تاريخ النشر2018 24 April ساعة 13:01
رقم : 326426

ما جدوى حديث الغرب عن الحل السياسي في سورية؟

تنا-بيروت
ظن من ارتكب العدوان الثلاثي على سورية انه سيرهبها وحلفاءها في محور المقاومة وروسيا، وانه بالتهويل السابق للعدوان وب "الصواريخ الذكية واللطيفة والحديثة" على حد زعم ترامب، قادر على انتزاع ما عجز عن تحقيقه طيلة سنوات سبع من عمر العدوان على سورية.
ما جدوى حديث الغرب عن الحل السياسي في سورية؟
العميد امين حطيط

بيد ان نتائج العدوان المبتدأ بتلفيق كيماوي و المنفذ بضربة صاروخية اجرامية و ما بينهما من حرب نفسية ، نتائج العدوان هذا  جاءت عكسية تماما ، لانها بعد اخفاقها في تحقيق أي هدف في الميدان ، عقدت الامر سياسيا و جعلت قوى العدوان في موقع الطرف المنعدم الثقة به كليا و المرفوض في المشاركة باي عمل سياسي يتصل بالبحث عن حل في الازمة  و حملت او اتاحت لسورية و حلفاءها الانتقال الى استراتيجية تطهير و تحرير شاملة تنفذ وفقا لجدول أولويات يوضع في راسه الفضاء الأمني اللصيق بدمشق و بشعاع يصل الى 50 كلم على الأقل و يليه الفضاء الأمني الأوسط الذي يتركز بشكل خاص على ريفي حمص و حماه ، و سواه من المناطق الوسطى في البادية و انتهاء بالفضاء الاستراتيجي الحدودي على اتجاهاته الأربعة شاملا الاحتلالات الأجنبية من أميركية و تركية و إسرائيلية و أي وجود اجنبي و إرهابي معلن او مضمر .
 
و نستطيع القول الان و بعد الإنجاز الاستراتيجي الهام الذي حققته سورية في الغوطة الشرقية ان المشهد السوري تغير جذريا و ان عملية التطهير و التحرير  التام الناجز ستنطلق من محيط دمشق لتصل الى الحدود دون ان توقفها او تعيقها صعوبة ، و تعتمد  مبدا الحسم الميداني باي شكل من الاشكال سواء تطلب الامر قتالا و عملا عسكريا عالي الشدة ، او اكتفي فيه بالعمل التفاوضي التصالحي المستند الى منظومة العفو و المصالحة التي ارست أسسها و اعتمدتها الحكومة السورية بقيادة الرئيس الأسد منذ بدء الازمة املا منها باستعادة من ضل عن الجادة لإنقاذه من موقع كارثي ادخل نفسه فيه . 
 
وعلى هذا الأساس بات لكل منطقة اسلوب تحريرها المناسب بقتال او من غير قتال وفقا لما يختار المسلحون فيها، وهذا ما يسجل اليوم وفي الان معا في كل من الحجر الأسود والقلمون الشرقي. ففي حين ان صراع الإرهابيين فيما بينهم عطل الاتفاق والمصالحة في المكان الأول، كان الإذعان من قبل مسلحي القلمون الشرقي طريقا للتحرير من غير قتال واجلاء من رفض البقاء في بيته والانخراط بمقتضيات المصالحة اجلاؤه الى موقع تكديس الارهابين بانتظار موعد هم ملاقوه في مواجهة الجيش العربي السوري قريبا، هذا إذا استمروا هناك حتى وصوله.
 
اما في العملية السياسية فان شانها اليوم اختلف عما كان قائما جذريا أيضا، فاذا انطلقنا من فكرة ان الحل السياسي سيكون نتيجة حوار بين السوريين، فان هناك فئة من السوريين الذي خرجوا على وطنهم ويراد لهم ان يكونوا جزءا من الحل رغم استمرارهم أداة بيد معسكر العدوان على سورية، وهنا التعقيد في الامر لان هذا المعسكر بمستوياته المقررة فقد اوراق الضغط الأساسية التي كان يعول عليها لتمكنه من فرض شروط وحصد مكتسبات شاءها منذ ان أطلق عدوانه. ولهذا سيحاول هذا المعسكر استعمال الأوراق الباقية على وهنها في وظيفة تفوق قدرتها على الإنتاج وهو في موضع المرفوض أصلا وهنا ترسم صورة فيها ان معسكر العدوان لديه اوراق لا تناسب طموحه، ومعسكر الدفاع يتمسك بحقوق لا يتنازل عنها او يسلم بشيء منها الى المعتدي.
 
ويزيد المسالة تعقيدا ان أوراق معسكر العدوان في طريقها للتعطيل او للإلغاء مع تقدم العمل السوري في الميدان رغم المحاولات المستميتة التي يبذلها المعتدون للاحتفاظ بها بيدهم او نقلها الى يد أخرى برعايتهم وهنا نطل على ما لدى المعتدي من اوراق فنتوقف عند التالي:
 
1) ورقة النازحين واللاجئين السوريين الى الخارج، ان استمرار هؤلاء في أماكن لجوئهم خارج سورية يجسد شاهدا على استمرار الازمة ويشكل براي المعتدي ضغطا على الحكومة السورية ولذلك يعملون كل ما يستطيعون لمنع حل مشكلة النازحين او تسهيل عودتهم الى منازلهم رغم ما توفره الحكومة السورية من تسهيلات على شتى الصعد. (كل من يعرقل عودة نازح انما يخدم أعداء سورية ان لم يكن أصلا خصما او عدوا لسورية وللشعب السوري أي كان وأي كانت خلفيته)
 
2) ورقة الضغط الاقتصادي وما يسمونه عقوبات على النظام السوري. صحيح ان هذه الورقة تؤلم وتضرر منها الشعب السوري كثيرا لكن سورية تكيفت مع الوضع وها هو سعر صرف الليرة السورية شاهد بتحسنه على ذلك.
 
3) ورقة ما تبقى من مجموعات إرهابية في ادلب وخارجها. تبذل اميركا ومعها اتباعها الاقليمين الدوليين ما في وسعها لمنع الجيش العربي السوري من متابعة تصفية الإرهاب فيما تبقى من ارض سورية يقيم عليها وهي لا تتجاوز ال 15% من المساحة السورية التي كان يسيطر عليها لكن القرار السوري الحاسم كما قدمنا واضح في متابعة الحرب على الإرهاب وما مثل الغوطة الشرقية ببعيد.
 
4) ورقة الاحتلال خاصة الاحتلال الأميركي والتركي واليد الإسرائيلية في منطقة الجنوب الغربي، احتلالات قائمة مع التلويح بمشاريع تقسيمية بأشكال متعددة تبدأ بالقول بالحكم الذاتي وتمر بالفيدرالية وصولا الى الانفصال الناجز. وفي المقابل بات لدى سورية من القوة والقدرات ما يجعل كل هذه المشاريع ساقطة على أصلها غير قابلة للولادة على قيد الحياة.
 
هذه الأوراق الي يتمسك بها العدوان من اجل الضغط على سورية و اجبارها على القبول ببيان جنيف الأول (بيان 2012  الانتدابي الاستعماري )، تحت طائلة منع تسهيل الحل على أساس أي وثيقة أخرى بما فيها القرار 2254 ، هذا البيان الانتدابي الذي احتشدوا في السويد لأحيائه بالأمس  و يهمون للاجتماع في بروكسل غدا لإعطائه شحنة تحركه ، هو بيان عفا عليه الزمن و بات المعتدون امام خيارين الان اما القبول ببيان سوتشي  الاستقلالي و العمل بموجبه بصرف النظر عن المكان الذي يستأنف فيه التفاوض ، والانتظار حتى تتآكل الأوراق التي بيدهم الواحدة تلو الأخرى و عندها لن يكون الامر بحاجة الى بيانات و مواقف و يكون الوضع مستجيبا للبيت الشعر العربي " السيف اصدق انباء من الكتب " ، و على العاقل ان يفهم ان مسار الازمة السورية بعد تحرير الغوطة اختلف جذريا عمما قبله و عليه ان يأخذ بهذا على اقصى محمل الجد.
 
ومع هذا القرار السوري التحريري الموضوع موضع التنفيذ الجدي والصارم والمدعوم من قبل حلفاء أقوياء صادقين لن يكون قلق او خشية او خوف من كل ما يروج العدو والخصم من قول بفصل درعا او إحلال قوات عربية مكان قوات أميركية تهم بالرحيل قبل ان تنفجر المقاومة بوجهها، او استعداد تركي للتوسع الاحتلالي نحو تل رفعت او ادلب او سعي غربي للمحافظة عل داعش في شرقي سورية فكل هذه الأهداف أدرجت في لائحة الأولويات السورية للعمل العسكري الذي لا يخرج في بعض المناطق عن ضرورة الاخذ بعنصر المفاجأة. 
https://taghribnews.com/vdccieq1e2bqi08.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز