تاريخ النشر2018 24 January ساعة 14:46
رقم : 307798

ما بين الوجود العسكري الأمريكي الدائم وإعداد ’مبادئ الحل’ ومعركة عفرين.. ثمة ما يحضر لسوريا

تنا-بيروت
منذ اشتعال الأزمة في سوريا قبل نحو السبع سنوات والغرب وواشنطن تحديدا لا تجد في جعبتها السياسية لحل هذه الأزمة سوى عبارة "رحيل الأسد"، كلازمة لخطاب سياسي لم ينسجم مع مجريات الأحداث الميدانية التي سارت عكس ما تمنته واشنطن وحلفاؤها الدوليون والإقليميون.
ما بين الوجود العسكري الأمريكي الدائم وإعداد ’مبادئ الحل’ ومعركة عفرين.. ثمة ما يحضر لسوريا
دفعت واشنطن الأمور في سوريا نحو التأزم من دون أفق سياسي للحل، قبل أن تجترح بالأمس بالاتفاق مع كل من بريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن "مسودة إصلاحات دستورية وإعادة هيكلة للمؤسسات الدستورية السورية"، ستسلم عند إنجازها لاحقا للطرف الروسي، وبصرف النظر عن التسليم برفض دمشق المطلق لهذا التدخل السافر في شؤونها، فإن السؤال عن التوقيت والغاية يطرح نفسه بقوة.

كان لافتا أن يتزامن حديث واشنطن عن انشاء "قوة تابعة لها" في مناطق الشمال الشرقي من سوريا، بزعم حماية الحدود من عودة محتملة لداعش مع "مسودة الإصلاحات الدستورية وإعادة هيكلة المؤسسات الدستورية السورية"، التي ناقشتها في واشنطن مع دول غربية وإقليمية، لم تخفِ نيتها الصريحة في إسقاط الدولة السورية وإيجاد نظام تابع جديد في دمشق يكون على شاكلة الأنظمة التي تحظى برضى واشنطن وتنفذ مخططاتها من دون تحفظ ومن دون مراعاة لمشاعر شعوبها نفسها.
 
الحكومة السورية
مصدر حكومي سوري أوضح لموقع "العهد" أنه "لم يعد خافيا أن "الذراع العسكرية الأمريكية" هذه، والتي تشكل "قوات سوريا الديمقراطية" عمادها، تؤكد الاتهامات الموجهة لواشنطن، بالسعي لتقسيم الجغرافيا السورية كخطة بديلة بعد استنفاذ ورقة المجموعات الوهابية وانكسارها على يد قوات الجيش العربي السوري وحلفائه، فالهدف الأمريكي يتراوح بين تكريس التقسيم على المستوى الجيوبوليتيكي ومحاولة إطالة أمد الأزمة وصولا إلى إفشال الدولة السورية، والمشاغلة الاستراتيجية لمحور المقاومة والاستنزاف السياسي والعسكري والاقتصادي له".

ويعتبر أن "تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية للميليشيات العميلة لها على الاحتفاظ بالمساحة التي تحتلها وتصعيد النزعة الانفصالية لها يهدف إلى زرع إسفين في الجغرافيا السورية عبر إيجاد قواعد عسكرية أمريكية تهدد التواصل الاستراتيجي ما بين دول محور المقاومة وتحقيق الهدف الاستعماري التاريخي بمنع التكامل بين سوريا والعراق".

ويؤكد المصدر الحكومي السوري أن تحقيق هذا الهدف "يتضمن عمليا تحقيق مصلحة الأمن الاستراتيجي للكيان الصهيوني، عبر تحقيق نظرية "الطوق الثالث"، التي وضعها رئيس الحكومة الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون، وتتضمن "توظيف الأقليات الإثنية" في البلاد العربية والتعاون معها وتشجيعها على الانفصال". لافتاً الى أن "هذا ما دفع الكيان الصهيوني في الماضي للتعاون مع مصطفى البرزاني سعيا لتفتيت العراق ومحاولة تكرار التجربة نفسها بالأمس القريب في كردستان العراق، كما أن الوجود العسكري الأمريكي الدائم في هذه المنطقة يعني حرمان الدولة السورية من موارد اقتصادية هامة تراوح ما بين القمح وسلة الغذاء المتكاملة في المحافظات الشرقية والموارد المائية والنفطية الأهم في الجغرافيا السورية وهذا الأمر ليس غائبا بأي حال من الأحوال عن التخطيط الأمريكي".

ويبين المصدر الحكومي السوري لـ "العهد" أنه "على المستوى السياسي التكتيكي تسعى الولايات المتحدة لتوظيف ورقة هذا الوجود العسكري الدائم في إطار معادلة الحل السياسي السوري سعيا لمساومة وابتزاز الحكومة الوطنية في سوريا وضرب الجهود الروسية للتسوية، فلم يكن غريبا تزامن الإعلان عن انشاء هذه القوات مع ما يحضر لاجتماع قريب في باريس يجمع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون مع نظرائه من أربع دول غربية وإقليمية لإقرار تصور (لا ورقة) أعده مساعدو الوزراء في واشنطن الجمعة قبل الماضية ويتضمن "مبادئ الحل السوري"، على أن يقوم تيلرسون بالتفاوض على اساسه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لإحداث اختراق في المفاوضات التي قرر المبعوث الدولي إلى سوريا استيفان ديمستورا عقدها في فيينا في ال26 من الشهر الحالي بعد تعثر عقدها في جنيف أو مونترو.

ويرى أن هذه المبادرة الأمريكية ـ الغربية تعدّ "أول رؤية تفصيلية غربية لمسار الحل السياسي في سوريا منذ بداية ولاية ترامب"، مؤكداً أن هذا "يعني أن توقيت الإعلان عن القوات المذكورة مدروس بعناية لتوظيفه سياسياً، في مفاوضات فيينا القادمة التي تسبق سوتشي، وهو ما يعني بالتالي، ممارسة الابتزاز السياسي عبر التلويح بعصا التقسيم المدعوم عسكريا بغية حصد التنازلات السياسية وهو أمر تعيه دمشق بشكل واضح وتدرس السبل المناسبة لمواجهته سواء على المستوى الميداني من خلال تسريع زخم استعادة السيطرة على المزيد من الأراضي وربط الجغرافيا ببعضها بما يساهم في إجهاض مشروع التقسيم"، وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي "تعزيز التنسيق مع روسيا والحلفاء للخروج بموقف موحد يجابه الخطوة الأمريكية".

في هذا الإطار وبحسب المصدر فان دمشق قد تستفيد من "الشعور التركي بالاستهداف أمريكيا، وقد تتقاطع مصالحها مرحليا مع خصمها اللدود وهو أمر يمكن ضبط إيقاعه على ساعة موسكو التي سحبت تواجدها العسكري من عفرين ما فسر على أنه إعطاء ضوء أخضر روسي لتركيا من أجل القيام بعملية عسكرية تلجم الاندفاعة الكردية نحو واشنطن على حساب موسكو سيما وأن هذه الأخيرة لم تبد رسميا أي تصلب في الموقف تجاه العملية العسكرية في عفرين من قبل تركيا التي اتهمت موسكو ضمنيا بمسايرة الأكراد على حسابها وعدم الالتزام بمقررات آستانا".

ويخلص الى القول أن "معركة عفرين، هي تناقض مسلح يمكن الفائدة منه بين خصمي دمشق اللدودين، لكنها فائدة أقل بكثير من خطورة انتهاك السيادة السورية، التي دفعت دمشق ولا زالت في سبيلها الكثير من التضحيات".
https://taghribnews.com/vdcdn50sjyt0z56.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز