تاريخ النشر2018 15 October ساعة 10:32
رقم : 368449

هل انقلبت تركيا على اتفاق سوتشي؟ وما هي النتيجة؟

تنا-بيروت
صحيفة البناء العميــــــد د. امين محمد حطيــــط أستاذ جامعي – باحث استراتيجي
هل انقلبت تركيا على اتفاق سوتشي؟ وما هي النتيجة؟
كان شهر أيلول المنصرم الموعد المبدئي المرتقبلأطلاق عملية تحرير ادلب بعد ان فرغت سورية من تحرير الجبهة الجنوبيةوامسكت بالحدودالدوليةمع الأردن واعادت التمركز على خط " فض الاشتباك" في الجولان. وبالفعل كانت سورية قد أنجزت معظم التحضيرات لأطلاق هذه العملية في ادلب وهي العملية التي قررها وأعلنها الرئيس الأسد شخصيا،وانصرف الجيشالعربي السوري للتحضير الميداني لها مع الحلفاء بكل ما تبتغيه من مواطن القوة وظروف النجاح.
 
وفي المقابل كانت اميركا ومن معها من تابعين وأدوات تصعد على كل الاتجاهات  من اجل منع العملية لانها ترى فيها اسقاطا لورقة رئيسية تكاد تكون الأخيرة ميدانيااوما قبل الأخيرة في كاملالوضع السوري وهي ورقة ان سقطت ستنتج مشهدا جديدا في سورية يكون فيه الاحتلال الأميركي المتجسد بالانتشار في 13 قاعدة عسكرية أميركية قائمة بشكل غير شرعي على الأرض السورية يكون فيها هذا الاحتلال بالمواجهة المباشرة مع القوى السورية الرسمية والأهلية الساعية الى تحرير لبلاد من الإرهاب و الاحتلال على حد سواء ، و هو وضع تتحاشاه اميركا كما يبدو .
 
اما تركيا التي تحتل هي الأخرى أراض سورية في الشمال والشمال الغربي فقد كانت تخشى من العملية السورية المذكورة لان فيها احراج لها أيضا على أكثر من الصعيد ولذلك بذلت جهودا مضنية من اجل الاستحصال على موافقة إيرانوروسيا لحمل سورية على تأجيل العملية لمدة 6 أشهر يبحث خلالها عن حل لمنطقة ادلب يحفظ لتركيا موقعها بشكل خاص في العملية السياسية التي يعمل لتوفير ظروفها كما يتظاهر كل من حشر نفسه او اضطر للتدخل في المسالة السورية.
 
في ظل هذه المواقف انعقد مؤتمر القمة الثلاثي في طهران،وجهدت تركيا في انتزاع الموافقة الإيرانية الروسية على طلبهاففشلت، لا بل ابدى الرئيس الروسي بوتين حزما في الموضوع اشعر التركي بان تحرير ادلب واعادتها الى السيادة السورية امر لا مفر منه، ما جعل    اردغان يطلب اللقاءالثنائي مع روسيا للوصول الى اتفاق وسط يبعد الحرب ويحقق مبدئيا الأهداف التي يعلنها الروسي وتتمسك بها سورية أي تحرير ادلب بشكل تامويمنح تركيا فرصة للمنورة لتحقيق شيء مما تريد.
 
وبالفعل كان لقاء سوشي الذي نجحخلاله الرئيس الروسي في صياغة حل قد يوصف بانه حل وسط يرضي تركيا من جهة ويحملها المسؤولية من جهة أخرى لكن الأهم في الاتفاق هو طبيعته وأهدافه وربطه بتوقيتات محددة قد تكون هي الأهم في الاتفاق الذي اعطى سورية ومن غير شك مكاسب عدة وسحب من يد الغرب أوراق وذرائع يحضر لها للتدخل العدواني ضد الجيش العربي السوري الذي يتأهب لعملية تحرير ادلب.
 
واليوم ومعحلول الاجل الأول المحدد في الاتفاق أي15 تشرين الأول 2018، (أمس) تزعم تركيا انها نفذت ما طلب منها (انشاء المنطقة العازلة واخلائها من السلاح الثقيل وفرز المسلحين). و لكن الميدان يكذب الزعم التركي ، ففي حين ان المطلوب تحقيقه في المرحلة الأولى وفي مهلة شهر ينتهي بالتاريخ المتقدم ، المطلوب انشاء المنطقة العازلة و فرز المسلحين بين إرهابي رافض للحل السياسي و مسلح مستعد للاستجابة لمقتضيات الحل السياسي ، فان الذي نفذ وفقا لمصادر موثوقة هو اتفاق بعيد عن الاعلام عقد بين تركيا و جبهة النصرة الإرهابية الرافضة لاتفاق سوتشي جملة و تفصيلا والرافضة  لوقف القتال ، اتفاق  قضى بتسليم جبهة النصرة السلاح الثقيل المعطل لتركيا و نقل جزء مما تبقى من سلاح صالح  الى مخازن خارج ال 15 كلم ( أي المنطقة العازلة ) و نشر الباقي من السلاح الثقيل في المنطقة العازلة و تشغيله بيد ارهابيي جبهة النصرة بأشراف من المخابرات التركية . اما الفرز والفصل بين فئتي المسلحين فواضح ان تركيا لم تنفذ منه شيء ولم تبلغروسيا شيء يتصل بهذا الموضوع، ثم كانت مجاهرة جبهة النصرة بسلوكيات ومواقف تسقط الزعم التركي ضمنا حيث قصفت المناطق السورية المحررة انطلاقا مما تدعي تركيا انه بات منطقة عازلة خالية من السلاح الثقيل ثم أعلنت انها لن تلتزم بسوتشي ولن تتوقف عن القتال.
 
و إضافة الى ما تقدم من نكول و تحريف  و مماطلة في تنفيذ اتفاق سوتشي و بشكل يوحي بان تركيا تريد استثمار الاتفاق من اجل كسب الوقت و العودة لتفعيل مشروعها الخاص بها في سورية فقد أعلنت تركيا ، بانها باقية في سورية حتى اجراء الانتخابات النيابية وضمانالاستقرار في الوضع السياسي  بشكل نهائي ، ثم اعادت اتفاقها مع اميركا حول منبج الى دائرة الضوء و تحضرت للتدريب لأطلاق الدوريات الأميركية التركية المشتركة في منبج ، ثم جاء موقفها الأخير المتمثل في الإعلان عن تحضيرات لعمليات عسكرية تركية شرقي الفرات بشكل احادي و بعيدا عن أي تفاهم او تنسيق مع منومة الرعاية في استنة ، جاء بمثابة الإعلان غير المباشر للتنصل من التزاماتها السابقة في سوتشي و استنة.
 
كل هذا وسواه مما لم يذكر من تصرفات تركية أحادية الجانب وعدوانية ضد سورية يؤكد ما نقول به دائما عن قناعة بان تركيا ليست بصددالبحث عن حل يحفظ سيادة واستقلال سورية لا بل أنها تستغل شراكتها   مع إيرانوروسيا في منظومة رعاية مخرجات استنة من اجل توفير فرص نجاح مشروعها الخاص وهي من اجل ذلك تناور وتستثمر في الظروف من اجل كسب الوقت وتوفير مصادر القوة اللازمة واستغلال الظروف الدولية المتقلبة،فهل ان شركاءها في استنة غافلون عن مناورتها؟
 
بداية نقول ان سورية ومنذ انقلاب اردغان في العام 2011 على الاتفاق الاستراتيجي التركي السوري وظهور اردغان مظهر العدو، فان سورية لم تثق يوما بهذا الشخص وبنظامهالاخواني على الاطلاق، لكن ورغم هذه النظرة قبلت سورية بتفاهمات استنة بضمانة روسية إيرانية وليس بثقة في تركيا. والامر نفسه حيال اتفاق سوتشي حيث قبلت به سورية ثقة بالجانب الروسي ثم باعتباره امر مؤقت، يؤدي في حال نجاحه الى حقن الدماء ويحقق الغرض في استعادة ادلب الى حضن الوطن، اما في حال الفشل فانه يكون منح سورية وحلفاءها مزيدا من الوقت لضمان المزيد من فرص النجاح في تنفيذ عملية التحرير الجاري التحضير لها، كما انه وهذا مهم جدا أيضا يؤمن سحب ذرائع العدوان الأميركي الأطلسي على سورية وهو عدوان كانت تحضر له اميركا بذريعة ملفقة هي استعمال الكيماوي.
 
اما روسيا وإيران الشريكان الاخريان مع تركيا في استنة، فانهما قاطعين في الموقف من اتفاق سوتشي،فأما ان ينفذ بحذافيره نصا وروحا ما يعني ان يكون التنفيذ مرحلة انتقالية لإعادة ادلب الى حضن الدولة وسيادتها في مهلة لا تتعده بضعة أشهر(بين 3 و6 أشهر)يعقبها خروج تركيا من سورية دون ربط الخروج باي شرط اخر، او تكون المنطقة واجبة التحرير وفقا للعملية لتي كانت ولا زالت قيد التحضير.
 
لقد استثمرت سورية وحلفاؤها فرصة الشهر المنصرم وعززت مواقعها العسكرية الهجومية والدفاعية التي كان من اهمها السيطرة على الأجواء السورية واقفالها بوجه الطيران والقنابل والصواريخ الذكية،وهو تطور بالغ الأهمية أربك اميركا وإسرائيل وعقد تدخلهما في عملية تحرير ادلب عندما تنطلق. كما انه تمت الاستفادةمن المهلة المنصرمة للقيام بإجراءات امنية وميدانية هامة في المنطقة سيكون من شانها توفير الكثير من الجهد وخفض مستوى الخسائر عندما تنطلق العملية مع رفع منسوب النجاح فيها وتقصير وقتها.
 
وعليه نقول ان مناورة تركية او خداعها لن تكون نتائجه كما خططت تركيا ـ بل ستنقلب الأمور ضدها وستجد تركيا نفسها تفقد أوراق ذهبية هامة كانت ستتخذها أوراق ابتزاز للغربوالمحيط ليس اقلها ورقة الارهابين الأجانب الذين كانت ستحتفظ بهم لفترة في مخيمات تقيمها على ارضها،او ورقةالنازحين، او روقة الوجود المؤقت على الأرض السورية.ما يعني ان السعي التركي بربح بالخداع سينتهي بخسارة مؤكدة فلننتظر ...
 
https://taghribnews.com/vdcdoj0snyt09o6.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز