>> قبسات مشرقة من حياة الإمام أبي جعفر باقر العلوم (ع) | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2011 4 November ساعة 07:18
رقم : 69886

قبسات مشرقة من حياة الإمام أبي جعفر باقر العلوم (ع)

وكالة أنباء التقريب
ولد الإمام محمد بن علي الباقر (ع) يوم الجمعة غرة رجب سنة ۷۵ هـ، وفي رواية الثالث من شهر صفر سنة ۷۵ هجرية، وهو أول علوي من علويين وأول فاطمي من فاطميين، فأبوه هو الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) وامه هي السيدة الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (ع)، وبذلك فقد اجتمعت فيه خصال جديه السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام).
قبسات مشرقة من حياة الإمام أبي جعفر باقر العلوم (ع)


عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي قال: كنا عند جابر بن عبد الله فأتاه علي بن الحسين ومعه ابنه محمد وهو صبي، فقال علي لابنه :قبّل رأس عمك، فدنا محمد من جابر فقبل رأسه، فقال جابر: من هذا؟ وكان قد كفّ بصره، فقال له علي: هذا ابني محمد فضمه جابر إليه وقال: يا محمد، محمد رسول الله (ص) يقرؤك السلام. فقالوا لجابر: كيف ذلك يا ابا عبد الله؟ فقال: كنت مع رسول الله (ص) والحسين (ع) في حجره وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال له علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم علي بن الحسين، ويولد لعلي ابن يقال له محمد، يا جابر إن رأيته فاقرأه مني السلام واعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسير. فلم يعش (جابر) بعد ذلك إلاّ يسيراً.

مولده الشريف 

ولد الإمام محمد بن علي الباقر (ع) يوم الجمعة غرة رجب سنة ۷۵ هـ، وفي رواية الثالث من شهر صفر سنة ۷۵ هجرية، وهو أول علوي من علويين وأول فاطمي من فاطميين، فأبوه هو الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) وامه هي السيدة الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (ع)، وبذلك فقد اجتمعت فيه خصال جديه السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام).

عاش مع جده الامام الحسين أربع سنين ، وشهد واقعة الطف في كربلاء. كنيته: أبو جعفر. أما ألقابه فكثيرة منها: الشريف والتي دلت على عظمة شخصيته، والباقر، والشاكر، أو الشاكر لله، والهادي، والأمين، والشبيه، لأنه كان يشبه جده المصطفى (ص)، وأشهر ألقابه الباقر، لبقره العلم، وتفجره، وتوسعه.

لماذا لُقّب (ع) بالباقر؟ 

جاء في لسان العرب لابن منظور: "التبقر: التوسع في العلم والمال، وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي الباقر (رضوان الله عليهم)، لأنه بقر العلم وعرف أصله، واستنبط فرعه وتبقر في العلم".

وفي رواية أنه (ع) كان يقول: لو وجدت لعلمي الذي أتاني الله عز وجل لنشرت التوحيد والإسلام والدين والشرائع… وكيف لي بذلك، ولم يجد جدي أمير المؤمنين (عليه السلام) حملة لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء ويقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوانح علماً جماً.

وهذا ابن حجر الهيثمي يصفه في الصواعق المحرقة: "وارث علي بن الحسين من ولده، عبادة وعلماً وزهادة: أبو جعفر محمد الباقر، سمي بذلك من بقر الأرض أي شقها وآثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل فيه هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، صفا قلبه، وزكا علمه وعمله، وطهرت نفسه، وشرف خلقه، وعمرت أوقاته بطاعة الله، وله من الرسوم في مقامات العارفين ما تكل عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة وكفاه شرفاً أن ابن المديني روى عن جابر أنه قال له ـوهو صغيرـ : رسول الله (ص) يسلم عليك ...".

وروي ان الأبرش الكلبي قال للإمام الباقر (ع): "أنت ابن رسول الله حقاً". ثم صار الى هشام بن عبد الملك فقال: "دَعُونا منكم يا بني أمية، إن هذا أعلم أهل الأرض بما في السماء والأرض، فهذا ولد رسول الله".

وكان الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري يأتيه ويكتسب منه العلم ويقول: ( يا باقر! أشهد إنّك أوتيت العلم صبيا).

ويقول عبدالله بن عطاء المكي: ما رأيت العلماء يتواضعون لأحد كتواضع الحكم بن عتيبة ـ وكان له عند الناس منزلة علمية رفيعة ـ بين يدي الإمام الباقر فكأنه طفل بين يدي معلمه.

وفي المناقب لابن شهر اشوب: سأل رجل عبدالله بن عمر عن مسألة فبقي متحيراً في جوابها ثم أشار الى الإمام الباقر وقال: سل من هذا الغلام واعلمني بالجواب. فسأل الرجل الإمام عنها وسمع منه جوابا مقنعا، ونقل ذلك لعبد الله بن عمر، فقال عبدالله: ( إنَّ هؤلاء أهل بيت جاءهم العلم من عندالله).

وقد قال فيه التابعي الشهير محمد بن كعب القرظي، ونعم ما قال: 

                         يا باقر العلم لأهل التقى        وخير من لبّى على الأجبُل

من وصاياه 

لقد عرف عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وصاياهم القيمة للأمة الإسلامية، تلك الوصايا التي ذاع صيتها في الآفاق والحافلة بالحكم والمواعظ والمعارف والأخلاق السامية، وما ذلك إلاّ حرصاً على توجيه وإصلاح أمة الإسلام، وإشاعة مكارم الأخلاق والقيم الإسلامية والفضائل والكمالات الإنسانية في المجتمع.

فمن وصية للإمام أبي جعفر الباقر (ع) لعمر بن عبد العزيز حينما دخل المدينة والياً عليها وقال مناديه من كانت له مظلمة أو ظلامة فليحضر، فأتاه أبو جعفر فلما رآه استقبله وأقعده مقعده، فقال أبو جعفر: إنما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم وما يضرهم، وكم قوم ابتاعوا ما ضرهم فلم يصبحوا حتى أتاهم الموت، فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا ما ينفعهم في الآخرة، فقسم ما جمعوا لمن لم يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن والله حقيقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها، فكف عنها واتق الله، واجعل في نفسك اثنتين: انظر إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت على ر بك فقدمه بين يديك، وانظر إلى ما تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فارمه وراءك، ولا ترغبنّ في سلعة بارت على من كان قبلك فترجو أن يجوز عنك، وافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وأنصف المظلوم، ورد الظالم.

وروي أيضاً: دخل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين على عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا جعفر أوصني. قال: أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولداً، وأوسطهم أخاً، وكبيرهم أباً، فارحم ولدك، وصل أخاك، وبر أباك، وإذا صنعت معروفاً فربه (أدمه).

من حكمه 

- عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد.
- المؤمن أخو المؤمن لا يشتمه، ولا يحرمه، ولا يسيء به الظن.
- الكمال كل الكمال، التفقه في الدين، والصبر على النائبة، وتقدير المعيشة.
- عليكم بالورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برا كان أو فاجرا.
- إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار.
- ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة: أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم إذا جُهل عليك.
- بئس العبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهداًً ويأكله غائباً، إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله.
- إياك والخصومة، فإنها تفسد القلب، وتورث النفاق.
- اعرف المودة في قلب أخيك بماله في قلبك.
- الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة.
- أربع من كنوز البر: كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان الوجع، وكتمان المصيبة. 

وقال أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين: جمع محمد بن علي الباقر صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال: صلاح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال: ثلثان فطنة، وثلث تغافل. 

إعداد: محمد النائيني

https://taghribnews.com/vdciqvaq.t1a3v2csct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز