تاريخ النشر2018 19 June ساعة 10:34
رقم : 337776
بقلم ​العميد د. امين محمد حطيط

العقد الحقيقية امام تشكيل الحكومة.؟ ...و الحل ؟

تنا-بيروت
رغم كل ما قيل ويقال حول تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وفقا لأحكام الدستور الذي يفرض هذا التشكيل الحكمي مباشرة بعد بدء ولاية المجلس النيابي الذي تنتجه الانتخابات النيابية، رغم كل ما يقال من هنا وهناكمن عراقيلوعقد فان الواقع يظهر بان ما يعترض التشكيل هي عوائق من فئتين داخليةوخارجية تقاطعتوفرضت التباطؤ ان لم نقل التسويف او المماطلة في التشكيل بانتظار متغير ما يراهن عليه المعرقلون.
العقد الحقيقية امام تشكيل الحكومة.؟ ...و الحل ؟
و قبل عرض هذه العراقيل او العقد لابد من التنويه الى ان هناك اتجاهان  رئيسيان يتنازعان عملية التشكيل هما فريق الإسراع في التشكيل من اجل كسب الوقت و استثمار نتائج الانتخاباتالنيابية  و المدة المتبقية للعماد عون في الرئاسة و يتشكل هذا الفريق أساسا من حزب الله و التيار الوطني الحر ، و فريق يرى ان الإسراع و التشكيل وفقا لأحكام الدستور و على ضوء نتائج الانتخابات و رغبات فريق الأكثرية ليس في مصلحته خاصة اذا فرض عليه الاخذ حرفيا بنتائج هذه الانتخابات التي افقدته الكثير مما كان يتمتع به من قبل في تشكيلة الحكومة الأخيرة التي اعتمدت على موازين قوى فرضتها انتخابات 2009 و يأتي في طليعة هذا الفريق تيار المستقبل الذي تراجعت قوته التمثيلة بمقدار 40% وخسر حصرية التمثيل السني حيث ظهر 10 من اصل 27 نائب سني خارج عباءته .اما القوى الأخرى فأنها تظهر تسيلا او عرقلة جزئية للتشكيل بمقدار ما تكون الصيغة المطروحة متناسبة مع طلباتها و ما تدعيه من حقوق مكتسبة لها او من قدرة على الاحتفاظ بمواقع تدعي انها لها من غير نقاش .

وعليه فانالتجاذب بين الفريقين قائم وبشدة والامر مفتوح على أكثر من احتمال، خاصة وان رئيس الحكومة الذي يقوم بتصريف الاعمال لا يعتبر نفسه متضررا من التأجيل لا بل انه المستفيد الرئيسي منه حيث انه يمدد لنفسه ومن خلال تصريف الاعمال وبشكل واقعي فتره نفوذه في السلطة المستندة الى قوة خسرها في الانتخابات ولذلك يرى بان بإمكانه ان يستمر في عملية التسويف لفترة غير محددة السقف دستوريا ويتخذ من هذا التسويف أداة ضغط حتى يستجاب لطلباته ويكون رضوخالإملاءات خارجية يرى نفسه ملزما او مضطرا للانصياعلها.

و بالعودةالى العراقيل و العقبات و نبدأها بالخارجية ، فاننا نشهد اليوم ضغطا اميركيا سعوديا لمنع الاخذ بنتائج الانتخابات التي أعطت فريق المقاومة و القوى المؤيدة لها نسبة تتعدى الأكثرية المطلقة من أعضاء مجلس النواب ما يفرض عمليا ان تكون الأكثرية المطلقة في الحكومة لهذه القوى و اذا أضيفت اليها حصة رئيس الجمهورية كما باتت متعارف عليه منذ الطائف و هي نسبة 10% من الحكومة ، فان الحكومة الجديدة ستكون في ثلثيها مؤيدة للمقاومة و هذا ما لا تقبل به اميركا و السعودية ، التي تحاول احياء فريق 14اذار المتهالك و المندثر، و فرض حكومة تستنسخ حصص الحكومة القائمة أي باختصار كلي رفض الاعتراف بالانتخابات و بنتائجها و اجراء طلاق بين موازين القوى في مجلس النواب و توزيع الحصص التمثيلية في الحكومة .

  اما اعقبة الثانية فأنها تتصل بالنزعة الاستئثارية لرئيس الحكومة المكلف الذي يريد ان يمنح 17 نائبا سنيا حصة 27 نائبافي الحكومة ويحرم 10 نواب سنة من التمثيل أي انه يريد الإبقاء على ما كان قائما منذ 2005 حيث عمل بحصرية التمثيل السني في تيار المستقبل وهذا الامر مرفوض من قبل حلفاء النواب العشرة و هم في عداد الأكثرية النيابية و لا يمكن الاخذ في حال تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع ويمكن فقط العمل به إذا اخذ بمنطق حكومة الأكثرية وفي هذه الحالة أي حكومة الأكثرية إذاعتمت فان رئيسها لن يكون سعد الحريري.

اما العقبة الثالثة فأنها تتعلق بملف النازحين السوريين حيث ان البعض يرى ان التمهل والتسويف في مسالة اعادتهم استجابة للإجراءات الخارجية يفرض لعبورقة تشكيل الحكومة والتسويف والمماطلة فيها حتى يتراجع الفريق الضاغط ويقبل بالتسويف او يخسر فرصة تشكيل الحكومة بالسرعة التي يريد والتي تؤمن له استثمار فوزه الانتخابي.

اما الملف الأخطر فهو ملف الفساد و مقاومته ، فقد التزم حزب الله و التيار الوطني الحر التزاما علنيا امام جمهورهما و بشكل لا لبس فيه في البرنامج الانتخابي لكل منهما ـ التزم بمحاربة الفساد مباشرة بعد تشكيل الحكومة و من المعروف ان هناك قوى معروفة و جهات مستفيدة من الاهتراء و استشراء الفساد في الدولة و تخشى ان ينتقل الوعد الى حقيقة و تقلص مزارعها في الدولة و تقفل مزاريب الهدر التذي تستفيد منه ، و لذلك قد يكون المماطلة في نشكل الحكومة للضغط على هؤلاء لطي ملف مقاومة افساد او القبول بمعالجة شكلية تبقي الفاسدين و مرجعياتهم حيث هم في مواقع مص دماء الدولة و المواطن .

هذه هي كما نرى العوائق الرئيسية التي تحول دون تشكيل الحكومة و هي موانع ستستمر حتى يرضخ فريق لإرادة فريق ، او ان يقدم الفريق الممتلك للأكثرية المطلقة في مجلس النواب على قلب الطاولة و تطبيق الدستور عبر تشكيل حكومة أكثرية ، في عملية تبدأ بسحب التكليف و يكون ذلك بتوقيع عريضة من 65 نائبا ممن سبق و اختاروا سعد الحريري لتشكيل الحكومة ، عريضة تطالب بأجراء مشاورات جديدة تفضي الى تكليف شخص غير الحريري بالتشكيل ، و يعمد الشخص الجديد المكلف الى تشكيل حكومة أكثرية تستند الى 65 نائبا على الأقل و بهذا تجهض محاولة الخارج لإجهاض نتائج الانتخابات ، و يؤكد عل تشكيل حكومة متجانسة من فريق الأكثرية، و تتجه هذه الحكومة الى التنسيق مع سورية دون خشية من احد لإعادة النازحين ، عمل تقوم به بالتوازي مع الشروع بمحاربة الفساد سلوكا و أشخاصا و نظم .
 فهل يبادر سعد الحريري الى احترام نتائج الانتخابات ويشكل حكومة وطنية تتجاوز تلك العراقيل، ام تبادر الأكثرية الى تفعيل وجودها واستثمار نجاحها في الانتخابات، ام تبقى الدولة في مراوحة تقود الى التأكل والانهيار؟ لننتظر ونرى أي من الفريقين سيبادر ...
 بقلم العميد د. امين محمد حطيط
 
https://taghribnews.com/vdccmmq1e2bq1m8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز