تاريخ النشر2019 9 January ساعة 13:22
رقم : 393720

أميركا.. ترمي بأدواتها وتشاهد

تنا-بيروت
موقع الميادين ربى يوسف شاهين- كاتبة وإعلامية سورية
أميركا.. ترمي بأدواتها وتشاهد
انتصارات الجيش العربي السوري في الجنوب السوري، فرض تغييراً في الحسابات الأميركية، قاعدة التنف وأهميتها اللوجستية والعسكرية للفصائل الإرهابية، قد قُلصت جغرافيا، لأن الانتصار السوري في الجنوب،  والقضاء على الإرهابيين في منطقة البادية وخاصة بادية السويداء، أجبر واشنطن على اتخاذ سياسات جديدة للحد من مفاعيل الانتصار السوري،  ويبدو أن أميركا أرادت إدارة دفّة الصراع من الشرق السوري، حيث الورقة الكردية وتطلّعات الكرد الانفصالية، ولا ضير من تطويع هذه الورقة في سياق السلسلة الاستراتيجية التوسّعية لواشنطن في سوريا  والإقليم، لكن ووفق المبدأ الأميركي في حسابات الربح والخسارة، وجدت واشنطن ضالّتها في قرار غامِض يُربك الجميع، ليكون هذا القرار بمثابة طعنة في الظهر حسب توصيف الكرد، فـالداعِم عازِم على سحب بساط الدعم منهم، ولم يتبق لهم سوى قبول الخيار الوحيد بالعودة إلى سوريا،  والتنسيق مع دمشق، ما يجنّبهم الكثير من المطبّات السياسية والعسكرية، جرّاء التماهي مع المشروع الأميركي في شرق سوريا.

وضمن معادلة الربح والخسارة المتعلّقة بالقرار الأميركي، فإن الحليف الفرنسي امتعض من قرار الانسحاب، ليعلن الرئيس ماكرون أنه ماض في محاربة الإرهابيين فالعمل لم ينته في الشمال الشرقي من سوريا، كل هذا يحمل معطيات ذات أوجه سياسية وعسكرية متعدّدة، وبالتالي فإن تداعيات القرار الأميركي باتت تأخذ أبعاداً قد تُستغل أميركيا، من أجل إعادة التموضع الاستراتيجي في المنطقة.

بين تغيّرات المشهد السياسي المُعلن والوقائع على الأرض، حيث بوادر الحل السياسي لمدينة منبج ودخول الجيش العربي السوري، هو بحد ذاته انتصار كبير، لتبتعد قوافل أردوغان الإرهابية إلى الشمال الشرقي، ولتبدأ في مقلب آخر، عملية التصفيات للإرهابيين في ما بينهم، معارك ضارية تقوم بين فصائل عدّة وإن اختلفت التسميات، ولكن الولاء والتمويل والقرار لواشنطن والسعودية وقطر وتركيا، فكل فصيل يدّعي أنه مستقل، وبقرار الانسحاب الأميركي بدأت بوادر أحلام من نوع آخر، فالكل يبحث عن فرصة لتحقيق أيّ مكسب سياسي، يكون بمثابة طوق نجاة من طوفان الانتصار السوري القادم.

محمّد الجولاني الضائع في فرضيات النفوذ والسيطرة، عرض في وقت سابق على رئيس النظام التركي تقديم معلومات عسكرية عن قسد، بما يخدم تطلّعات أردوغان ويبدّد هواجسه، في مقابل تقديم أردوغان مناطق نفوذ للجولاني تمكّنه من بسط سيطرته على مناطق في الشمال الشرقي من سوريا، من هنا يبدو واضحاً أن المآزق التي تجمع الرجلين كثيرة، فالسطوة التركية على الفصائل الإرهابية تبدّد أيّ اتفاق هنا أو هناك،  كما أن الفصائل الإرهابية في إدلب وريفها وغرب حلب، إنما تحاول بهذا الاقتتال تقديم صكوك الطاعة للتركي، بُغية تأمين مقعد سياسي بجانبه، إضافة إلى أن تركيا خَبرت الفصائل الإرهابية على تعدادها، واستطاعت ان تميّز بينها لأغراضها في التمكين الجغرافي، تحاول اليوم بطريقة غير مباشرة القضاء على الفصائل التي باتت تعتبرها حجر عثرة في طريق المشروع التركي، ولا بدّ اليوم من إعادة النظر في الكثير من القضايا التركية المتعلقة بالشأن السوري، خاصة أن الكرد طلبوا العون من القيادة السورية، وهذا بدوره أبعد عن تركيا مسألة الدخول إلى منبج، وشنّ هجمات ضدّ قوات سوريا الديمقراطية، فالوجود الروسي يمنع أردوغان من تحقيق أهدافه سريعاً، لكنه يعمد على اللعب البطيء، كما الرئيس ترامب الذي تراجع في لقاء له في البيت الأبيض بأنه حدّد موعداً لانسحاب قواته من سوريا.

من هنا نجد أن كلا الفريقين التركي والأميركي، ينفّذ خططه بما يناسب الآخر، لكن الاختلاف أن الأميركي أصبح يراقب والتركي على الأرض يوجّه فصائله الإرهابية، حتى يحين الوقت الذي تضغط روسيا عليه وتجبره بإنهاء الاقتتال، وتنفيذ المهمة التي تعهّد بها من اتفاق سوتشي، فطموحات أردوغان باقتطاع الجزء الشمالي من سوريا، لا يمكن تحقيقها، فـموازين القوى تغيّرت وتبدّلت، وسوريا الآن على المستويين السياسي  والعسكري، ليست سوريا قبل ثماني سنوات.
https://taghribnews.com/vdcdxs0szyt0n56.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز