المؤتمر جملة من القرارات والتوصيات من خلال أبحاثهم ومقترحاتهم ومداخلاتهم: 

۱- ان التحديات الجسام التي يواجهها عالمنا الاسلامي اليوم والمؤمنون في كل مكان لا سيما في الغرب حيث يواجهون نفس المخاطر التي تهدد وجودهم الحضاري والعقائدي والحياتي تحتمّ علينا الارتفاع بمستوى هذه المواجهة والحملة الشرسة متعددة الاهداف ومعقدة الاساليب. ولا يمكن بحال ان تستغرقنا الخلافات الداخلية لتحول جهة المواجهة الى صراعات جانبية نستهلك فيها جميعنا، وليكن منطقنا حضارياً كبيراً وعظيماً بعظمة هذا الدين الذي جاء لانقاذ الانسانية من ظلماتها. 

۲- الاصل هو الوحدة بين المسلمين جميعاً والفرقة أمر طارىء وان التقريب بين أهل المذاهب واجب. أما المذاهب نفسها فمطلقات. لكنها تستوجب تجدد الاجتهاد في قضاياها ومقولاتها في كل عصر، على ان يكون ذلك من داخلها وعلى أيدي علمائها
الموثوقين. وان التقريب الواجب بين أهل المذاهب عملية مستمرة لا يجوز أن يُظنّ أن جيلاً تُبرأ ذمتُهُ من واجب القيام بها.
وليس المقصود بالتقريب ان يذوب بعض المذاهب في بعض أو تمحى الفوارق بينهم لكن يجب ان يفهم كل فريق موقف الآخر ويتعرف على أدلته على وجه الاجمال ويدرك ان اجتهاده تتسع له أصول الشريعة، وهذا الفهم من شأنه ان يقطع دابر التكفير والتفسيق والتبديع. 

وعليه فان التقريب واجب على علماء المذاهب كافة وبوجه خاص على علماء المدرستين الكبيرتين السنية والشيعية. والتقريب في واقعه هو تشييد للوحدة العملية للأمة. وهو خطوة أساسية مبدئية للانطلاق نحو مشروع الوحدة ولا يخفى ما للوحدة من آثار وتحقيق لمقاصد الشريعة. وما نشهده من محاولات تعويق وتشويش على مؤتمرات التقريب والمساعي الجادة من المخصلين المعتدلين صوب بناء أطر للوحدة الاسلامية إنما يضعنا ذلك أمام مسوؤلياتنا ويقتضي منا جميعاً الوقوف بشجاعة والاصرار ببسالة عالية لافشال هذه الأصوات السيئة التي تريدنا متفرقين متباعدين متشاكسين.
والمؤتمرون يثمنون كل الادانات والاستنكارات التي صدرت ضد هؤلاء المبتدعين والتكفيريين معاً، وخصوصاً بيان سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي وفضيلة الامام الشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وجعلها قاعدة للبناء عليها في بناء المستقبل وتوحيد الأمة. 

۳- إذا كان التقريب واجباً وضرورة ملحة فان الوحدة الاسلامية طموح شرعي لكل مسلم يبحث عن هويته وأصالته وقوته ودوره في هذا العالم الذي يتخبط في ظلمات وفتن، ليبقى شعار هذه الأمة دائماً وحلمها الكبير هو تحقيق هذه الوحدة وان اختلفت أساليبنا في تحقيقها، فهي ليست ترفاً فكرياً وإنما هي منهج حياة، ان الوحدة لا تعني ان تصبح الأمة رجلاً واحداً، انما تعني ان تصبح الأمة على قلب رجل واحد، وان تقف صفاً واحداً في وجه التحديات الكبيرة، وهذا ليس حلماً لا يتحقق وانما واقع يجب ان نسعى إليه بكل طاقاتنا وتوكلنا على الله العظيم.


۴- نحن المؤتمرين ندين ونستنكر حرق المصحف الشريف القرآن الذي أنزله الله سبحانه على رسوله محمد (ص) وذلك في شوارع أمريكا وغيرها مؤخراً. ونعرب عن سخطنا من هذا الفعل الشنيع، وكذلك من تدنيس الاماكن الدينية والعبادية والمقابر والآثار والتي يراد منها تعكير أجواء السلم العالمي واشغال المسلمين عن قضايا وتطورات العالم الاسلامي والشرق الأوسط.
إنّ الاديان الابراهيمية التوحيدية الكبرى (الاسلام
والمسيحية واليهودية) ينبغي ان تُدعَمَ في الكلمة السواء وفي قيمها من أجل حفظ كرامة الانسان وتوفير أجواء الانسجام فيما بينهما. ان هذه الاعمال الشنيعة لا تنسجم ومعايير احترام حقوق الانسان العالمي، وقد بات واضحاً استخدام التشويه الدعائي والعدائي للاسلام انطلاقاً من الموروث التاريخي ضد الاسلام ومن المصالح الرأسمالية الضيقة، ومن التصور الخاطئ بأن الدين من خصائصه ان لا يتدخل في الامور الحياتية كما هي النظرة نحو المسيحية في الغرب. لكن ذلك يرفضه المنطق التغييري للبنية الانسانية ومنطق التوحيد الكوني. 

۵- يجب محاصرة دعاة الفرقة والعاملين للفتنة داخل كل مذهب ليثوبوا إلى رشدهم فأن أبوا فلابد من أدانتهم ومحاسبتهم والانكار العلني عليهم. وان الاثارات السيئة الاخيرة ضد أم المؤمنين السيدة عائشة زوج الرسول (ص) هي مدانة ومستقبحة ومرفوضة، ومثلها فتاوى التكفير والاساءات العلنية من الفضائيات وفي أماكن العبادة وعلى المنابر وغيرها ضد رموز المسلمين ومرجعياتهم، وان لا نسمح لمن يمارس الاحتراب وسياسة الاقصاء أو الاستئصال ضد الآخر، وان حوار الأمة وبالخصوص العامة من الناس هو الآخر موضع اهتمام التقريبيّين لابد من نبذ منهج الافراط والتطرف ورفع الايدي عن شحن فئة العوام من شعوب العالم الاسلامي. 

۶- فلسطين قضية المسلمين الأولى لابد ان تحظى بمواقفنا المناصرة والداعمة لها ومن هنا نبارك للشعب الفلسطيني قدرته على المقاومة وتفويت أساليب الاعداء في التأثير عليها، فتحية وسلاماً لهذه المقاومة الشجاعة التي تدافع عن الحق والأرض المغتصبة وندين كل أشكال الاحتلال وفي كل عالمنا الاسلامي بل العالم أجمع وكذلك الحصار الظالم على غزة الصامدة بشكل خاص، وتحية اكبار لكل مقاومة شريفة تدفع عن نفسها هيمنة المحتل. 

۷- هناك جملة مقترحات أوصى بها المؤتمرون منها:
أ- إنشاء المؤسسات المشتركة والبرامج المشتركة لأدامة الحوا رالبناء.
ب- إنشاء مراكز دراسة المستقبل والتحديات الداخلية والخارجية وترتيب الاولويات لمواجهتها.
ج- البحث عن المشترك في توحيد المناهج الدعوية الاسلامية.
د- البحث عن آليات عملية لحوار جدّي بين الإثنيات والعرقيات في اطار احترام تعدد الهوية والاختلاف.
هـ- تـنشيط لجان عالمية لتفعيل مشروع التقريب بين المذاهب الإسلامية في مختلف دول العالم. 

۸- ندعو العلماء والزعامات الاسلامية والقادة المسلمين ومنظمة المؤتمر
الاسلامي الى النظر والتدقيق في التحديات للخروج بمواقف مؤثرة منطلقة من تفهم حضاري ومسؤول لهذه الاخطار، ومن أبرز هذه التحديات التي تحدق بنا جميعاً:
* تعاظم الهجمة الثقافية و الاعلامية الغربية ضد المجتمع الاسلامي. 

* النفوذ الصهيوني في مراكز القرار العالمي.
* خلق عداوات و همية في اوساط الامة الاسلامية.

* اصطفاف الغرب السياسي ضد التنمية الاسلامية وحصر تكنولوجيا العلوم الحديثة به.
* نسيان القضية الفلسطينية واهمال المقاومة الشرعية للمحتلين.
* فرض العولمة الاميركية خارج دائرة الاعلام.
* احياء النعرات الطائفية.
* ضعف التخطيط وعدم رسم الاستراتيجيات المؤثرة .
* فتح المجال امام الفتاوى اللامسؤولة.
* كثرة التمسك بحوادث تاريخ غير دقيقة.
* جعل التطرف و الجمود و المتطرفين هم الواجهة للعالم الاسلامي .
* ضعف تربية الكوادر الاسلامية المناسبة لمرحلة العصر الحاضر.
* ضعف الاعلام الاسلامي في تبيين اولويات الدين.
* تغييب دور المرأة المسلمة في اكثر الدول الاسلامية.
* ضعف التواصل فيما بين الجاليات الاسلامية في الغرب و العالم الاسلامي.
* ضعف احترام حقوق الانسان المسلم في البلاد الاسلامية .
۹- الوقوف بوعي وبسالة الى جانب حقوق كل المستضعفين في العالم والدعوة الى انهاء كل اشكال الاحتلال الاجنبي للبلاد الاسلامية، ودعم مشاريع تطوير القدرات والطاقات الاسلامية ولا يحق لأحد منع المسلمين من التصرف بثرواتهم وتطوير امكاناتهم بأنفسهم واستفادة شعوبنا الاسلامية منها.
۱۰- يوصي المؤتمر بوجوب السعي لوضع خطاب اعلامي متزن ومتوازن ومؤثر ومسؤول للفضائيات الاسلامية ومختلف الوسائل الاعلامية الاسلامية الأخرى التي يمكن التأثير عليها لانتهاج الاعتدال منهجاً وعملاً وبناء الانسان المسلم ايمانياً والارتفاع بالأمة حضارياً بعيداً عن كل ما يخدش الوحدة الاسلامية اطاراً ومنهجاً حياتياً للمسلمين.
۱۱- كلمة شكر وتقدير من المؤتمرين لوسائل الاعلام التي ساهمت في تغطية اعمال هذا المؤتمر, ولكل المشاركين والمساهمين في انجاح هذا المؤتمر لا سيما رئاسة المركز الاسلامي في انجلترا، ويبقى للكلمة المسؤولة دورها المؤثر في البناء وتوفير فرص التعايش السلمي بين الافراد والامم والشعوب والدول والحضارات.
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)(قرآن كريم).

المؤتمر الدولي الرابع
للتقريب بين المذاهب الاسلامية – لندن
۳/۱۰/۲۰۱۰م
شوال ۱۴۳۱هـ




https://taghribnews.com/vdcammnu.49n0w1kzk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز