تاريخ النشر2018 17 March ساعة 14:00
رقم : 318950

المناهج العلمية في فنلندا؛ تجربة ناجحة بمختلف المعايير

تنا-بيروت
لا تتحقق النهضة في المجتمعات إلا بتطوير النظم التعليمية المتبعة داخلها، طبقاً لمتغيرات كل عصر. ومع اعتماد شعوب العالم في القرن الواحد والعشرين نظم التعليم الإلكتروني، كان لا بدّ من تغيير المناهج التعليمية لتناسب التطور الحاصل.
المناهج العلمية في فنلندا؛ تجربة ناجحة بمختلف المعايير
في هذا المجال نجحت فنلندا باللحاق بركب التطور بشدة، حيث يعدّ النظام التعليمي فيها واحداً من بين الأفضل في العالم، وفقاً للتصنيفات الدولية.

ففنلندا بدأت بتطبيق نظام "المواضيع المتكاملة"؛ حيث يتم تحديد عدة مواضيع لكل طالب، يدرس من خلالها علوماً مختلفة، بدلاً من تتالي الحصص الروتينية التي يملّ منها الطلاب عادة. كما ويتاح له اختيار النماذج والمواضيع التي يريد دراستها ويتوقع نجاحه فيها، بالتالي لن يكون مضطراً لدراسة مواد لا تروق له.

ساعات دراسية محدودة

ويتميز النظام الفنلندي من الناحية الزمانية أيضاً، فالأطفال يبدؤون مشوارهم من مرحلة الروضة، التي يدرسون فيها عن الطبيعة والحيوانات و"دائرة الحياة"، كما يركز المعلّمون على الألعاب الحرة. وهي مرحلة اختيارية.

أما المرحلة الأساسية فتبدأ من سن السابعة (تمتد 9 سنوات من الصف الأول إلى الصف التاسع)، يقضي فيها الطلاب إجمالاً نحو 20 ساعة أسبوعياً في المدرسة، ما بين 3 إلى 4 ساعات يومياً (تتضمن ساعة الغداء)، ويتم استغلال أوقات اللعب كتسلق الأشجار لتعلُّم معلومات جديدة عن الحشرات والنباتات وغيرها، أما الطلاب الكبار في التعليم الثانوي فيقضون 6 ساعات كحد أقصى.

ومن ناحية المعلّمين، فالتجربة خلقت مدرسين يواكبون عملية التطوير السريع في النظام التعليمي الفنلندي. وتعتبر الثقة المبنية بين المدرّس والتلاميذ إحدى أهم الأسس التي تقوم عليها العملية التعليمية كلها.

مدرّسو المرحلة الابتدائية يجب أن يكونوا حاصلين على دراسة جامعية تتراوح بين 4 و6 سنوات ومعايير القبول في وظيفة المدرّس مرتفعة جداً، فلا يُقبل سوى 10 في المئة من المتقدمين.

لقد خلق ذلك في المجتمع الفنلندي جواً من الاحترام الكبير لمهنة التدريس والكفاءة المهنية لدى المدرّسين. تلك المهارات جرى تطويعها ليصبح لدى المدرسين استقلالية وسيطرة على مسار العملية التعليمية بعيداً عن السيطرة الإدارية المركزية، ويترافق ذلك مع القليل من تدخل الأهل. كلّ ذلك، كان بفعل الثقة الكبيرة بأنّ مدرّسي المرحلة الابتدائية هم الذين يعرفون ما سيحتاجه التلاميذ في المراحل الأولى من التعليم لأجل مستقبلهم العملي والدراسي.

كما أن للمعلم حرية إعداد المناهج الدراسية واختيار الكتب الأنسب له بما يتوافق مع الخطة التدريسية، وهم ليسوا وحدهم، بل يتلقون مساندة من متخصصين آخرين (مثل مدرسي التعليم الخاص، وعلماء النفس، وفريق إدارة المدرسة) في تحديد نوع الدعم الذي قد يحتاجه الطالب. وتتم مناقشة هذا بالاتفاق مع أولياء أمور الطلاب.

المعرفة لا المعلومات

وتركز المناهج الفنلندية على بناء شخصية مستقلة للطالب تساعده على التعليم الذاتي بدلاً من الاعتماد على المدرسة، كما تخلو المناهج من الحشو وكثافة المحتوى التعليمي، بل تساعد على بناء القدرة واستنباط المعلومات وتحليلها، كما وضعت خطط ثقافية تلازم الطلبة في مراحل حياتهم كافة، ويهتم النظام التعليمي هناك بالعمل الجماعي الذي ينمّي شخصية الطالب.

وما يشجعه على اكتساب المعرفة بدلاً من حشو المعلومات، قلة الاختبارات، فبالإضافة لعدم وجود اختبارات للطفل ما دون الـ11 من عمره، فإن الامتحان القومي الوحيد يكون لاجتياز المدارس العليا، كما أن الواجب المنزلي لا يحتاج أكثر من نصف ساعة لإنجازه، وهذا لا يتنافى مع وجود معايير تقييم أخرى للطالب طبقاً لإنجازه العملي ومشاركته الفعّالة في المواضيع الدراسية.

الجدير ذكره أنه ينفق سنوياً ما بين 11 و12% من الميزانية العامة للدولة وميزانيات البلديات الفنلندية على التعليم. وتغطي تلك النسبة، التعليم المجانيّ قبل المدرسيّ، التعليم الأساسيّ، التعليم الثانويّ، التعليم الفنيّ، التعليم العالي، التعليم المستمر، والدراسات العليا، كما تموِّل بصورة جزئية التعليم الحرّ للكبار. ويشكّل هذا بدوره العمود الفقريّ للتعلم المستمر مدى الحياة، المتاح لجميع مَن يعيشون في فنلندا.
https://taghribnews.com/vdcftcdmxw6dy1a.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز