تاريخ النشر2018 9 July ساعة 14:48
رقم : 341901

«ذو العقل يشقى في النعيم بعقله».. ماذا تعرف عن الجوانب السلبية للذكاء المرتفع؟

تنا-بيروت
إذا كنت قد قمت بقياس معدل ذكائك من قبل، واتضح أنه في متوسط أغلب البشر، فلا داعي للشعور بالإحباط أو بالحاجة إلى العمل على رفع نسبة ذكائك؛ فربما كنت أكثر حظًا من أولئك الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء مرتفع. قد نتخيل أن نِسب الذكاء المرتفعة هي منحة إلهية لبشر دون سواهم؛ وأنهم بهذا لديهم فرص أفضل لحياة أفضل أو مستقبل أكثر نجاحًا من غيرهم، أو حتى أسرع في اكتساب العلم والمعرفة؛ ولكن على العكس فتلك الهبة، أو المنحة عادة ما تأتي بإيجابيات وسلبيات، وقد تتسبب تلك السِمة لأصحابها في أكثر من معاناة قد يكونون عُرضة لها.
«ذو العقل يشقى في النعيم بعقله».. ماذا تعرف عن الجوانب السلبية للذكاء المرتفع؟
بُوُم الليل.. الأكثر عرضة للاضطرابات

ربما تكون واحدة من الحقائق المنتشرة التي أثبتتها دراسات متعددة الآن عن أصحاب الذكاء المرتفع أن غالبيتهم  كما يسميهم المصطلح الإنجليزي «بُوم الليل Night owls»، أي أنهم يفضلون الاستيقاظ والعمل وممارسة حياتهم حتى ساعات متأخرة من الليل، وهو عادة الوقت الأفضل –تقنيًا- للاستذكار، وكتابة الأعمال والمقالات والأوراق البحثية، في جوّ من الهدوء والسكون. الأمر الذي فسّرته نظرية التطور بمثابة أسبقية للشرائح الأسرع تطورًا في البشر في تغيير العادات والأنماط البشرية؛ التي تنتهج غالبيتها المعيشة نهارًا، والسكون والراحة ليلًا، ولكن ماذا يعنى هذا؟

هذا الأمر هو الأكثر خطورة على ذوي الذكاء المرتفع، فقد ربطت دراسة علمية بين نمط الحياة الليلية     eveningness عند الأشخاص مرتفعي الذكاء  وبين المعاناة من الاضطرابات العاطفية بنسبة مرتفعة، حيث يصبح الشخص أقل قبولًا للأمور، وأقل فِعلًا لما تُقره القواعد والأعراف مقارنة بالغالبية من أصحاب الذكاء المتوسط، كما أنهم يكونون عُرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل ثلاثة أضعاف فرص حدوثه لدى متوسطي الذكاء، بالإضافة إلى وجود دراسة أخرى تثبت ارتفاع نسب إصابة الأشخاص مرتفعي الذكاء ممن يفضلون نمط الحياة الليلي بأمراض القلب وتصلب الشرايين مقارنة بمن يخلدون إلى النوم مبكرًا.

مرتفعو الذكاء؟ .. فرصكم أقل في الإنجاب

من التنميط الشائع عن مرتفعي الذكاء أنهم عادة ما يفضّلون العزلة، ويشعرون بالحرج أو الغرابة أو النفور في الأوساط المجتمعية. اتضح أن هذا التنميط صحيح؛ وخاصة في الأعمار الصغيرة وسن المراهقة، فبحسب دراسة نشرتها جريدة «Journal of Adolescent Health» العلمية، فإن المراهقين من أصحاب الذكاء المرتفع عادة ما لا ينخرطون في علاقات حميمية، ولا يمارسون الجنس في أعمار صغيرة مقارنة بالغالبية من أصحاب الذكاء المتوسط، ولكن في حال انخراطهم بالفعل في تلك العلاقة فإنهم يستمتعون بالعلاقات الجنسية أكثر ممن سواهم.

 ويعد هذا أحد الأسباب التي تخبرنا أن عقولهم قد توحي لهم أن يأخروا قرار الإنجاب، أو يمتنعوا عن اتخاذه لأنهم يحصلون في العادة على السعادة الكافية في العلاقات، بجوار تفكيرهم المنظم الذي يخبرهم بسلبيات الإنجاب.

وربما قد يعني هذا أن لديهم فرص أقل من غيرهم في عدم توريث جينات ذكائهم المرتفع لجيل جديد من العباقرة الصغار. وبحسب دراسة إحصائية لجامعة كامبريدج، فقد اتضح أن المعدلات الأقل في الإنجاب بين الشعوب هم أولئك الذين لديهم أعلى متوسط ذكاء.

 عقولهم في حالة حسابات معقدة

الأشخاص مرتفعو الذكاء عادة عندما ينخرطون في مواقف أو مواجهات أو محادثات مع أشخاص عاديين أو متوسطي الذكاء، يكون لديهم دائمًا السبق في إدراك أنهم الأكثر ذكاءً في المكان أو الحجرة، وبحسب دراسة نشرتها جريدة «Plos» العلمية؛ مرتفعو الذكاء هم الأكثر احتمالًا أن يكذبوا أو يخدعوا الآخرين، مُستغلين انخفاض نِسب ذكاء من حولهم، وبينما قد يبدو هذا نرجسيًّا، أو متعاليًا؛ إلا أن تلك الاحتمالية تقودهم إلى ما هو أخطر من خداع الآخرين بحسن نية.

 عادة عندما ينخرط مرتفعو الذكاء في الكذب على الآخرين فإنهم بحكم ارتفاع ذكائهم يجب أن يبقوا الحقيقة في أذهانهم طيلة الوقت من أجل تحليلها أو التلاعب بها، ويستطيعون أن يدخلوا في سلسلة من الكذب لدحض أي فكرة أو خطأ قد تتسبب في كشفهم، وهذا ما يبقى أذهانهم في حالة نشاط غير عادي، ومُرهق لهم.

فبحسب دراسة أجريت على بعض الأشخاص الذين سجلت معدلات ذكائهم مؤشرات مرتفعة تمت خلالها مراقبة النشاط العقلي لهم عبر جهاز مراقبة نشاط المخ أثناء الكذب، وأظهرت الاختبارات أن المناطق التي تضيء في عقولهم أثناء كذبهم هي تلك المسؤولة أيضًا عن القيام بعمليات تنفيذية كبرى، وحسابات معقدة وهو ما يضطرهم للعيش بهذا النشاط فترات أطول، مما يؤدي منطقيًا إلى الإرهاق الذهني.

 الذكاء حدّ الغرور.. هم أكثر عُرضة للإيهام

من المؤكّد أنّك في مرحلة ما من مراحل حياتك، تعلمت أن فرص الانسان في تلقي تعليم جيد والاستفادة منه تتضاعف عندما يكون الشخص على قدر عال من الذكاء، وهو بالفعل ما أثبته العديد من خبراء الذكاء البشري، الذين أكّدت إحدى تجاربهم أن المستوى المرتفع للذكاء هو أفضل محرك لنجاح الشخص، والأكثر قدرة على دفعه لمسيرة أبعد في سُلّم التعليم، نتيجة لتلك النجاحات المتتالية يصل الشخص ذو الذكاء المرتفع لمراتب عالية ودرجات علمية متقدمّة.

 ولكن ما الخطأ هنا؟ الخطأ عادة يأتي من أن هذا النمط من التعلم، والكم الهائل من التقدير والنجاحات يخلق لدى مرتفعي الذكاء الشعور والاعتقاد بأنهم أذكى من الآخرين، وهذا ما يؤدّي إلى الثقة الزائدة في القرارات والحكم عليها، ويقود أولئك الأشخاص إلى تصديق أشياء ساذجة ولا تصدق، وقد يتعرضّون إلى عمليات الاحتيال والإيهام بسهولة.

 وبالرغم من أن هذا قد يبدو منتاقضًا مع كل هذا الذكاء الذين يحظون به؛ لكن الحقيقة أن دراسة نشرتها جريدة «وول ستريت جورنال»، تخبرنا بأن النسبة الأعلى من ضحايا عمليات النصب أو الاحتيال هم من الأعلى تعليمًا، لإنهم ببساطة يشعرون أن لديهم نظامًا مناعيًّا عقليًّا ضد ارتكاب الأخطاء.

 كما أظهرت الدراسة التي شملت أيضًا أساتذة كبار في جامعات مرموقة، أن نسبة 94% من أساتذة الجامعات يعتقدون أن أعمالهم فائقة في أهميتها أعمال أقرانهم في المجال ذاته، أو في مجالات شبيهة، أي أنهم لديهم نسبة أعلى من دونهم لتصديق تفوقهم العقلي على الآخرين، ويرفضون أحيانًا الإقرار أو الاعتراف بأن الذكاء الفائق ليس بالضرورة أن يترجم لمهارات وقدرات في عالم الواقع.
https://taghribnews.com/vdchvznxz23nkwd.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز