تاريخ النشر2018 24 September ساعة 12:27
رقم : 361605

كيف سترد روسيا وإيران على خساراتيهما؟

تنا-بيروت
صحيفة البناء لعميــــــد د. امين محمد حطيــــط أستاذ جامعي – باحث استراتيجي
كيف سترد روسيا وإيران على خساراتيهما؟
حدثان بالغا الخطورة استهدفا روسيا و ايران  في أسبوع واحد ، الأول استهدف روسيا  في الأجواء السورية ، حيث تسبب اعتداء إسرائيل عل مواقع سورية باسقاط طائرة ايل .20 الروسية و على متنها 15 ضابطا وخبيرا روسيا لم ينجومنهم احد ، و الثاني تمثل بالعمل الإرهابي الفظيع الذي استهدف العرض العسكري للقواتالمسلحة الإيرانية في الاهواز و الذي أدى الى قتل 25 عسكريا في وضح النهار ، حدثان يضعان حلفاءسورية  امام تحدي كبير يتوقف على ردة الفعل عليه مسائل كبرى تتصل بجوهر الصراع في المنطقة و العالم ربطا بما تحقق في الميدان السوري و فشل العدوان على سورية .
 
ولا بد من التنويه بداية بان هذين الامرين هما من طبيعة لم يسبق حصول ما يشبههما ان لم نقل ما يوازيهما من حيث الحجم والخطورة،وحصلا في فترة واحدة عنوانها النجاح في معالجة الوضع السوري بما يؤكد هزيمة العدوان،وهذا ما يجعلهما وكل في مساره فاتحة احداث أخرى مماثلة وقد تكون بحجم ابلغ ان لم يكن هناك رد رادع مؤلم ضد الجهات الي تسببت او ساهمت بوقوعهما.
 
ونبدأ بالطائرة الروسية التي توصل الجيش الروسي وبقناعة كلية مبينة على قواعد تقنيةوعلمية وميدانية دقيقةالى القول بان المسؤول عن اسقاطها هي إسرائيل التي تتحمل المسؤولية كاملة 100%، قناعة نهائية غير قابلة للمراجعة او للتأويلوالتحليل الإضافي الذي يخفف من أثرهاوالسبب في ذلك كماتراه روسيا وفقا لقناعتها الموضوعية النهائية المؤكدة المبنية على ما يلي:
 
أ‌) ان إسرائيل قامت بعدوان جوي على منطقة تعلم هي انها محل لممرات جوية للطيران الروسي العسكري والمدني وتعلم ان في اجوائها طائرة روسية ولم تبلغ القيادة العملانيةالروسية بالعدوان في مدة كافية لتتخذ التدابيراللازمة لحماية طائراتها وكان عليها ان تفعل حسب الاتفاق الامني للتنسيق القائم منذ العام 2015 والذي التزمت به روسيا بدقة واستفادت منه إسرائيل لأقصى حد على حساب المصالح العسكرية والميدانية لمحورالمقاومة.
 
ب‌) ان الطائرة الحربية الإسرائيلية اتخذت من طائرة الايل 20الروسية حجابا اودرعا للتقرب والاحتماء وخلقت ظرفا أكيدا لإسقاطها بصاروخ سوري لا يحمل جهاز التمييز بين الصديق والعدو الخاص بالأسلحة الروسية،وبالتالي ان مناورة الطائرة الإسرائيلية كانت السبب الرئيسي المنتج لاسقاط الطائرة الروسية.
 
ت‌) ان الطيران الإسرائيلي لم يعبأ بالجريمة التي تسبب بها واستمر يحلق في الأجواء لمدة 33 دقيقة دون المبادرة لإبلاغ روسيا بالكارثة او الانسحاب من الجواء لفتح المجال امام محاولة القيامبعمليات الإنقاذ الواجبة في هذه الأحوال وهذا يشكل استخفافا فظيعا بأرواح العسكريين الروس.
 
على ضوء ما تقدم تجد القيادة الروسية نفسها قدوضعت في موضع صعب ومؤلم لا ينحصر فقط بخسارتها الفادحة ل 15 ضابطا من كبار الخبراء و القادة العسكريين، بل يتوسع لينتهك اتفاقات قائمة بين الجانبين الروسي و الإسرائيلي نالت إسرائيل منها الكثير من المكاسب الميدانية والاستراتيجية في سورية بتسهيل من روسيا و يظهر اناسرائيل لا تعبأ بالمصالح الروسية حتى ولو كانت متصلة بحياة عسكرييها و هنا التحدي الكبير الذي تواجهه روسياالان في علاقتها مع إسرائيل التحدي الذي يلزم روسيا بعمل ما يحفظ ماء وجهها أولا و يؤسس لمستقبل لا تتكرر فيه الخسارة تلك او أي خسارة تشبهها  و تتسبب بها إسرائيل .فما هي التصرفات التي يمكن ان تلجأ اليها روسيا و تشكل في الان ذاته حماية لجنودها و عقابا لإسرائيل على جريمتها ؟
 
في البدء لا بد من ان نتذكر بان لإسرائيل في روسيا قوى ضغط لا يمكن تجاوزها او اغفال اثرها ،لكن هذه القوى لن تكون هذه المرة قارة في مثل الحالة القائمة على منع ردة الفعل الروسية كما يروج البعض ويقول "طوي ملف الطائرة ، و الوقت يداوي الجروح " لان القبول بهذا القول من شانه ان يعرض روسيا لافدح الخسائر المعنوية التي تراكم الخسائر المباشرة الناتجة عن سقوط الطائرة و بالتالي نرى ان روسيا ملزمة برد ما يثبت هيبتها و ارادتها لتعزيز مكانتها الردعية دون ان تصل الى في ردها الى الاضرار بمسيرة استعادة موقعها الخاص في الصف الأول دوليا وهوالموقع الذي خسرته منذ 3 عقود  و تعمل  بجدارة على استعادته منذ بدء  العدوان على سورية و هي تعتقد ان الصداقة مع إسرائيل تساعدها في مسعاها هذا و لذلك ارتبطت معها بأكثر من علاقة و تفاهم حول سورية و غيرها . وبالتالي نعتقد انها ستوازن في الرد بين التدبير العملاني الحمائي والتصرف السياسي الذي يحفظ علاقة "الصداقة " مع إسرائيل بشكل او باخر وهنا نتصور ان يأتي الرد شاملا ما يلي:
 
1) انشاء منطقة حظر جوي روسي فوق المواقع العسكرية والأماكن التي يوجد او يتحرك فيها الجنود الروس في سورية وهذا سيقود الى اغلاق كامل للمنطقة الساحلية السورية بوجه الطيرانالاسرائيلي.
 
2) التراخي في تطبيق تفاهمات التنسيق العملاني القائم حاليا مع إسرائيل دون الوصول الى الغائها كليا،وهذا سيؤدي الى اعادة النظر بالمواقف الروسية من حركة حلفاء سورية على الأرض السورية.
 
3) الدرس الجدي لتعزيز قدرات الدفاع الجوي السورية عبر تطوير المنظومة الحالية وتزويد سورية بشبكة رادارات حديثة للرصد والتعقب والافراج عن منظومة ال س 300 كما وعد لافروف سابقا.
 
4) تزويد منظومة الدفاع الجوي السوري بقدرات تمييز الصديق العدوالتي تستعملها روسيا لحماية الطائرات الروسية فوق سورية.
 
نعتبر هذه التدابير هي الحد الأدنى الذي ينبغي القيام به من الجانب الروسي لحماية وحداته و وجنوده وقطع الطريق على غدر او جحود إسرائيلولتعزيز الهيبة الروسية عالميا دون الوصول الى قطيعة مع اسرائيللا ترغب بها روسيا او لا تراها الان في مصلحتها او في خدمة استراتيجيتها العامة.
 
اما عن إيران، فان العمل الإرهابي الذي استهدفها في الاهواز فهو من حجم وطبيعة لا يمس امن جنودها فحسب بل له اثار ومفاعيل استراتيجية تمس وحدة إيران ارضا وشعبا ويتصل مباشرةبأهداف الحركات الانفصالية التي تغذيها دول الخليج إقليميا ودول الغرب بقيادة اميركا دوليا، ثم انه يأتي في ظرف بالغ الخطورة على الصعيد الإيراني ويقع على مقربة من الموعد الذي حددته اميركا لفرض حصار مؤلم متعدد الوجوه على إيران تحت عنوان ما تسميه اميركا العقوبات ضد إيران.
 
لذلك نرى ان بقاء من ارتكب الجريمة الفظيعة ، بمناى عن العقاب المؤلم ، سيجعله يتمادى في الفعل و التكرار و توسيع دائرة افعاله المماثلة و لذك ينبغي ان يكون الرد مؤلما و موجها ضد الجهة الميدانية المنفذةو هي تقيم في قواعد شبه معروفة في المنطقة و قريبا من الحدود الإيرانية ، وضد  الجهة الإقليمية و الدولية المخططة و الموجهة و الممولة  ، و يجب ان يأتي الرد ليحمل  رسالة قاطعة بان ايران ليست ضعيفة ، و دون ان يتسبب بانزلاق الأمور الى مواجهة واسعة مع تلك القوى و هنا نؤكدعلى وجوب اعتماد الرد المدروس الذي ترى ايران كيف ينتج الألم الشديد لتلك القوى . و هنا نرى ان يكون الرد مركبا من عمل امني و عسكري ميداني و سياسي عام و مؤازرا بصوت عالي و حازم ينبئ الجميع بان لا سكوت على اعتداء .
https://taghribnews.com/vdcaw6nem49nii1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز