تاريخ النشر2011 8 January ساعة 13:04
رقم : 36143

افاق الثقافة الاسلامية في افريقيا

الخطاب الإسلامي زاد في افريقيا نتيجة ثورة الاتصالات مع العالم الإسلامي، وزيادة عدد الراغبين في الحج، وبروز شبكات من الجمعيات الإسلامية العابرة للحواجز السياسية، كما برزت ظاهرة المدارس الإسلامية الجديدة، والجامعات الإسلامية
حسن مكي محمد احمد - كاتب سوداني
حسن مكي محمد احمد - كاتب سوداني
وكالة انباء التقريب (تنا) :
المقصود بمستقبل الإسلام في إفريقيا القراءة في أوضاع المسلمين الافارقة اي الذين لا يتكلمون اللغة العربية ولكنهم يعتنقون العقيدة الإسلامية وتشمل هذه القراءة، مدى معرفتهم بحقيقة دينهم ومعرفتهم بمطلوبات هذا الدين كما يشمل ذلك رؤية هؤلاء المسلمين لأوضاعهم وأوضاع بلادهم وهل هم راضون عن وضعيتهم، وهل أنهم جزء من الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي في بلادهم، وهل يناسب حراكهم الثقافي والاجتماعي مع وضعيتهم واعدادهم،ووزنهم وهل يملكون مفاتيح الاسهام في صناعة المستقبل؟ 

يمكن تقسيم المسلمين في إفريقيا حسب أوضاعهم إلى أربعة كيانات تتفاوت في وضعيتها، واهم وجود إسلامي في إفريقيا الناطقة بغير العربية هو الوجود الإسلامي في غرب إفريقيا، وشوكة المسلمين في غرب إفريقيا تتمثل في شمال نيجيريا والسنغال ومالي والنيجر وتشاد، وكانت لهذه المناطق ميراث
إسلامي ولكن هذا الميراث الإسلامي ضعف نتيجة لفقدانه التواصل مع مركز الاشعاع في العالم الاسلامي،وايضا نتيجة للاستعمار وما تبعه من موجة العولمة، ولكن مع ذلك فإن حزام الإسلام في غرب إفريقيا يضم قرابة المائتي مليون مسلم نصفهم في نيجيريا. 

ومن أهم المؤثرات على هذا الحزام موجة العولمة وما فيها من مطلوبات الاندماج في الاقتصاد العالمي، والسياسة العالمية والثقافة العالمية، باعلامها وفنونها ولغاتها ومسارحها، التي تسعى لإستيعاب الأجيال الجديدة الراغبة في الحداثة، وإشباع رغباتها في التمتع بمستويات حياة افضل، وإكتساب مهارات أكبر، وحيث يبدو أن ذلك لا يتحقق إلا بالإنخراط في صياغات ومبادرات حركة الحضارة الغالبة، ولكن مع ذلك نهضت حركات إسلامية في معظم هذه الدول تؤمن بأن النهضة لا يمكن تحقيقها بالنسبة للمسلمين الا بالتواؤم بين العمق التاريخي، والميراث الثقافي، ومطلوبات الحداثة ،واكتسبت هذه الحركات بعداً آخر. 

كما هنالك صحوة صوفية وفقهية في كثير من البلدان الإفريقية أدت إلى زيادة عدد المساجد، وزيادة الخطاب الإسلامي، كما أن الخطاب الإسلامي زاد نتيجة إلى ثورة الاتصالات مع العالم الإسلامي، وزيادة عدد الراغبين في الحج، وبروز شبكات من الجمعيات الإسلامية العابرة للحواجز السياسية، كما برزت ظاهرة المدارس الإسلامية الجديدة، والجامعات الإسلامية كما أخذت التكتلات السياسية شكلا جديدا،فبعد أن كانت السنغال مثلا تولي رئيسا كاثوليكيا،
أخذ السنغال ينتخب رؤساء مسلمين من بعد سنغور، وكذلك الحال في ساحل العاج التي إنتخبت هذا العام الرئيس حسن واتارا، وذات الشيء يحدث في تشاد، بل أن تشاد مضت خطوات أبعد من ذلك حيث أعتمدت الثنائية اللغوية وأصبحت بذلك اللغة العربية لغة رسمية في الدولة والتعليم، ودخلت تشاد في معركة تعريب المدارس ومع انها تواجه مشكلة كبيرة لأنها تفتقر للأطر المدربة والمدرسين المدربين لتدريس اللغة العربية في ألفي مدرسة، إلا أن ذلك يعد خطوة كبيرة في إتجاه تعريب التعليم والدولة، واذا نجح المشروع التشادي فإن آثاره ستنتقل إلى كل منطقة غرب إفريقيا لأن تشاد محطة مهمة للتواصل السياسي والثقافي والإجتماعي مع نيجيريا والنيجر والكاميرون وإفريقيا الوسطى. 

ويواكب ذلك بروز ظاهرة الجامعات الإسلامية مثل جامعة الملك فيصل في تشاد والجامعة الإسلامية في النيجر وجامعة الحكمة في نيجيريا وغيرها.
بالاضافة الى هجرات طلاب غرب افريقيا لتلقي العلم في الجامعات الاسلامية والعربية كل ذلك يسهم في خلق بنية تحتية جديدة للثقافة الاسلامية في غرب افريقيا في وقت تيسرت فيه سبل الاتصال وأصبح المسلمون يلتقطون اخبار العالم الاسلامي عبر الاعلام المرئي والمسموع ويتفاعلون مع الاذاعات والفضائيات الاسلامية واذاعات القرآن الكريم مما ادى الى تصدع سياسات المناطق المقفولة والاحادية اللغوية الغربية
التي كانت مضروبة على هذه المناطق هذا عن غرب افريقيا فماذا عن شرق افريقيا ؟ 

القوى الاسلامية الاساسية لشرق افريقيا، من الناحية العددية هم مسلمو اثيوبيا ولكن اشكالية مسلمي اثيوبيا أن وزنهم السياسي والاقتصادي في الدولة لايتماشى مع وضعيتهم ومكانتهم وعددهم وذلك لاسباب تاريخية كثيرة ومتعددة، ولكن الآن هنالك صحوة وسط مسلمي إثيوبيا تتلخص في الاعتراف بهم كمواطنين وشركاء في المجتمع السياسي الاثيوبي، وهذه الوضعية لم ينالوها إلا في الثلاثين سنة الأخيرة ومع انه أصبحت هنالك حكومات إسلامية، بمعنى أن بعض القوميات الاسلامية أصبحت تحكم نفسها بنفسها، كما في منطقة العفر والمنطقة الصومالية وفي اقليم بني شنقول وبعض مناطق الارومو، ومع أنه لا يزال هناك خط احمر يحول دون تقلد اي اثيوبي مسلم لأي منصب من مناصب الدولة الكبرى كرئاسة الجمهورية، والوزراء ورئاسة البرلمان، ولكن يبدو أن الزمن في صالح مسلمي اثيوبيا لاسباب تتعلق بهجرة النخبة الامهرية المتنصرة الى خارج اثيوبيا وحاجة النخبة التغرنجية الحاكمة الى حليف يساندها في البقاء على منصة الحكم في اثيوبيا،والحليف المتاح تشكله القوميات الاسلامية كالصومالية والعفرية والارومية وغيرها. 

كما أن نسبة المسلمين تزداد في الجامعات فبعد أن كان عددهم في جامعة اديس ابابا لايتجاوز الـ «٥%» في العام ٢٠٠٤ قفز إلى قرابة الـ «٣٥%» كما أن نسبة المسلمين تزداد
في الجامعات الاقليمية والمقامة في مناطق القوميات المسلمة والتي قد تصل فيها النسبة الى «٦٠%» فما فوق ولذلك فإن اثيوبيا ستشهد تحولاً في العشرين سنة القادمة، بحيث قد يصل الى رئاسة الحكم مسلمون على مستوى رئاسة الجمهورية والبرلمان علماً بأن نسبة المسلمين في البرلمان المركزي تكاد تتجاوز الـ «٤%» كما أن الضغط الصومالي الاريتري يؤدي الى ازدياد التوجه الاثيوبي نحو البيئة العربية الاسلامية،ولعل العائق الاساسي سيكون الصراع المصري الاثيوبي حول موارد النيل المائية لأن اثيوبيا تريد الاستفادة من مياه النيل، ويقول الرئيس زيناوي لا يمكن أن يموت الاثيوبي من العطش والجفاف والنيل الازرق روافده تمر تحت ابصارهم وليس لهم عائد من النيل سوى أن النيل يجرف تربتهم الخصبة الى مصر والسودان مما قد يهدد بتوتر وحرب مياه قادمة، وقد بدأت اثيوبيا في اتخاذ سياسات مائية مستقلة وشيدت عدد من السدود على روافد النيل، بل وشيدت سداً ضخماً بحجة توليد الكهرباء على مجرى النيل الازرق على بحيرة تانا، وان لم يتم توظيف ذلك الري . 

ومهما يكن فإن المسلمين الاثيوبيين يؤكدون وضعيتهم،كما أن وجودهم في المؤسسة السياسية والعسكرية اصبح واضحاً، كما أنهم عما قريب سيتخطون حاجز الخمسين في المائة «٥٠%» من مجموع سكان اثيوبيا وبذلك يصبح عدد المسلمين في اثيوبيا في حدود الـ «٤٥» مليون نسمة اي مرة ونصف مسلمي السودان،والمجموعة الاسلامية الثالثة بعد نيجيريا ومصر .
https://taghribnews.com/vdcipzap.t1aq52csct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز