عن طريق تسعة آلاف مسجد وزاوية وجامع و٣٥ قناة فضائية نجح السلفيون في نشر منهجهم وفرض مذهبهم علي الواقع المصري بدعم كامل من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أعطاهم مساحة واسعة لمواجهة وتحجيم التيارات الدينية الأخري المنافسة له وعلي رأسها الإخوان.
شارک :
ولعل تصاعد دور التيار السلفي عقب ثورة ٢٥ يناير وتزايد نشاطهم السياسي والدعوي دفع البعض للتساؤل عن مصدر تمويلهم وحجمه وكيفية إطلاقهم ٣٥ قناة فضائية خلال عهد مبارك وتوزيع كتب شيوخهم ورموز السلفية في مصر مجانا علي القراء لنشر الفكر السلفي فضلا عن المساهمة في الأعمال الخيرية للمواطنين من خلال عمل المستشفيات والمستوصفات والمراكز التعليمية ومجموعات التقوية بل وصل الأمر الي أن رموز السلفية في مصر أعلنوا مؤخرا عن تأسيس سبعة أحزاب سياسية تستدعي عمل مئات المقرات لأحزابهم السبعة علي مستوي الجمهورية تتكلف ملايين الجنيهات حتي أن السلفيين يساهمون في نشر الملابس الإسلامية من الجلباب الباكستاني القصير للرجال والعباءة والنقاب للسيدات بأسعار رمزية رغم جودة المنتجات وغلاء أسعارها. وقد يسأل البعض: من أين يأتي التمويل؟ ونقول لهؤلاء تمويل التيار السلفي سنجده باعتراف مفتي إحدي الدول الخليجية واضحا وجليا أمامنا وذلك حينما اعترف أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنفقت خلال الخمسة والعشرين سنة الماضية ٨٦ مليار دولار لنشر الفكر السلفي في جميع الدول العربية وتم تخصيص ٢٥ مليار دولار منها لمصر وللتيار السلفي بها أي ما يعادل ٥ مليارات جنيه سنويا يتم صرفها للتيار السلفي في مصر الذي يمثله جمعية أنصار السنة المحمدية برئاسة عبدالله شاكر والجمعية الشرعية برئاسة محمد مختار المهدي وجمعية التبليغ والدعوة برئاسة طه عبدالستار والمدرسة السلفية الدعوية بالاسكندرية اليت يقودها المجلس الرئاسي بها المكون من الشيوخ ياسر برهامي ومحمد إسماعيل المقدم ومحمد عبدالفتاح أبوإدريس. وبخلاف التمويل السابق للسلفيين في مصر فإنهم يعتمدون أيضا علي التبرعات والهبات والصدقات من رجال الأعمال المتدينين والتابعين للتيار السلفي أمثال محمد السويركي صاحب محلات »التوحيد والنور« الذي يتبرع بعدة ملايين للتيار السلفي سنويا بخلاف رجال الأعمال السلفيين الذين يعملون في مجال العقارات والمباني. أما عن القنوات السلفية التي يبلغ عددها ٣٥ فضائية فيمتلكها ويديرها رموز التيار السلفي إذ يمتلك قناة الرحمة الداعية محمد حسان ويديرها شقيقه محمود أما قناة الناس فيمتلكها رجل الأعمال السلفي منصور بن كدسة إذ أسسها عام ٢٠٠٦ تحت الشعار الشهير »شاشة تأخذك الي الجنة« وقناة الحافظ والفجر والصحة والجمال والبدر وغيرها من القنوات السلفية وتمويلها يكون من مجموعة من رجال الأعمال الخليجيين بالاضافة الي بعض المساهمين من شيوخ السلفية في مصر وذلك لنشر الفكر السلفي واستضافة شيوخ السلفية بها لنشر أفكارهم أمثال الشيوخ أبوإسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب وياسر برهامي وحازم شومان ومسعد أنور وغيرهم. وبخلاف القنوات الفضائية للسلفيين في مصر فإنهم حرصوا أيضا علي نشر أفكارهم عبر وسائل الإعلام المكتوبة ولذلك أصدرت جمعية أنصار السنة المحمدية مجلة ناطقة باسمها وباسم التيار السلفي تسمي »التوحيد« ينفق عليها أعضاء جمعية أنصار السنة تبرعات شهرية تصل الي١٠٠ جنيه لكل عضو بالجمعية بخلاف تبرعات المدرسة السلفية الدعوية بالاسكندرية علي نشر أفكارها عبر الشبكة العنكبوتية ولذلك أنشأوا موقعا الكترونيا خاصا بهم اسمه »صوت السلف« يكتب فيه رموز وشيوخ المدرسة السلفية بالاسكندرية أمثال الشيخ محمد إسماعيل المقدم والشيخ ياسر برهامي وأحمد فريد وسعيد عبدالعظيم وغيرهم ويتم تمويل هذا الموقع مع أعضاء التيار السلفي بالاسكندرية مع الاستعانة بتبرعات رجال الأعمال أيضا هذا بخلاف العديد من المواقع الالكترونية السلفية مثل موقع »أنا سلفي« الذي يصدر الفتاوي الدينية ويحرم ويحلل علي خلفية ما يعتقدونه وليس علي أساس صحيح الإسلام وروجه لدرجة أن المواقع السلفية حرمت الخروج علي الحاكم في بداية ثورة ٢٥ يناير واعتبرت المتظاهرين بميدان التحرير »الخوارج« وهذا ما أفتي به الداعية السلفي أسامة القوصي ثم سرعان ما غير التيار السلفي هذه الفتوي عقب تنحي مبارك وأفتي بعدم حرمانية المشاركة في المظاهرات بل دعا شباب السلفية الي المشاركة في العمل السياسي رغم أن ذلك كان من المحرمات طوال عصر مبارك. من جانبه أكد الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات أن مصطلح التيار السلفي غير صحيح مشيرا الي أن هذا التيار يسيء للسلف الصالح لذلك يجب وصفهم بالوهابية المصرية مشيرا الي أن الشيخ الغزالي رحمه الله قال عن السلفية »إن هؤلاء يقدمون دينا آخر غير الإسلام الذي نعرفه ونعتز به«. وأوضح رفعت أن أكبر دليل علي أن التيار السلفي يتم تمويله من جهات خارجية ورجال أعمال خليجيين أن أعضاء جمعية أنصار السنة المحمدية السلفية تنازعوا فيما بينهم منذ عامين حول مبلغ ١١٠ آلاف ريال وتبادل أعضاء الجمعية الاتهامات بالسرقة. ولفت رفعت أن السلفية يتم تمويلهم حاليا لفك أسر ٧٠ مسلمة أو متأسلمة في سجون البابا شنودة كما يزعمون ويتناسون أن هناك أكثر من ٣٠٠ أسيرة فلسسطينية في سجون إسرائيل يتم انتهاك أعراضهن موضحا أن تمويل السلفية بـ٥ مليارات سنويا يساهم في نشر الفكر التكفيري ومطالبتهم بتطبيق مبدأ الحاكمية وعقيدة الولاء والبراء ومحاربة الأقباط. وأكد رفعت أن عدد السلفيين في مصر لا يتجاوز نصف مليون شخص ورغم ذلك فإن أفكارهم موجودة ومنتشرة في قطاعات واسعة من المجتمع ولذلك فإن السلفية تعتبر تيارا فكريا أكثر منها تنظيما له هيكل ورئيس فعلي. وأكد أن السلفية سيتضاعف تمويلهم خلال الفترة القادمة لنشر أفكارهم في المجتمع المصري مثل فرض الجزية علي الأقباط مشيرا الي أن الشيخ ياسر برهامي أحد دعاة السلفية بالاسكندرية أفتي بأنه يجب أن يدفع الأقباط الجزية وهم صاغرون مشيرا الي أنه عندما سئل برهامي عن معني كلمة صاغرون قال إنه يجب علي القبطي أن يدفع الجزية وهومدلول ودانه. أما الدكتور نبيل عبدالفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فأشار الي أن السلفية يعتمدون علي التمويلات الذاتية والهبات والتبرعات بشكل كبير وكذلك دعم بعض رجال الأعمال والأثرياء الذين يؤمنون بأفكارهم وذلك لعمل شبكة اجتماعية تضم رعاية صحية واجتماعية وتعليمية للمواطنين مثلما تفعل الجمعية الشرعية التي تقدم خدمات في المجال الصحي والدعوي والتعليمي والتلقيني وكذلك جمعية أنصار السنة المحمدية. ولفت عبدالفتاح الي أن ما يهدد التماسك الاجتماعي ويعتبر خطرا علي المجتمع مشايخ السلفية الجدل الذين يتم تمويلهم وعمل قنوات فضائية لهم لنشر أفكارهم التي تحمل الطابع المتشدد والذين يتم تمويلهم بعض رجال الأعمال الخليجيين. وانتقد عبدالفتاح بعض متطرفي السلفية الذين يذهبون الي الاتجاه التكفيري معتبرا أن ذلك يشكل خطرا داخل الحركة الإسلامية علي المستوي المجتمعي وأن السلفيين لم يدعوا الي فكرهم بالحسني كما كانوا يفعلون طيلة عهد مبارك ولكنهم لجأوا الي ممارسة قدر من العنف وأصبح الفكر السلفي له توجهات سياسية واضحة بعد ما كان في عهد مبارك يعاون الأجهزة الأمنية لضرب تيارات أخري مثل الإخوان المسلمين ولم يسمع لهم صوت في مكافحة الفساد أو التعذيب أو التعدي علي زملائهم مثل قتل سيد بلال. كذلك يقول الدكتور وحيد عبدالمجيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنه يوجد في مصر ما لا يقل عن ٢٠ من كبار مشايخ السلفية علي مستوي العالم الإسلامي أمثال الشيخ محمد حسان وياسر برهامي وسعيد عبدالعظيم ومحمد حسين يعقوب ومحمود شاكر وغيرهم. ولفت عبدالمجيد أن جزءا من التمويل معلوم ومراقب مثل تمويل الجمعية الشرعية وجمعية أنصارالسنة المحمدية وهي جمعيات مسجلة قانونا وتحصل علي تمويل من جهات خارجية في حدود مايسمح به القانون كما أن هناك مصدرا آخر للتمويل هو التبرعات من رجال الأعمال السلفية في مصر والدول الخليجية.